عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7067 - 2021 / 11 / 4 - 20:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يدعو البعض الى حصر مناقشة ما يسمى بالقضايا الحساسة، كالعقائد والمقدسات بالأوساط الثقافية الرفيعة، لكي لا يساء فهمها ولا تؤدي الى تطرف وربما صدامات. كون العامة كما يرى أصحاب هذا الرأي أعجز من ان يفهموا الطروحات المعقدة في هذا المجال. وهذا طرح خطير، يتوافق مع ما يطرحه رجال الدين من انهم وحدهم من يتوفرون على أهلية مناقشة هذه القضايا التي تسهم الى حد بعيد في صياغة الًوعي الجمعي.
ولم يعد الأمر بقتصر على الدعوة الى حصر مناقشة العقائد الدينية برجال الدين، بل توسعت (( ثقافة: التخصص في النقد)) لتشمل السياسة والثقافة، حتى لم يعد من حق الفرد العادي أن يكون له رأي في أي من هذه المجالات، مع أن الجميع يتحدث عن كفالة حق الرأي والتعبير. لكن يبقى تسوير المعتقدات الدينية بأسوار القداسة، اشد وطأة على الفرد. لأن الدين يتدخل في كل مناحي حياته وحتى في مشاعره وعواطفه ورغباته، في مأكله ومشربه وملبسه، في علاقته مع أهل بيته ومع المختلف عنه في محيطه القريب وفي العالم؟
خطورة هذه الاطروحات تنبع من أنها تفضي إلى أعاقة عملية التفاعل التي لا غنى عنها بين عقل الفرد البسيط، والعقول التي يمكن أن تسهم في تطوير العقل الجمعي، أي حرمان أوسع الأوساط الأجتماعية من إمكانية مراجعة تصوراتها وأفكارها ومعتقداتها، وتكريس هيمنة رجال الدين والنخب الثقافية والسياسية عليها، وعزل العقول النيرة والأكثر كفاءة واضعاف تأثيرها في المجتمع.
لكن الخوض في هذه المواضيع من جانب النخب الثقافية يتطلب قدرا كبيرا من التواضع والإبتعاد عن النزق والنرجسية، وقبول حتى الشتائم والإهانات، وعدم الإنسياق الى التورط في الرد عليها. لان ذلك يعتم على موضوع النقاش ويحوله من محاولة للتنوير الى دفاع عن الكرامة الشخصية. وربما تمجيد للذات، وذلك أمر لا يمت الى العلم والتنوير بصلة.
وعلى من يتصدى لمهمة القيام بدور تنويري، توقع التعرض هو وأطروحاته الى سوء فهم وربما إساءات، من جانب أغلبية يصعب عليها فهم ما هو خارج عن موروثها، ويتعين تقبل ذلك، فعملية التنوير ورجرجة ما ثبت في عقول الناس وتوارثوه على مدى أجيال ليست بدون ثمن. ونعرف ان الثمن كان في بعض الحالات حياة المستنيرين أنفسهم. ويتطلب الأمر في أغلب الحالات تجنب الأحتكاك بالموتورين في حلبات النقاش، قدر الإمكان، وعدم الأتجرار الى أستفزازاتهم.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟