|
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه - الجزء الثاني عشر - 30
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7067 - 2021 / 11 / 4 - 18:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
طالبان : الارهاب الذي صدرناه
الجزءالثاني عشر
30 -
تميل المنظومات الفكرية المتعادية الى التصالح ما ان تفقد ادوات عنفها ، وربما ذهبت لأبعد من ذلك : ودعت الى اجراء حوار مع بعضها البعض ، وهي حوارات عادة ما تنتهي الى حوار طرشان ، لان المصالح السياسية سرعان ما تعاود الحضور وتشحذ شفرات الصراع من جديد . ففي التاريخ العربي الاسلامي كفت المنظومتان الفقهيتان المتعاديتان : منظومة الخلافة ومنظومة الإمامة ، من تبادل العنف ، ما ان سقطت دولتاهما : العباسية عام 1258م ، على يد المغول بقيادة هولاكو . والفاطمية على يد صلاح الدين الايوبي عام 1171 م . وتخلى فقيه الطائفتين في الفترة المحصورة بين عام سقوط الخلافة 1258، وعام غزو نابليون لمصر 1798 : عن فتاواه التكفيرية ضد الطوائف الاسلامية الاخرى ، متحولاً الى وجود رمزي لحضارة انطفأت بانطفاء مقوماتها المادية ولم تعد منتجة ، ولكن الفقيه ظل يحاول عبر الاستمرار بالدروس الدينية ، وعبر خطبة الجمعة : تحريك المعتقدات الدينية الماورائية لدى اعضاء الطائفة ، ودفعهم الى الالتزام بإداء الشعائر الدينية والطقوس لتأجيج روح الحماسة الدينية لديهم ، وشدهم بقوة الى طائفتهم ، ولكن تبين ان هذا الجهد غير كاف لوحده لإيجاد حضارة او لبعث ما انطفأ منها . لا بد من تحريك ادوات العنف الى جانب تحريك المعتقدات ، فهما معاً وليس احدهما : يصنعان حضارة . ولد الدين الاسلامي في واد ( غير ذي زرع ) ، ولم يصبح حضارة الا بعد المباشرة بالغزو الخارجي ، فبعد الغزو صار بإمكان المسلمين الاتصال بحضارات الرفاه المادي والفكري في الشام وبلاد ما بين النهرين وفارس ومصر ، فعن طريق هذا الاتصال : عرف المسلمون كيفية ادارة الاراضي الزراعية الواسعة ، اذ امر الخليفة عمر بن الخطاب بأن يظل الدهاقين ( ووظيفتهم جمع ضريبة الارض لدولهم التي أسقطتها سيوف الغزو العربي ) على أعمالهم يجمعون الضرائب الزراعية ، لكن وفق احكام " الخراج " الاسلامية ، فكان الخراج مع غنائم غزو البلدان : المصدر المالي لديوان الاعطيات = رواتب المقاتلين ، ومصدر تجهيز مؤسسة الجهاد ( الغزو الخارجي ) بالخيل والسيوف والدروع والأقواس ولاحقاً بالمنجنيق ، وسد حاجات المرابطين في الثغور الحدودية . لقد تحول نهب الخارج الى مصدر لاستمرار الحياة في الداخل ، ولهذا حرص مسلمو الصدر الاول من الاسلام على مراقبة الواردات الداخلة والمصروفات الخارجة من بيت المال . وبسبب من هذه الرقابة اليقظة : حدثت الثورة على عثمان ، اذ بدأ ينتشرالاعتقاد : بأن الخليفة غير عادل في توزيع واردات الخارج ، وانه منح لافراد من عشيرته من بني أمية : كميات ضخمة منه . فالثورة قامت لتحقيق العدالة : عدالة توزيع ما تم نهبه من الخارج ، ( والنهب مصطلح حديث ، من مصطلحات فترة الاستعمار وهي علاقة اقتصادية غير متكافئة بين الشمال والجنوب ) وليس من اجل العدالة بمعناها المطلق والشامل . العدالة عند المسلمين تتحقق فقط بالتوزيع العادل لما تمت جبايته بالقوة من الخارج ، من غير ان يأخذ العرب بالحسبان رأي ومشاعر واحاسيس الناس الذين تمت مصادرة جميع ما يمتلكون : لأنهم رفضوا ان يتخلوا عما يمتلكون ، واحبوا ان يدافعوا عن ملكيتهم لما يملكون . والحقيقة ان الثورة من اجل العدالة عند عرب صدر الاسلام : كان يشوبها النقص دائماً ، لانها لم تتساءل عن اصول الأشياء على طريقة : سقراط - أفلاطون في المحاورات ، وتكتفي بمعاينة جريان ما هو مرئي منها ، وعدم الغوص الى جذورها على طريقة كارل ماركس . فالبدوي الذي صرخ بوجه النبي : اعدل يا محمد ، صرخ لأنه يأس من الحصول على شئ من غنائم : معركة حنين الضخمة ، التي وزع النبي محمد ما تجمع من بعرانها وخيولها وسيوفها ودروعها ومواشيها ورجالها ونسائها بكميات ضخمة على المؤلفة قلوبهم ، وجميعهم من تجار قريش . فهذا البدوي لم يحتج على طريقة الغزو اللاعادلة في الاستيلاء على ممتلكات الآخرين لمجرد هزيمتهم في معركة ، انه لم يحتج على منظر المهزومين وقد حولتهم سيوف محمد الى اسرى : وفي طور تحولهم الى عبيد ، وانه لم يحتج لسبي نسائهم وتحولهن الى ملك يمين ( مشروع متعة ) بيد جنود محمد . كانت العدالة في وعيه ووعي جميع الجنود المجاهدين : ان يحصلوا على شئ من الغنيمة وفق أعراف الاسلام وأعراف القبائل في ذلك الزمان . وكان هذا التصور الذي يحمله جميع مقاتلي الاسلام هو في اصل العداء المستحكم بين المسلمين وبين جيرانهم من شعوب المعمورة : وهو الذي تسبب بسقوط حضارتهم في الامس ، وتسبب بعدم قدرتهم على العيش في حاضر لم يتمكنوا من ممارسة الغزو فيه ، واستعباد شعوبه التي تتمتع بحرية عريضة تثير حفيظتهم ، وقد منعهم ذلك من دراسة حاضرهم والتخطيط لمستقبلهم . فالمسألة لا تتعلق بالدين بل بنزع ملكية الشعوب برمتها ، وتوزيعها على ( مستحقيها ) وفق الاحكام الدينية ، ثم يذهب ما تبقى من الغنائم الى بيت مال المسلمين الذي يشرف على ادارته الخليفة شخصياً ، وكانت الإدارة السيئة له من قبل الخليفة الثالث عثمان بن عفان : احد اسباب الثورة عليه ، وهي ثورة نادرة ، اذ لم يحدث بعدها : ان تمت ازالة خليفة وقتله وتعيين آخر مكانه عن طريق ثورة شعبية بل تمت الإزالة داخل القصور : يتولاها افراد العائلة الحاكمة وقادة الجيش واحياناً المحضيات من حريم القصور ...
31 -
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ممنوعات: أغنية للثنائي الشيخ امام واحمد فؤاد
-
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه - القسم الحادي عشر
-
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه / الجزء العاشر
-
طالبان: الارهاب الذي صدرناه - الجزء التاسع
-
في فقه الانتخابات : - 2 -
-
في فقه الانتخابات
-
طالبان : الارهاب الذي صدرناه / القسم الثامن
-
حركة الاول من تشرين
-
طالبان : الارهاب الذي صدرناه / الجزء السادس ( حفريات )
-
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه - الجزء السادس : حفريات
-
خطوة الرئيس التونسي التاريخية
-
مفهوم :نائب الامام
-
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه / موضوعة : نائب الامام
-
التجنيد الإجباري
-
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه / القسم الثالث
-
طالبان : الارهاب الذي صدرناه ، الجزء الثاني
-
طالبان : الأرهاب الذي صدرناه : الجزء الأول
-
الزعيم والقطيع
-
عاشوراء وميلان كونديرا والبصل
-
لبنان / بيروت
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|