|
أفول الأسطورة الإسرائيلية .. مهام متعددة في معركة واحدة
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 11:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع الإنجاز الثوري الكبير الذي حققته المقاومة اللبنانية ، باختراق أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لايقهر ، حققت أيضاً اختراقاً لمنظومة مكونات هذه الأسطورة الثلاثية الأضلاع المتمثلة ب : 1 - عصبة الدول الإمبريالية " مجموعة الدول الصناعية الثمانية " 2 - الرأ سمالية الصهيونية + إسرائيل 3 - النظام العربي " أنظمة غنية لها علاقات إقتصادية واسعة مع السوق الدولية + أنظمة ا ستبدادية معادية للديمقراطية وحقوق الإنسان " . ودون إهمال الضلع الإمبريالي والضلع الصهيوني في مثلث الأسطورة ، فإن الضلع العربي ، هو الأبرز أهمية ، وهو ماينبغي التركيز عليه في الظرف الراهن في الصراع العربي الإسرائيلي . ذلك لأنه ، كما ظهر من خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان ، بقدر ما يشكل مصدر قوة وإ سناد للعدو الصهيوني ، فإنه يشكل مصدر ضعف وعجز وإحباط لقوى التحرر والمقاومة العربية ، . وهذا ما كشفه بطريقته الوقحة واعتمد عليه رئيس الوزراء الصهيوني علناً في حربه على لبنان
إن كشف منظومة الأسطورة الإسرائيلية ، لم يكن ليحدث بهذا الجلاء والوضوح ، لولا الضربات الموجعة التي وجهتها المقاومة اللبنانية للجيش والكيان الصهيوني ، والتي طرحت للمرة الأولى في الصراع العربي الإسرائيلي ، إحتمال ا سقاط هذا الكيان من خلال تداعيات إقليمية قد تفقد السيطرة عليها ، وتفضي إلى إحداث زلزال عسكري وسياسي من الصعوبة بمكان إدراك مجاهيله ونتائجه ، إن على المستوى الإقليمي أو الدولي . وهذا ما دفع كل مكونات الأسطورة إلى التحرك ، ووقف الحرب، لإلتقاط الأنفاس ، وإعادة النظر في الحسابات
كما أن كشف منظومة أسطورة إسرائيل ، قد كشف لأول مرة أيضاً ، وبوضوح ، ليس حالة العلاقة التحالفية الثلاثية ، التي تشكل خلفية هذه الأسطورة فحسب ، وإنما كشف أيضاً النتائج المصيرية المشتركة لهذا التحالف ، والتي أثبتت حرب الثلاثة والثلاثين يوماً ، أنه إذا ضرب أحد اضلاع مثلث الأسطورة ينتقل الوجع إلى الضلعين الآخرين ، وتنتقل الخسارة إلى كافة الأضلاع ، كل حسب مركب ضعفه أو قوته . وهكذا عندما برز العجز الإسرائيلي أمام المقاومة ، انتقل العجز إلى بقية مقومات الأسطورة ، واضطر الضلع العربي للتعاطي مع الحرب على لبنان بمنتهى اللؤم والتواطؤ ، واضطر للعب على المكشوف وفق مصالح تحالفاته الإمبريالية والصهيونية .. تخلى عن مسؤولياته في التصدي للعدوان حسب معاهدة الدفاع العربي المشترك .. فك إلتزامه بشرف المقاومة .. وتشبث بكرا سي الحكم على حساب المصير والكرامة .. واضعاً أمن إسرائيل قبل أمن أي بلد عربي .. ووجود ومستقبل إسرائيل قبل وجود ومستقبل لبنان وغير لبنان في الفضاء العربي
الجواب الحقيقي على السؤال .. لماذا .. ؟ ليس هو ما قيل رسمياً تحت ضغط فوران الحدث : " عدم التشاور مع " العقلاء " من القادة العرب .. أسر الجنديين الإسرائيليين مغامرة عديمة المسؤولية .. الدمار الذي تحدثه الحرب دونما ا ستعداد مسبق " وإنما هو الإلـتـزام التام بالمصالح المشتركة ، التي تربط أنظمة هذا الضلع العربي بأمن وبمصالح الضلعين الآخرين ، الذي بات معروفاً أنه يفرض في مقدمة أولوياته " لفلفة " القضية الفلسطينية ، وسحق أي تحرك مقاوم .. معارض لعولمة .. لأمركة وصهينة العالم العربي
ويكاد يغيب الاستثناء عند تحديد خلفيات الضلع العربي .. فهناك معاهدات " سلام " بين مصر والأردن وإسرائيل ، وهناك إعتراف ديبلوماسي ومكاتب إتصال وتجارة إسرائيلية في دول عربية في الشرق والغرب، وهناك تعاون أمني بين دول مغاربية وحلف الأطلسي ، وهناك معاهدات أمنية خليجية أميركية تنتشر بموجبها عشرات القواعد العسكرية الجوية والبرية والبحرية فوق الربوع العربية العريقة ، وهناك إحتلال ومذابح العراق ، وهناك شلال الدم اليومي في فلسطين ، وهناك ، قبل كل هذا وبعده ، المشاركة الخليجية وغير الخليجية ، الإذعانية ، مع الدول الإمبريالية على الثروات البترولية وعوائدها المالية . وبالمناسبة ، تشير مختلف الدراسات إلى أن الأموال العربية المنهوبة من شعوبها العاملة في الخارج ، تتجاوز ألفي مليار دولار أميركي . والسعودية وحدها تضخ 60% في المئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة الأميركية . ومن البديهي ، باعتبار ، أن هذه الأموال هي موضوع تداول وا ستثمار على المستوى الدولي ، فهي تحت تصرف المستثمرين الصهاينة أيضاً .. وللعلم مع الحرص على عدم النسيان .. إن الجالية الأميركية في دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر أكبر جالية من المـغـتـربـيـن الأميركيين في العالم
وإذا ما دخلنا في العمق بحثاً عن مسوغات هذا الإلتزام ، فإننا نجد ما هو أكثر من هم الحفاظ على عروش وكراسي الحكم وأكثر من مجرد تقاطع مصالح نسبية ، نجد أن الأنظمة العربية وخاصة الغنية منها صارت تعتبر نفسها جزءاً عضوياً من النظام الرأسمالي العالمي . بل وشريكاً في بنية المنظومة الإمبريالية المقررة لمصائر العالم . فالسعودية على سبيل المثال ا شتركت منذ الخمسينات في أنشطة مكافحة الشيوعية على مستوى عالمي في أفريقيا وآسيا وأوربا . وقدمت أكثر من مائة مليار دولار في نفقات حروب أفغانستان والبلقان ومثلها في حرب الخليج الأولى والثانية . وتلعب دوراً كابحاً ، حسب الطلب الأميركي ، لأسعار البترول ، باسم الحفاظ على توازن الأسعار الدولي ، وتقوم بعقد صفقات شراءأ سلحة تجاوزت قيمها المالية خلال الخمسة عشر عاماً الماضية 200 مليار دولار ، مشروطة بالإشراف الإمبريالي عليها وبعدم ا ستخدامها ضد ا سرائيل ، وذلك مساهمة منها في تخفيف أزمة قطاع صناعة التسلح في أميركا وبريطانيا وفرنسا بالدرجة الأولى . وهي مصنفة عالمياً ضمن مجموعة الدول العشرين الأغنى في العالم التي تستحوز على 80 % من الناتج الإجمالي العالمي ، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية واليابان وألمانيا وإيطاليا والصين وكوريا الجنوبية .. ألخ
ولهذا ، كان الإصطفاف في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان بالنسبة للأنظمة والشعوب العربية متناقضاً . الأنظمة إجمالاً صمتت تواطأت .. ساومت .. لتخطف إنتصار المقاومة .. لتحجم وتحاصر المقاومة . والشعوب سيما الفقراء فيها نزلت إلى الشارع وقفت مع المقاومة .. أعلنت تحديها لطغاة العصر .. وأدركت بفطرتها وأصالتها .. أن معاركها ضد الصهيونية وضد الإمبريالية وضد الاستبداد هي معركة واحدة في ساحات متعددة
لقد ا ستنقعنا طويلاًً .. طويلاً .. في مياه سايكس - بيكو - بلفور .. الاستبداد .. الآسنة
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا ثقافة المقاومة .. ؟
-
الوطنية الديمقراطية في زمن الحرب
-
من هم أصدقاء أولمرت من الحكام العرب .. ؟
-
حرب لبنان .. العودة إلى حقائق الصراع العربي الإسرائيلي .. 2
-
حرب لبنان .. العودة إلى حقائق الصراع العربي الإسرائيلي
-
حرب لبنان .. والمسؤوليات التاريخية
-
حرب غزة .. والسؤال الآن .. !! ؟
-
وقفة إجلال وتضامن مع حرية الصحافة في مصر
-
بؤس السياسة السورية الراهنة
-
اختراق عابر أم إنذار حرب .. ؟
-
النظام في دائرة النار .. أي مؤتمر تحتاجه سوريا .. ؟
-
مائة شكر وامتنان للحوار المتمدن
-
من القمع السياسي إلى القمع الاقتصادي .. تحولات بالاتجاه المع
...
-
الكواكبي يصارع الأفعى مرتين
-
من هو قاتل الطفلة حنان المحمد ؟
-
الطبقة العاملة تدق أبواب دمشق
-
احتفاء ب - حفيد امريْ القيس
-
إعادة إنتاج الاستبداد .. من قمع عرفي إلى قمع - قانوني
-
المعارضة السورية ومفترق الطرق
-
أول أيار .. نضالات ورؤى وأمنيات
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|