أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بهجت العبيدي البيبة - لا أوْلويّة تسبق أولوية التعليم والبحث العلمي















المزيد.....

لا أوْلويّة تسبق أولوية التعليم والبحث العلمي


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 7066 - 2021 / 11 / 3 - 20:40
المحور: المجتمع المدني
    


ما من شك في أن دور الأمم لا يمكن أن يقاس إلا بما تقدمه هذه الأمم للإنسانية من إسهامات حضارية وعلمية، ما دون هذه الإسهامات لا يمكن أن يقدم هذه الأمة أو تلك باعتبارها فاعلة في عالم اليوم، ذلك الذي أخص ما يميزه هو العلم، هذا الذي لا يمكن أن تبرع فيه دولة أو أمة إلا إذا أخذت بأسبابه والتي يأتي في مقدمتها المنهج العلمي، والاهتمام الفائق بالبحث العلمي، وذلك من خلال توفير بيئة علمية مناسبة، تلك  التي لن تتحقق إلا في حال اتخذت الدول والأمم التعليم والبحث العلمي مشروعا قوميا، وتجعلهما في أولويات اهتمامها، وتنفق عليهما الإنفاق المناسب، ليصبحا على رأس قائمة الإنفاق ويأتي بعدهما كل شيء مهما كان له من أهمية، فلا أهمية تسبق أهمية التعليم، ولا أولوية تسبق أولوية البحث العلمي، هذا إن كان لدى هذه الدولة أو تلك الأمة نية حقيقية للحاق بعالم اليوم  والمساهمة بسهم حقيقي الحضارة الإنسانية الحديثة والتي نؤكد أنها حضارة علمية وتكنولوجية بامتياز، يدرك ذلك كل من يعيش العصر الحالي، أنا هؤلاء الذين يحيون في عصور مضت وأزمان انقضت فهم في غيبوبة لن يفيقوا منها إلا لو أرقهم وأرهق تفكيرهم المفكرون والمثقفون الذين هم طليعة كل أمة.

يظل المفكر وكذلك المثقف هو والعدم سواء بسواء، ما لم يقم بالدور المنوط به، ذلك الدور الذي من المفترض ألا ينفصل عن البيئة التي يحيى بها، ولا عن المجتمع الذي نشأ فيه، ولا عن الوطن الذي ينتمي له، ولا عن الأمة التي ينتسب إليها، فهو يظل في دوائر انتماءاته المتعددة والمتدرجة من الأضيق إلى الأوسع، من الأصغر إلى الأكبر.

فالمثقف الحقيقي يفقد أهم خصائصه وسماته، إن تخلى عن معركة الوجود التي خُلِقَ - هكذا نؤمن - لأجلها، والتي هي في جوهرها الأصيل الارتقاء بالعقل الإنساني، الذي يجب أن يكون هو شغل المثقف الشاغل.

إن الواقع الذي نعيشه يكشف يوما بعد يوم، ومعضلة خلف معضلة، وقضية وراء قضية أن العقل العربي مستغرق في القشور، بعيدا عن اللب، أقرب للغياب منه إلى الحضور في قلب العالم، أبعد ما يكون عن اليقظة المتوقدة التي تقرأ الواقع قراءة موضوعية، مُسْتَقْبَلة للعناصر المكونة لهذا الواقع استقبالا نقديا يجعل من الأحكام الصادرة أو النتائج المستنبطة متفقة مع المنطق، واستدلالاته الواقعية.

على المثقف العربي أن يعرِّي هذا القصور تعرية كاملة، تكشف زيف النتائج، وتظهر عورة الفكر المنغلق الذي يتخذ من كل العالم عدوا، ويركن للدعة الموهومة برضا زائف عن حال يجب أن نثور عليه، لنخرج من شرنقة نسجناها وغزلناها من خيوط العنكبوت؛ ظانين في أنفسنا تفوقا واهمين ذواتنا بالمشاركة الحقيقية في الحضارة الإنسانية المعاصرة؛ التي تبنى على العلم والعمل والبحث مُعْلِيَةً العقل النقدي، والفكر المستنير.

إن أكثر ما يحب أن يقوم به المثقف العربي هو أن يصدم ذلك الخنوع الذي رُكِّبَ في الشخصية العربية تركيبا، حيث أننا نؤمن أنه ليس أصيلا فيها بل جُلِبَ إليها جلبا في إطار معركة ثقافية ممتدة منذ قرون، وللأسف حتى هذه اللحظة هزمنا أنفسنا بأنفسنا فيها، ذلك حينما نحَّيْنا العقل جانبا، والتمسنا غيره سبيلا.

ولكي نتعرف على ذلك البون الشاسع بيننا وبين المجتمعات الحية، وعلى شكل المعركة – معركة الوعي - التي يجب أن نخوضها، التي نزعم زعما، هو لليقين لدينا أقرب، أن الموت في سبيلها شهادة، تعالوا نتأمل مفهوم المساهمة والمشاركة في تلك الأزمة هزت العالم كله، بل زلزلته ومازالت تزلزله زلزلة، وهي أزمة ڤيروس كورونا، والتي قدَّم فيها العالم المتحضر علميا محلمة طبية خالدة، حينما استطاع خلال عام من البحث المضني، ساعده فيه ما توصل إليه العقل الغربي من تقدم تكنولوجي، أن ينتج لقاحا يحاصر به هذا الانتشار الرهيب للفيروس الشرس، والذي حصد أرواح الملايين في ذروة انتشاره خلال العام المنقضي، هذا الذي يدفعنا - نحن الغيورين عل مجتمعنا - أن نعمل على إثارة الحمية في النفوس بهدف دفع المجتمع دفعا لإعلاء قيم التعليم والعلم والبحث العلمي، حيث أن ذلك فقط الطريق الذي علينا أن نسيره، لا لنلحق بهذه الأمم التي سبقتنا بأشواط، فهذا غير ممكن في المستقبل المنظور، بل لنضع الأسس الصلبة الحقيقية لهذا البناء العلمي المنشود الذي يعلو ويتراكم بمرور الوقت، وانقضاء السنين في جد واجتهاد وعمل مضن.
ويظل المثقف الحق محاربا لتلك الراحة الخادعة التي نعيش فيها، ومنددا بالرضا الخانع يلبسنا، نتيجة مشاركة وهمية تقنع هؤلاء البسطاء، من مثل إلقاء الضوء على تبرع من ثري عربي، أو مساهمة طبيب مسلم أو مشاركة طبيبة مسلمة في بحث في دولة من دول العالم الغربي المتقدم علميا، وتضخيم مثل تلك الأشياء، كما يحلو لبعض المشايخ في معرض ردهم على من يصنفونهم "علمانيين" والذين يعايرون المسلمين من أن لا دور لهم في مكافحة ڤيروس كورونا سوى التوجه بالدعاء لله سبحانه وتعالى.

فإذا كان هذا هو الدور الذي نفتخر به، وهذه هي المساهمة العلمية التي يمكن أن تشارك بها أمة عددها مليار ونصف من البشر، وتمتلك من الثروات ما ليس عند غيرها - فبئس المساهمة تلك - فهذا عينه هو الخنوع، حيث أن تلك المساهمة هي ذلك الفشل نفسه، وحيث أن من يرددون ذاك ذاته يعملون على تغييب العقل وينشرون الجهل المركب.

حينما يطالب العقلاء الغيورون هذه الأمة بأن يكون لها دور وأن تسهم بسهم علمي حضاري، فهم لا يقصدون تلك التفاهات التي يذكر هؤلاء ليخدعوا بها البسطاء، وليس هذا هو الأمل المنشود، إن المطلوب - الذي يسعى له هؤلاء المطالبون بدور للعرب والمسلمين بالحث عليه - هو أن يكون لدينا تعليم حقيقي وبحث علمي رصين، وأن يكون عندنا مراكز علمية حقيقية، نفيد من خلالها أنفسنا والبشرية وننطلق من خلالها إلى آفاق غير مسبوقة في كافة مجالات الحياة. وأن نتخذ من العلم منهج حياة، وأن تكون ميزانية التعليم والبحث العلمي أضعاف مضاعفة مما هي عليه الآن، وأن يكون هناك اهتمام ورعاية بالعلماء والباحثين، وأن يتم توفير البيئة الملائمة لهم، وأن يصبحوا في المقدمة من الناحية الاجتماعية.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل المحرر يرفض الأوهام والخرافات!
- على هامش مباراة السوبر.. من شعب مصر: شكرا دولة الإمارات
- عن منتخب مصر.. الخسارة المحزنة والفوز المفرح.. نظرة تحليلية!
- هل يشهد مطار القاهرة قداس صلاة!؟
- قداس صلاة بمطار القاهرة الدولي!
- أزمة الدولار في مصر ومبادرة النائبة غادة عجمي
- النادي المصري بفيينا يستعيد القمة!!
- عبر الحوار المتمدن ... دعوة لنواب المصريين بالخارج للم الشمل ...
- حول مستشفى مجدي يعقوي .. سؤال يعكس عمق الأزمة!!
- -فصل- النهضة التونسية
- بمصر ...أزمة نقابة الصحفيين تكشف أزمة أعمق
- الجزيرة والقرضاوي ومجازر حلب
- دلالات رفع علم السعودية في ذكرى تحرير سيناء! !
- بالنمسا ..- تيران وصنافير - تركية سورية
- ألا يكفيني عقابا أني لست إسرائيليا!!؟
- احتفالات لا مظاهرات في ذكرى تحرير سيناء
- قُبْلَة .... قصة قصيرة
- فراشة .. قصة قصيرة
- مخطط صهيوني بالنمسا يستدهف وزير الأوقاف المصري
- حق الأكراد أصيل


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة اعتقالات طالت عدة شبان ببلدة باقة الحطب شر ...
- العراق يوقع اتفاقية مع بريطانيا لمكافحة عصابات تهريب البشر
- هدوء حذر على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية مع عودة النازحين و ...
- الأونروا: إسرائيل رفضت وعرقلت 91 محاولة لإيصال المساعدات إلى ...
- عودة النازحين إلى الهرمل بعد اتفاق وقف إطلاق النار
- طلاب يتظاهرون في لندن دعما لفلسطين
- العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقا لمواجهة تهريب البشر
- تحرير مختطفة أسترالية واعتقال الخاطفين بالعراق
- العفو الدولية تدعو السعودية إلى إطلاق سراح المحتجزين تعسفيا ...
- صدمة النازحين اللبنانيين لدى عودتهم إلى قراهم المدمرة بمحافظ ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بهجت العبيدي البيبة - لا أوْلويّة تسبق أولوية التعليم والبحث العلمي