أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - دين وثلاث دول














المزيد.....

دين وثلاث دول


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7065 - 2021 / 11 / 2 - 13:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد أزعم أن التراث الإسلامي قد مر بتحولات رئيسية ثلاثة منذ نشأته الأولى حتى الوقت الحاضر. لقد نشأ الإسلام، فكراً وقولاً وفعلاً، كثورة مضادة ضد السلطة، أو الدولة، القائمة حينذاك. ثم، في طوره الرئيسي الثاني، تحول الإسلام ذاته ليصبح هو السلطة، أو الدولة، الحاكمة ذاتها. وفي طوره الأخير، الممتد إلى الوقت الحاضر، انفك ارتباط الإسلام شكلياً عن سلطة الدولة، لكن في الوقت نفسه نشأت علاقة نفعية متبادلة لتصنع منه دعامة أساسية للسلطة أو الدولة الحاكمة، أو "الدين الرسمي" للدولة إذا كانت الدولة تدين بدين حقاً.

بدأ محمد دعوته في مكة كثائر ضد السلطة القائمة هناك. وتحت ضربات الاضطهاد والقمع من سادة قريش، فر مع أتباعه إلى المدينة. وفي أحضان هذه الأخيرة، نجح في أن يوطد لنفسه وأتباعه سلطة، أو دولة، هو الآخر. ثم على أساس من تلك السلطة، استطاع أن يتغلب على سلطة قريش ويفتح مكة. من تلك اللحظة فصاعدا، أصبحت الدولة هي الدين، والدين هو الدولة، في تعاضد وذوبان كامل لا ينفصل ولا ينفك.

لكنه، على أرض الواقع، انفك فعلاً، بل أصبح هشيماً في أتون الفتنة الكبرى. كانت حرب علي ضد معاوية، أو آل البيت ضد آل البيت، أو الصحابة ضد الصحابة، أو المسلمين ضد المسلمين، درساً قاسياً حول مخاطر الخلط الكامل بين الدين والدولة، الذي أنتج مركباً انفجارياً كاد ينسف الاثنين معاً- الدين والدولة. كادت حروب الفتنة الكبرى أن تقضي على الدين الجديد ودولته الناشئة في مرحلة مبكرة جداً من حياتهما معاً. لكن، لحسن الحظ، استوعب آل ذلك الزمان الدرس جيداً وأصلحوا الخلل- فكوا الارتباط العضوي ما بين الدين والدولة وباعدوا المسافة بينهما، إلى حد ما.

لقد أخطأ محمد وصحابته حين جعلوا من الدين دولة، ومن الأخيرة الأول. وكادوا فعلاً، بخطئهم الساذج هذا، أن ينسفوا المشروع كله من حتى قبل أن تكتمل أساساته. لكن، بحكم الخبرة والتجربة السابقة، كان هناك من هم أهل لعلاج الخطأ واستكمال المشروع. هم الأمويون ومن بعدهم العباسيون. هؤلاء هم الذين أخذوا المسافة الصحيحة ما بين الدولة من جهة والدين من الجهة الأخرى، وفكوا الارتباط المرضي والانفجاري بينهما. من تلك اللحظة فصاعداً، انفصل الدين شكلياً عن الدولة، لكن نشأت بينهما علاقة نفعية متبادلة لا تزال مستمرة حتى اليوم بدرجات متفاوتة.

لماذا اختصم محمد السلطة القائمة في مكة، ثم أفرد لنفسه سلطة مطلقة فيما بعد على المدينة ومنها إلى بقية الأنحاء؟ لماذا، وهو النبي، يتولى هو سلطة الحكم بنفسه؟ ولماذا يخلفه على وجه الخصوص الخلفاء الراشدون، الصحابة ذوي المنزلة الدينية المعترف بها؟

لأن محمداً نفسه، ومعه صحابته، يعرفون حق المعرفة أن السلطة، بمعنى القوة المادية في أعظم صورها، كانت هي الوسيلة الأمثل على الإطلاق في ظل البيئة السائدة حينذاك لتحقيق أي شيء، ومن ضمن ذلك نشر أفكارهم ومعتقداتهم. لذلك ثار ضد المتسلطين في مكة، ليس كرهاً لهم بقدر طمعاً فيما يحتكرون لأنفسهم من السلطة والقوة. ولذلك أيضاً أنشأ لنفسه سلطة تخصه في المدينة ثم في الأرجاء، حتى يملك من القوة المادية ما يكفي لنشر وترسيخ أفكاره ومعتقداته الغريبة والمستحدثة، والمرفوضة في معظمها، حينها. لولا هذه القوة المادية- السلطة- ما عاد محمد ليفتح مكة. ولولاها أيضاً ما أفلح خليفته أبو بكر في ردع المرتدين. في قول آخر، لولا الدولة، ما كان الدين، أو على الأقل في الحالة الإسلامية تحديداً.

ربما لهذا السبب لا تزال الحركات الإسلامية في معظمها تركض وراء السلطة ركض الوحوش في البرية؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة لكن بعقل قرية
- قرويون على أرصفة المدن
- إنصافاً للتجربة الديمقراطية في العراق
- نحن البشر لن ننعم أبداً بالحياة على كوكب المريخ، أو أي مكان ...
- لا غنى عن حقوق الإنسان حتى في أوقات المحن
- شرعية حقوق الإنسان
- إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟
- إسلام الطالبان
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الصين
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- المملكة المتحدة
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الهند
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- إسرائيل
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها
- مصادر الثروة بجزيرة العرب
- هل الفتور الجنسي خطر على سلامة العلاقة الزوجية؟
- كوفيد 19 يفرق بين دول الشرق الأوسط
- بايدن يريد تقليد معجزة البنية التحتية الصينية لكنه لن يستطيع ...
- الإجهاد المائي: مشكلة عالمية تزداد سوءاً
- كورونا يغير العالم بحلول 2030
- هل الإنسان مهم حقاً؟


المزيد.....




- دول عربية وإسلامية تحتفل الاثنين بأول أيام عيد الفطر (صور+في ...
- عشرات الآلاف يتوافدون إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة العيد وسط ...
- إقامة صلاة عيد الفطر المبارك بإمامة قائد الثورة الإسلامية
- في العيد.. تنزيل تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصنا ...
- رسائل تهنئة عيد الفطر مكتوبة بالاسم للأصدقاء والأقارب 2025 . ...
- الإمارات تحكم بالإعدام على 3 أوزبكيين قتلوا حاخاما يهوديا
- بزشكيان يهنئ الدول الإسلامية بحلول عيد الفطر
- بن سلمان يبحث مع سلام مستجدات الأوضاع في لبنان ويؤديان صلاة ...
- أهالي غزة.. صلاة العيد على أنقاض المساجد
- المسلمون يؤدون صلاة العيد بمكة والمدينة


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - دين وثلاث دول