أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد قاسم علي - الطائفية ، كيف يٌمكن أن يكون ذلك طبيعياً؟














المزيد.....

الطائفية ، كيف يٌمكن أن يكون ذلك طبيعياً؟


محمد قاسم علي
كاتب

()


الحوار المتمدن-العدد: 7062 - 2021 / 10 / 30 - 18:33
المحور: المجتمع المدني
    


كنت شاهداً على هذه الحادثة ، حدث وأن كنت في المرحلة الإعدادية ، في أيام إستثنائية ، عصيبة كانت ، أيام مجنونة. في الساحة التي تقع في وسط المدرسة و هي عبارة عن ساحة ل لعب كرة السلة حيث كانت السلال معلقة ، كٌلٌ على حدى متقابلات على الركائز الكونكريتية التي يستند عليها الطابق الثاني لبناية المدرسة ، أشعة الشمس كانت مٌسلطة بشكل عامودي ، ظلال الاشخاص لا تتعدى السنتميترات القليلة ، حينها كان يتعذر على المرء التجول في وسط الساحة لشدة الحر ، لذا كنا نسلك الممرات في مسيرنا ، لنحتمي بها من وهج أشعة الشمس. مشادة كلامية بين طالبين من نفس الشعبة و المرحلة التي كٌنت أنا فيها ، كلا الطالبان أعرفهما حق المعرفة لكن أحدهما كان رفيقاً في مرحلة المتوسطة و الإعدادية زميلاً لخمس سنوات ، كان الأمر مؤلم حينما وٌجهت له عبارات قاسية و جارحة ، أتذكر منها "سٌني نكَس" نعم حدث هذا أمام عيني ، إستنكرت ما قاله الطالب الآخر في داخلي ، لكنني لم أحرك ساكناً ، للتعبير عن الشجب و الإستنكار. لماذا كل هذه الجروح و الآلام ، أتذكر بقية الهراء الذي نشب ، لكن هذه العبارة "سٌني نكًس" يجب التوقف عندها.
المٌلفت في الأمر هو أن الطالب الذي تعرض الى الأذى الكلامي و النفسي لم يكن في تفكيره الشكوى الى مدير المدرسة أو الى أي جهة أخرى. حيث إلتزم بالصمت ، كأن بحاله يقول ليس بوسعي أن أفعل شيئاً حيال كٌل هذا ، لأنني في نهاية المطاف لا أنتمي الى المجتمع الذي أنا فيه. أنا لست مندمجاً. فما بالك إن قام بالشكوى في ظل وضع الطائفية المتفشية آنذاك في تلكم الأيام ، في ظل غضب الميليشيات و إتقادها و حماسها للثأر و التنكيل. هل كان بإمكانه أن يفعل شيئاً؟ من تجربتي التي عشتها و من خلال قرائتي للظروف المحيطة ، ستكون الإجابة لا لم يكن بإمكانه أن يشتكي. كان القرار الصائب بالنسبة له حينها تجنب الصِدام قدر المٌستطاع ، يا تٌرى هل يمكن لمجتمع أن يسلك هكذا سلوك أن يبني و يقوم بالتغيير؟
من خلال مراقبتي و نظرتي للأحداث حينها فقدت الأمل في ذلك التغيير المنشود نحو دولة المواطنة ، خاصة ، في ظل إنتشار الجهل المٌمنهج الذي تسلل كالسرطان الى جسد المجتمع ليتركه سقيماً عليلاً ، كان يتراءى لي بأن الترياق لهذا المرض صعب المنال ، إذا ما أخذنا في عين الإعتبار أستمرار العمليات القتالية و الحروب و إستمرار الأوغاد في السيطرة على الحٌكم و إعتلائهم هرم السلطة. شخصية المتنمر لا يمكن التخلص منها في ظل تلك الظروف و الأحداث المتأزمة ، ففي أكثر البلدان رخاءاً في العالم نجد شخصية المتنمر ، فما بالك في بلد مٌستباح منهك بسبب الحروب و الصراعات كما هو الحال عليه في العراق. كل هذه الأسباب جعلتني أتخلى عن فكرة التغيير الإيجابي السريع ، بل في أحياناً كثيرة كانت كل هذه التجارب تجعل مني شخصاً مٌحبطاً غير متفائل في أي تغيير ممكن أن يكون إيجابي يظهر في الأفق. ماذا عساك ترجو في ظل و جود المجرمين و القتلة و اللصوص في المناصب و الاماكن الحساسة من هيكل الدولة ؟ هل هنالك شيئاً يدعو للإيجابية ، حينها؟ بالنسبة لي ، لا.
التنمر
التنمر أمر مٌشاع حيث يكاد لا يخلو زقاق في بلاد وادي الرافدين من شخص يحمل هذه الصفة ، التهجم و التنمر اصبح شيئاً طبيعياً بحيث يتعدى حدوده الى أن يٌشكل هوية المواطنة في ذلك المجتمع ، مع مرور الوقت ، يعٌزى ذلك الى سبب أنتشار الجهل و الضغط المٌسلط على المجتمع من قِبل العوامل الداخلية و الخارجية المفروضة.
التنمر ، أسباب إكتساب هذا السلوك العِدائي ، الإهمال ، التربية الخاطئة ، قلة الثقة في النفس ، الغرور ، الغيرة ، و ما الى ذلك من صفات مكتسبة من الطفولة ، حيث تٌشكل هذه المكتسبات الخاطئة هيكلية الفرد المتنمر و ما يعزز ذلك هو وجود مجتمع مغلق مثل المجتمع العراقي. قلة التوعية و الوعي ، قلة الثقافة ، قلة الإطلاع. من أين لنا ب عصى موسى ، لنغير بها حالاً.
الحل يكمن في نشر الوعي السياسي و الثقافي بين عامة المجتمع ، لكن السبيل لفعل ذلك ، يحتاج الى عمل تنظيمي سري في بادئ الأمر ، لتكوين حزب سياسي يبدأ ينافس للوصول الى السلطة ، كما لا بد من تعرية و فضح من تورط في دم العراقيين و قولاً أو فعلاً. لا بد من تعريتهم لكي يكونوا عبرة لمن يفكر أن يسلك سلوكهم ، أن التأريخ سيشهد على ان مخلفات الأسلامويين و آثارهم على المجتمع كانت هي الأسوء ، و سيقبع هؤلاء في الصفحات المٌظلمة من كٌتٌب التأريخ. لكن كي نرى مثل هؤلاء الأوغاد الذين يقفون وراء إحتقان الشارع ، كي نراهم يلقوا قصاصهم العادل يجب العمل بجد لذلك.
التمميز الطائفي و القتل على الهوية كل ذلك كان نتاج مٌخلفات فكرية ظالة ألقت بظلالها المقيتة على جميع مفاصل المجتمع ، فصار الأذى الكلامي أمراً عادياً ، بل يكاد يكون أمراً لا مناصة منه ، السلوك السئ المنتشر ، مهذا النوع من السلوك (التهجم) يخضع الى أسباب لها علاقة بصورة مباشرة في التربية الأسرية ، من المؤكد ان الطالب الذي تهجم بكلام خشن على زميله ، أنه تنمر من خلال ضنه بأن ما يفعله يحضى بدعم من المجتمع و الأسرة و البيئة المحيطة به. حيث يستمد هذه البذاءة من المجتمع. هذا ما كٌنت شاهداً عليه.



#محمد_قاسم_علي (هاشتاغ)       #          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فرقة الموت- التي قتلت الصحفي البصري أحمد عبد الصمد في قاعة ...
- باسكال-علاقة القلب بالإيمان المسيحي
- كٌسرت الجرة فوق رأس هادي العامري
- ساهمة الأدباء في رسم سور الأمة و بناء جسدها و نقل تأريخها و ...
- القديس أوغسطين و تأثيره على الفكر السياسي الغربي
- دور البلطجة في تحديد الكتلة الأكبر
- الإرهاب
- خطاب الكراهية
- ثقافة التهجم و التحاسد
- الإستخفاف و رفاهية الحزن
- الأدب الصيني في عصره الذهبي
- يا لها من وقاحة
- شئء من شعر دو فو
- دعوات لهدم تمثال المنصور بعدما هدّموا الدولة.
- لماذا أتعلم اللغة الصينية وما تأثير الشعر في ذلك؟
- جريمة مشتل الأعظمية، كلبُ عَرّى مجتمع و جُناة.
- العراق تحت خِناق الميليشيات و سُراق المال العام
- السياسة في العالم العربي
- الإسلام يقف حاجزاً في وجه مجتمع مدني سعيد
- دو فو الشاعر المؤرخ


المزيد.....




- عاجل | حماس: قطاع غزة دخل فعليا مرحلة المجاعة في واحدة من أس ...
- عضوان بالكونغرس يهددان الأمم المتحدة بعقوبات بحال التحقيق ضد ...
- مقتل صحفي مع أسرته بقصف على خانيونس استمرار لنهج إسرائيل في ...
- يونيسف: استشهاد ما لا يقل عن 322 قاصرا في غزة منذ استئناف ال ...
- الاحتلال يفرج عن مصطفى شتا بعد اعتقال إداري دام عاماً ونصف ف ...
- 17 شهيدا بغزة والقطاع يدخل مرحلة المجاعة مع إغلاق المخابز
- إسبانيا.. عمليات تفتيش واعتقال ضد متهمين على صلة بحزب الله
- اليمن مفخرة حقوق الإنسان (2من3)
- قوانين جديدة تخص طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم
- الأونروا: تعمد إضرام النار بمقرنا في القدس تحريض مستمر


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد قاسم علي - الطائفية ، كيف يٌمكن أن يكون ذلك طبيعياً؟