أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الإنسان وقوى التناهي التاريخية














المزيد.....

الإنسان وقوى التناهي التاريخية


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 11:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا ريب أن ميشيل فوكو كان يقصد الفلسفة المعاصرة حينما تحدث عن الإنسان بوصفه مشكلة فلسفية حديثة العهد. بيد أن أمله (بالنهاية الوشيكة لهذه المشكلة) لم يحالفه الحظ، حيث يلوح بالأفق اليوم ونحن في الثلث الأول من القرن الحادي والعشرين أن مشكلة الإنسان غدت أكثر تعقيداً بما لا يقاس في أي وقت مضى, وقدتستمر لامد يصعب التكهن بآجاله المستقبلية.
وعلى الأرجح أن وزر هذه المشكلة التي اناخت بكلكلها على مدى قرنين من الزمن, سوف تثقل عاتق قرننا . ولعله من حسن حظ فوكو أنه لم يحدد الوقت عندما تحدث عن النهاية الوشيكة لموت الإنسان كمشكلة فلسفية.
وعموماً فأن الحقب الزمنية بالنسبة للمشكلات الفلسفية لا تقاس بالعقود والسنين بل تحقب بالعصور والقرون ، فانقضاء قرن أو قرنين على ميلاد الإنسان كمشكلة فلسفية محورية في الفلسفة المعاصر ليس بالزمن الكبير بالقياس الى مشكلة الطبيعة وما فوق الطبيعة "التي شغلت الفكر الفلسفي منذ الفي عام، بدءاً من طاليس 631 ق.م اليوناني حتى العصر الحديث.
لقد ظل الإنسان، مبدع الفلسفة، يُضع في المرتبة الثالثة بالنسبة للمشكلات الفلسفية الرئيسية، الهيولي والمادة والوجود ولعدم والمتناهي واللامتناهي – الجوهر والماهية إذ لم يتم النظر الى الإنسان كمشكلة فلسفية بذاتها ولذاتها ومن أجل ذاتها, بل كان يتم النظر اليه كموضوع فرعي بالنسبة لعلاقته بالطبيعة أو الله والعالم والمتناهي والمتعالي.
هذا لا يعني باي حال من الاحوال إن الباب ظل موصوداً امام الانسان كموضوع فلسفي في الفكرالفلسفي قبل القرن التاسع عشر, بل يمكن القول ان الكثير من المحاولات الهامة قد بدلت من قبل الفلاسفة في الزمن القديم والوسيط والحديث على حد سواء في فهم وتفسير الإنسان وجوده وماهيته؛ ماذا أكون؟ وماذا أعرف وكيف أعيش؟ تلك هي اسئلة كانط الفلسفية الكبرى التي مهدت السبيل إلى الفلسفة الإنسانية المعاصرة.

هكذا إذن على شاطئ القرن التاسع عشر ترسى سفينة الفلسفة لتفرغ حمولتها الثقيلة من المشكلات الميتافيزيقية العتيقة وتفتح ابوابها أمام الاسئلة الجديدة التي تطرحها المشكلات التاريخية المتحدمة في أتون الأحداث الواقعية للعصر الجديد..
إذ ذاك لم تعد الفلسفة تبحث في "الماهية" وحقيقة المثل الأفلاطونية , وليست "النظر العقلي بالمبادىء الأولى والأسباب الأولى بحسب أرسطو, كما أن البرهان الأنطولوجي لوجود الله كف عن كونه مشكلة فلسفية اساسية كما كان في العصر الوسيط ولم تعد مشكلة الجوهر اللامتناهي, التي شغلت الفكرالفلسفي الحديث من ديكارت حتى هجل, موضوعاً للفلسفة..
مع القرن التاسع عشر يدخل الإنسان في علاقة مع قوى الخارج الجديدة, التي هي قوى التناهي, هذه القوى؛ الحياة, الشغل واللغة: الأصل الثلاثي للتناهي الذي ستتولد عنه البيولوجيا والاقتصاد السياسي وعلم اللغة, قوى الحياة والتاريخ والفكر – بعد أن يتم إخضاع المتعالي للتجريبي.
هنا يجد الإنسان لأول مرة في التاريخ نفسه بازاء قوى التناهي والاشتباك معها كقوى خارجية عن ذاته الإنسانية المتناهيه إذ كان على قوى الإنسان أن تتصدى للتناهي خارج ذاتها, ومن تم لتجعل منها في مرحلة ثانية, تناهيها هي, فتعيه حتماً كتناه خاص بها. وحينئذ كما يقول فوكو, يركب معها الشكل – الإنسان(وليس الشكل الله) وتلك بداية الإنسان. بحسب الثالوث المقدس

وهنا نلاحظ أن السمة الرئيسية للخطاب الفلسفي المعاصر تكمن في نبذ المشكلات الميتافيزيقية القديمة, والانهماك في معالجة المشكلات الواقعية والتاريخية المتناهية والتي تتعلق بالعالم الإنساني كالمجتمع, الثقافة, الفلسفة, الاخلاق, العلم, التقنية, الانسان, الحرية, التاريخ, النهج, بحيث بات من المتعذر جدا التمييز بين باحث في العلوم الإنسانية وبين باحث في الفلسفة الا بمشقه.
كما إن المزية الثانية لفلسفة القرن العشرين تتجلى في عدم تعصبها للمذهبية, وبنبذها للأطر الشمولية , ففي عصرنا هزمت المذاهب الفلسفية الشاملة, كالهيجلية, والعقلانية والتاريخية والماركسية والبنيوية والوجودية ذاتها.
ما هو الانسان؟.. هذا هو السؤال الأول والرئيس في الفلسفة "هكذايعلن الماركسي الانساني(غرامشي), الانسان موضوع للفلسفة المعاصرة وهذا ما يعلنه سارتر في(دفاعا عن المثقفين) إذ كتب "إنني ارى ان العقل الفلسفي هو الإنسان وكل مشكلة أخرى لايمكن تصورها الا نسبة الى الإنسان .. ان كل ما يتعلق بالعالم فلسفيا هو العالم الذي فيه الإنسان , وبالضرورة العالم الذي فيه الإنسان نسبة الى الإنسان الذي في العالم"
وتلك هي المعضلة التي نعيشها الآن بعد جائحة كورونا كوفيد-19 وضعنا فيروس كورونا كوفيد-19 في مأزق فلسفي وجودي لا فكاك منه كما يبدو في الأفق القريب. إذ خيَّم الخوف والحزن على الأرض كُلِّها "لقد أضحى الإنسان مهجورًا ومُهدَّدًا في هذا العالم، فالموت بات يحوم على رؤوس جميع سكان الكوكب، ولكن لا عذر للإنسان طالما وهو موجودا. يقول الفيلسوف المصري حسن حمادة

" إن جائحة كورونا لابد وأن ترتبط بأسئلة فلسفية جديدة، وربما تستدعي أسئلة قديمة مثل أسئلة المعنى والمصير والخلاص، والشك، والسعادة، وأظن أن الفلسفة هي سلاح الإنسان المعاصر في فترة ما بعد كورونا للإفلات من شبكة التشيؤ وللتحرر من سجن الروبوط. الإنسان سيصبح أمام اختيار إما أن يكون إنساناً حُراً ويستعيد كل تراث الحداثة المغدور، أو يتحول إلى روبوط وإلى جسد بلا روح"



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة والتفكير في بلاد الحرب والتكفير
- دور البحر في التاريخ الذي لم نفهمه بعد
- العقل الذي اشتعل فأضاء ورحل
- البرقاوي ومنهجية الوعي الانعكاسي
- الكولونيالية من قلب الظلام إلى ذاكرة الرحيل
- ثورة 14 اكتوبر الحلم الذي استيقظنا على زواله
- تحصين العقل وتجفيف منابع الإرهاب
- كيف تكون النصوص المكتوبة مفيدة ولذيذة؟
- جامعة صنعاء والحرية الأكاديمية
- آمنة النصيري.. أنثى الضوء واللون والحرف والمعنى .
- اليوم؛ العيد العالمي للأب .. نحن نحبك يا أبي
- في صالون علمانيون.. نحن نصنع التاريخ
- مناظرة فكرية بين الشيخ والفيلسوف .. في معنى الإرهاب الفكري
- بشارة النجاة من فيروس كورونا : من افريقيا بدأنا واليها رجعنا
- في التواصل الكلامي في الزمن الكوروني
- حينما تتعرى الحضارة قراءة في لوحة
- الشاعرة غالية عيسى - حين يغني الحنين أوجاع الوطن -
- جمال الرموش شاعر الأعماق والآفاق
- اليوم جان بول سارتر وتهافت الحضور
- حينما تعلق الاستاذة الدكتورة وجيهة السط


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الإنسان وقوى التناهي التاريخية