أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وهيب أيوب - لزوم الحضارة ؛ متحضّرون














المزيد.....

لزوم الحضارة ؛ متحضّرون


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 7059 - 2021 / 10 / 27 - 13:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في العام 1937 علِمَ الصينيون أن اليابان ستقوم بمهاجمة الصين، وكان وسط العاصمة بكين مدينة تُدعى "المدينة القرمزية المُحرّمة" وهي عبارة عن متحف ضخم تحوي في داخلها أكثر من مليون قطعة أثرية نفيسة وآلاف اللوحات الفنية والتماثيل القديمة والكتب والمخطوطات التي تحوي تراث وتاريخ الصين. وقد ساهم في بناء تلك المدينة مليون عامل على مدى خمسة عشر عاماً في القرن الخامس عشر، ولتفادي نهب وتدمير تلك الآثار من قِبل المحتل الياباني، قام الصينيون بتحميل المليون قطعة أثرية كاملة ونقلها في آلاف الصناديق على ظهور الحمير والبغال إلى مدينة شنغهاي ومدن أُخرى لإبعادها عن أيدي اليابانيين الذين كانوا غاية في الهمجية والوحشية أثناء غزوهم للصين، وبعد انتهاء الحرب العالمية عام 1945، وهزيمة اليابان وخروجها من الصين، أعاد الصينيون جميع تلك الآثار إلى متاحف المدينة المحرّمة، وفي عام 1987 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية (يونسكو) المدينة المحرمة ضمن لائحة "التراث الثقافي العالمي" ويزورها سنوياً 15 مليون سائح.
أردتُ من هذي المقدمة إلقاء الضوء على كيفية اهتمام وتعامل الشعوب في حرصها على إرثها الحضاري والحفاظ عليه، وذلك من خلال شعور تلك الشعوب بارتباطها وانتمائها لجذورها الحضارية التاريخية.
وما دفعني لذلك هو إجراء مقارنة بين سلوك الشعب الصيني في تلك المرحلة من احتلال اليابان للصين، وما جرى في العراق بعد الاحتلال الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين، وكيف أن الجموع الغوغائية الهائجة من العراقيين هاجموا المتاحف التي تحوي آثار أقدم حضارات في التاريخ، السومرية والبابلية والآشورية، وخرّبوها ونهبوا كل محتوياتها، هذا بدل حمايتها والدفاع عن هذا الإرث الحضاري الضارب في أعماق التاريخ.
كما اقتحموا مباني الوزارات وقاموا بتخريبها ونهب كل ما فيها من محتويات، حتى الكراسي والطاولات والمكاتب والمزهريات، وكل ما وقعت عليه أيديهم من الأثاث، تلاها قيام "داعش" والحركات الأصولية الإسلامية الإرهابية بتدمير وتحطيم ونهب كل ما وصلت إليه أيديهم الآثمة من تماثيل وأوابد تاريخية حضارية قديمة وكتب ومخطوطات.
المقارنة والمقاربة الثانية، هو أنه في ذات العام 1937؛ نشبت حرب أهلية في أسبانيا بين الجمهوريين والقوميين بقيادة الجنرال الفاشي المعروف فرانكو، وفي إحدى المعارك كاد جيش فرانكو أن يُهزم، فتحصّنوا داخل متاحف وقصور أسبانية تحوي التراث الحضاري الأسباني القديم، لكن الجمهوريين رفضوا قصفهم في تلك الأماكن، حرصاً على عدم تدميرها، مما أدى إلى خسارتهم المعركة.
بينما في سوريا، وأثناء حرب النظام الأسدي الفاشي على مناوئيه، قام بقصفهم في القلاع والأماكن الأثرية، كما قصف السوق الأثري القديم في حلب وتدميره وحرقه بشكل كامل دون أن يرف له جفن، وتابعت من ناحية أُخرى أيضاً الحركات الإسلامية الإرهابية "داعش" و"النصرة" وسواهما في تدمير ونهب الآثارات القديمة وتحطيم كل التماثيل والأعمال الفنية القديمة التي استطاعوا الوصول إليها، كما قطعوا رأس تمثال الشاعر الفيلسوف أبي العلاء المعري، كما دمّروا العديد من الكنائس ومحتوياتها في سوريا والعراق.
كما لا ننسى تفجير وتدمير تمثال بوذا الضخم في أفغانستان رغم مناشدة كل العالم، من قبل حركة "طالبان" الإسلامية الإرهابية.
إن خلاصة كل تلك الأحداث وهذا السلوك، يُفسّر مدى معاداة المسلمين للحضارات التي سبقتهم والتي تلتهم، وسلوكهم العنصري تجاه باقي الأديان، وأنهم لا يعترفون سوى ما أسموه "الحضارة الإسلامية" والتي أثبت المسلمون أنفسهم؛ بأنهم لم يُنتجوا أي حضارة إنسانية عبر تاريخهم، ولا هُم أنفسهم مُتحضّرون، وجُلَّ اهتماماتهم في المساجد والحسينيات والصوامع الدينية وقبور الأولياء والصحابة والأئمة المسلمون والكتب الدينية!
ولا غرابة في سلوكهم هذا اليوم، فقد بدأوا تاريخهم الإسلامي أثناء غزواتهم واحتلالاتهم؛ بتدمير الآثارات والمكتبات وحرق الكتب أو رميها في الماء، في بلاد فارس ومكتبة الإسكندرية في مصر، وتدمير معظم المعابد الهندوسية في الهند.
ولهذا يُصبح واضحاً وجليّاً؛ أن لا حضارة دون مُتحضّرون، ولا مستقبل لمن ينبذون الحياة ويُعادونها ويعشقون القبور!



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفة الخوف والمجتمعات الممسوخة!
- - ناقصات عقلٍ ودين - !
- عن الدين والتربية والأخلاق
- بين المعرّي والشريف المرتضى، وطه حسين وشيخ أزهري
- مهزلة ومأساة العقل المسلم !
- خدعوك فقالوا -الحضارة العربية الإسلامية-
- لا تزدني من الشعرِ بيتاً !
- حكاية إبريق الزيت!
- الخالق العبقري ...!!!
- عندَ الامتحان يُكرم المرءُ أو يُهان
- الحروب المتعدّدة للإلَه الواحد!
- جرائم بلا شرف !
- الثقافات الكارثية
- جذور الاستبداد وأزمة النُخب
- مَن أطفأ النور - مَن سدَّ الطريق ؟!
- عن المرأة في قرى الجولان المحتل - القمر بدراً
- من يجرؤ على التفكير ...؟؟!!
- المرأةُ هي البوصَلة
- الطائفيّون في سوريا حلفاء غير مُعلنين لعصابة الأسد وخطر داهم ...
- مَن يعمل على إجهاض -الثورات- العربيّة؟


المزيد.....




- بزشكيان: دعم إيران للشعب الفلسطيني المظلوم مستمد من تعاليمنا ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف إيلات وميناء حيف ...
- المقاومة الاسلامية بالعراق تستهدف إيلات المحتلة بالطيران الم ...
- اضطهاد وخوف من الانتقام.. عائلات كانت مرتبطة بتنظيم -الدولة ...
- في البحرين.. اكتشاف أحد أقدم -المباني المسيحية- في الخليج
- “ولادك هيتجننوا من الفرحة” ثبت الآن قنوات الأطفال 2024 (طيور ...
- إيهود باراك: على إسرائيل أن توقف الحديث عن ديمونا
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- ماما جابت بيبي..أضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على الأق ...
- تفاعل مع استقبال رئيس الإمارات لشيخ الأزهر (فيديو)


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وهيب أيوب - لزوم الحضارة ؛ متحضّرون