لم اتردد لحظة في تصديق الاستاذ القدير جاسم المطير، عندما كتب في مقالته، انني اتبرأ من حزب البعث، ((ومن المعروف أصلاً أن صدام حسين نفسه كان قد تبرأ من حزب البعث باعترافه على رفاقه أمام مدير الأمن العام في أيام جمهورية عارف)) ، فالبعثيون وعلى مر تاريخهم، الاجرامي، يتشبهون بالحرباء، استبدلوا الوانهم مرار وحسب الظروف. فعندما كانوا ضعفاء، اخذوا يتحدثوا عن الديمقراطية وحقوق القوميات والاديان و الحريات الفكرية، الى ان اصبحوا اقوياء، استبدلوا منهجهم بالانتهازية والقمع والرجعية.
نلاحظ على الصعيد الداخلي، بانهم في بداياتهم انفتحوا على الاحزاب الاخرى وتكاتفوا معها، وما ان تقووا، سرعان ما انقلبوا على الاخرين. كذلك الحال مع القوميات والاديان في العراق، فقد فتحوا ابواب الحرية في البداية لتتنفس كافة القوميات والاديان، ثم قاموا بالتنكيل بالقوميين ورؤساء الاديان وحل الحريات القومية والدينية. اما على الصعيد الخارجي، فالكل يعلم بأن من اقوى اسباب الحرب الايرانية- العراقية، كانت محاولة البعث للتنصل من اتفاقيته القذرة مع ايران والتي ابرمها صدام المجرم مع شاه ايران، والتي قال عنها بنفسه فيما بعد، انها ابرمت عندما كانوا ( اي البعثيين) ضعفاء، ويجب ان تتغير، لانهم الان اقوياء. وهكذا كان الحال مع اكثر اتفاقاته الدولية، فالبعثيين، ظلوا يتأرجحون في اتفاقاتهم بين الدول والشركات الكبرى ويغيرونها حسب ظروفهم واهوائهم. وهنا اتذكر الطرفة التي اطلقها بعض الظرفاء من الشيوعيون على البعثيين عندما كان البعثيون حاضنين لشعار الاشتراكية في اهدافهم ( وحدة حرية اشتراكية). والطرفة تقول: اجتمعت دول العالم، لاعلان مواقفها من القوتان العظمتان ( امريكا وروسيا)، كانت كل دولة تقوم برفع علم القوة التي تؤيدها وتسير في طريقها، كدلالة على مناصرتها لذاك الطرف. فتقدمت مصر وتسلمت العلم الامريكي وسارت في الطريق الامريكي، وتقدمت سوريا فاستلمت العلم الروسي وسارت في الطريق الروسي وهكذا، الى ان جاء دور البعث من العراق، فتسلم العلم الروسي وسار في الطريق الامريكي.
وهكذا اليوم ايضا، فلا نتعجب عندما نجد البعثيين، امثال علي شنان الجنابي، يستجيبوا بسرعة الى مساومة قوات التحالف ويتبرأوا من حزبهم، من اجل ان يتبوأوا مناصب جيدة، ثم يعودوا ويعلنوا انهم اصروا على رفض الادانة والاستقالة، بعد ان اصطدموا بمظاهرات الغضب الشعبية ضد المساومات معهم ومحاولات تسليطهم على رقاب الشعب مرة اخرى. ولا نتعجب عندما نجدهم ايضا يساومون ويدخلوا في الاحزاب العراقية الاخرى ( القومية والوطنية)، بعد ان تخلخلت اقدام حزبهم وانهار امام العالم، معلنا افلاسه السياسي والاخلاقي.
نعم، انهم كالحرباء، يغيرون ألوانهم حسب الظروف، واليوم جاءت الظروف لتحول كل واحد منهم الى ... خروف. فنرجو ان نتعاون جميعا لكشفهم وابعادهم عن اعتلاء المناصب والتسلط على رقاب الشعب مرة اخرى، و... على الاقل، ابقاءهم في هذه الظروف، مع الاعتذار للخروف.