أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - بشير صقر - ماذا تعني الأوهام عن الذات .. في أوساط النخب ؟















المزيد.....

ماذا تعني الأوهام عن الذات .. في أوساط النخب ؟


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 7057 - 2021 / 10 / 25 - 14:46
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


تنتاب البعض من البشر نوبات أو حالات من الإحساس المبالغ فيه بذواتهم وبقدراتها وخصوصا من المنتمين للمجال الثقافي والفني والسياسي.

وتمثل تلك النوبات أو الحالات - أحيانا - أعراضا لخلل نفسى تتراوح حدته من شخص لآخر استنادا لجملة الشروط المحيطة ولمستوى التماسك الذاتي للشخص المصاب ، ودرجة إدراك صاحبها لحالته الصحية ومن ثم لجوئه للنصائح الطبية أو عزوفه عنها.

ورغم أننا غيرمتخصصين في هذا الفرع من العلم ؛ إلا أننا نعرف أن لملابسات النشأة والتربية ؛ وللثقافة ونوعية التعليم التي يتلقاها الإنسان دخل في خلق المناخ الممهد للإصابة بهذا النوع من الاهتزاز أوالخلل النفسي من عدمه؛ إلي جانب ما يتعرض له من أحداث وما يمر به من أزمات ومحن في حياته.. وقدرته علي تجاوزها.. هذا بشكل عام .

أما بشكل خاص فنرجح أن الممتهنين للمهن الفنية والثقافية وإلي حد ما السياسية والتي تستند إلي إعمال الذهن الدائم المقرون بتوهج الخيال - و تندرج تحتها هذه النوعيات الثلاث من المهن - هم أكثر الناس تعرضا لذلك .. وهم عادة من نخب المجتمع.

وتتجلي الأوهام عن الذات لديهم في شعور مبالغ فيه بإمكانياتهم - تصل إلي حد توَهّم العبقرية - مقارنا بإمكانياتهم الحقيقية ؛ وهو ما يستدعي لديهم أن يعاملهم الآخرون علي أساس فكرتهم عن أنفسهم وليس استنادا لفكرة الآخرين عنهم ؛ وتكون ردود أفعالهم إزاء ذلك التعامل علي نفس مستوى الفعل إذا اتسق كل منهما مع الآخر بينما يكون رد الفعل مبالغا فيه من ناحيتهم إن كان الفعل مخالفا لرد الفعل.

ولأن الإحساس دائما لا يأتى من فراغ بل تسبقه عادة مقدمات وأسباب ؛ قد يكون بعضها مادي.. لكن غالبيتها تكون معنوية.

فإن [ شعور المصاب بالخلل - في بعض الهيئات السياسية - بأنه مبعوث العناية الإلهية وأن تواجده في هذه المهمة أو اختياره لذلك المنصب لم يكن وليد الصدفة لأن غايته المستنبطة هي إنقاذ البشر وتنفيذ رسالة المعبود ] .. قد يكون سببا.

كذلك [ فاعتقاد المصاب أن " الصدفة " التي نصّبته مسئولا في هذه الهيئة أو تلك قد التقت مع الضرورة وألقت علي كاهله بتلك المهمة الثقيلة مهمة إنهاض الشعب وإيقاظه من سباته وقيادته نحو مستقبل مشرق.. لأنه الأقدر علي تحمل تبعاتها وكتابة التاريخ ].. قد يكون ذلك أيضا سببا.

وفي المجال السياسي تختلف تلك الأوهام عن الذات عن شبيهتها في المجالين الفني والثقافي ليس كما تختلف الألعاب الفردية في الرياضة ( كالمصارعة والرماية والعدو والقفز بالزانة والسباحة والجمباز) عن الألعاب الجماعية ( ككرة القدم ، والطائرة ، والهوكي، وكرة الماء) ؛ بل لأن كثيرا من المهن الفنية يتم تأديتها بشكل جماعي ( كالمسرح ، والسينما ، وألأوبريت ) بينما عدد من المهن الثقافية التي تمارس بشكل فردى (مثل كتابة الرواية وكتابة الشعر) لايتجسد تحقيقها إلا في صلتها بمهن جماعية ( كالمسرح والسينما والأوبريت ) .. بينما العمل السياسي عمل جماعي بالأساس مهما كانت عبقرية الأفراد ودورهم فيه.

وعموما فإن الأوهام عن الذات تبرز أكثر في المهن التى تمارس أو يكون الإبداع فيها فرديا وتقل في المهن الجماعية.

لكن تجلي ذلك الخلل يتخذ أشكالا متنوعة ومركبة في المجال السياسي ، ففي الأحزاب السياسية وبعض النقابات القليلة يتضح ذلك الخلل علي مستويين :

•أحدهما داخل الحزب ؛ استنادا إلي تبوؤ المراكز القيادية .

•والثانى : خارج الحزب في الدوائر السياسية.. ويتجلي في ممثلي أحد الأحزاب وربما في صفوف عديد من أعضائه المنتشرين في الأوساط السياسية.

وبينما تكون الأوهام عن الذات في الحالة الأولي مرتبطة بمنصب قيادي رفيع.. فإنها تتجسد في الحالة الأخري في النموذج الذي يمثله الحزب أو النقابة من بين بقية الأحزاب أو النقابات في الأوساط السياسية أو النقابية .

وتساهم مصادرة الحريات في المجتمع خصوصا السياسية في ارتفاع معدل ظهورهذه الأوهام عنها في حالة وجود الحريات.

كما تساهم شروط السرية التي تحكم بعض الأحزاب في مفاقمة آثار تلك الأوهام نظرا لحصرها داخل الحزب مقارنة بحالة العلنية التي تتيح انتشار الحديث بشأنها خارج الحزب أو النقابة ومن ثم تحد منها.

هذا وتتباين الآثار بين الأوهام بشأن المنصب والنموذج في منطقتين :

•في حالة أوهام المنصب تتركز الأضرار داخل الحزب أولا ، وتتجلي تداعياته الضارة أول ما تتجلي في ظهور الاستبداد ثم شيوعه في صفوف الحزب أو النقابة ثم في تسرب اليأس والإحباط للأعضاء وتنتقل خارجه فيما بعد حيث تمتد الآثار إلي المعارك الجماهيرية والانسحابات المقنعة من صفوفه وربما الانفراط.

•بينما في أوهام النموذج فتتجلي خارج الحزب وفي أوساط الدوائر السياسية ، حيث التعالي علي الأحزاب الأخري ( 1) والحلقية وسيادة منطق النمو الذاتى التي تستبعد في معظم الأحوال التعاون مع الأحزاب والنقابات الأخري في المعارك المشتركة ناهيك عن تجاهل محاولات الحوار المشترك بغرض التقارب واتخاذ المواقف الموحدة أو الوحدة.

عوامل مساعدة تعمق الأوهام عن الذات :

هذا وتساهم بعض أوجه التفوق لدي بعض الأعضاء في تعميق تلك الأوهام ومنها تميز البعض في التعبير كتابة عن كثير من القواعد والبديهيات ( كالانضباط ، ومكافحة الشرطة السياسية ، وطرق اكتشاف أساليب العدو في الهجوم والتراجع والتخفي والرقابة ، وكيفية كسرها ) ( 1) .. بينما قدراتهم العملية في تنفيذ تلك البديهيات والقواعد التي كتبوها لا ترقي لجزء مما كتبوه عنها أو مما ثقفوا به الأعضاء الجدد .

هذا وربما تترافق تلك الأوهام عن الذات في شقيها ( أوهام المنصب ، وأوهام النموذج ) مع نسيان عديد من القواعد والبديهيات الأخري مثل ضرورة دراسة الأزمات الكبري التي تصادف الحزب وتكاد تعصف به ، وكذا التغاضي عن تقييم المراحل الكفاحية المختلفة التي مر بها الحزب وتقييم أدوار الأعضاء ومدي كفاءتهم في أداء مهامهم في فترات المد ولحظات الجزر .

إن مخاطر الأوهام عن الذات لاتقتصر علي فرد أو عدد محدود من القادة - عندما تمتد لفترات زمنية طويلة نسبيا - بل تتملك جمهرة غفيرة من الأعضاء وربما أغلبيتهم .. حتي من كانوا في صفوف المعارضة .. فتنعكس عليهم هذه الحالة بشكل مقلوب أو معكوس وتصيبهم بالاستسلام فلا يقاومون .. حتى ينتهي الأمر بهم خارج الحزب.

ما هو نقيض الأوهام عن الذات ..؟

هو الواقع والممارسة العملية الملتزمة بالقواعد واللوائح ويحكمها الانضباط.

فالأوهام عن الذات.. عبارة عن مشاعر تنتاب النفس - تتجاوز بكثير ما هو موجود في الواقع – وهى منفلتة من عقالها لدى الأفراد الحاملين لها ، وتنعكس علي السلوك لدي كل فرد حسب درجة سيطرتها عليه وتمكّنها منه.
وهذا يعنى أن جانبها الشعورى ( المعنوى) غير مرئي للآخرين إلا في لحظات قليلة وربما نادرة .

ونقيض الأوهام هو المادى والملموس (المرئي) ، ولذا فإن تحويل تلك الطاقة الشعورية ( غير المرئية ) الكامنة والمسيطرة علي صاحبها إلي سلوك عملي ( مسئول ومنضبط ومتواضع ) هو النفي العملي لها .. وهو العلاج الحقيقي لتلك الطاقة الشعورية المدمرة.
ولا يمكن حدوث ذلك ما لم يتم التنبّه والتحوط من مخاطرها المحتملة ، ودفع أصحابها للانخراط في مجالات عملية وجماهيرية .. تحد من تأثيراتها المجنونة.

ــــــــــــــــــــــ
1- مثل كتابة خبرات مقاومة الأجهزة الأمنية، أو القيام بعمليات التثقيف بشأن احتياطات الحماية في العمل الجماهيري ، بينما الكفاءة العملية في التنفيذ بالغة الضعف ( مثالان من عام 1973 ، 2011 ) .


24 أكتوبر 2021 بشير صقر



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تعني دعوة رئيس الاتحاد الدولي للكرة دولة إسرائيل ودولة ...
- روشتة مؤقته لحل مشكلة ندرة مياه الري لحين التوصل لعلاج موضوع ...
- مهزلة فلاحي عزبة الأشراك مع هيئة الإصلاح الزراعي والأوقاف ما ...
- عن ذاكرة الأمة المصرية كيف نحفظها لأجيالنا القادمة ( 2 / 2 )
- عن ذاكرة الأمة.. كيف نحفظها لأجيالنا القادمة( 1 / 2 )
- صدفة أعادت لي زكي عمر.. شاعر الفلاحين الأبرز
- حول تناقض مقدمات العدوان الصهيوني مع نتائجه السياسية .. مداخ ...
- أزمة الكرة الأوربية مستوطنة.. وجاء الوباء ليفاقمها ( 4 / 4 )
- معركة وسطاء كرة القدم الأوربية.. ( 3 / 3 ) متي تُستأنف وكيف ...
- ملاحقة لأزمة كرة القدم الأوربية الراهنة ( 2 / 2 ) بين التسلي ...
- جلبة شديدة وفوضي عارمة في مجال كرة القدم الأوربية
- ما بين التهديد بالأوبئة و الترويع بالعطش، يحتار الأعداء .. و ...
- سرطان التخصص والتذرير ..وانعكاسه علي العلوم الطبيعية والسياس ...
- غريب أمر من يستكملون التاريخ الحديث .. بوقائع من نسج خيالهم
- تعقيب علي موقف منظمة - فيا كامبيسينا - الفلاحية بشأن قمة الأ ...
- رحلت صغري عائلة صلاح حسين : وقلّبت شجونا ومواجع شتي
- الثورة العرابية وتداعيات الهزيمة ( 2 / 2 ) مقتطفات من مذكرات ...
- الثورة العرابية مرآة الوضع الداخلي في مصر ( 1 / 2) مقتطفات م ...
- هل تتوه الحقيقة بين معرفتنا بالأزمة وعقدة العضو المنتدب السا ...
- لأى مدى يُسأل البنك المركزى عما يجرى بالبنك العربى الإفريقى. ...


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - بشير صقر - ماذا تعني الأوهام عن الذات .. في أوساط النخب ؟