|
نساء أمل -9-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 7049 - 2021 / 10 / 16 - 09:35
المحور:
المجتمع المدني
كنت أدردش مع المهندسة أمل حول الوضع في لبنان وسورية ، و الوطن العربي، و أخشى على هذه الأمة العربية" العظيمة" من أن تكون ضحية المؤامرة الكونية ، تماماُ كما كانت سورية ضحيتها لولا وجود المهدي المرتضى بالصدفة ! ليس هذا بل أخشى أن تصيغ الصهيونية والماسونية ، والإمبريالية قرارات ، تهدّم بناء هذه الأمة العظيمة. لم أكن أتصور أن المهندسة أمل سوف تثور .على كلامي ، وكأنها لم تتلقى الدراسة في مدارس الوطن! قالت لي : القضاء و الانتخابات لا يلزمان للأمة العربية ، أما الصهيونية و الإمبريالية، فإن تلك الأمة العظيمة ، تصلي أمام أقدامهما ، لكن حتى الآن لم تضحكا في وجه الجميع. لا تكوني سخيفة مثل زوجي يا صديقتي ! -ما دخل زوجك في الأمر ؟ زوجي يصادر التلفاز ، ويتنقل من أخبار إلى أخبار هي نفسها ، ثم يحلل الوضع السياسي على الفيس بوك. البارحة غيّر صورة بروفايله إلى صورة المحقق العدلي اللبناني طارق بيطار، بعد أن كانت صورة غيفارا ، تحدث لي عن بطولاته الفيسبوكية بينما يروح ويجيء ،وهو يمسح فمه بكم قميصه . زوجي مدمن كحول .القصة طويلة ، هو مهندس ، نعمل معاً في نفس المكتب ، لم أعد أحتمل إدمانه على المشروب ،فهو يشرب في المكتب ، وفي المساء، ولا يضع الكأس علناً إلا في عيد السكارى يقول : ها! امنعونا اليوم أيضاً . اقترحت أن أستعمل الغرفة المطلة على البلكون في بيتنا كمكتب لي كي لا نلتقي كثيرا ، وتفادياً للصراخ ، و المشاجرات. لا أنوي تطليقه ، فحتى اليوم هو أفضل من العودة إلى منزل عائلتي . بل إنّ الجنة هنا ، ولا أريد أن أتخلى عن جنتي ، "-موضوع الجنة نسبي-ولكن!. . . أقول لك سراً يا صديقتي : السّكران لا يفقد وعيه، بل يفقد حياءه . أحاول أن أكون راقية في تربية أولادي ، لكن عندما يجعر كي يوقظهم ويضعهم في حالة رعب أخجل مني ، كما أخجل من أهل الحيّ. البارحة بالصدفة رأيت قنينتان من عرق الريان مخبأتان في خزانة الثياب، واحدة في المستودع ، نصف واحدة قرب الياسمينة . شيء لا يطاق . أحسد من التقت بزوج لا يشرب الخمر. قلت لها : كل شيء له أصول ، لكن يبدو أنّ زوجك خرج عن الأصول ، لكن ماذا يضرّك لو شرب؟ يكفي أنه لا يفرض عليك الحجاب مثلي ، ويزمك بالصلاة و الصّيام .أغلب الزعماء مدمني كحول ، أو مخدرات ، هم يحكمون العالم. الردال أذكياء يا أمل ، ولهذا السبب يحكمون ، يبحث الرجل عن سعادته ، يتخلى حتى عن أطفاله ، بالنسبة لي : أحاول أن أرضي زوجي كي لايتزوج بأخرة ، أي أنني أرقص له شبه عارية ، لكنه وعدني أن لا يتزوج إلا إذا أدى فريضة الحج أولاً ، و أنا أحاول أن لا أترك معه ثمن حجته . لا أعرف إلى متى سوف أتحايل على الأمر. نظرت إليّ بغضب ، وقالت : هل على الرجل إما أن يكون متطرفاً أو مدمناً ؟ ثم أكملت : هل تدرين ماحل بغرفتي التي أستعملها كمكتب في المنزل؟ أصبح اسمها غرفة العرق ، يتهامس أولادنا ، يقولون. بابا في غرفة العرق! لم يعد يذهب إلى المكتب كوننا نعمل في نفس المهنة، وعندما يذهب يغلق الباب عليه ، إما أن يشرب ، أو يستدعي امرأة يمارس معها " العادة الشّمية " ، فهو قد فقد قدرته الجنسية بسبب المشروب ، ماذا تلزمه المرأة؟ إنه يبدد دخلنا فقط . أفراد عائلته يغارون منّي فهم يستغربون كيف أقضي معه حياتي، ينتظرون أن أطلّقه كي يتشرّد أولادي كي لا يتفوقوا على أولادهم. غداّ يوم الاستفتاء على دستور الوطن ، وقد دعيت لألقاء كلمة بهذه المناسبة ، ربما المؤامرة من زوجي فهو عضو بارز في تجمع حقوق الإنسان، و يعرف أنني لا أشتمه أام الناس سوف أقرأ لك ما كتبت: نحن أبناء هذا الوطن الأشمّ ، لن نفرّط بذرّة من ترابه. أدعو النساء و الرجال إلى ممارسة حقهم في هذا اليوم العظيم . أيتها النّساء : اخترن حياة تليق بكنّ ، كما فعلت أنا ، فزوجي هو الدّاعم الأول لي ، وهو فقط من يفهمني . أود أن أشكره من هنا ، و أتمنى أن يكون جميع الرجال مثله. توقفي يا أمل ! أنت كاذبة. قبل قليل شتمتيه ، و الآن تمتدحيه . أنا لا أمدحه ياعزيزتي . هذا الخطاب موجه إلى عائلته . ماذا سوف يقولون؟ هل سوف يقولون : عليك بتطليقه. هذا الخطاب سوف يجعلهم لا ينامون الليلة، وكلّهم من أنصار الزّعيم. و أعصابك ؟ أنا لا مبالية ، ولا تتأثّر أعصابي لدرجة أنني تركت لزوجي غرفة العرق ، أصبحت أدخل زبائني إلى المطبخ . أصلاً لا يوجد زبائن . . . يالك من قوية؟ ماذا؟ قولي : يالك من مهزومة! ، لكن فنّ الهزيمة يتغيّر حسب الحاجة . داخلي ياعزيزتي كومة قش ، وخارجي طرق شتى . عليّ أن أعوي على زوجي ، و أنهق في وجه أخيه، و أموء في وجه أخته ، و أن أدرس الحالة النفسية لموقفي ، وبعد دراسة متأنية رأيت أن مديح زوجي يجلب لي جزءاً من حربي على الجبهة الخارجية ، أما على الجبهة الداخلية ، فإن لمست يدي يده ارتجفت . قال البارحة فيّ كلمات غزل . أدرت ظهري. قال لي لماذا هجرتني، قلت له لديك غيري . قال: كلّه يصب في مصلحتك ، بصقت على الأرض لأن غثياناً أصابني.على كلّ عليك أن تعرفي أن المهندسة أمل مخلوقة من فخار ، وليس من طين . أحدد هدفي معه: يبعق بأعلى صوت . أختبئ في المطبخ ، ثم أعود فأشتمه ، و أضمن أنه سوف يكون شبه طبيعي لبضعة أيام. مع ذلك فإن ابني ذو العشر سنوات أدخله البارح من البلكون بينما كان يشرب القهوة . قال له : ادخل بابا إلى غرفة العرق ، جميع أصدقائي يعرفون أنك تضع العرق في فنجان القهوة. كم كنت غبيّة ! كنت قد ملآت فنجان قهوتي ، وأردت أن أجلس قربه ، لم أشك أنّه يشرب العرق . . .
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تداعيات في يوم خريفي
-
كسرة خبز
-
الهولوكست
-
عالمي الرّوحي
-
نساء أمل -8-
-
أسيء الظن بالانتخابات العربية
-
أهلاً بدموزي
-
جائزة نوبل للآداب 2021
-
نساء أمل -7-
-
وثائق باندور تمر مرور الكرام
-
كوابيس سورية
-
نساء أمل -6-
-
حوار مع فلاديمير ميلوف
-
نساء أمل -5-
-
الوصول
-
نساء أمل -4-
-
نساء أمل-3-
-
آ- الكحل أفضل من العمى-
-
- كنّا عايشين-
-
أكثر من شيوعية ، و أقل من ليبرالية
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|