أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - بؤساء الحداثة والتراث‏















المزيد.....

بؤساء الحداثة والتراث‏


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 7048 - 2021 / 10 / 15 - 14:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أنتشرت موضة بين نخبة معينة من المفكرين فى السنوات الاخيرة فى الحديث عن الحداثة وما بعد الحداثة، عندما أقرأ كلمة ‏الحداثة فى مقالات الزملاء من مفكرين ومثقفين تنتابنى الحيرة هل يقصدون بالحداثة فى بلادنا العربية، أم عن حداثة أوربا؟
وإذا كان الحال هكذا فلا يوجد عاقل يعتقد لمجرد الأعتقاد بأن دولنا العربية عرفت أو تعرف ما يسمى بالحداثة، لأن الحداثة ‏هى أوربية الأصل والماضى والحاضر والمستقبل لأنهم يعيشون فى حداثة لم يكتشفها مفكرينا بعد، حداثة أوربية يعيشونها ‏يومياً ويؤمنون بأن الحداثة هى فعل يومى وتطبيقى فى العمل، والعمل هو ميدان ومعمل الأختبار لوجود الحداثة من عدمها، ‏فإذا كان هناك إنتاج جديد من العمل ومصانع تمارس التطبيق العملى للأفكار الحداثية، إذن سنلمس مخترعات جديدة وعلوم ‏علمية جديدة وإنتاج مركبات فضائية تنطلق فى أفق الحداثة الحقيقية.‏

لكن مجتمعاتنا العربية لم تعرف حتى الآن أى شئ عن الحداثة أو الوعى بها لأنه ببساطة أكثر من 60 أو 70 فى المائة ‏من أفراد المجتمع أميين حتى المثقفين منهم أو المتعلمين يحملون مجرد شهادات ورقية لأفراد عقولهم خالية من الثقافة ‏الحقيقة التى تبنى الحضارات، لأن العربى على يقين وإيمان تام بخصوصيته وفرادته بين أمم الأرض بل ولديه أعتقاد بأنه ‏يملك مفاتيح جميع العلوم ولا يحتاج إلى علوم الكفار الأوربيين، لذلك وحسب تلك الطبيعة المتعالية على الآخر نتناسى حالة ‏التخلف والأنحطاط الذى ساعد على نشرها كافة مثقفى ومفكرى البلاد العربية، تلك الحالة التى أصرت النظم السياسية على ‏سيادة أفكارها على الجميع آلا وهى سيادة الأعتقاد الدينى وتأصيله فى نفوس شعوبهم، لكن المثقفين ومفكرى وإعلامى ‏السلطة مجالهم أصبح أكبر وأحكموا سيطرتهم على الفضاء التواصلى الأفتراضى العالمى، مما جعلهم ينشرون أفكار الهداية ‏والتبشير والحرام والحلال بل وقاموا بتقصير قامتهم وأنحنت هامتهم أمام موجة التدين السطحى وتفاعل الرؤساء والملوك مع ‏التيارات والجماعات الدينية مثل ملوك الوهابية وجمال عبد الناصر والسادات والأسد وحسنى مبارك وغيرهم.‏

لماذا إذن نكتب عن الحداثة إذا كان البعض ما زال منشغل بالإعجاب والتأريخ لمفكرى الماضى الذين لا فائدة من أستعادة ‏سيرتهم إلا إظهار صورة العرب بأنهم كانوا فى الماضى أهل علم وحضارة، أى أن كتابات المفكرين هى لمجرد أستعادة النعرة ‏النرجسية بأننا خير أمة أخرجت للناس حتى يقنعوا جمهور القراء معهم، حتى يكون الأشتراك فى الكبرياء والتعصب البدوى ‏هى صفة المجتمع كله من أنصاف المتعلمين ومثقفيه ومفكريه وساسته وينصرف الجميع عن التفكير فى الحاضر ‏المتخلف، آلا نخجل عندما نتكلم عن الحداثة وعصرها وأين هى الحداثة العربية من الواقع العالمى الحضارى؟ ‏
وأين هم المفكرين الذين صنعوا أو يصنعون عصر الحداثة العربية إن كان لها وجود؟

هل جراب الحاوى أو الساحر أقصد جراب وعقول المفكرين أصبحت خاوية ليس فيها إلا قضايا أنتهى زمانها بأنتهاء دور ‏مفكريها وفكرهم؟ ‏
إجترار تراث العلماء والمفكرين القدماء ومحاولة الكتابة عنه هو أكبر جريمة فى حق الأجيال الحاضرة التى من الواجب على ‏مفكرى ومثقفى اليوم أن يقدموا إبداعاتهم الحقيقية حتى يسير على نورها أجيالنا الحاضرة، الأمم التى تقدمت لا تنظر إلى ‏الوراء بل إلى المستقبل وعلومه الجديدة التى لا علاقة لها بأفكار بن سينا أو بن خلدون أو المعتزلة أو بن تيمية وأبن طفيل ‏والغزالى والرازى وإخوان الصفا والفارابى وغيرهم الكثير، حيث كانت أفكارهم وإبداعاتهم تصلح لعصورهم وما تلاها وأستفاد ‏منها العالم الغربى قبل الشرقى وأنتهى عملها المنطقى والحقيقى ولا تصلح للثرثرة والأفتخار بها الآن.‏

‏ حالتنا اليوم هى مجرد مثقفين يترجمون صفات الحداثة العالمية ويكتبون كتباً عنها ومقالات فى الصحف والمواقع ‏الأفتراضية، ولا يشعرون بقساوة قضايا شعوبهم ومجتمعاتهم المنغمسة فى برارى وصحارى التراث والتقديس والتحريم والتحليل ‏والتكفير، ونسى الجميع أن الحداثة فعل أخلاقى قبل أن يكون إبداعى وإذا دخلت إليها المعتقدات والأفكار الغيبية مات ‏الإبداع وطارت رأس الحداثة بسيف الحكام ورجال الدين، أى أننا لا نملك حاضر ينتمى لأى شئ له صفة الحداثة أو التقدم ‏أو إلى ضرورة بناء مستقبل حداثى ينتمى إلى عالم البشر اليوم، بدلاً من كل تلك الكتابات التى تتحدث عن تاريخ وتراث من ‏الماضى لا يؤسس ولا يضع حجراً فى بناية الحداثة التى لم يبدأها أى عربى بعد، هل تأخذ الغيرة بعقول بعض هؤلاء ‏النخبويون حتى يبدأوا الدعوة الحقيقية لتأسيس جيل جديد يعرف التعامل مع تقدم عصره؟

تحديات عصرنا على المفكرين مواجهتها وليس تجنبها كما يحدث الآن والمواجهة معناها الخضوع للعلم والمعرفة الجديدة ‏للدخول بعقل كبير يستطيع الإبداع فى شئ المجالات التى يحتاجها شعبه، ذلك الشعب الذى يعيش فى وعلى الأوهام الغيبية ‏التى تؤصل لفقره المعرفى ولفقره الأخلاقى عندما يسقط ولا يصمد أمام المنافقين من أدعياء المعرفة والدين، المدافعين عن ‏الشخوص الغيبية وكأنها حاضرة فى حياتهم اليومية ويدافعون عنها بالكراهية والتكفير والقتل حتى تستقيم حياتهم ويرضون ‏كبرياءهم الدينى الذى صنعه لهم كهنة ورجال الأديان.‏

هناك حداثة أوربية نعم، لكن علينا دراستها وأستنباط حداثتها العلمية والدخول لمعاملها ومختبراتها ورؤية كيف يمارسون ‏ويطبقون علومهم، حى تتشبع عقول أجيالنا الحاضرة بأخلاق وممارسات العلم لإحداث التقدم وصنع مستقبل حضارى لا ‏يعيش على بؤس الماضى ولا يعيش فى واقع وحاضر تبدو فيه الشعوب العربية كأنهم غرباء فقدوا هويتهم وأهدافهم من ‏الوجود الحقيقى، إلا أن الأهداف المتشبثة بالماضى هى الحاضرة بأستمرار سواء كانت إيماناً أو نفاقاً أو مسايرة للمجتمع ‏بمساوئه وعيوبه وفقدان الإحساس بالمسئولية تجاه الوطن وزرع المواطنة منذ الطفولة.‏

فى الختام أقول:‏
‏ لنفكر معاً كيف نستطيع وضع أسس حداثة ذات هوية عربية قائمة على تعليم جاد يهتم بالمواهب وتنميتها؟‏
ولا أريد الشعور بالأسف والشفقة على مفكرينا ومثقفينا المهتمين والمنكبين فى العمل والبحث عن الطريقة المثلى التى يمكن ‏بها إعادة بناء التراث، وكما قالوا: طظ فيكم!!!‏



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وين الملايين يا لبنان
- الكتابة على أمواج الإسلام الملتهبة
- سقطت السياسة وعاشت كورونا
- عالمنا واحد قبل وبعد كورونا
- السماء التى لا وجود لها
- الله أم صورة الله البشرية؟
- الله يكذب قصصه السحرية
- تعرية الله من الألوهية
- معجزة الله السحر مثل البشر المشعوذين
- ذنوب الله وإنكارها
- الله لا ينسى لكنها أخطاء
- نسيان الله الإنسانى
- تهافت سحر رب العالمين
- الله الرب الساحر
- الوداع يا الله
- هزيمة الله وأنتصار كورونا
- كورونا يُقَيِّد أيدى الله
- كورونا والإله الغائب
- إستسلام المرأة لعورتها ونجاستها
- إيمان الدكتور مجدى يعقوب


المزيد.....




- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...
- الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - بؤساء الحداثة والتراث‏