|
استبدادية الأنظمة وديمقراطية الشعوب
عمار ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 1650 - 2006 / 8 / 22 - 10:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع بدء الحرب الأمريكية الإسرائيلية على لبنان التحقت أنظمة التبعية بها في تناسق موسيقي متكامل... تحكمها علاقة التبعية والسيطرة. فاتفقت جميعها على عدم شرعية حزب الله وتهديده للحرب والسلم العالميين ؟! وعرقلته للمشروع الأمريكي الصهيوني على المنطقة . وبالتالي هوهو الوحيد الذي يتحمل المسؤولية عن هذه الحرب وأن إسرائيل تدافع عن النفس وتقاوم الإرهاب؟! ولا بد أن يدفع الثمن ويسلم سلاحه ويسمح للسلطة الصديقة والشرعية ببسط سيادة الدولة . وكأنه ليس من هذه الدولة وليس ممثلاً بالسلطة أو ليس جزءاً من الشعب اللبناني ؟! موقف الأنظمة العربية الاستبدادية هو جزء من مواقف سابقة ضد الشعب العربي ومع القوى المسيطرة على العالم حيث تصفية وتدمير أية بادرة مقاومة أو سياسة جادة ومستقلة في بلدانها فكانت تنتظرها السجون والقتل والاعتقال والجوع والفقر والإملاق والمرض وبالتالي المجتمع المحكوم والمضبوط والمقموع مجتمع ضعيف ودولته لابد لها من الالتحاق وهذا ما كان... الشعوب المظلومة والمبتلية بالهزائم السلطوية التي تصدر لها – السلط العربية - الهزيمة والذل والوعي الطائفي والانعزالية والتهميش . ورغم ذلك تصدت منذ بدء الحرب بموقف يدين الحرب والأنظمة العربية ويعتبرها جزء من الحرب الأمريكية الإسرائيلية على لبنان حيث تركت خلفها الطائفية والمناطقية والوطنية السلطوية بدرجات متفاوتةٍ وراحت تتحسس الشعور القومي والوطني الديمقراطي ، فانبرت الجمعيات والمنظمات والأحزاب والحركات والمستقلين تقدم مساعداتها وتتظاهر وتعتصم وتتبرع وتقدم أشكال لا حصر لها بما فيها القتال للتضامن مع اللبنانيين والوقوف ضد الحرب .هذا الموقف القومي والديمقراطي للشعوب هو ما فرض على الدول العربية التابعة تقديم مساعداتها وتخفيف الحملات على حزب الله وتدخل في هذا الإطار حكومة لبنان نفسها.. في سوريا كل فعاليات المجتمع وعلى اختلاف أنواعها دينية ومدنية وحزبية سارعت لتقديم كل أنواع المساعدات للنازحين أو المتبقين في لبنان وتأزر الشعب السوري بطريقة ملفتة تماماً فوضع كل أحقاد السنتين الأخيرتين التي سببتها الأنظمة في سوريا ولبنان جانباً ، واستقبلت العائلات اللبنانية في منازل العائلات السورية وأخذ العمال والموظفين إجازات من أعمالهم للاستمرار في المساعدة وتقديم شتى أنواع الخدمات... السلطة السورية التي تخاف بحسها الطبقي من كل حدث جديد لا تكون هي المبادرة إليه ، لحقت بالشعب في مساعدته فقدمت أيضاً كل أنواع المساعدة كإتحاد جمعيات خيرية تماماً وبما يتجاوز أية جمعية خيرية منفردة ؟! ولكنها عملت بذات الوقت للهيمنة على تطورات هذا الحدث وحاولت منع كل من لا ينتمي لمنظمة خيرية دينية مرخصة من العمل خشية تكوين صلات مدنية تكون بوابة تنسيق بين المنظمات المختلفة والمجتمع . ولكنها وبسبب سياساتها الليبرالية الجديدة وتخليها أصلاً عن فقراء سوريا فكيف فقراء لبنان ؟ تركت لتلك المنظمات فسحة العمل وهي فرضتها كذلك ولكنها أصبحت تراقب كل تحرك وبما يعزز استبداديتها ويضيّق ديمقراطية المبادرة الشعبية ... في أول الشهر ذهبنا لاستلام الراتب الذي لا يسد الرمق ولا يكفي شخص واحد فكيف بأسرة وهو في أحسن الأحوال يمكن اعتباره راتب بطالة ؟ فتفاجئنا كما تفاجئنا عندما مُنعت الأموال عن حكومة حماس قبل شهرين باقتطاع جزء من الراتب . وعند السؤال عن السبب كانت الإجابة لدعم الشعب اللبناني ، فهل يعقل أن الدولة السورية وأية دولة حيث السيطرة شبه المطلقة على مقدرات البلاد لا تستطيع أن تدفع من خزينتها وتُدفّع الشعب ما يجب أن تقوم به هي. وهل الشعب الذي يقدم الرخيص والغالي للفلسطينيين واللبنانيين يُقتطع من رواتبه لدعم اللبنانيين ويعامل بهذه الطريقة المهينة... الحقيقة أن الاستبداد لا يمكن أن يكون ديمقراطياً بالمعنى السياسي والديمقراطية لا يمكن أن تكون اجتماعية في عصر الليبرالية الجديدة ويمكن للديمقراطية أن تطور المجتمع إن كانت مُحققةً عن طريق الشعب وبعيدةً عن التمثيل الشكلي وعاكسةً لمصالح الأكثرية الفقراء وعلى جميع الصعد .. إن طبيعة السلطة الاحتكارية وما قبل المدنية لكل شيء في الدولة والمجتمع لم يعد ممكنناً استمراريتها ، بالنظر للشروط الداخلية والدولية والإنسانية ولم تعد مقبولةً بكل المعاني ، فاقتطاع جزء من الراتب من أجور الشعب السوري وهو المشهور بحسه المقاوم وإعلاء المسائل القومية يشعره بأنه بلا إحساس أو وعي أو خجل أو شعور قومي أو وطني خاصةً و أن الدولة قد اختبرت عبر تاريخها ومنذ بداية هذا القرن وقبل شهر كيفية تفاعل الشعب مع مشكلة الأموال الفلسطينية والمسائل القومية . بالمحصلة التفسير الممكن لهذه الآلية أن السلطة تمارس في مسائل القومية والديمقراطية والوطنية ، أي في كل شيء له إحساس بالبشر ويميزهم عن الحيوانات الاستخفاف المطلق بالشعب،الشعب الفاقد بالمطلق للسلطة أيضاً.. أما إذا أرادت السلطة السورية أو أية سلطة عربية أن تكفر عن ذنوبها وفسادها ونهبها وتخليها عن فلسطين وغيرها وأن تساعد نفسها هي ومصالحها خاصةً فإن الحرب كما هو معلن في السنوات الأخيرة ضد كل المنطقة العربية بأكملها ومن أجل مشروع شرق أوسط كبير أو جديد . فعليها – السلط العربية – التفكير ليس كجمعيات خيرية وإنما كمسئولين أمام شعوبهم. أي العمل على تقديم إستراتيجية مقاومة تنقذ الفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين من المذابح والدمار والقتل اللامتناهي بحيث يتم إقرار الديمقراطية السياسية بما يتلاقى مع ديمقراطية الشعب ورغباته وحسه القومي والعمل على فكفكة دول الأمن والتبعية والسماح للمجتمع بتشكيل مقاومته الوطنية وتجييش أهل الجولان النازحين للعودة إلى ديارهم وبالتالي الخروج من اتفاقية الهدنة اللامتناهية وحل الصراع العربي الصهيوني بشكل كامل. إذن المشروع الأمريكي الصهيوني تتم محاولة تطبيقه على حساب مستقبل المنطقة وبشكل مستمر وتوقفه يكون بسبب قوى المقاومة والممانعة أو العرقلة وبالتالي الرد الطبيعي يكون بإلغاء كل أشكال التسوية المصرية والأردنية والفلسطينية والبدء بإلغاء السلطة الفلسطينية وغيرها من الأنظمة العربية الاستبدادية باتجاه معركة مفتوحة تفرضها أمريكا وإسرائيل على المنطقة للهيمنة المطلقة ، وبذلك الرد يتم إعادة طرح مفهوم الأمة العربية ليس كظاهرة وهمية أو صوتية كما يقول البعض بل كظاهرة حقيقية وفاعلة على المستوى الدولي . هذا الطرح يقابل بالضبط ما تطرحه إسرائيل من أنها بحربها ضد لبنان الموكلة بها عن أمريكا تواجه مصيرها التاريخي وبأنها حرب وجود أو عدم وجود لإسرائيل وبالتالي حرب أمريكا ضد لبنان هي أيضاً حرب وجود واستمرار للمشروع الأمريكي في المنطقة ودحره هو عدم وجود لهذا المشروع وكذلك للأنظمة التابعة لهذا المشروع .. هذه الأفكار تتلاقى مع توجهات الشعوب العربية نحو التحرر من الاستعمار والاستبداد وبما يؤدي لحل ديمقراطي وعادل للشعب اليهودي ودحر الاحتلال الأمريكي والحركة الصهيونية وبناء دولة الأمة المدنية الحديثة الديمقراطية..
#عمار_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب الأمريكية على لبنان
-
علاقة الحرب بالطائفية
-
المقاومة الوطنية مقابل الاحتلال الإسرائيلي
-
مشكلة التداخل بين الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان في س
...
-
العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي
-
بوش قاطع طريق
-
أية خطوة تاريخية كبرى
-
الانفلات الأمني وضرورة الديمقراطية التشاركية
-
الوطنية السورية في زمن العولمة الأمريكية
-
مهمات الماركسيين السوريين في اللحظة الراهنة
-
مفهوم الإنسان عند ماركس
-
مناهضة العولمة حركات اجتماعية أم أحزاب سياسية
-
التيار العلماني في سوريا
-
سوريا بين اتجاهين
-
قراءة في كتاب تجديد العقل النهضوي
-
التيار الوطني الديمقراطي الاجتماعي
-
الديموقراطية لا الليبرالية ،الجدل لا الوضعية
-
الوطن بين السلطة السورية ونخبة الخارج
-
خدام سوريا واللحظة الراهنة
-
شيخ العقل والسياسة السورية
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|