أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - غونتر غراس .. هل يضيع تاريخه الروائي ..؟















المزيد.....

غونتر غراس .. هل يضيع تاريخه الروائي ..؟


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قنبلة يفجرها غونتر غراس في أثناء تقشير البصل ..!
كتب جاسم المطير :

ضجة كبرى تعيشها ، هذه الأيام ، الأوساط الأدبية والسياسية الألمانية بل ينبغي القول أن هذه الضجة انتقلت بسرعة البرق إلى العالم الثقافي كله وأصبحت بسرعة من موضوعات المفاجأة والذهول لدى المثقفين في كل مكان . هذه الضجة نتجت عن قيام الأديب الألماني الشهير غونتر غراس بتفجير قنبلة أدبية ـ سياسية ـ إعلامية قبل بضعة أيام حين أفصح لأول مرة في لقاء له مع صحيفة "فرنكفورتر ألجمانه تسايتونغ" عن أنه عمل لفترة محدودة جنديا لدى الوحدات النازية الخاصة المعروفة ( أس أس ) وقد أحدث هذا الاعتراف صدمة كبيرة ليس لدى محبيه ومحبي شعره وأعماله الروائية حسب ، بل امتدت الصدمة إلى بلدان عالمية أخرى كانت قد عرفت المكانة المرموقة لهذا الأديب ـ السياسي من خلال قراءة أعماله الأبداعية الكثيرة أو من خلال زياراته العديدة لبلدان مختلفة في العالم بما فيها بعض البلدان العربية . فغونتر غراس لا يعد أحد رواد الأدب الألماني الحديث، الذين حملوا على عاتقهم إعادة صياغته وأوصلوه إلى العالمية فقط ، بل إن غراس يعد أديبا ملتزما وناقداً للأوضاع السياسية في ألمانيا وفي العالم ويؤمن بأن الأدباء هم " ضمير الأمة " . وقد كرمته الكثير من الجوائز العالمية ومؤسسات ثقافية كثيرة خارج وطنه الألماني كما نال عن استحقاق وجدارة أعماله الأدبية جائزة نوبل عام 1999 و عن دوره في إثراء الأدب العالمي وخصوصا في ثلاثيته الشهيرة "ثلاثية داينتسيغ" بالإضافة إلى جوائز محلية كثيرة منها جائزة كارل فون اوسيتسكي عام 1967 وجائزة الأدب من قبل مجمع بافاريا للعلوم والفنون عام 1994. وفي عام 2005 حصل على شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة برلين بعد أن أمتدت شهرته وأتسع رواج كتبه التي صارت تباع بمئات الآلاف في ألمانيا وفي اللغات الأخرى وهو ربما أشهر وأخطر شخصية أدبية معاصرة وربما في الأدب الألماني كله لما عرف عنه من استقلالية ورؤية ثاقبة قادته إلى إعلان رأى واضح عن الطريقة التي تم بها توحيد الألمانيتين والذى جلب له الكثير من الأعداء لكنه كان على حق. وقد أثبتت الأحداث وتطورات الأعوام العشرة الأخيرة صواب آرائه .
غير أن مكانة غونتر غراس في قلوب ملايين الألمان قد اهتزت إثر تفجيره هذه المفاجأة غير المتوقعة ، حين تحدث عن أيام فتوته الأولى وفي عمره الخامس عشر وكيفية التحاقه بفرقة الوحدات النازية الخاصة مؤكدا أن هذا الالتحاق لم يكن إجباريا بل كان طوعيا إذ صار عضوا في منظمة " شبيبة هتلر " ثم في سن السابعة عشر أستدعي للعمل ضمن فرقة " الوحدات النازية الخاصة " وارتدى زيها. يذكر أن هذه الوحدات كانت بمثابة جهاز الحرس الخاص الذي يتولى حماية أدولف هتلر وكذا الحزب النازي ونسبت لقوات هذا الحرس أعمالا وحشية كثيرة . وقد تم حظرها بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وسقوط النازية كما أدينت رسميا بأنها "منظمة إجرامية" وذلك في ما عرف بمحاكمات "نورنبيرغ".
قام غراس بتبرير تطوعه في الوحدات النازية الخاصة في رغبته آنذاك بالتحرر من القيود الاجتماعية والخروج من دائرة الأسرة الضيقة إلى الفضاء الرحب. ولم يخف اعتباره لما قام به بمثابة فضيحة ما كان ينبغي عليه فعلها. غير أنه لم يعتبر الأمر كذلك أثناء فترة الخدمة حسب قوله. وأضاف بأنه لم يكن يدرك في ذلك العمر المبكر ما يقوم به. كما برر غراس الذي يبلغ من العمر 79 عاما صمته طوال أكثر من ستين عاما بالقول بأن المناسبة هي كتابه الجديد الذي يحمل عنوان "أثناء تقشير البصل". ويتناول في الكتاب ذكرياته منذ سنوات شبابه المبكر بما في ذلك عضويته في الوحدات النازية الخاصة. ومن المتوقع أن يصدر الكتاب في سبتمبر القادم. وأضاف غراس بأن اعترافه الآن يمثل أحد الأسباب التي دفعته إلى إعداد هذا الكتاب ، مشيرا إلى أنه لم يستطع الصمت أكثر. وذكر بأنه لم يعلم أحد بتلك الحقبة قبل اعترافه سوى زوجته وقلة قلية من أصدقائه المقربين. واعتبر كتابه الجديد بمثابة فرصة للحديث عن عضويته في الوحدة النازية وكذلك عن طريقة التحاق الشباب بتلك الفرقة. كما اعتبر نفسه ساذجا حينها كونه انجر وراء شعارات ألايدولوجيا النازية. وأوضح بأنه لم يعد يتذكر تصرفاته آنذاك في تلك السنوات المبكرة من عمره ، لكنه أكد بأنه لم يرتكب أي أعمال إجرامية ولم يطلق الرصاص على أحد قط .
ولد غونتر غراس في 16 أكتوبر/ تشرين ثاني 1927 في مدينة دانتسيغ التي اقتطعت من ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وضمت الى بولندا وأصبحت تدعى حينئذ بـ "غدانسيك". اضطر غراس عام 1944 الى المشاركة في الحرب العالمية الثانية كمساعد في سلاح الطيران الألماني. وبعد انتهاء الحرب وقع عام 1946 في أسر القوات الأمريكية إلى أن أطلق سراحه في نفس العام. درس غونتر غراس فن النحت بمعهد التدريب المهني في مدينة دوسلدورف الألمانية لمدة سنتين (1947ـ 1948) ثم أتم دراسته الجامعية في مجمع الفنون في دوسلدورف وجامعة برلين (1946ـ 1956)، حاصلا على شهادة جامعية في فن الرسم والنحت الدقيق. بعد ذلك حملته قدماه الى مدينة برلين حيث أكمل دراسته العليا في جامعة برلين للفنون لغاية عام 1956. عاش الأديب الألماني الكبير لغاية عام 1959 في فرنسا وانتقل مجددا إلى برلين حيث عاش فيها لغاية عام 1972. واليوم يعيش غراس بالقرب من مدينة لوبيك في شمال ألمانيا.
كان غونتر غراس قد كرس العديد من أعماله ومقالاته ضد النازية الهتلرية وضد الحرب العالمية الثانية وقد أدان جرائم الحرب في عمل روائي كبير من خلال حياة الطفل " أوسكار"، ذلك الطفل المعاق الذي يرفض النمو طوعا ليكون شاهدا على تاريخ لن ينسى، هذا الطفل الذي أراد له غراس أن لا يكبر في إدراكه الحسي للأشياء فظلت مداركه مدارك ولد يافع غير مكتمل النضوج، بعدما شاهد وهو داخل مبنى قديم يمارس فيه هواية القرع على الطبلة، من أحد الشقوق، ثلة من الجنود يقتلون بعض الناس. أوسكار، هو بطل رواية " الطبل والصفيح " التي نشرت في عام (1959). وبهذه الرواية يكون غراس من أوائل الذين كتبوا عن ذكريات ومخلفات الحرب العالمية الثانية باللغة الألمانية لينال بذلك شهرة عالمية عظيمة.
تدور أحداث هذه الرواية في معظمها في مسقط رأس الكاتب "مدينة دانتسيغ". وترجم هذا العمل الكبير إلى لغات عالمية كثيرة من بينها العربية أيضا. وهذه الرواية هي جزء من ثلاثيته المعروفة بـ "ثلاثية داينتسيغ" وتضم أيضا الروايتين "القط والفأر" (1963) و "سنوات الكلاب" (1963). وتميز غراس في ثلاثيته هذه بلغة مجازية مليئة بالصور والرمز. ومن رواياته المشهورة "مئويتي" (1999) و"مشية السرطان" (2002).
دخل غونتر غراس ميادين السياسة أيضا ً في بداية الستينات حيث تعرف على المستشار الألماني السابق فيللي براندت عندما كان رئيسا لبلدية برلين. وشارك بشكل فاعل بدعم الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في 1965، 1969 عام 1972. ولم يتردد يوما في إعلان تعاطفه الكامل مع الاشتراكيين الديمقراطيين، لكنه لم يكن عضوا رسميا في الحزب الا في عامي 1982/83 فقط. عرف عنه مواقفه المعارضة جدا للحرب على العراق، الأمر الذي قربه إلى المستشار غيرهارد شرودر حيث جمعت بين الاثنين صداقه قوية أشار إليها الطرفان بفخر واعتزاز في كل مقام ومقال. ففي مقالات عدة له وجه انتقادات لاذعة للسياسة الأمريكية في العالم متسائلا: "هل هذه هي الولايات المتحدة التي نحتفظ لها نحن الألمان بذكري طيبة ولأسباب عديدة ؟ البلد الذي مّول بسخاء مشروع مارشال لإعادة بناء ألمانيا الغربية." وأشار غراس دوما إلى أن الألمان ليسوا الوحيدين الذين يلاحظون كيف بهتت هذه الصورة للولايات المتحدة عبر السنين حتى غدت حلما أو صورة مشتهاة، وألان قد تحولت إلى صورة مشوهة."
ماذا بعد هذا الاعتراف الخطير : هل يغفر له محبوه هذه الزلة أثناء تكونه الشبابي ..؟ هل تندحر أو تبهت فروسيته الروائية أم انه سيظل اسما كبيرا كما كان في الأدب الألماني طالما ظل متمسكا بالثوابت الإنسانية ، وطالما كانت تجربته داخل التنظيمات النازية خالية من ارتكابه جريمة حرب أو اشتراكه بأي نوع من الجرائم الهتلرية وحزبها أو جرائم منظماتها المختلفة ضد الإنسانية .
المستقبل القريب وحده سيحدد الموقف الأدبي والسياسي من هذه العبقرية المبدعة .
**************************
بصرة لاهاي في 15 – 8 - 2006













#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداعبة مع مام جلال .. مع التحية ..!!مسامير 1180
- مليوصة يا حسين الشهرستاني ..!!مسامير 1178
- أيها المفكرون العرب حاسبوا حسن نصر الله ..!!مسامير 1177
- الكهرباء والبنزين في أزمة والزبالة تتكاثر ..!!مسامير 1176
- الخطط الأمنية كالملابس الداخلية نرتديها ولا نكشف عنها ..!!مس ...
- مسامير جاسم المطير 1175
- مسامير جاسم المطير 1173
- مشكلة المشاكل في عراقنا : مجلس النواب ..!!
- مشاكلنا من صنعنا لذلك لا حل لها ..!!
- الإرهاب يتقدم في ظل خطة ٍأسمها بغداد أولا ..!!
- مسامير جاسم المطير 1169
- نوري المالكي يقود بنفسه غرفة العمليات العسكرية..!!مسامير 1 ...
- لسوء حظ الشعب العراقي أن عدد اللجان أكثر منه ..!!
- حزب الله .. نصر الله .. على باب الله إإ ..
- الأمن حديث الفضائيات العربية .. والسرقات حديث الشوارع البغدا ...
- وزير الداخلية شاهد ما شافش حاجة ..!!
- لم يستطع وزير الدفاع أن يدخل كلمة - الأمن - في جملة مفيدة .. ...
- يد تسرق الملايين يقبّلونها ويد تريد حقها يقطعونها ..!
- وزير النفط يكتشف الحل الذري لأزمة البنزين ..!!
- البرلمان العراقي يحمي الفساد والفاسدين ..!!


المزيد.....




- الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس ...
- الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو ...
- غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني ...
- انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
- خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
- عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ ...
- روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا ...
- عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
- مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات ...
- السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية! ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - غونتر غراس .. هل يضيع تاريخه الروائي ..؟