|
هل بقي مايجمع بين عامة الناس والنخب الحزبية
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7042 - 2021 / 10 / 9 - 02:18
المحور:
القضية الكردية
طوال العشرة أعوام الأخيرة التي تلت قيام الثورة السورية ، التي اجهضتها – المعارضة الحزبية الرسمية – إرضاء للمانحين ، وغدر بها النظام الإقليمي الرسمي ، والمجتمع الدولي لتضارب المصالح بينه من جهة ، وبين ااهداف الثورة المعلنة منذ عامها الأول في تحقيق الحرية ، واستعادة الكرامة ، واجراء التغيير الديموقراطي ،واسقاط الدكتاتورية ، أقول طوال هذه المدة يدفع الشعب السوري الثمن ، ويتعرض الى المآسي ، والاهوال ، والكوارث الإنسانية ، والتهجير ، والنزوح ، واللجوء ، ويقدم مئات الآلاف من الشهداء . الأحزاب التقليدية الإسلامية منها ، واليسارية ، والقومية ، وجماعاتها ، وميليشياتها المسلحة ، التي ركبت موجة الثورة ، وتسلقت وسيطرت على كافة المفاصل ، والمراكز ، لم يحصل ان قتل احد من قادتها في ارض المعارك الا نادرا وبالصدفة ، كما تحول المئات منهم الى – مليونيرية ، وأصحاب أملاك ، وحاذوا على جنسيات ، وجوازات سفر شرق أوسطية ، وأوروبية ، ولم يحرم أولادهم من نعمة التعليم المجاني في ارقى الجامعات . وبما ان الوضع الاجتماعي للإنسان يحدد تفكيره ، وسلوكه السياسي ، فقد بقي السورييون البسطاء الطيبون ، المؤمنون باهداف ثورتهم أوفياء لقضيتهم ، صادقون مع انفسهم ومع الاخرين ، فقط الامر الوحيد الذي تغير لديهم هو فقدان الثقة بقادة ومسؤؤولي ( المعارضة ) ممن اوهموهم بالوعود ، والعهود ، ثم قلبوا لهم ظهر المجن ، وتركوهم مكشوفين للنظام ، وللمسلحين من افراد الميليشيات المتحكمون بسلطات الامر الواقع في مناطق عديدة من البلاد ، السورييون الاوفياء الشرفاء يعيشون في فقر مدقع ، لامعين لهم ، ولامساعدات، ولا رواتب ومكافآت . مسؤولو الأحزاب وقادة الميليشيات المسلحة ( معارضين وموالين وبين بين ) يتلقون الرواتب ، والمعونات كما ذكرنا أعلاه ، ولديهم جهات مانحة من النظام الإقليمي الرسمي ، ومصادر مالية أخرى من سرقات الموارد النفطية ، والمنتوجات الزراعية ، وواردات المعابر الحدودية ، وكل ذلك يقع باطار مايعرف بالمال السياسي ، وهو الظاهرة الأكثر شيوعا في سوريا وبلدان أخرى بالشرق الأوسط ، وبمثابة رشوة ، او عملية شراء الولاءات ، وتجنيد الطاقات سياسية او عسكرية لافرق . مفاعيل ودورالمال السياسي في صنع السياسات المال السياسي اصبح أداة لصنع السياسة ، ووقف الثورات ، وتجنيد أحزاب وجماعات ، وهندسة المعارضات حسب مقاس الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في الشرق الأوسط التعيس ، وذلك باسم الدين ، والقومية ، والمذهب ، وهو الان الاستراتيجية الوقائية للمنظومات الأمنية الحاكمة امام الانتفاضات الشعبية ، والثورات الهادفة لتحقيق الديموقراطية ، وهي من اجهضت ثورات الربيع عبر المال السياسي ، في مصر ، واليمن ، وليبيا ، وتونس ، وسوريا ، وكذلك الموجة الثانية منها في العراق ، والجزائر ،ولبنان . المال السياسي هذا الوباء الخطير الذي أفسد الحياة السياسية في سوريا عموما والساحة الكردية خصوصا ، وحول الأحزاب الى حركات للردة ، والمسلحين الى ميليشيات متوحشة ، وبدل التقاليد النضالية لشعوبنا الى ثقافة الارتزاق ، وحل العهر السياسي محل الاستقامة ، والكذب والتضليل مكان الصدق ، والشفافية ، واخفاء الحقيقة مكان الوضوح ، والصراحة ، لم يعد اثر للقادة السياسيين التاريخيين الذين كانوا يقودون الأحزاب والنقابات ، والجماهير الغفيرة ، ويرهبون الدكتاتوريات بصمودهم ، واستقامتهم وعزة النفس لديهم . يمكن لاي واحد منا ان يلحظ مسؤول أي حزب كردي سوري في طرفي الاستقطاب الثنائي ( ب ي د ، والانكسي ) يقول شيئا في الصباح ، ونقيضه بالمساء ، يمشي بجنازة يكون هومشاركا في القتل ، يعمل من الحبة قبة في أي موضوع ، يزايد ، ويراوغ ، ويضلل بلا حدود ، يطبل ليل نهار لمانحه ، وان اردتم معرفة الأسباب ففتش عن المال السياسي الذي حقق أهدافه على الأقل في أجساد مسؤولي الأحزاب . المال السياسي أوقف الحوار الطبيعي السلمي المنتج في مجتمعنا ، ونبذ العلم ، والمعرفة ، وسد الطريق امام الابداع الفكري ، والثقافي ، والتطور السياسي المعرفي ، ويسعى الى تفكيك ، وتقزيم ، وشرزمة الحركة الكردية السورية ، ومنع إعادة بنائها على أسس سليمة ، ومدنية ، وديموقراطية ، وافسد غالبية المثقفين ، وحولهم الى مصفقين بالاجرة ، المال السياسي من الد أعداء عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ،لانه ان عقد بنجاح سيوقف اللعبة ، ويفضح المستور . المال السياسي افرز مظاهر سلبية مضرة في الحياة السياسية للكرد السوريين ، ضاعف من الحزبوية الضيقة على حساب – الكردايتي ، وأيقظ مشاعر الانتماءات مافوق القومية من عشائرية، وقبلية ، ومناطقية ، وشجع مروجي التفسير التآمري لتاريخنا ، ودفع مثقفين نفعيين الترويج للبطولات. الفارغة لوجهاء قبليين ظلاميين على حساب كفاح الحركة التحررية الكردية ، وحول الاخلاقيات الاصيلة الى مجرد سلعة في البازار ، ودفع بتحويل الخلافات الفكرية ،والسياسية الطبيعية باي مجتمع الى مصدر للعداوة ، والتناحر . المال السياسي ضد الحوار الكردي الكردي ، وضد الحوار الكردي العربي ، وضد الحوار الكردي السوري مع المكونات الوطنية من تركمان ، ومسيحيين وغيرهم ، وضد كل ما يؤدي الى الوحدة الوطنية ، والسلم الأهلي ، والعيش المشترك بين الاقوام ، والتفاعل بين الثقافات . لن ينفع اصلاح وترقيع ماافسده المال السياسي في الجسد الحزبي الكردي السوري ، يجب العمل من الان على إيجاد البديل هو الطريق الاصح ، والسير قدما في إعادة بناء الحركة الكردية السورية بالطريقة الديموقراطية ، ومن خلال توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع الذي سيستعيد الشرعية القومية، والوطنية ، ويحقق الوحدة ، ويفرز قيادة منتخبة لمواجهة مختلف التحديات الماثلة . تتوسع الفجوة يوما بعد يوم بين عامة الشعب بغالبيته الساحقة من جهة ، وبين النخب الحزبية الكردية المعززة بالمال السياسي من الجهة الأخرى ، ليس في مجال التمايز الاجتماعي ، والمعيشي والسلطوي فحسب ، بل في مختلف الجوانب الفكرية ، والثقافية ، والوعي السياسي ، والمواقف ، والخطاب . من الحكمة ان يتفهم أصحاب مصادر المال السياسي قلقنا على حاضرنا ، ومستقبلنا ، وعلى مصير حركتنا ، وان يعوا ان مايحصل لنا ككرد سوريين يمكن ان حصل لبعضهم بمراحل معينة ، وكيف كانت مرارتها ، ثم ان المظاهر السلبية الناتجة عن اهدار المال السياسي قد ترتد على الجميع عاجلا ام آجلا ، فالكرد السورييون وقفوا دوما مع الحق وطنيا وقوميا ، وكردستانيا ، ويستحقون العيش بامان ، كما يستحقون. حركة سياسية مستقلة حرة القرار .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية السورية في ذروة التجاذبات الخارجية
-
نيجيرفان بارزاني من البحث عن الهوية الى تجسيدها
-
قراءة في ظاهرة التجارب الفاشلة
-
- اللاثابت - في المتحول الأمريكي ( كرديا )
-
محاولة في فهم مجريات ومآلات الحدث الافغاني
-
حراك - بزاف - ماله وما عليه
-
مبادرة حراك - بزاف - لترتيب البيت الكردي السوري
-
الحدث التونسي اختبار اضافي لطبيعة الفئات المثقفة
-
نصف قرن ونيف على كونفراس الخامس من آب
-
إشكالية الدعم الخارجي للحركات التغييرية - بزاف - نموذجا
-
- سلطات الامر الواقع - صناعة - أسدية -
-
تعقيبا على - هاشتاك - مظلوم عبدي من يعتر
...
-
الامازيغ في صراع نظامي المغرب والجزائر
-
خيارات الكرد السوريين بعد مؤتمر روما
-
الأردن والكرد على ضوء زيارة رئيس الإقليم لعمان
-
نقاش هادئ في مسألة ساخنة
-
من شروط الحوار المثمر داخل الحركة الكردية السورية
-
مناقشة الخيار الديموقراطي البديل في اعادة بناء الحركة الكردي
...
-
معرفة الماضي ، تنير الحاضر ، وتحصن المستقبل
-
الكرد السورييون الى أين
المزيد.....
-
رغم محاولة طمس الحقائق... محققو الأمم المتحدة يؤكدون وجود -أ
...
-
قلق أممي من تدهور الوضع الإنساني في جنين نتيجة العدوان الإسر
...
-
مكتب إعلام الأسرى: الاحتلال يفرج غدا في إطار الدفعة الرابعة
...
-
الأمن السوري: اعتقال رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا ع
...
-
نائب أوكراني سابق يتهم جهاز الأمن الأوكراني بإنشاء معسكر اعت
...
-
-بينهم محكومون بالمؤبد-..مكتب إعلام الأسرى يكشف أسماء الفلسط
...
-
بولندا.. اعتقال مواطنين أوكرانيين لمحاولتهما السطو على مكتب
...
-
قلق أممي من تدهور الوضع الإنساني في جنين نتيجة العدوان الإسر
...
-
الأمم المتحدة ترد بقوة على تصريحات ترامب بشأن غوانتانامو
-
كيف ينظر الداخل الإسرائيلي لعملية تبادل الأسرى مع المقاومة ا
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|