أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الخميسي - الرئيس الأمريكي يعلمنا كيف نحيا














المزيد.....

الرئيس الأمريكي يعلمنا كيف نحيا


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 487 - 2003 / 5 / 14 - 04:40
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تعبير وحيد مرتسم دائما على وجه الرئيس جورج بوش ، أراه وهو يلاعب كلبه في حدائق البيت الأبيض ، وحين يهدد بقصف البلدان الأخرى ، أو عندما  يتراجع ليسدلوا عليه وشاح تكريم جامعة كارولينا ، وحتى وهو  يبتسم . تعبير وحيد يوحي ببرودة الفولاذ من دون أدنى رجفة لخلايا العقل الحي فوق السطح اللامع . إنه تعبير لا يوحي بأن صاحبه قد قرأ في يوم ما ولو بالمصادفة كتابا واحدا خارج إطار المقرر المدرسي . ولسبب ما ، أجدني أستعيد  قصة الكاتب الكبير أنطون تشيخوف  " العنبر رقم ستة " . فيها يتوقف تشيخوف أمام ظاهرة غياب العقل وزوال الذكاء وذلك حين يصف الكاتب أحد نزلاء ذلك العنبر بمستشفى الأمراض العقلية فيقول عنه إنه : " فلاح ضخم غطاه الشحم ، فقد منذ زمن بعيد كل قدرة على التفكير والإحساس . كان حراس العنبر يضربونه باستمرار . ولم يكن المرعب في الأمر أنهم يضربونه ، فهذا يمكن التعود عليه ، إنما المرعب أن هذا الحيوان البليد لم يكن يند عنه أثناء الضرب صوت أو حركة أو نظرة ، بل كان يتمايل قليلا فحسب كبرميل ثقيل ". إلا أن انعدام المقدرة على التفكير والإحساس قد يقترن في ظروف أخرى بالقوة ، فيصبح علامة تاريخية ، وليست سمة فردية لحياة عابرة . ويريد الرئيس الأمريكي بكل ما يفتقده من مواهب أن يعلمنا كيف نحيا . وبذلك قد دخلت  الولايات المتحدة إلي مرحلة تحدد لنا فيها كل القواعد التي ينبغي لنا إتباعها في أدق شئون حياتنا . ففي خطابيه الأخيرين في 4 و 9 مايو يضع جورج بوش الطرق التي سيعيش الجميع على أساسها . ويعلن أن أمريكا لن تؤيد قيام دولة فلسطينية ما لم يشن زعماؤها حربا متواصلة على الإرهابيين ويدمرون بنيتهم التحتية . أي أن أمريكا لن تؤيد سوى دولة فلسطينية ينحصر دورها في قمع المقاومة المسلحة . ويشرح الرئيس التصور الأمريكي لموضوع الديمقراطية فيتحدث عن أهمية ودورالمجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب ، والدستور الجديد الذي يفصل السلطات الثلاث ، والبرلمان ، ويضيف أن الشعب الفلسطيني يفتقد اليوم المحاكم القانونية الفعالة ، وليست لديه أية وسائل للدفاع عن حقوقه . ولابد لكل هذه المظاهر الديمقراطية أن تعمل على تكريس الاحتلال الإسرائيلي ، وليس المقاومة من أجل التحرر . هذا تحديدا جوهر الديمقراطية الأمريكية التي يروج لها من يعزلون الديمقراطية عن الوطنية . وبنفس الفهم الأمريكي لقضية الديمقراطية تحدث بوش في خطابه الثاني الذي ألقاه  في حفل تخرج طلبة جامعة جنوب كارولينا ، حين خاطب دول المنطقة بقوله : " عندما تحررون الناس وتتيحون لهم الفرصة بأن تكون لديهم حكومة تمثلهم ، شفافة ، تخضع للقوانين ، وتحترم حقوق الملكية الفردية ، عندها تبلغون هدف السلام الدائم " . وهكذا تطالب أمريكا التي احتلت العراق على مرأى من العالم بتحرير الناس، تحريرهم  بتلك الأغطية الديمقراطية التي تضفي على الأوطان وهم الحرية في ظل الاحتلال والتبعية . ومن أجل وضع المزيد من القواعد لحياتنا يدور الحديث صراحة عن ترجمة و إرسال الكتب المدرسية الأمريكية إلينا لنتعلم منها ، كما دار الحديث من قبل عن تغيير برامج التعليم في العراق . 

      إن الحديث عن " نظام قضائي مستقل " في فلسطين مع إدانة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي هناك يوضح تماما خطورة عزل الديمقراطية عن الوطنية . والحديث عن " احترام      

حقوق الملكية الفردية " والتجاهل الكامل لشروط التبعية الاقتصادية لشعوب فقيرة تنعدم لديها حقوق التغذية الفردية يبين الطابع الشكلي للديمقراطية التي يلحون عليها هنا وهناك ، لتمكين الهيمنة بكل أشكالها . ولتمرير احتلال العراق وفلسطين والجولان ومزارع شبعا  تسعى الإدارة الأمريكية للتلويح بوعود الرخاء الموهوم للمنطقة ، لأن المنطقة على حد قول الرئيس الأمريكي " أضاعت فرص النمو الاقتصادي " . هذا مع أن قصة التاريخ العربي الحديث هي قصة الصراع من أجل التحرر الوطني للفوز بفرص النمو التي عاقها الاستغلال الاستعماري أساسا . إذن فنحن الذين  ضيعنا فرصة النمو الاقتصادي . متي ضيعناها ؟ عندما كانت بريطانيا تحتل مصر والعراق ؟ وفرنسا تحتل سوريا ولبنان ، وإيطاليا تحتل ليبيا ؟ وحين كانت تلك الدول الكبرى تستنزف ثرواتنا كلها ؟ .  ويؤكد الرئيس أن الناتج القومي الإجمالي لجميع الدول العربية أقل من أسبانيا . ربما يكون ذلك صحيحا . ولكن للقضية وجها آخر ، ذلك أن الناتج القومي الإجمالي لأمريكا ضخم للغاية ، ومع ذلك فإن لديها نحو اثنين وعشرين مليون مواطن على الأرصفة وفي الأنفاق المظلمة لمحطات المترو . وما نريده ليس فقط ناتجا قوميا إجماليا ضخما ، ولكننا نريد أيضا شعبا متطورا ، ومثقفا ، يقتسم ثروة بلاده وعمله بالعدل ، وتتاح فيه للجميع نافذة للطموح . ولهذا فإن الإصلاحات الاقتصادية والسوق الشرق أوسطية لن تكفل بحد ذاتها التقدم لنا ، خاصة إذا كان شرطها الأول هو القبول بالاحتلال المباشر الصريح ، أو التبعية الاقتصادية المرهقة ، ولن تنفعنا المنطقة التجارية ، لأن دورنا فيها قد يقتصر على القوة العربية العاملة الرخيصة . وليس في كل ذلك شئ مما نتخيله لأنفسنا ، أو نريده لأبنائنا ، أو نفكر به . 

     الفارق الوحيد بين مريض الكاتب الروسي والرئيس الأمريكي ، أن الأول كان شخصا بائسا ، لا يدور بخلده أن يلقن أحدا كيف ينبغي أن يحيا ، أما الرئيس الأمريكي فإنه يضع القواعد للجميع ، أو هكذا يتصور .

***

*أحمد الخميسي - كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنية والديمقراطية في العراق


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الخميسي - الرئيس الأمريكي يعلمنا كيف نحيا