أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - التوراة ككتاب بابلي














المزيد.....

التوراة ككتاب بابلي


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7037 - 2021 / 10 / 4 - 14:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٩٣ - التوراة البابلية

إن دور النخب اليهودية البابلية الحاسم والقيادي في إبداع وتطوير اليهودية، لم يقتصر فقط على المرحلة الاولى للتأسيس الديني، بل استمرت على عدة مراحل متواصلة استمرت أكثر من 1500 عام، أي من الحقبة البابلية في القرن السابع ق.م حيث تكونت الجالية اليهودية في بابل، مروراً بالحقبة ألآرامية المسيحية في ظل السيطرة الخارجية الاجنبية، حتى الحقبة الحضارية العربية الاسلامية، الى أن أنتهى الدور اليهودي العراقي الابداعي مع انتهاء الدور الحضاري للعراقيين عموماً مع سقوط بغداد العباسية عام 258 م.
إن الكتاب المقدس ـ العهد القديم - يتكون من قسمين : التوراة وتضم الاسفار - أي الكتب أو النصوص - الخمسة الاولى التي تنسب الى النبي موسى. ثم اسفار الانبياء، وهي كتب أنبياء اليهود، ونصوص تاريخية وتسبيحية متنوعة، مثل المزامير ـ الزبور- داود. ويدعي اليهود ان هذه الاسفار قد كتبت بالعبرية، وهي فرع من الكنعانية الفلسطينية، لكن الوثائق التاريخية تميل الى انها قد كتبت في بابل باللغة الآرامية الشرقية أي العراقية.
كتاب التوراة، قد كتب فعلياً بواسطة النخبة من اليهود المقيمون في بابل بين القرن السابع حتى القرن الثالث ق.م، حيث استلهموا أولاً تراثهم الشفهي البدوي الأصلي الذي جلبوه معهم من فلسطين، ومزجوه مع تراث الديانة العراقية البابلية وأساطيرها المعروفة، مثل أسطورة التكوين والطوفان وقصة موسى ونوح، وآدم وحواء. أما كتابهم التشريعي التلمود البابلي، فقد كتبوه أيضاً في بابل مستلهمين الثقافة القانونية العراقية ومن أهمها شريعة حمورابي. وأول من أعلن شَكَّه بأن كاتب التوراة هو موسى، الفيلسوف سبينوزا والذي كان يهوديا مناهضا مما سبب في طرده ونفيه من المجتمع الكنسي اليهودي.
لقد دونت التوراة باللغة الآرامية العراقية، وبالاعتماد على مصدرين أساسيين :
1- الميراث الشفاهي الفلسطيني المحفوظ في ذاكرة العبرانيين من حكايات وأساطير ومعتقدات، جلبوها معهم من حياتهم السابقة في فلسطين. وهذا التراث الشعبي، حاله حال أي تراث شفاهي فيه الكثير من الخرافات والأساطير والكثير من القصص الخيالي والمضخم. ولنا مثال على ذلك السِيَرْ الشعبية العربية عن عنتر والبسوس وبني هلال والشعر الجاهلي، التي أخذت أحداثاً وشخصيات تاريخية حقيقية ولكن ضَخَمَتْها أضعاف وأضعاف وأعادة ترتيبها زمانياً ومكانياً. وهذا يفسر ما جرى مع التاريخ اليهودي الفلسطيني الوارد في التوراة عن خوارق النبي موسى وبطولات داود والملك سليمان الذي حكم الانس والجن، وغيرها من المآثر المضخمة والمتخيلة، والتي لم يتم العثور على أي سند آثاري ولا تاريخي يؤكد صحتها. فالتوراة لها قيمة أدبية ودينية وتراثية، ولكنها لا يمكن أبداً أن تصلح كسند تاريخي، كما لا يمكن للإلياذة أو الأوديسة أن تكون مصدرا تاريخيا.
2- الثقافة البابلية العراقية بجميع مخزونها العريق الديني والادبي والعلمي، التي شَكَلَّتْ المصدر الثاني الكبير أو ألمصهر الذي أعاد فيه اليهود صياغة ميراثهم الشفاهي وتجديده شكلاً ومضموناً. وبسبب تأثير الثقافة البابلية ونشوء نخبة متعلمة قرر اليهود حينها كتابة تاريخهم الشعبي وعقيدتهم الدينية الشفاهية، في كتاب أسموه ـ التوراة، أي التراث، وهذه التسمية بحد ذاتها تدلنا على الغاية من هذا الكتاب، أي حفظ تراث الاسلاف.
وهذا يفسر إحتواء التوراة على الكثير من الموروثات العقائدية والثقافية العراقية، بحيث يصح القول ان التوراة أقرب ما يكون كتاباً بابلياً من أن يكون يهوديا. إذ يتفق الباحثون على اقتباس التوراة للعديد من المواضيع من الميثولوجيا القديمة لبلاد النهرين مثل ـ اسطورة خلق الكون والانسان، جنة عدن والفردوس المفقود، الطوفان ونوح، قصة هابيل وقابيل، أصل الانسان واللغات وبرج بابل، طفولة سرجون وطفولة موسى، محاربة قوى الشر، غضب الرب وانزال الكوارث، العهد بين الرب والعبد، قوانين حمورابي والوصايا العشر، البكاء على تموز وانتظار المُخَلّصْ، أناشيد الزواج المقدس والمزامير ونشيد الانشاد، صبر أيوب، وغيرها من الحكايات والرموز التي لا تعَّد. أما من ناحية الشعائر والطقوس الدينية فأنهم اقتبسوا الكثير من الميراث العراقي ومعتقداته الدينية : اقتبسوا يوم السبت الذي كان يوم عطلة - سبوت وراحة - ونهاية الأسبوع لدى العراقيين، وكذلك العديد من الطقوس والأزياء، أما عادة عدم أكل الخنزير والختان فقد جلبها معهم اليهود من فلسطين وربما هي بتأثير مصري كما وضح ذلك فرويد في كتابه عن موسى. التوراة عموما لم تحتو من عقيدة الكنعانيين الدينية إلاّ نتف قليلة ليس لها حضور واضح : مثل أسم "ايل، وجمعه ايلوهيم" ويعني "العالي" وهو أسم كبير الآلهة الكنعاني ـ العراقي، والذي تحول فيما بعد الى أسم "الله باللفظ الآرامي.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الكتابة المتعسرة
- ضد عقوبة الإعدام
- نقاط وحروف
- الصهيونية
- الله وتاريخ الديانة اليهودية
- الموت للفقر والفقراء
- رنين الأشياء الرخوة
- العودة إلى بابل
- لا تعذبوا القطط
- الموت ومعرفة الله عند الغزالي
- وغرق البحر في الرمال
- الموت عند الغزالي
- الموت في الفلسفة الإسلامية
- عودة إلى فكرة الموت
- دوستوييفسكي والعبث
- القطيعة بين الفن والفلسفة
- عن العبث والحرية
- العلاقة بين العبث واللامبالاة
- نسبية العبث النظري
- براءة القاتل


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - التوراة ككتاب بابلي