أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سيامند ابراهيم - في الطريق إلى السجن














المزيد.....

في الطريق إلى السجن


سيامند ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1649 - 2006 / 8 / 21 - 04:32
المحور: حقوق الانسان
    


في مشهد تراجيدي تبدأ القصة بخفقان شديد تبدأ من ساعة التوقيف وحتى الوصول إلى مدخل السجن, تصل سيارة الـ (تويوتا) الحمراء إلى بوابة السجن, ثمة حرس يتطلعون إليك بنظرات قوية جداً يزيدون من ارتعابك, ويومىء أحدهم إلى السيارة بالدخول, ثمة حراس آخرون يتململون يتطلعون يمنة ويسرة, بعضهم منشغلٌ بشرب العصير, وبعضهم الآخر يكشُ الذباب من على وجهه, و آخرون يحدقون في الوافد الجديد ضمن هذه السيارة, ومن هنا تبدأ رحلة حياتك الخفية في عالم آخر, في مدينة أخرى, كلاب بوليسية سوداء هي أيضاً تنظر إليك بالشراسة ذاتها, ولا تعرف أهي أيضاً تحاول الوثوب على روحك وتنهش من جسدك, ومن ثم توصدْ ورائك سبعة أبواب حديدية لا يخترقها المارد الصيني مهما أوتي من قوة وعنفوان, مدينة مستقلة بكل شيء فيها إلا قرارها, عالم السجن ليس كعالمنا و الداخل إليها لا يدري أنه خارج منها, في السجن هذا المكان الذي تتوقف فيه دورة حياتك الزمانية, يدخل الوهن إلى نفسك قبل جسدك, يزداد شحوب وجهك, تفقد شهيتك للطعام إن جاز أن نسميه طعاماً, وليس مهما نوع القضية التي دخلت من أجلها السجن, تبقى محبطاً, يضيق نفسك يوماً بعد يوم, وراء تلك القضبان كأنك في يباب قحط, وفوق هذا كله تحيط بك الأشواك الصحراوية, وتسمع صوت الرياح الخماسينية, يذر السجان قهره وحقده نحو عينيك, في هذه الصحراء الصفراء يتصبب جسدك عرقاً, يدخل العرق إلى مسامات روحك, أنت منسي في عالم آخر, هنا تصبح رقماً غير مرئيٍ, لكنك في سجنك مرئي حتى نقي عظامك, لا يتوانون في الإحاطة بك وبكل همساتك, وضحكاتك, وبماذا تفكر بعد خروجك, تتوالى الأيام متململة لا تأبى لثقلها الكاتم على أنفاسك المتبقية, تعد معك أيامك الباقية من فترة سجنك, تشحب أوراق التقويم داخل السجن, الحمام اليومي السريع, الرياضة الصباحية هي سلواك الوحيدة ورئتك التي تنعش بقية روحك الهائمة على جدار الصالة التي تنام فيها, تكلست الذكريات و أصبحت متشرذمة على الجدران, تتنفس الجدران الصعداء لما تخطه هذه الأيادي من رحيق أيامهم المفعمة بأنين الحياة التراجيدية, الجرائد الصباحية الموالية تصبح رفيقة أيام سجنك, تلج السلطة الرابعة معنا إلى عالم السجن, لكن هي كما نحن لا حول ولا قوة لها في هذا الوطن السليب من كل شيء, السجن الذي تمناه الشاعر السوري المرحوم مصطفى بدوي حيث قال:" هلا هدمت السجن, السجان".
السجن يكسر حواجز الخوف لدى الكاتب والسياسي على السواء, ويزيد من غنى تجربته الحياتيه ويزيده إصراراً لمواصلة رسالته, في السجن ترى عالم آخر تتعرف على خفاياه مكنوناته تعرف الناس على حقيقتهم من دون أقنعة, تكشف جميع الذين يقولون بأنهم معارضين للنظام فترتاح للوهلة الأولى, ثم تكتشف بعدئذٍ أنهم أشد تعصباً لأفكارهم ومفاهيمهم, وعدم اعترافهم بالمكون الآخر, وتراهم أشد سوأً من السجان وجلاد السجن نفسه.

• رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية
• عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق



#سيامند_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين حلبجة وقانا والقاع يسكن تاريخ المأساة؟
- سعود جميل دريعي في أتون الزمن المر
- أخلاق الصحافة (1-2)
- دعوة دريد لحام لحضور (فضيحة) جديدة في مركز (عامر) للحبوب في ...
- اختلاف طقوس الكتابة الإبداعية عند الكتاب والشعراء
- الإبداع بين جلادت بدرخان, أوصمان صبري و أدونيس
- مع محمد شيخو في صومعتي القامشلاوية
- محمد الغانم ودعني قبل سفري إلى كردستان العراق
- الزرقاوي رقم 4 وثقافة الرعب على الإنترنيت
- فرحة الصندوق الأسود في الغرفة الأنيقة
- فيروز بين دمشق الحالمة و أماسي كردستان الحالمة
- رسالة مع فائق الحب إلى محمود درويش في دمشق
- الجوع يقوّي الذاكرة وهذا مفيد لنا في سورية؟
- الفنان (شفان برور) أسطورة الأغنية الكردية
- بدايات الصراع بين الشيوعيين والكرد في حي الأكراد بدمشق
- الوزيرة السورية بثينه شعبان
- قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم في سورية أن يصبح ذليلا


المزيد.....




- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سيامند ابراهيم - في الطريق إلى السجن