مولودية الإسلامية الشعبية نادي نجمة وهلال 100سنة من الوجود

أسامة هوادف

الحوار المتمدن-العدد: 7033 - 2021 / 9 / 29 - 08:10
المحور: عالم الرياضة
    

لقد كان تأسيس نادي مولودية الجزائر حدث كبير و يحمل دلالات عميقة على نضج الوعي الوطني لدى شباب الجزائري.. حيث استطاع من خلال كرة القدم تمرير رسائل ثورية و تنميةً الوعي السياسي لدى الشعب الجزائري، ولقد كانت قصة تأسيس النادي تحمل كل معاني حب الوطن ونبذ الاستعمار وكانت بدواعي الكبرياء.
ففي عام 1921 وفي ميدان الحصان (ساحة الشهداء حاليا) وبينما كانت الجموع غفيرة والأكشاك تعرض كل أنواع الحلويات والمأكولات، وكان الشاب "عبد الرحمن عوف" جالسا في الساحة يتأمل جمال البحر وعلى بعد أمتار منه كان هناك بعض الأطفال يلعبون بكرة مصنوعة من الورق ويتنافسون عليها، وعلامات السرور والبراءة بادية على وجوههم، فلفت هذا المشهد انتباهه فأخذ يتابعهم باهتمام، وبينما هم يلعبون مرت بجانبهم مجموعة من العساكر الفرنسيين فنظر الرقيب إلى الأطفال باستعلاء وقال لهم باحتقار: هذه هي حديقة أمراء العرب!! (Voici le Parc des Princes des Arabes) نسبة لملعب حديقة الأمراء بباريس ما تسبب في ضحك العساكر الفرنسيين ما أذهل المرحوم عبد الرحمن عوف وأثرت فيه كثيرا وأشعرته بالإهانة وجعلته لا ينام الليل ومنذ تلك اللحظة راودته فكرة تأسيس نادي لكرة القدم أكثر من أي وقت مضى حيث أصبحت قضية مبدأ، بالنسبة له وفي اليوم الموالي وعند لقائه بأصدقائه طرح عليهم فكرته المتمثلة في تأسيس أول نادي جزائري مسلم ينافس الأندية الفرنسية، فلقي مقترحه ترحابا واسعا من طرفهم.
أصل التسمية

في يوم 7 أوت1921 الموافق ل 12 ربيع الأول 1339 أجتمع عوف رفقة أصدقائه من حي "القصبة العتيق" وحي "باب الواد الشعبي" أمام مقهى ياحي ليختاروا اسم و ألوان النادي الجديد، وقاموا باقتراح العديد من الأسماء ولكن وجدوا صعوبة في اختيار الاسم المناسب وفي لحظة لم يتوقعها أحد صعد صوت من داخل المقهى من شخص لا يعرفه أحد مناديا (مولودية) نسبة إلى المولد النبوي الشريف الموافق لذلك اليوم وهي التسمية التى لقيت تجاوب هؤلاء الشبان، ليتم الاتفاق على تسمية الفريق (المولودية الشعبية الجزائرية).

الصراع مع الإدارة الاستعمارية

قضي عبد الرحمن عوف الليلة في جمع الوثائق اللازمة لتأسيس النادي رسميا، تأسيس الجمعية الرياضية، تحضير الإمكانيات (الأزمة المالية) و اختيار ملعب للفريق ومقره الخاص، وقد واجهته جملة من المشاكل.

حيث جمعوا مبلغًا معتبرًا، إلا أنه لم يكن كافيًا لانطلاقة الفريق، ولقد كان يعلم "عبد الرحمن عوف" أن المال هو عصب أي نادي ولذلك أخذا يفكر في كيفية تحصيل المال، وبينما كان ذات يوم جالسا يشرب فنجان قهوة في بهو المنزل حتى أعطته خالته 150 ألف درهم وقالت له لقد بعت 3منازل كنت قد تركتها لك حتى يوم زواجك من أجل أن أهديها لك، ولكني وجدتك مهموما من أجل النادي فقررت بيعها من أجل تمويله وهكذا أزيح عنك العبء المالي.


انتقل إلى مقر الولاية لدفع الملف والحصول على الموافقة الرسمية لتأسيس النادي فتم رفض طلبه جملة وتفصيلا، وقد كانت حجة الإدارة أنه لا يمكنه تأسيس جمعية لأنه لم يبلغ سن الرشد بعد كونه كان يبلغ من العمر19سنة، فأخذ يطلب كل من كان يعرفه من أجل أن يعطيه وثيقة هويته من أجل تأسيس الفريق، إلا أن الجميع رفض ذلك خشية ردة فعل إدارة المستعمر وقد بلغ إلى مسامع أبيه أحمد أن ابنه يسأل الناس أن يستعمل أساميهم من أجل تأسيس فصفعه و احتجزه في المنزل أسبوع لو لم تتدخل خالته التي كانت بمثابة أمه، وبينما كان يبحث في وثائق أهل بيته في المكتب عثر على شهادة ميلاد زوج خالته (عبد المالك ) ولقد كان متوفى فتبادر إلى ذهنه انتحال هوية زوج خالته (عبد المالك) من أجل تقديم الملف وقد تم استدعاؤه مرتين من طرف الولاية بهدف مناقشة ملفه المتمثل في تأسيس ناد رياضي مسلم إلا أنه تمكن من تجاوز كل أسئلتهم المخادعة ففي الاستدعاء الأول قاموا بسؤاله عن الهدف من إنشاء هذا الفريق فأجاب بأنه يهدف إلى تدريب وتحضير الشباب للخدمة العسكرية ، وفي الاستدعاء الثاني سألوه عن سبب اختيار اللونين الأخضر والأحمر وإلى ما يرمزان؟

فأجاب مباشرة : (الأخضر يرمز إلى الجنة والأحمر إلى النار) أما الأسئلة الأخرى فكانت شكلية وتمكن من تجاوزها كلية لتتم المصادقة رسميا على تأسيس فريق مولودية الجزائر الذي اتخذ كشعار له النجمة والهلال،
و هكذا أصبح أول كيان وفريق جزائري يعتمد نجمة وهلال شعار له
القصبة معقل العميد

يعتبر حي القصبة؛ وهي من المدن التاريخية، في الجزائر العاصمة منبع انطلاق المولودية وتحديدا في شارع بن عشير، حيث شهد ميلاد العميد ولذلك يلقب أبناء الفريق بأبناء القصبة، وقد قاومت القصبة عوامل زمن والطبيعة من أجل المحافظة على هويتها وأصالتها، إلا أن سياسات الحكومات المتعاقبة همشتها ولم تعطها حقها، وقد انهار المبني الذي احتضن نادي المولودية والذي يعد من الآثار الوطنية ورمز من رموز الحركة الرياضية قبل سنوات في غياب تام للسلطات الجزائرية.
ما بعد المئوية ما الذي يجب عمله

إننا نلاحظ نقصا ملحوظا في الكتب والدراسات التي تؤرخ نادي مولودية الجزائر، فمن المخجل ونحن نحتفل بالمئوية وعدد الكتب التي تؤرخ له لا تتجاوز أصابع اليد الواغ، لذلك أهيب بكل أبناء وصناع أمجاد النادي إلى الكتابة عنه كما أدعوا أهل السينما وكتاب السيناريو إلى تجسيد أحداث تأسيس النادي في فيلم سينمائي، كما ندعوا الإدارة وشركة المالكة النادي إلى تأسيس مشروع طويل المدى تحت مسمى "مولودية الجزائر 2040" وبلورة مشاريع خاصة به من بناء فنادق ومراكز تدريب وتكوين، وملعب وشركة خاصة بتسويق منتجات النادي ومؤسسة خاصة بإنتاج أفلام حول النادي والأنصار مما يعد عامل في جلب تمويل النادي .


في ختام نوجه تحية شكر وعرفان إلى روح الزعيم "عبد الرحمن عوف بابا حمودة" الذي أوقد شعلة أحرقت المستعمر وأنارت درب الشعب المقهور، وتركها ملتهبة تدفئ محبيها تحرق أعداءها. كما نشكر أبناء نادي الشعب الذين استلموا الأمانة فصانوها بالغالي والنفيس، ونشكر رواد المنعرج الجنوبي الذين يسارعون إلى ملء منعرجهم فور فتح باب الملعب، ونشكر التراس نادي الثورة الذي امتعونا بلوحاتهم التي تمجد ثورة آباءهم فألف شكرا لهم.

#أسامة_هوادف (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات