|
الإعلام العربي ودعاوى الموضوعية
رلى الحروب
الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 10:48
المحور:
الصحافة والاعلام
من المؤسف حقا أن تنضم قناة الجزيرة الفضائية إلى قافلة الإعلام العربي المخدوعة بالترويج الأمريكي لقصة المحور السوري الإيراني ودوره في صياغة قرار الحرب لدى حزب الله، والمكاسب التي سيفوز بها جراء ذلك النصر!!
قناة الجزيرة لعبت دورا هاما بمهنيتها العالية وتجاوبها مع نبض الجماهير خلال السنوات الماضية ما أكسبها مصداقية لدى الشارع العربي والمسلم واحتراما لدى صانع القرار الغربي وليس العربي فقط، ولكن برنامج صوت الناس في حلقاته الأخيرة ومن خلال الأسئلة التي تطرحها مقدمته لينا زهر الدين كان منحازا لتسويق فكرة أمريكية لا مصلحة للعرب أو المسلمين في ترويجها وهي المكاسب الإيرانية بعد نصر حزب الله في لبنان!!
نعرف أن الشارع العربي منقسم حول نفسه وندرك أن بعض المثقفين مخدوعون بالدعاية الإعلامية التي تروجها أجهزة المخابرات ونظم الحكم في بلدانهم، ونعرف أن إيران تصور للأسف خطرا لا يقل ضراوة عن الخطر الإسرائيلي، في تعارض موضوعي مع الكثير من الحقائق الاستراتيجية على الأرض، ولكن أن تنساق الجزيرة بطاقمها الإعلامي المؤهل خلف تلك الطروحات فهذا أمر يلقي بظلال من الشك حول طبيعة التحولات التي تشهدها القناة وعما إذا كانت تلك المصداقية السابقة ليست إلا طعما يمهد لتمرير رسائل مريبة بعد أن يكون المواطن قد اطمأن إلى المحطة وتوقف عن مساءلة النوايا والأهداف التي تقف خلف الطروحات.
هناك فرق بين أن تستضيف الجزيرة ضيوفا يسبون على تلك الدولة أو ذلك الزعيم وبين أن يوجه مقدمو البرامج فيها أسئلة منحازة تريد الإيحاء بمضامين لا تخدم قضايا الأمة في اللحظات الراهنة.
الشيخ القرضاوي كغيره من العلماء الأجلاء الذين يتمتعون بروح المسؤولية قال قولا جميلا بليغا في حزب الله وضرورة دعم المقاومة الإسلامية وأي مقاومة تسعى إلى رد الحقوق المسلوبة منا أيا تكن هويتها وأيا يكن من يقف وراءها، فلماذا نصر على تفريق الصف بدل توحيده وتجميعه خلف الهدف الذي ينبغي أن يكون نصب أعيننا جميعا وهو استعادة حقوقنا من إسرائيل، والتمرد على المشروع الأمريكي الهادف إلى استعباد شعوب المنطقة ونهب خيراتها!!
إلى المثقفين والإعلاميين العرب أوجه الأسئلة التالية:
إذا كانت إسرائيل تعمل من أجل محو العرب عن الخارطة، واحتلال أراضيهم كما تنص على ذلك نصوص توراتها المحرفة، وكما يشير إلى ذلك رمز إسرائيل الأهم وهو العلم الذي يرمز شريطاه الأزرقان إلى حدي النيل والفرات، وكما تدلل على ذلك كل أناشيد إسرائيل الدينية في المدارس وغيرها، وكما اعترف بذلك أولمرت نفسه في مؤتمر البتراء حين قال : "إنه لا يستطيع أن يمنع أي يهودي من الإقامة في أي بقعة بأرض اليهود التاريخية"، وكما تشير إلى ذلك خرائط الشرق الأوسط العبري الجديد الذي يحلم به قادة إسرائيل، وإذا كانت إيران تدعو إلى محو إسرائيل عن الخارطة، وتدعم حركات المقاومة التي تحاول هزيمة إسرائيل، فكيف يمكن لبعض المثقفين العرب والمسلمين الاصطفاف ضد إيران في هذه المعادلة؟!!!
وحتى لو سلمنا بوجود مطامع سياسية لطهران في الخليج، وهو أمر غير مؤكد ولا يعدو كونه إحدى النظريات السياسية المتداولة، فأيهما أفضل للعرب: التحالف مع إيران أم التحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؟!! ومن الذي ينصر المقاومة العربية الإسلامية اليوم أهي دول الخليج العربي أم إيران؟! وإذا كانت إيران مستعدة لإعادة تعمير لبنان وضخ الأموال في شرايينه لإعادته أبهى مما كان فلماذا نحن غاضبون، وإذا كان أحمدي نجاد يطالب بإزالة إسرائيل عن الخارطة لتقويم اعوجاج المنطقة، وإذا كان بعض الشيعة المؤمنين -وليس المتأمركين- يتخذون من تحرير القدس غاية لوجودهم فلماذا نحن مستاءون، وإذا كانت إيران تدعم مقاومة وطنية شريفة كحزب الله في لبنان نجحت في الصمود في وجه واحد من أعتى جيوش العالم وأكثرها وحشية في حين تخلت عن دعمها كل النظم العربية الحاكمة فلماذا نحن ناقمون ؟
إذا كانت إيران نجاد متحالفة مع الأمريكيين كما يعتقد فريق من المثقفين العرب ، فلماذا خططت إدارة بوش هذه الحرب وحرضت عليها حكومة أولمرت للقضاء على حزب الله، مع أنه أحد أذرع إيران في المنطقة وأحد مصادر قوتها التي يحسب حسابها المحللون الاستراتيجيون في البنتاغون ووكالة الأمن القومي ألف حساب كلما طرحوا على الطاولة خطة ضرب إيران ؟! ولماذا تقيم أميركا الدنيا ولا تقعدها حول ملف إيران النووي اليوم رغم سكوتها عليه طيلة سنوات حكم رفسنجاني وخاتمي؟! ولماذا ثارت ثائرة المسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة بعد صعود أحمدي نجاد إلى الحكم وتحولت كافة السهام لتصب في القدر الإيرانية؟!!
لماذا تستهدف أميركا إيران في مخطط الشرق الأوسط الجديد بأكبر قدر من الاقتطاعات من الأراضي لإنشاء دول لبعض الأقليات على حساب الجمهورية الإسلامية، ولماذا يتحالف الشيعة في العراق مع الأمريكيين ضد مصالح طهران، ولماذا تظهر خرائط الشرق الأوسط الجديد دولة شيعية عربية يمتد ذراعاها خارج العراق التاريخي ليشملا سواحل الخليج شرقا وغربا مقتطعين من إيران ثلثي شواطئها على الخليج ومن السعودية نصف تلك الشواطئ؟!!
لماذا يكتب رالف بيترز في مجلة القوات المسلحة الأمريكية في عددها الصادر الشهر الماضي مقالة بعنوان "حدود الدم" يقول فيها إن الدولة الشيعية المزمع إقامتها بعد تقسيم العراق وسرقة أراضي الخليج العربي شرقا وغربا ستكون كتلة مضادة لإيران في الاتجاه عبر تحالفها مع الغرب ومساوية لها في الوزن ضمن حدود الإقليم؟ !!
عندما أطاح العرب بالامبراطورية العثمانية المسلمة نهشتهم الذئاب الغريبة من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأخيرا الولايات المتحدة وإسرائيل، وبالرغم من أن الحكم العثماني ألقى بالأمة في مجاهل الأمية والتخلف وعزلها عن الحضارة الإنسانية، إلا أن اتفاقية سايكس بيكو التي وزعت بلاد العربان هدايا حسب مزاج بريطانيا وفرنسا وضعتنا في حال أسوأ من حالنا أيام الأتراك، فهل نريد للتاريخ أن يعيد نفسه بالاصطفاف ضد دولة مسلمة هدفها الوحيد المعلن هو القضاء على إسرائيل، مقابل استعمارين صريحين واضحين أهدافهما المعلنة إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وإعادة تقسيم دوله الكبرى وتفتيت المفتت وإنشاء المزيد من الكيانات الدخيلة التي تعمل كخناجر مستدامة في قلب الأمة، والقضاء على كل من يتجرأ على معارضة تلك الأهداف؟!!!!
الأمر الواقع هو أن كل الدول الكبرى تبحث لها عن نفوذ في هذه المنطقة التي كتب عليها أن تكون محط أطماع الجميع، قديما بسبب موقعها الجغرافي المتميز واحتضانها لأهم الأماكن المقدسة في العالم، واليوم بسبب ثرواتها الطبيعية وأهمها النفط، وبما أن حكام هذه المنطقة قد ارتضوا لأنفسهم التبعية دوما ومنذ فجر التاريخ لهذه الإمبراطورية أو تلك باستثناء فترة وحيدة يتيمة حولهم فيها الإسلام إلى إمبراطورية مستقلة تغزو الآخرين ولا يغزوها الآخرون، فإن الخيارات القائمة أمام الحكام اليوم - بعد انهيار كافة الخيارات بنظام عربي موحد قوي ومستقل- هي بين التبعية لأميركا وإسرائيل اللتين لا تخفيان العداء للعرب ولا تخفيان مخططاتهما المشئومة للسيطرة والتقسيم ومحو الهوية، أو بين التحالف مع إيران التي لا تظهر أي سوء نوايا على الأقل ظاهريا، والتي تشاركنا في هدفنا الأسمى وهو إزالة الظلم وتحرير القدس وباقي الأراضي العربية المغتصبة والحفاظ على هويتنا التاريخية والدينية والثقافية!!!
عملاق السياسة تشرشل قال قديما: مستعد أن أتحالف مع الشيطان من أجل مصلحة بريطانيا!! ومصلحة النظم العربية الآن بعد أن ثبت احتضارها بما لا يدع مجالا لأي تنفس اصطناعي هي في التحالف مع إيران وليس أميركا أو إسرائيل، علما بأن إيران ليست الشيطان في هذه المعادلة!!!
#رلى_الحروب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطأ جسيم ستعقبه ندامة!!!
-
إنه نصرالله!!!!
-
عالم خطر، ولكن.....!!!
-
السم ممزوجاً بالعسل !!!!
-
الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة
-
الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة!!!!
-
نصر الله وعبد الناصر!!!
-
إلى أين تقودنا هذه الحرب؟!
-
سوريا تقرر!!
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|