|
العراق المقاوم وحديث صريح عن أخطار الفرقة
باقر ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 10:48
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تؤكد تجربة الحياة الملموسة ، وليس خيالات المنظرين ، او تخرصات المرتدين ، ان السلاح المضمون ، والموثوق لمجابهة اعداء يفوقوننا عدةً وسلاحآ ، هي المقاومة الشعبية . ان مأثرة المقاومة اللبنانية وصمودها وبسالتها في مواجهة اعتى الأعداء، هي دلائل اضافية على جدية هذا السلاح الجديد القديم . وكي يكون هذا السلاح موثوقآ ومضمونآ تمامآ ، فأنه يجب ان يحرص على توحيد قوى المقاومين اولآ وان يستند الى قناعة وتأييد وعواطف الاكثرية الشعبية . من مآثر قيادة المقاومة اللبنانية ، انها واصلت طيلة شهرٍ مضى من القتال البطولي ضد العدو الصهيوني ، الأعراب عن نهج ثابت في الحفاظ على وحدة الصف الداخلي ، وتجنب الأنجرار الى الخلافات والخصومات الداخلية وتجاوز إساءات الاخرين . لذلك اضطرت قوى 14 أذار التي استحوذت على البرلمان وعلى الحكومة ، بالتواطؤ مع الامريكان ومع المتعاونين المكشوفين مع الصهيونية ، اضطرت الى طرح خطة النقاط السبعة ، التي اعتبرتها المقاومة الحد الأدنى الذي لا يجوز تجاوزه للحفاظ على حقوق لبنان واستقلاله .
مع ضرورة ابراز وتقدير الفارق بين اليمين اللبناني الحاكم ، وبين حكومة العراق الموالية لللأحتلال ، إلا أن ذلك الفارق لا يرتقي اطلاقآ إلى اسباغ صفة الوطنية على حكومة لبنان التي يفترض فيها ان تحافظ على التوازن الضروري لحاضر ومستقبل لبنان . حين نعود إلى حالنا في العراق ، نقول ان ادوار الوطنيين ، من مناشئ وعقائد مختلفة ، لا يقتصر على المساهمة في المقاومة المسلحة فقط ، بل يشمل أيضآ ، الأسهام بجانبها السياسي والمعنوي ، الذي يهتم ببلورة أهدافها القريبة والبعيدة ، وتسديد خطاها والحفاظ على وحدتها .
تتناول المساهمات المشتركة للوطنيين ، توسيع شرعية المقاومة ، لتشمل العراق كله ، أوأغلب مناطقه ، ولتشمل الشعب كله ، أوأغلب مكوناته . واخيرآ حرصها على ان يتوفر لها السلاح الاول للنصر ، وهو وحدة فصائل المقاومة والقوى الشعبية الرافضة للأحتلال والمكافحة من أجل إنهائه . لو تفحصنا مسيرة اربعين شهرآ مضت ، منذ بدء المقاومة للأحتلال حتى اليوم ، نجد إنها حققت إنجازاتٍ هائلة في إلحاق الهزائم بالمحتلين واعوانهم ، وفي تعزيز ثقة الشعب وأمله بالخلاص من الأحتلال . وهذه النتائج الأيجابية الواضحة ، إنعكست ايضآ على اتساع وتعاظم التأييد العربي والعالمي لعدالة معركة شعبنا مع اعدائه ، والثقة بمستقبل نجاحها . من الجانب الاخر ، فأن أعداء شعبنا لا يخفون رغبتهم وفعالياتهم لأحداث الانقسامات في الصف الوطني ، من أجل بعثرته في معارك وخصومات جانبية يفتعلونها كلما امكنهم ذلك . أنهم يبحثون عن وسائل إثارة الصراع بين مكونات شعب العراق ، وخاصة إثارة العصبية المذهبية أو الطائفية . لذلك من حق كل الوطنيين المخلصين ، ان يقلقوا حين تصيب عدوى هذا المخطط ، ويصيب شرر نيرانه ، بعض القوى ذات المكانة الأثيرة في مقاومة الأحتلال ، - دع عنكم بعض الاشخاص الذين عرفوا بوطنيتهم الواضحة . ولابد ان نلاحظ ان كثرة من المخلصين والحريصين على العراق ، داخل الوطن وفي العالم العربي ، يعبرون بصراحة عن استيائهم من الانجرار وراء الفتنة الطائفية التي يفتعلها المحتلون واعوانهم او يغذونها . أشار كثرة من المناضلين ، والمحللين العرب الى ان امريكا والصهاينة واعوانهم ، يسعون لتفريق قوى المقاومة في كل مكان ، وانهم فشلو بوضوح في فلسطين ويفشلون في لبنان ، لكن دسائسهم تلقى الرواج في العراق !
ان المحتلين الأمريكان واعوانهم من المستعمرين الاخرين والصهاينة والمتعاونين مع الأحتلال ، هم المنظمون لفرق الموت ، وهم المسؤولون المباشرون ، والمخططون لجميع المجازر الجماعية والقتل على الهوية الطائفية ، والتهجير السكاني بين الشيعة والسنة ، وهدم المساجد والحسينيات والكنائس ، وخطف الرهائن بالجملة وأهانة المرأة العراقية وإذلالها ، واخيرآ هم الذين يهيئون لتقسيم العراق بأسم الفدراليات . أنهم هم الذين سمحوا وسهلوا التدخل الايراني في العراق بعد الاحتلال ، وهم الذين يقفون وراء مجازر الزرقاوي واتباعه ، وهم الذين سهلوا تدفق اتباعه بأسم ( المجاهدين العرب) . كل ذلك كان لتهيئة الاجواء الملائمة لأمرار مشروع الفتنة الطائفية . أنهم منافقون وكذابون ، حينما يعلنون التحذير مما يسمونه ( الحرب الاهلية) ، التي يفتعلون إثارتها بأنفسهم . لتقريب فكرتي للقارئ العزيز ، أود ان أستشهد ببعض المقاطع من حوار مع الكاتب والصحفي البريطاني روبرت فيسك ، ترجمة واعداد السيد عزام محمد مكي في 20-3-2006 ، يقول فيسك : " الكثير من فرق الموت تعمل لوزارة الداخلية ، فمن الذي يدير وزارة الداخلية ؟ من يدفع رواتب رجال المليشيات ؟ ومن المسؤول عن إعدادها ؟ نحن ، سلطات الاحتلال التي تقوم بذلك " ويضيف فيسك " لو ان الشيعة والسنة توحدوا مع بعضهم كما حدث في عام 1920 اثناء التمرد ضد البريطانيين ، فهذا يعني شيئآ واحدآ ، هو انتهاء تواجدنا( البريطاني والامريكي) في العراق . وان هذا سيعني بأن العراق فعليآ سيكون متحدآ ." .
أعود للتأكيد بأن المحتلين واعوانهم يشعرون بفرح غامر ، لنجاح خططهم ، حينما تتهم جهة وطنية مضادة للأحتلال ، جهة وطنية اخرى ، لها موقف مشابه او مقارب ، بالمسؤولية عن عراق اليوم الدامي . ويزداد الأسف ويتعمق ، حينما تكون بعض القوى الشعبية ، التي رفضت الأحتلال وتصدت له ، من بين الجهات التي ضعفت مناعاتها ، أمام مخطط التقسيم والتفريق ، فراحت تتجاوب مع حوافز التذكير المفتعل بخلافات الماضي ، او تنجر الى الخلافات الجديدة ، الجادة منها والمفتعلة ، وبالتالي الأنجراف الى تضاد يضعها الواحد مقابل الاخر ، بدل الوحدة والعمل المشترك ضد المحتلين .
حين نضطر ان نشير الى الأطراف المسؤولة عن الانجرار وراء دسائس التفريق المتعمد ، المرسوم من قبل الاعداء بحنكة ومهارة ، فلابد من تذكيرها جميعآ بأنها كانت قد ألتقت بالأمس القريب ، في لقاءات ومواقف عديدة ، كان هدفها التقريب والعمل المشترك والسعي لوحدة النضال . وغذت تلك اللقاءات والمواقف ، التي تخللتها المصارحة ، سواء كانت بأسلوب ودي وهادئ ، أم حاد وجارح ، غذت الامال بتعزيز الوحدة الوطنية ، وحتى قيام جبهة موحدة معلنة . ان المساعي الحميدة التي بذلت بالأمس ، من اجل التقريب والوحدة الوطنية ، ينبغي ان تظل ممكنة وواعدة .
لكن تلك المساعي الحميدة لايمكن ان تثمر نتائجها ، كما دلت التجربة ، إلا تحت تأثير الضغط الشعبي ، والأدانة الشاملة ، دون انحياز او تفريق ، لكل من يصر على استبدال الأمل بالأتحاد ، بالأنجرار وراء حوافز القطيعة والبعاد . من المهم تجديد الاهابة بالجهات والهيئات الوطنية ، لأن تواصل دورها المحمود والرائد في السعي لوحدة الصف الوطني العراقي . وهذه هي ايضآ ، مهمة جميع الشخصيات الوطنية المستقلة من الأسلاميين والقوميين واليساريين وغيرهم ، واصدقاء شعبنا على الصعيدين العربي والعالمي .
#باقر_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعادة تأسيس الجيش العراقي مهمة وطنية اولى
-
نظرة لمستقبل العراق: من توازن الرعب الي توازن الحل العقلاني
-
الفرقة 17 خانت بغداد
-
تحت رماد الخذلان يستعر جمر المقاومة
-
قيادة الشيوعي العراقي تنكّرت لوطنية حزبها
-
آخر صرعات العولمة: شيوعية الاحتلال
-
مجلس حكم ام مجلس وطني لمقاومة الاحتلال؟
-
مناهضة الاحتلال المعيار الاول للوطنية العراقية
-
الاحتلال وثقافة البيعة
-
الوحدة الاسلامية والوطنية سلاح العراق لمقاومة الاحتلال
-
الطيبون يخلدون وداعا علي كريم
-
وداعا شهيد اليمن , شهيد العرب جارالله عمر
-
الديمقراطية ودولة القانون رهن بصد العدوان الامريكي
-
العراق بعد العفو العام مبادرة إلى الانفتاح الديموقراطي
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|