|
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الخامسة عشرة
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
الحوار المتمدن-العدد: 7030 - 2021 / 9 / 26 - 00:48
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
اسع لصور اصيلة ارفض الكليشهات وابداع المبتدئين
يرغب رئيس البلدية فى ترميم وسط المدينة المتهالك ، ولكنه لم يفصح عن تفاصيل خطته ، فتكتب ؛ " انه يلعب بالورق قريبا من سترته ". لقد كتبت عبارة مبتذلة ( كليشيه ) ، مجاز مستهلك من عالم البوكر ، طبعا .
خصوم رئيس البلدية يتلهفون لنظرة خاطفة الى يديه . أيا كان من استخدم هذا المجاز للمرة الاولى ، فقد كتب شيئا جديدا ، لكن مع الاستخدام المفرط له أصبح مألوفا – وبائتا .
" لا تستخدم أبدا مجازا أو تشبيها أو أى صيغة بلاغية أخرى اعتدت أن تراها فى المطبوعات " ، كما أوصى جورج أوريل فى مقاله " السياسة واللغة الانجليزية " .
فقد حاجج جورج أوريل بأن استخدام الكليشهات هو بديل عن التفكير ، وشكل من اشكال الكتابة الالية : " يتألف النص من قدر أقل فأقل من الكلمات المنتقاة من اجل معناها ، ومزيد فمزيد من اشباه الجمل المتراصة معا ، مثل أقسام قن دجاج مسبق الصنع ".
هذه العبارة الاخيرة تقدم صورة جديدة ، ونموذجا عن الاصالة .
تشكل لغة العامة الذين نكتب عنهم تهديدا للكاتب على كل الأوجه . ولا مصداق لهذا مثل عالم الرياضة ، فالمقابلات التى تعقب المباريات مع أى رياضى ؛ من أى نوع من أنواع الرياضة ، تنتج بطانية من الكليشيهات :
" لقد قاومنا بضراوة ".
" لقد تأهلنا ".
" لقد حاولنا أن نستمتع قليلا ".
" سنلعب مبارة واحدة فى كل مرة ".
انها لمعجزة أن ، أفضل كتاب الرياضة كانوا مبتكرين دائما . تأمل الوصف التالى لأحد أشهر رماة البيسبول ريد سميث :
" كان هذا فى أحد عيد الفصح للعام 1937، فى مدينة فيكسبورغ بالمسيسيبى ، فتى مربوع مفتول العضلات ووجنات مرتخية ، وله غمازة عميقة فى ذقنه ، وقف مسترخيا ليبدأ الاحماء استعدادا لمبارة استعراضية لفريق الانديز ضد الجيانتس .
كان يتمتع بأكتاف عريضة وعظام كبيرة ومشية حراث متثاقلة .كان هذا الفتى، هو تى بوب فيلر الذى سمع به الجميع ".
اذن ما الذى يجب على الكاتب الجيد فعله ؟ حين يغريك كلشيه ، من مثل " أبيض كالثلج ". توقف عن الكتابة ، وخذ ما يسميه ممارسو التوليد الطبيعى " نفس التنظيف " ثم دون العبارة القديمة فى ورقة . وابدأ بخط بدائل لها :
أبيض كالثلج
أبيض كبياض الثلج
أبيض تلجى
رمادى مثل تلوج المدينة
رمادى مثل سماء لندن
ابيض مثل ملكة أنجلترا
سول بيت المراسل المعروف بأسلوبه الخاص ، أخبرنى مرة أنه ابتكر ورفض درزينة من الصور قبل أن يقوده العصف الذهنى الى الصورة المناسبة .
هذا الشعور بالواجب نحو الصنعة يجب أن يكون ملهما لنا ، لكن ضغط مثل هذه الجهود غير مشجع . حين تكون مضغوطا ، اكتب بشكل مباشر : " يبقى رئيس البلدية خططه سرية " .
واذا اضطررت الى استخدام كليشيه ، فتأكد من عدم وجود كليشيه آخر بالقرب منه .
الأسوأ من الكليشيهات اللغوية ، هو ماأسماه دونالد موراى " كليشيهات الرؤية " أى الأطر الضيقة التى يرى من خلالها الكتاب العالم .
فى كتابه " الكتابة لمواعيد التسليم النهائية " . يدرج موراى بعضا من النقاط العمياء الشائعة : الضحايا دائما ابرياء ، والبيروقراطيون كسالى ، والسيسيون فاسدون ، والقمة تعنى الوحدة ، والضواحى مملة .
لقد وصف واحد من كليشيهات الرؤية بأنها ابداع المبتدئين . انه لمن المستحيل ، على سبيل المثال ، أن يمر أسبوع من الأخبار الأمريكية من دون التعثر بعبارة " ولكن الحلم تحول الى كابوس ".
هذا الأطار متغلغل الى حد أنه من الممكن تطبيقه على أى قصة تقريبا ؛ فلاعب الغولف الذى ضرب الكرة 33 على الجبهة التاسعة ، لكنه ضرب الكرة 44 على الجزء الخلفى .
الرئيس التنفيذى للشركة سجن بتهمة الاحتيال . المرأة التى تعانى جراحة تجميلية فاشلة .
الكتاب الذين يبلغون المستوى الابتدائى من الابداع يعتقدون أنهم أذكياء . لكنهم ، فى الواقع ، يكتفون بالمألوف ، هذا المكان الدرامى او الهزلى الذى يستطيع اى كاتب الوصول اليه بالحد الأدنى من الجهد .
أتذكر قصة حقيقية حدثت لرجل من فلوريدا ، كان فى طريق عودته الى البيت لتناول الغذا ، فوقع فى حفرة يسكنها تمساح . وعض التمساح الرجل الذى أنقذه رجال الاطفاء .
فى ورشة للكتابة أعطى المشاركون صحيفة وقائع الحادثة ليستخرجوا منها خمسة عناوين رئيسية فى خمس دقائق .بعض العناوين كانت مباشرة وخبرية ، وبعضها بدا جذابا ومميزا .
ولكن معظم من فى الغرفة ، ومن بينهم أنا ، كانت لدينا هذه العبارة : " عندما توجه روبرت هدسون لتناول وجبة الغذاء فى المنزل يوم الخميس ، لم يعلم أنه سيكون الوجبة ؛ فاتفقنا على أنه اذا وصل ثلاثون منا الى الدعابة ذاتها ، فلابد من أن يكون الأمر واضحا: انه ابداع المبتدئين .
بعدها اكتشفنا المستوى الثانى ( من الأبداع ) فى عبارة تقول : ربما كان طعم هدسون ، لتمساح طوله عشر أقدام ، مثل طعم الدجاجة ".
واتفقنا أيضا على تفضيل الكتابة بأسلوب مباشر على التورية الأولى التى تخطر للذهن .
ما القيمة فى قصة عن الديك المرتد الذى يتراجع عن لعبة مشينة ، أو حتى اسوأ من ذلك ، التراجع عن " لعبة الطيور " ؟
اللغة الجديدة تبعث بنسيم عليل على القارىء .
فكر على سبيل المثال ، بكل الكليشيهات الدينية التى صادفتها عن طبيعة الصلاة ، وقارنها مع الفقرة الثانية من كتاب " الرحمات المسافرة " ل آن لا موت :
فيما يلى اثنان من أفضل الصلوات التى أعرفها : " ساعدنى ، ساعدنى ، ساعدنى " . وشكرا لك ، شكرا لك ، شكرا لك " .
أعرف امرأة تقول فى صلاتها الصباحية " أيا كان " . ثم فى صلاتها المسائية : " آه ، حسنا " لكنها اعترفت بأن هذه الصلوات أكثر قبولا عند الناس ممن ليس لديهم أطفال .
المقطع السابق يعلمنا أنه ليس هناك ما يستدعى أن تكون الأصالة عبئا .
وأن تغييرا بسيطا فى السياق يحول التعبير الأكثر شيوعا واستهلاكا ( ايا كان " أو " آه ، حسنا " ) الى تعويذة لافتة .
والى الاداة السادسة عشرة فى المقال القادم
#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)
Khalid_Goshan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الرابعة عشرة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الثالثة عشرة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الثانية عشرة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الحادية عشرة
-
وعكة صحية
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة العاشرة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة التاسعة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثامنة
-
عريس سحليه
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السابعة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة السادسة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الخامسة
-
صبى الصفارة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الرابعة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة الثالثة
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الاداة الثانية
-
ثورة يوليو - 1952 - الحلم والمأساة
-
ايامك التى تمر ليست مجرد بروفة- انا كويندلن
-
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الاولى
-
من دفتر الذاكرة (2)
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|