|
محو العراق (2)
عبدالحميد برتو
باحث
(Abdul Hamid Barto)
الحوار المتمدن-العدد: 7029 - 2021 / 9 / 25 - 21:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قلوب من حجر سارت مقدّمة كتاب "محو العراق"، بدأب ووضوح رؤية، تحت هذا العنوان: "قلوب من حجر". يحمل العنوان في طياته، الكثير من الإحساس النبيل بالوجع الإنساني. وجعٌ من جراء ما تعرض له العراق والمدنيين العراقيين، طوال حقبة مديدة، من عذابات وآلام موحشة وسادية. شملت تلك الحقبة التحضير للغزو والإقدام عليه في عام 2003. من منظور المؤلفين، أن تدمير العراق، قد بدأ عملياً منذ عام 1990. ويمكن مَدُّ مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، الى فترة الحرب العراقية ـ الإيرانية 1980 ـ 1988. إذ شجعت واشنطن إندلاعها وإستمرارها.
عرض المؤلفون منهجهم في البحث عن الحقيقة، عما جرى على العراق. انطلقوا فيه من خلال عدة أسئلة. يقف في مقدّمتها السؤال التالي: ما هو رأي العراقيين؟ يتفرع السؤال الى عدة جوانب، منها: موقف العراقيين قبل الإحتلال، موقفهم من نظام صدام حسين، تصورهم عن بلدهم في حقبة ما بعد نظام صدام حسين. برزت أسئلة كثيرة وكبيرة، تدور حول المطامح والمطامع الإمبريالية في العراق، المغلفة بالدعاية حول أسلحة الدمار الشامل.
إن الإشارة الى أن معظم العراقيين إستنتجوا، من خلال التجارب الملموسة، بأن الحرب على العراق، لم تبدأ في عام 2003، إنما بدأت منذ عام 1990، لها دلالات مهمة، على مستوى تقويم الأسس الفكرية للكتاب نفسه. وفيما يخص قياس الرأي العام العراقي، الذي جرى تغيبه وطمسه، بكل الوسائل الخبيثة دولياً وإقليمياً ومحلياً.
سخر العراقيون كشعب، من الدعاية الأمريكية من خلال تجاربهم الملموسة على الأرض، وليس من خلال ما كان يُضخ لهم عبر الإعلام الغربي، وبعض القوى العراقية اللاوطنية، عن المستقبل الزاهر للعراق على أيدي الأمريكيين. رأى العراقيون إنتشار البطالة في بلادهم، من خلال تدمير الصناعة والزراعة ومصادر الطاقة، وإنهيار النظام الصحي وكل الخدمات العامة، وكيف أن الحرب هجرت ملايين العراقيين، وقتلت أكثر من مليون خلال وبعد الغزو. عاش العراقيون التناحر الإجتماعي وقيم التخلف الثقافي، ناهيك عن اللصوصية الفاقعة التي نهبت البلد كله.
تحدثت المقدّمة عن مقابلات واسعة مع عراقيين في سوريا والأردن والسويد وأماكن أخرى. تلمس الكتاب المرارات، التي عانى العراقيون منها. أسهب في وصف ما تعرضت له بعض الفئات السكانية. من بين المتحدثين أشخاص من الديانة المندائية (الصابئة)، وهي ديانة موغلة في القدم، مسالمة فكراً وممارسة وتقاليد وتعاليم دينية. عكس أحد أبنائها حجم معاناته الشخصية والعامة. روى ذلك المواطن عملية إختطاف إبنه عنوة من داخل بيته. بعد ذلك إتصل به الخاطفون لأخذ جثته. قالوا له: "ستجد الجثة وراء مدرسة بلاط الشهداء عند الطريق السريع".
توصلت المقدّمة الى نتيجة تفيد، بأن العراقيين، من كل الإديان، الطوائف، العرقيات، الإثنيات والمراتب الإجتماعية، قد تأثروا تأثراً بالغاً، من جراء الحرب، التي رعتها وقادتها الولايات المتحدة، وقبلها فتكت بهم العقوبات الإقتصادية الدولية الجائرة.
يرى الكتاب، بأن عدم سماع أصوات العراقيين خيانة للضمير. يعرب عن الإتفاق التام مع قول توني تايلر، صحفي بريطاني (1943 ـ 2006)، بأن إنكار الجرائم الكبرى بحق الشعوب "خيانة للتاريخ". تشكل عبارة "العراق الجديد"، التي إستخدمها الإحتلال وأتباعه بكثرة، كناية وحشية للموت والدمار، الذي لحق بالعراق والعراقيين. إن تفاؤل الرئيس الأمريكي جورج بوش دفعه، الى الإفصاح عن نواياه الحقيقية، بإمكانية إستغلال النفط العراقي وتوفير الإمدادات المضمونة وخدمة الشركات متعددة الجنسية. كما إتفق الكتاب، مع ما ذهبت إليه الصحفية والكاتبة والناشطة الإجتماعية الكندية ناعومي كلاين، بأن هدف الحرب، لم يكن التخلص من نظام دكتاتوري، إنما من أجل مصالحهم.
يشير الكتاب الى حقيقة، أن الولايات المتحدة لم تنس حظر منظمة الأوبيك تصدير شحنات النفط عام 1973 إليها، والحظر النفطي الإيراني عام 1978. أدت هذه الأحداث الى زيادة التضخم وإرتفاع معدلات الفائدة. ويمكن أن نضيف الأهمية الإستراتيجية المضافة للنفوذ الأمريكي، على دول مصادر الطاقة: النفط والغاز، ضمن معادلات النفوذ والقوة في الصراعات الدولية.
إتضحت بجلاء النوايا، التي عقدتها الولايات المتحدة على إحتلالها للعراق، حين وفرت الحماية لوزاتي النفط والداخلية فقط، وتركت البقية نهباً لكل ناهب، من العراق ومن خارجه. تركت بلا حماية وبلا رحمة، كل ما يعزز الروح الوطنية عند العراقي، ويدفعه للثقة بنفسه، على مستوى ذخائره الثقافية: المتاحف، المكتبات، موارده العامة، إضافة الى الممتلكات العسكرية والوثائق الحكومية، التي تهم المواطن وعلاقته ومعاملاته الرسمية، من نفوس وطابو وممتلكات شخصية وعامة، وحتى مخازن السلاح أيضاً.
بعد سياسة الصدمة والترويع وضرب مقومات الحياة الآدمية من ماء وكهرباء، من خلال إستخدام "فخر" الصناعة الأمريكية، من وسائل تدمير منضب وغير منضب، التي قدرت بنحو خمسة قنابل نووية من نوع القنبلة، التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية. بعد كل ذلك الدمار، إعتبروا عمليات النهب تحرر الناس وتقوض النظام القديم، والأهم إنها نوع من "الممارسة الديمقراطية".
بعد تعين الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر رئيساً للإدارة المدنية للإشراف على إعادة "إعمار العراق" في 6 مايو/ آيار 2003. توسعت عمليات تدمير الدولة العراقية، بإجراءآت مصممة بروح حروب القرون الوسطى. يذكر أن بول بريمر أصدر كتاباً حول عمله في العراق تحت عنوان: "عامي في العراق" أو "عام قضيته في العراق: النضال لبناءِ غدٍ مرجو"، في مسعى لتبرير تصرفه كدكتاتور مطلق الصلاحيات. كان بول بريمر قبل تولي منصبه الخطير في العراق، يرأس شركة استشارية للأزمات، تابعة لشركة مارش وماكلينان، تقدم خدمات للشركات لمساعدتها على التعامل مع الأزمات والعنف في مكان العمل والإرهاب وغيرها. عمل 23 عاما في السلك الدبلوماسي. بعد ذلك انضم إلى شركة كيسينجر اسوشيتس، وهي شركة استشارات يرأسها وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر عام 1989.
يقول الكتاب عن بول بريمر بأنه لم يلتزم إلاّ بمناهج التدمير. لم يحترم حتى القوانين الدولية بصدد مسؤوليات المحتل وإتفاقيات جنيف. مُنِحَ سلطاتٍ تفوق سلطاتِ أي دكتاتور. حَلَّ الجيش العراقي، وواشنطن على دراية أن الحرمان من العيش والعمل الى أي إتجاه يدفع الإنسان. ووصف الكتاب هذا الإجراء بأنه خلق فيض من الرجال المدربين عسكرياً، إنضموا الى التمرد، على حد وصف الكتاب، ولأسباب طائفية وغيرها إستوعبت الحكومة، التي فوضها الإحتلال، عدداً من زملائهم العسكريين.
أصدر بريمر قراراً يقضي بتخصيص نحو مئتي موسسة أساسية تابعة للدولة العراقية، بموجب القرار رقم 39، بما يناسب المصالح الأمريكية، وأتاح فرص الإمتلاك الكامل لتلك المؤسسات، من قبل الشركات الأجنبية، وتعفى تلك الشركات من الضرائب، ويحق لها التحويل الكامل للأرباح ورأس المال، وتكون مدة التراخيص أربعين عاماً. والأنكى تمثل بإصدار القرارين 57 و77 اللذين يلزمان بتعين مدققي حسابات ومفتشين عامين تعينهم الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات. يملكون سلطات كاملة على العقود.
كما منح القرار رقم 17 الذي أصدره بريمر حصانة كاملة للمقاولين الأجانب. بما في ذلك الشركات الأمنية الخاصة. لا يخضع جميع العاملين فيها للقوانين العراقية. يشمل ذلك كل الجرائم، بما في ذلك جرائم القتل أو خلق الكوارث. أفظع شاهد على ذلك، والذي جرح العراقيين بعمق، مهاجمة قوة من شركة بلاكووتر الأمنية الخاصة يوم 16 أيلول/ سبتمبر 2007 مواطنين عزل بساحة النسور في بغداد، وأدى الهجوم الى مقتل 17 مدنياً عراقياً.
ومن الإجراءات الإقتصادية الطائشة، أو ما هو أسوأ، تم إعفاء البضائع المستوردة من التعريفات والرسوم والكمارك، في ظل ظروف غير متكافئة ودون تحضيرات وإستعدادات للمنتجات والتجار المحليين مما شكل ضربة قاصمة للزراعة والصناعة الوطنيتين. كما سمحت قرارات أخرى للشركات والبنوك الأجنبية بإمتلاك ما نسبة 50% من البنوك والمصارف العراقية. الطرف الوحيد المستفيد هي الشركات الأمريكية، التي لم تحقق نجاحاً يذكر يناسب تلك الفوائد الكبير.
يذكر الكِتابُ بأن القرار الوحيد، الذي عملت عليه إدارة الرئيس بوش، هو تدمير العراق عبر عشرات بل مئات، وربما آلاف الخطوات التدميرية، التي نفذت بكل عناية وإهتمام وحماسة. وصف الكتاب خطوات وإجراءآت بوش ضد شعب العراق بـأنه "مشروع رجعي تضمّن تفكيك البنى التحتية الإجتماعية والإقتصادية العراقية، فضلاً عن أنه يفتح الباب أمام وصول الشركات الأمريكية الى المصادر الطبيعية العراقية وإعادة تجميع البلاد على صورتها". يرى الكتاب بأن الخطط الإمريكية فشلت فشلاً ذريعاً وسرعان ما تفكك العراق الى أجزاء كثيرة.
يرى المؤلفون بأن الفشل الأمريكي في العراق، هو من أوسع عمليات الفشل الإستعماري في التاريخ، بما سببه من معاناة، إنها حرب الموارد البشعة وسط قتل الملايين وتدمير البنى التحتية حد إبادة المجتمع. على الرغم من تلك الأهوال والهجمات المنسقة على الشعب العراقي ومؤسساته ظلت خيوط الهوية العراقية نابضة بالحياة.
أبرزت الإدارة الأمريكية عدد تضحيات جنودها، الذين قتلوا في العراق. بلغ عددهم أكثر من 4300 عسكرياً. توسعت تلك الإدارة بالحديث عن الإنتصار العسكري حسب. دون الحديث أو الإشارة الى ما لحق بالعراق والعراقيين من موت دمار وتشريد. وهذا أحد مؤشرات الإستخفاف بأرواح الآخرين. إنها تجسيد للهمجية الحديثة، التي تبالغ كلامياً بالدفاع عن حقوق الإنسان، وترتكب على الأرض أفدح الجرائم.
تختتم المقدّمة رؤية المؤلفين لكتابهم بالقول: "نقدم رواية شاملة عن الضرر الذي أنزلته الولايات المتحدة وحليفاتها بالعراق، والمدى الذي ذهب إليه الكثيرون في سبيل إخفاء الحقيقة. ونحن نسعى الى الإبلاغ من وجهة النظر القائلة أن في إمكان مثل هذه المعرفة الحؤول دون المزيد من سفك الدماء في المستقبل. غير أن الأوان فات بالنسبة الى الكثيرين. قال لهم مواطن عراقي من شقته المتهالك في دمشق "أضحى العراق مسرحاً للفوضى والقتل والخطف". وأضاف: "بات الآن في وسع الأصوليين القيام بما يريدون. لقد ضاع العراق".
قدم سامر وهو مواطن عراقي لاجئ مع عائلته في إستراليا، يبلغ من العمر سبعة عشر عاماً، وصفاً لسقوط القنابل العنقودية الأمريكية على حي السيدية في بغداد. وصف سامر صوت سقوط تلك القنابل بخُوار بقرة هائل، لا يُنسى عبر الزمن. يتراجع الحديث عن مأساة العراق عند الإعلام والسياسيين. لكن لمن شهد الحرب حاضرة في ذاكرته. هي ليست كابوساً من الماضي، إنما لحظة راهنة بين الماضي والحاضر معاً.
يقول الكتاب: العراقيون مبعثرون. هرب منذ عام 2003 ما يقارب واحد من كل خمسة عراقيين. شُرد نحو 2,8 مليون داخل العراق نفسه، فيما يعيش أكثر من نصف مليون في سوريا، ونحو نصف مليون في الأردن، وعشرات الآلاف في لبنان ومصر وما هو أبعد. بلغ تدفق العراقيين الذروة في عامي 2006 و2007 في عز الحرب الأهلية، غير أن العودة بإعداد كبيرة لم تحدث، على الرغم من التراجع النسبي للعنف. إن العراق لا يزال غير آمن والكثيرين ممن هربوا لا يملكون منزلاً يعودون إليه. وقعت حوادث مؤسفة نتيجة للتطهير الطائفي، فقد كثيرون من الناس منازلهم نتيجة لحوادث العنف أو الهدم أو الإستيلاء. ولا تزال الخدمات العامة نادرة مثل: المياه النظيفة والكهرباء والخدمات الصحية وشبكات الصرف الصحي وشبكات الأمطار وغيرها.
ينظر الكتاب في التكاليف الإنسانية، التي دفعها شعب العراق نتيجة للعدوان الأمريكي. كتب مايكل أوترمان عن نفسه كأمريكي وعن صاحبه الأسترالي ريتشارد هيل: نحن من بلدين مسؤولين عن جزء كبير من الدمار. نشعر بأهمية كتابنا كلما تعرّفا أكثر على الأضرار والدمار، الذي لا معنى له، الذي لحق بالعراق والعراقيين. وقد أطلقا على ذلك الدمار تسمية "إبادة مجتمع". لكن رواية سامر التي تحمل تفاصيل حياة كل الضحايا في العراق. إنها رواية مخصبة بالدم والمعاناة والآلام والخوف من الآخر. أكد مايكل أوترمان: إن ابرع الروايات تلك التي تلد ليس من خيال كتاب روائي، إنما من الإيقاع الفعلي للحياة نفسها. إنها قصة بلد تم تقطيع أوصاله، وقصة الإضطرار الى الفرار للنجاة بالحياة ومعاناة العيش في الغربة وإيجاد الوسائل لإدامتها.
يكتسب الكتاب أهميته، فضلاً عن محتواه، أنه كُتب من قبل مواطني لدول ساهمت بالعدوان على الشعب العراق. سعى المؤلفون بموضوعية الى التحري عن الحقيقية، من خلال دوافع حركتها الروح الإنسانية وروح البحث عن الحقيقية، على الضد من جميع القوى السياسية العراقية، التي تواطأت أو تعاونت مع القوات الغازية. بل إن الإدارة الأمريكية تعاملت مع بعض الفصائل المسلحة لبعض تلك الأطراف، على أنها في عداد القوات الغازية.
للمصادفة الطيبة، أثناء إعدادي لهذه المادة، إنتشر فيديو في وسائل التواصل الإجتماعي كالنار في الهشيم. ينقل الفيديو مخاطبة مواطن أمريكي وجندي سابق يدعى مايك بريسنير يخاطب مجرم الحرب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأبن، الذي سار على خطى أبيه الرئيس الأسبق. جاء ذلك خلال مشاركة بوش في لقاء عام بمدينة لونغ بيتش بمقاطعة لوس أنجلوس، للحديث عن فترة رئاسته.
قال الجندي الشاب لبوش: أنت قاتل لأكثر من مليون عراقي عبر كذبة، عن أسلحة الدمار الشامل، وصلتها بـ 11 سبتمبر، والإدعاء بأن العراق يشكل تهديداً للولايات المتحدة. أودت كذبتك بحياة الآلاف من الجنود الأمريكيين أيضاً. أنت كذاب قتلت أصدقائي. شاء هذا الجندي الذي عمل في العراق، أن يذكر أسماء القتلى من أصدقائه العسكريين الأمريكيين في العراق، من جراء تلك الكذبة الرعناء، ولكن حرس بوش أخرجوه عنوة، ظل ذلك العسكري الشاب يواصل خطابه، لآخر لحظة من وجوده في القاعة.
لم يجد بوش أمام هذا المشهد غير القول: هذا ليس وقت ذلك. لم يفارق بوش غروره وعنجهيته، حين طالب الجندي بروح آمرية بالصمت والجلوس. كان الجندي يريد إبلاغ كامل رسالته، وذكر أسماء أصدقائه الجنود الأمريكيين القتلى، ويسعى للفضح العلني للجريمة والكذب، الذي شاهده ولمسه وعاش مرارته. إن شعور الإنسان، بأنه كان ضحية لخدعة مصنعة، بروح لا تمت للإنسانية بشيء، شعور يصعب حمله، إن وخز الضمير أشد من وخز السهام.
صحيح أن العتاة من مجرمي الحرب على العراق، لم يحاكموا حتى اليوم، لكن أرتفاع ذلك الصوت الحر ضد جريمة تدمير العراق، بعد ثمانية عشر عاماً، من جندي أمريكي، وفي قاعة يخاطب فيها بوش أنصاره. يؤكد أن العدالة ستحل يوماً، الحق لا يموت. يجب أن يحصل الشعب العراقي على إعتذار دولي، وليس أمريكياً فقط. وأن يعوض العراق عن الخسائر التي لحقت به ظلماً وعدواناً.
بديهي أن الكتاب تكلم عن موقف الشعب العراقي الضحية الحقيقية لمخططات الإدارات الأمريكية المتعاقبة. تلمس ذلك الإجماع في صفوف المواطنين العراقيين. وليس عند قوى فقدت بوصلتها الوطنية. إن إجماع قيادات المعارضة العراقية، التي إنساقت وراء الهوس الأمريكي، لم يكن إجماعاً مطلقاً، إذ واجهت تلك الأطراف إعتراضات واضحة من عضويتها، ولكن بدرجات متفاوتة.
لو أخذنا موقف الرفيق آرا خاجادور وعدد من رفاقه، لإتضحت حقيقة الروح الوطنية العراقية الحقة والوعي الإجتماعي للكادحين. آرا هو أحد رفاق مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، الرفيق فهد/ يوسف سلمان يوسف. وهو قائد تاريخي للحركة العمالية والنقابية في العراق وفي الحزب كذلك.
أدان هذا المناضل بصورة مميزة الحصار الإقتصادي المفروض على العراق. وصفه بسلاح الدمار الشامل. اعتبر تلك الجريمة الدولية إستنساخاً فجاً، لحروب القلاع في أعلى حالات همجيتها. إدان الإحتلال ومهادنة، ودعا الى مقاومته. وحذر من خطر تنامي الإرهاب الوحشي والتطرف عبر الدين السياسي بكل أشكاله وصوره.
أصدر هذا الرفيق عشرات البيانات، ومارس نشاطه الثوري والوطني دون تردد، مع أوسع دائرة يستطيع الوصول إليها، في داخل الوطن وخارجه. وبذلك خلق نقطة مضيئة في الموقف العمالي والشيوعي الحقيقي من الإحتلال. بديهي لا أستطيع على هذه العجالة أن أحيط بكل المواقف الوطنية لهذا الرفيق أو غيره. أقول: كرس آرا كتاباً كاملاً لهذا الشأن موسوماً بـ "نبض السنين". أكتفي هنا بنقل عبارة من أحدى مقالاته، لا على التعين، علها تعبر عن الموقف:
"وفور وقوع العدوان والاحتلال - وحتى قبل أن يبدأ - أَدَنّاه بكل ما نملك، وقلنا: هذه جريمة موجهة ليس ضد شعب العراق فقط، إنما ضد الإنسانية كلها، وضد الإستقرار الدولي. وأدنّا جريمة حل الدولة العراقية، وفتح حدود البلاد أمام كل من هب ودب. ووقفنا ضد سرقة خيرات وتراث وممتلكات الشعب، وضد محاولة تمزيق الشعب العراقي عبر نظام المحاصصة سيء الصيت والنتيجة".
يتبع: محو العراق (3)
#عبدالحميد_برتو (هاشتاغ)
Abdul_Hamid_Barto#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محو العراق (1)
-
مرحلة العجب العجاب
-
وداعاً أبا سامر - كاظم حبيب
-
هوامش عابرة على سياسةِ اليوم
-
أَعَرَبٌ أَنتم؟!
-
المجد للأول من آيار
-
البصرة وصورة الأمس
-
أَحم، عندنا إنتخابات 7 من 7 (3)
-
أَحم، عندنا إنتخابات 7 من 7 (2)
-
أَحم، عندنا إنتخابات 7 من 7 (1)
-
أَحم، عندنا إنتخابات 6 من 7
-
أحم، عندنا إنتخابات 5 من 7
-
أَحم، عندنا إنتخابات 4 من 7
-
أَحم، عندنا إنتخابات 3 7
-
أَحم، عندنا إنتخابات 2 7
-
أَحم، عندنا إنتخابات 1 ـ 7
-
سَمْتُ الإنتفاضة العراقية
-
منى سعيد: جمر وندى 4 من 4
-
منى سعيد: جمر وندى 3 من 4
-
منى سعيد: جمر وندى 2 من 4
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|