|
من خواطر الحرب على لبنان
ريما كتانة نزال
الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 11:07
المحور:
سيرة ذاتية
بوح فلسطيني (1) منذ صرختي الأولى محتفية بالحياة، كان بانتظاري معركة مبدأية، بين والدي الذي هلل لقدومي بعد ثلاث إناث وذكر واحد؛ وبين جميع قريباته اللواتي أردن مولودا ذكرا، وهكذا بالرغم من أنفي زججت بالمعركة باعتباري موضوعها، ومن يومها أعيش في معارك صغيرة وكبيرة لا نهاية لها؛ باستثناء ما انتصر به؛ أو ما أتطوع لتجاوزه ضمن مقاربات أنحتها؛ أطلق عليها الأولويات؛ وهي في حقيقتها تنازل للواقع وتكيف مع المجريات؛ وعندما لا أجد ما انحته أو ما أتأقلم معه أتعارك مع نفسي. (2) مع بدء المعركة على لبنان ورأس حربته حزب الله، تعملقت معارك عديدة في داخلي، استعرت نار معركة مفتوحة كانت ولا زالت مع الاحتلال الاسرائيلي؛ فقد فتحت عيوني عليها؛ معركة نشأت عليها وساهمت في تكويني منذ اكتشفت منذ زمن بعيد؛ أن القطار الذي أشاهده من على سطح بيتنا في طولكرم يمر من بعيد ليس لنا؛ بل إننا لا نستطيع الوصول أو الصعود إليه، في ذلك اليوم أضفت الى قاموس مصطلحاتي كلمة الأعداء؛ بعد ذلك توالت الاكتشافات والخيبات والمصطلحات وكبرت معاركي وأصبحت أحد أطرافها. (3) معركة لا غالب فيها ولا مغلوب ، تدور رحاها بين الجزء المهزوم في داخلي مع الآخر المنتصر، الأول يستوطن عقلي؛ فبعد خمس حروب فاشلة خاضها العرب، تمأسس على التمسك بأبجدية حب البقاء، وبات مقتنعا بأن قدر قبائلنا العربية الهزيمة والموت قتلا وكمدا وجوعا. وجزء منتصر رابح يعشش في قلبي، يتمسك بوجدان المقاومة وعناصرها ومبرراتها وأدبياتها وتاريخها، أجزائي ومكوناتي في عراك واشتباك دائم مع بعضها البعض، جزئي المهزوم يرتاح للمسارعة الى غلق الأبواب في وجه الرياح، وذلك الآخر يفتح الأبواب على مصراعها لدخولها، جزآي المتناقضان يراقبان ما يجري في لبنان بعد شهر من المعارك والمواجهات دون حسم النتيجة، وبعد أن سقط منا ألف شهيد؛ وقتل منهم أكثر من مئة وخمسون؛ طرحت المقاومة أجوبة؛ ومكنت من طرح التساؤلات من عيار الأسئلة المحرمة، وجدنا من يستعد فينا للحرب والمواجهة بالتوازن المعروف للوسائل القتالية، وردع الاستهانة الإسرائيلية بما حولها من الخيام، وساوى بالأرض الشعارات الرنانة والحروب الكلامية والإذاعية، وبتنا نرى الطحين بديلا لسماع الجعجعة، وانهمرت الأسئلة بعدد الكاتيوشات المنهمرة؛ وبعدد الدبابات المعطوبة. وبدأت فضيحة هزيمتي تنحسر الى شواطئي، وبدأ ذلك الشقي المنتصر ينتشر معربدا ومزغردا، ووصلت الرسائل الى الخيام العربية؛ لتضع الجميع أمام المرايا. (4) أقلب يوميات الحرب على لبنان مع يوميات حروبنا الفلسطينية، وأجدل من سلسلة المجازر تاريخي، وأنسج من البلدات المدمرة حكاياتي، وهي حكايات لا تموت في الذاكرة؛ واستباحة الدماء لا يتقادم بمرور الزمن، وتضع دير ياسين وكفر قاسم وبحر البقر غزة ونابلس؛ أكاليل ورود حمراء على أعتاب قانا والقاع وحولا والشياح، وتتوقد نار معاركي وتشتعل الحرائق في أدغالي اليابسة. أرقب رقي إدارة الخلاف اللبناني وحدوده، والخطاب المسئول دون اصطناع، ولا أملك الا ان أعقد المقارنة مع طريقتنا في إدارة خلافاتنا. لقد بدأ العدوان في لحظات كان التجاذب السياسي اللبناني في أقصى درجاته حدة، وكان حزب الله على تناقض مع أكثرية الحكومة اللبنانية؛ وهو جزء منها ولم ينسق بأي مستوى عملية أسر الجندي الكبيرة معها، لكن الجميع توحد حول رؤيا واحدة، تطوف حول مصلحة لبنان ومن أجله. وأفلت معركة أخرى من معاركي مع ذاتي؛ ولا أمسك مقارنة أخرى تسيطر على مناخي بين مقاومتنا الفلسطينية واللبنانية؛ لتوقظ معركة غافية تدور ما بين استعراضاتنا المسلحة الكاشفة لظهورنا؛ والمقاومة السرية الفاعلة التي يعجز الحكيم "ديوجين" بمصباحه السحري عن رؤيتها، لقد رفعت المقاومة اللبنانية الغطاء عن المظاهر الاستعراضية دون لثام؛ وكشفت دون اللهاث وراء الإعلام المستور من هشاشة حروب تخطف الحق بالقوة الخاطفة ، وحدهم أعداؤها يشعرون بها وتلفحهم ألسنتها وتكويهم؛ ووهجها يضيئنا وتزداد مصابيحنا نورا. (5) دونما معركة يتسلل خلسة إلى القلب، ودون دفاعات أتشيع للسيد فوق المذهبي، قائد من طراز جديد في الزمن العربي الباهت، ينطلق من وسط الشعب الفقير والمحروم في الجنوب اللبناني ليتصدر الفضاء الوطني اللبناني دون ادعاء أو أوهام، متواضع محنك وصاحب بصر وبصيرة، صادق يتحكم بمواقفه في حلكة اللحظة ولا يتجمد خلف والثوابت، لا تسكره الانتصارات ولا يستخلص من التأييد العارم الذي يتمتع به النتائج التسلطية والإقصائية، ولنا في طريقة إدارته السياسية للأزمة اللبنانية في السلم والحرب؛ خير شواهد لما نذهب إليه بأن الرجل يمثل زعيما وطنيا وقائدا يعرف حدود مصلحة الطائفة والفصيل؛ وينطلق بهذا من تكوينه وفهمه العميق للوضع اللبناني ودروس وعبر الخلافات اللبنانية الدامية؛ وللوضع الدولي ولمعادلات النفوذ والقوة؛ دون رهانات فارغة على المصطلحات العروبية المجوفة؛ ودون غيبيات وفرضيات ومسلمات تواكلية، عينه على أرز البلد وألوان قوس قزح لبنان، وما بين كر وفر يقيم الأمور ويتمسك بوحدة الموقف ليعزز صورة القائد التاريخي للبنانيين وصورته في التاريخ اللبناني.
#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضوء على معاناة المرأة الفلسطينية اللاجئة
-
أحمد سناكرة يخرج حيا من تحت الأنقاض
-
وداعا ممدوح نوفل
-
من يوميات الحصار في نابلس
-
هل أصبحت الرواتب كأحد بنود وثيقة الحوار الفلسطيني!
-
الدكرى العشرون على استشهاد خالد نزال
-
هل تحرر الطفل نور من سجنه
-
أجمل الأمهات-سمر صبيح-
-
يوم قائظ في أريحا
-
يوم المرأة كنقطة اشتباك في المجلس التشريعي الفلسطيني
-
الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والمرأة
-
اصطياد الجياد في نابلس
-
تخوفات مشروعةعلى مكتسبات المرأة الفلسطينية
-
لننتخب مرشحات الدوائر للمجلس التشريعي الفلسطيني لشجاعتهن
-
لماذا هربت المرأة الفلسطينية من الترشح من خلال الدوائر للمجل
...
-
المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية بين قانونين
-
في الطريق الى انتخاب بلدية نابلس الفلسطينية
-
انعكاس أزمة اليسار الفلسطيني على الأطر النسائية الديمقراطية
...
-
انتخابات المجالس المحلية في المحلة الثالثة والمرأة
-
قراءة ثانية لمسودة قانون حقوق أسر الشهداء
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|