أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمد رياض اسماعيل - رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات الانتفاضة الشعبانية عام 1991/ الحلقة الحادية عشر














المزيد.....

رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات الانتفاضة الشعبانية عام 1991/ الحلقة الحادية عشر


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 7029 - 2021 / 9 / 24 - 13:58
المحور: القضية الكردية
    


كنا نحاول اللجوء الى انكلترا، ونتأرجح بين عالمين، عالم ميت، وعالم اخر ليست له القدرة على الولادة. عالم لا تفهم معنى سعادة العالم الاخر. في ليل حالك السواد، كانت الكلاب تنبح بلا انقطاع والامم الحية ترقب، والاثنان ممتعضان ويضيقان على الكره. الرجل الذي يشب في سنوات، قد يشيخ في ساعات عندما لا يخسر شيئاً من الوقت. وكنا عاطلين ليس للزمن عندنا اهمية ومعنى.
سمعنا صباحاً بان طائرة هليكوبتر قد حطت قرب المخيم، وخرجت مع الجموع البشرية الى حيث حطت تلك الطائرة، ورأيت وزير الداخلية، كما قدم نفسه الى اللاجئين، يتحدث الى اليهم مستفسراً عن احتياجاتهم ، فطلب الجمع الغفير الأدوية والأرزاق والبطانيات و الخيم، وقد فتح الجمهور المجال امامي وتقدمت للتحدث مع احد مرافقي الوزير، وكان رئيس تحرير صحيفة ايران أوبزرفر، تحدثت معه باللغة الانكليزية ، وأخبرته بان اغلب اللاجئين في المخيم من حملة الشهادات، بالإمكان الاستفادة منهم، والسماح لهم بالسكن في المدن الإيرانية مقابل اجور يومية، في هذه الاثناء، تقدم نحوي بعض الصحفيين الأجانب يسألونني عن اوضاعنا، فشرحت لهم حالنا الراهن التي تفتقد الى ابسط الاحتياجات الانسانية، حيث نزامل الحيوانات البرية في عيشها للبقاء حيا، ونقضي حاجاتنا مثلهم، ولم يبق للحياء الاجتماعي مكان في تصرفاتنا، وقلت لهم بان غالبية من هم في المخيم من الكورد المتعلمين اصحاب شهادات، ولا يستحقون المعاملة الغلظة معهم كما هي الحال عليها، او معاملتهم كمعتقلين او رهائن، ناهيك عن انتشار الأمراض بيننا، وعيشنا على الأدوية اكثر من الغذاء. تغير وجه مرافق الوزير واستشاط غيظاً، وقال ان إيران تعاني من البطالة والعوز المادي، فكيف نأوي هذا الجمع ونترك مواطنينا؟
عدنا ادراجنا بعد اللقاء المخيب، وتحدثت مع نخبة من المثقفين في المخيم كانوا على اصرار الصمود، حيث كنّا نسمع مداولات الامم المتحدة بشأننا، واتفقنا ان نؤجج الحماسة في النفوس، ونستنهض الهمم لرفع المعنويات الخائرة، لحين استدراك الأمم لحال الكورد، فإما العودة لاراضينا معززين، او الموت على سفوح الجبال، لم يبق لنا خيار ثالث. ونرى في جانب اخر، صعوبة الحال وزيادة عدد المرضى وحالة القذارة، حيث لا تخلو بقعة في المخيم من الروائح النتنه، بسبب قضاء الحاجات في العراء وفي مساحات ضيقة، ما العمل؟ هذا قدرنا.
في الْيَوْمَ التالي علمنا بان وفداً من الامم المتحدة (منظمة الصحة الدولية) تتفقد احوال اللاجئين في المخيم، كنت مع زوجتي امام مخيم الطبابة، اتحدث مع افراد من المنظمة عن احوالنا، وبينما كنت اتحدث مع طبيبة شقراء سويسرية في العقد الخامس من عمرها، كانت ضمن الوفد المتفقد للمخيم، تقدمت امرأة كوردية من اللاجئات مني وقبلت يدي! تترجى مني ان استفسر من الوفد مصير عائلتها وهم 18 شخصاً، تحمل صورهم وجنسياتهم كانوا قد اختفوا في احداث الإبادة الجماعية التي سميت بالأنفال، وبقيت هي وحدها مع ثلاثة من بناتها الصغار، وكانت تبكي بحرارة تدمى لها العين، وتطالب العدالة الدولية للبحث عنهم لدى السلطة العراقية، وافادت بان الجيش الشعبي العراقي رحلتهم من قريتهم بالشاحنات، ثم تم تفريقهم في مدينة توبزاوا. وقبلت يدها وترجمت معاناتها، تألمت الطبيبة وادمعت عينيها، وقالت وهي تمسك بيدي بقوة وانا أترجم لها الحال، وهي ترى اطفالها في حالة يرثى لها، نحن معنيين بالصحة، ولكنها ستعمل ما بوسعها للبحث عنهم، وقامت بتصوير الوثائق بعناية. قلت لها، "ان حكومات العالم المختلفة، حين تعتقل إنساناً اقترف جريمة يعاقبه بالسجن، ان نظام صدام اعتقلت الآلاف من هؤلاء الأبرياء في سجونها لأنهم كورد! جريمتهم هي طلبهم للهوية القومية! فمن المفارقة والغرابة ان يطلق سراح المجرمين في بلادنا، ويعتقل الأبرياء لتنفسهم الحرية! اقولها لكم لأنكم تمثلون ضمير الإنسانية، وعزاؤنا الوحيد في ظل ما نعيش عليه من حال، المجرم في بلدي حر طليق، والابرياء في السجون والبراري! نناشد عدالتكم بان ينقذ ما يمكن انقاذه من هذه الملايين، وترفضوا ابادتهم، لأننا لن نرضى بغير حريتنا وكرامتنا وحقنا في العيش كبشر، ونفضل الموت على الذلة والمهانة على ارض اجدادنا". ثم جاءني أحد المصورين ليصورني، لكنني رفضت، وطلبت منه ان يسمع لما اسرده من معاناة، الا انه استسمحني عذراً لاستكمال تصوير الأطفال، وقال انه يعدني بان يجعل الصور تتحدث عن مأساتنا، بما يعجز اللسان عن وصفه، فودعته وقلت لأصدقائي انهم يصوروننا الْيَوْمَ وكأن كوردستان لم تزهر بدماء شهدائها منذ عقود! … وكأن مراعيها لم تسقى بدموع الثكالى، وكأن القضية بدأت الْيَوْمَ!!
تم تقسيمنا الى مناطق (بلوك)، وأصبح أحد الأشخاص من حلبجة مسؤول البلوك الذي يخصنا، ليؤمن توزيع الارزاق علينا. كان المسؤول واسمه (ف) ينادي باسم رب الأسرى ليعطيه الخبز بحسب عدد عائلته، وهكذا للمؤن الاخرى كالبطاطس، وأحياناً المعلبات الفاسدة الذي يعود تاريخها الى عام 1988، كانت إيران قد تلقتها كمساعدات دولية في زلزال ذلك العام، وقد تسبب في تسمم الكثير من اللاجئين، ولكن من ذَا الذي يسمعنا ويشفع لنا!



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثا عن الحرية/ الحلقة الثالثة
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية// معايشة حقيقية شخصية لتداعيا ...
- ما السبيل الى التنوير
- بريد وهمس/ خاطرة واقعية تم تدوينها عام 2004/ من مذكرات موظف ...
- الاديان وخدعة الصور الفكرية للعقل في البقاء والانتفاع
- مدينة كركوك كما وعيتها/ من خواطري الشخصية
- عبارة عمي / خاطرة شخصية
- معالجة ديون العراق والاقتصاد المنهار بيد عصا البنك الدولي ال ...
- هل يمكن التغيير بهدف التعايش السلمي؟
- معالجة ديون العراق والاقتصاد المنهار بيد عصا البنك الدولي ال ...
- الى متى محاربة ( الاٍرهاب ) !
- وجهة نظر في الاقتصاد النفطي العراقي


المزيد.....




- مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
- مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك ...
- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمد رياض اسماعيل - رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات الانتفاضة الشعبانية عام 1991/ الحلقة الحادية عشر