أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية خلوف - آ- الكحل أفضل من العمى-














المزيد.....

آ- الكحل أفضل من العمى-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 7028 - 2021 / 9 / 23 - 09:25
المحور: المجتمع المدني
    


لمدينة دمشق مثقفيها الذين يرتادون المقاهي و المكتبات ، أغلبهم معروف للعامة، كونهم من " النّخب " التي تملك القدرة على الرّفاه الثقافي وفق المفهوم الدّارج ، لكن يبدو أن سورية لم تعد بحاجة للمكتبات ، فقد أغلقت جميعها أبوابها ، و آخرها كان مكتبة " نوبل" .
بالنسبة لي فإنني لم أسمع بالمكتبة إلا بعد إغلاقها ، و في مرات عديدة كنت أذهب إلى المكتبة العامة في دمشق ، ولا أرى فيها إلا بعض الكتب ربما الجامعية، وحكايات القائد ، ومع أنني استخرجت بطاقة المكتبة، لكنني توقفت عن الذهاب إليها .
ماذا عن مكتبة نوبل ؟ لا شكّ أن للمكتبات الخاصة ذاكرة تشبه ذاكرة الإنسان، فمكتبة اللواء في القامشلي ، و الذي كان يديرها أنيس مديواية ، وسمّاها اللواء لأنّه قدم من لواء اسكندرون، كانت رغم قلّة الكتب ، و اهتمامها بالقرطاسية ، و الصحف اليومية ، لكنها كانت منارة في القامشلي ، وربما كانت كذلك مكتبة نوبل السّورية التي تقع في دمشق، و لكن. . . . !
كأنني أقرأ كف مالك المكتبة. تمعنت كثيراً، رأيت أنّه كان ينتظر فرضة إغلاقها رغم أنها تعني له الكثير، لكن حياته تعني له أكثر ، لن يغامر بأولاده ، أو أحفاده فشدّ الرّحال إلى كندا ، وحسناً فعل .
ما نفع المكتبات في سورية اليوم؟
نحن السّوريين نستمد ثقافتنا اليوم من مصدرين: أقوال سيد الوطن ، أو سيدنا محمد ، رغم وجود قراء حقيقيين ، لكن الانترنت أصبح أغنى، و الكتب الورقية قد لا يصادفها الحظ بالبيع.
كأنّني بصاحب المكتبة يجرّ حقيبته بينما ينزل دمعة من عينيه ، لكنه لا يلتفت إلى الوراء كي لا يفكر بالعودة. في الشّام تغيّرت الكثير من المعالم إلى الأبد و إلى غير رجعة ، و أهم الأشياء التي تغيّرت هم السّكان ، نهر بردى، وملامح الإنسان السّوري الجسديّة و الفكرية . إنّ أغلاق مكتبة نوبل لا علاقة له بالتقدم التكنلوجي ، و الابتعاد عن عالم الورق ، فما يوجد في المكتبة من كتب هو تحت سيطرة النّظام ، لن يسمح حتى بكتاب يتحدّث عن الحبّ إن لم يراقبه، أو يقتسم ربحه .
على سيرة مكتبة نوبل ، فإنني كنت أملك مكتبة كبيرة في منزلي ، لم أقرأ أغلب كتبها السّياسية، مع أنّها كانت مغلّفة بشكل جميل ، كمؤلّفات لينين الكاملة ، وبعض الدواين الشعرية لنزار ، ومحمود درويش ، وقصص الأطفال ، ومجموعة السّنهوري القانونية . استيقظت في يوم من الأيام و أنا أرغب في فعل شيء ما لتلك المكتبة التي أرهقني نفض الغبار عنها، فقرّرت أن أرمي كتبها بالتدريج ، لأنّها كتب ميّتة ،للعرض فقط، وفعلت ذلك فتخلّصت منها عدا مجموعة السّنهوري ، وكتب الأطفال . لم أحزن لأنّني رميت الكتب، فمكتباتنا فقيرة بالثقافة الحقيقية . كان هذا قبل ثلاثين عاماً عندما كنّا نتباهى بمكتباتنا . كان هذا على المستوى الشّخصي ، حيث شعرت بضآلة ما أملكه رغم صفوف الكتب المنسّقة بشكل جميل.
وداعاً مكتبة نوبل ، نتمنى لمالكك التوفيق ، فأنت لست أوّل المعالم في دمشق تختفي ، فقد أصبحت دمشق رمادية دون ألوان منذ زمن طويل ، وما المرحلة الحالية سوى مرحلة تشطيب العمارة الجديدة التي تخصّ سيدّ الوطن الذي عيّن ليقود المسيرة إلى ما قبل عصور التاريخ .
رغم ضآلة المواد المسموح بنشرها ، أو بيعها، فإنّ وجود مكتبة خاصة أو عامة هو من معالم التّقدم ، ف"الكحل أفضل من العمى" وها نحن نصل إلى العمى .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - كنّا عايشين-
- أكثر من شيوعية ، و أقل من ليبرالية
- ترويض الألم
- نساء أمل -2-
- نساء أمل -1-
- اشتعال -الجزء الأخير -
- اشتعال-10-
- اشتعال -9-
- اشتعال -8-
- اشتعال -7-
- اشتعال -6-
- اشتعال-5-
- اشتعال -4-
- اشتعال -3-
- اشتعال -2-
- اشتعال
- من مذكرات أمل -حياة شخصية
- لا تدبك إن كان قربك ميّت
- تشبه الكوابيس
- حول الرفاه و المال


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية خلوف - آ- الكحل أفضل من العمى-