الفساد .. وسنينه 3

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1649 - 2006 / 8 / 21 - 10:53
المحور: حقوق الانسان
    

لم تكن المفاجأة الوحيدة فى الجلسة الافتتاحية لورشة عمل "الشفافية ومحاربة الفساد فى قطاع الصحة" التى عقدت فى مكتبة الاسكندرية يوم 14 أغسطس الماضى، أن كلمات "المنصة" دخلت فى صلب الموضوع دون لف أو دوران ، أو تجميل.
المفاجأة الثانية أن الدكتور اسماعيل سراج الدين كسر قاعدة اقتصار الحديث فى الجلسة الافتتاحية على "المنصة" بل وجه الدعوة إلى ثلاثة من الجالسين فى "القاعة" للحديث.
الأول .. المستشار عبدالعزيز الجندى .. النائب العام السابق الذى اطلق صرخة مدوية لتنبيه المجتمع على أن الفساد قد استشرى بصورة خطيرة حتى أصبح هناك ما يمكن تسميته بـ "التطبيع مع الفساد". كما لفت الأنظار إلى ظاهرة فرعية لا تقل خطورة هى ان بعض الجهات الرقابية مغلولة اليدين فى مكافحة الفساد لأنها يجب أن تستأذن الجهة التى يفترض ان تحقق معها قبل ان تقوم بعملها!
الثانى .. الدكتور حسن بدير رئيس جامعة الاسكندرية (الجديد) قال أن الجامعة يمكن أن تكون شريكا فى صنع الأزمة لو لم تنجح فى تخريج طبيب يستطيع مزاولة مهنته بصورة سليمة، كذلك الحال بالنسبة لنقابة الأطباء إذا لم تستطع القيام بدورها فى رقابة السلوك المهنى للأطباء .. فكل هذا يدخل فى باب صنع الفساد.
ومن الجامعة والنقابة انتقل الدكتور بدير إلى المجتمع ككل ليحمله المسئولية عن الفساد فى قطاع الصحة بسبب ما أسماه تقاعس المجتمع عن دفع القيمة الحقيقية للخدمة الصحية.
الثالث .. هو أستاذ الأساتذة الدكتور ابراهيم بدران وزير الصحة السابق، والطبيب الأنسان ، والعالم الجليل، والاكاديمى المخضرم .. الذى بدأ مداخلته بالتأكيد على أن مهنة الطب ليست مهنة أطباء فقط، بل مهنة مجتمع بأسره، وأن "أسمنت المهنة" هو تخريج طبيب تلقى تعليما جيداً، أى أن هناك تكامل حتمى بين الصحة والتعليم. وطالب بإحياء "مجلس الصحة" الذى يضم ممثلين عن كافة مجالات المجتمع، كما طالب بتشكيل لجنة فى وزارة الصحة لتقييم مستوى الخريجين الجدد، وحذر من أننا فى مصر "أبعد ما نكون عن العمل المنظومى" حيث يعمل كل قطاع بمعزل عن القطاعات الأخرى.
وانتقل من ذلك إلى الاعتراض على مقولة رئيس جامعة الاسكندرية بأن عدم دفع ثمن الخدمة الطبية يؤدى إلى الفساد، مؤكداً أن ثلاثين فى المائة على الأقل من المصريين يحتاجون إلى خدمة طبية معانة. وان توفير الخدمة الصحية حق للمواطنين، وان ذلك ليس له علاقة بالرأسمالية أو الاشتراكية او الكونفوشيوسية .. فهذا حق جوهرى من حقوق الانسان لا يجب الافتئات عليه او الالتفاف حوله.
ثم انتقل الحكيم ابراهيم بدران إلى جانب آخر مهم من جوانب الفساد فى قطاع الصحة هو الدواء المغشوش. وحذر من خطوة هذه المسألة. وأثار مشاعر الجميع عندما قال أن إبنه شخصياً قد مات نتيجة تعاطيه دواء مصنوع فى بير السلم .. وأن آلاف المصريين يموتون بسبب هذه الأدوية المغشوشة فإذا استطاع حاتم الجبلى وزير الصحة منع هذه المصيبة يكون قد حقق إنجازاً كبيراً.
وضجت القاعة بالتصفيق لهذه الكلمات النابعة من القلب والمرتكزة على عقود من التجربة والعطاء للدكتور إبراهيم بدران أحد أعلام مصر فى الطب، والانسانية .
وكان هذا التصفيق الحاد من أغلبية الحاضرين مؤشراً على أننا مقبلون على مناقشة حقيقية وجادة .. لهذا السرطان ذو الألف رأس المتغلغل فى كافة مجالات الحياة، بما فى ذلك قطاع الصحة .
وللحديث بقية.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات