|
عاش اليوم الأممي للسلام .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 7026 - 2021 / 9 / 21 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عاش اليوم الأممي للسلام العالمي .. تُعيدُني هذه المناسبة إلى ستة عقود ونيف ، كنت فيها طفلا ... في عام 1954 م .. كانت تصحبني جدتي لزيارة عمي الراحل ( أحمد عبد الكريم الدبش ) لزيارته في سجن بعقوبة المركزي ، والذي كان محكوما عليه بتهمة الشيوعية !... دخلنا باحة السجن مع عشرات من العوائل ذوي السجناء السياسيين ، وهم مثلنا كانوا بزيارة لأبنائهم !... رأيت منظر غريب !... رجال في أرجلهم سلاسل حديدية ويضعون نهاياتها على أكتافهم !.. كانوا حليقي اللحى ، ويعلوا محياهم الابتسامة والبهاء والبشر .. وبعد أن التقينا بعمي الذي تقدم لجدتي .. ( والدته ) مقبلا يديها ورأسها ، حملني بعد ذلك وضمني لصدره مرحبا بحنان ومحبة .. كان الأطفال ربما لأول مرة يلتقون بهؤلاء السجناء ، وكان عددنا غير قليل ، مع الذين جاؤوا مع ذويهم !... بعد برهة من الوقت وانتهاء مراسم الاستقبال ، وبشيء من الدموع والحزن والشوق ، ولا يخلوا من الغضب والاحتجاج على الأوضاع المزرية التي كان يعيشها السجناء ، وتقييدهم بهذه السلاسل ،، وبشكل مهين !.. قام بعض من نزلاء السجن ، توزيعهم شيء من الحلوى والعصائر ( شربت ) ! وقف أحدهم بعد أن جمعنا نحن الأطفال في وسط ما كانت أشبه بقاعة مستطيلة ، أو هكذا ما علق بذاكرتي !.. فقال لنا قولوا معي... عاش السلام العالمي .. عاش السلام العالمي .. عاش السلام العالمي .. يسقط الاستعمار والرجعية ... تذكرت هذا المشهد .. والسجناء وذويهم يعلوا وجوههم الأمل بانبلاج يوم جديد ، لينتهي ما يقاسوه على يد النظام الملكي الرجعي العميل للاستعمار ، ومصادرة حقهم وحق الناس بالاختيار .. وحقهم بالحرية والعدالة والمساواة والتعايش بين الجميع ، وبحق الاختيار والتعددية ، ليعم السلام بين مكونات شعبنا وأطيافه المختلفة . المطالبة بتحقيق هذه القيم والمبادئ ، كان ثمنه السجن والتعذيب والنفي والقتل أحيانا أخرى !.. تذكرت هذا المشهد وأنا كنت حينها طفل صغير ، واليوم وبعد 63 عام أو أكثر !.. ما زال شعبنا بمكوناته المختلفة !.. يأن تحت سطوة وكابوس الإرهاب الجاثم على صدورنا ، وحريته مصادرة !.. وأرضه يدنسها الإرهاب ، وكرامة الناس مستباحة ، ودمائه مهدورة وثرواته منهوبة ، ناهيك عن غياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة ، وحرية المعتقد والضمير لا مكان لها في عراق اليوم . مازلنا نفتقد للأمن والأمان والاستقرار بالرغم من مرور ما يزيد على عقد ونيف من السنين ، والحروب تعصف ببلدنا وشعبنا منذ ما يربوا على أربعين عاما !.. الموت يحصد أرواح عشرات الألاف سنويا ، والملايين مهجرة ، وما زلنا نحلم بيوم الخلاص !.. يحدونا الأمل بأن يسود السلام وثقافته ، بدل الحرب والموت والكراهية والظلام ؟.. في يوم السلام !... حري بنا أن ندعوا إلى ثقافة السلام والمحبة ، والى التعايش والتعاون والتألف والمحبة ، وننبذ الكراهية والعنصرية والطائفية والعنف ، وننفض عن كاهلنا تلك المفاهيم والقيم الغريبة السائدة اليوم مع شديد الأسف ، هذه الثقافة مدمرة للحياة !... لنخرج مع جماهير شعبنا ، بدعوة صادقة للملايين من بنات وإبناء شعبنا ، لتشديد النضال الجماهيري السلمي ، ولتمارس هذه الملايين حقها الطبيعي في التظاهر والمطالبة بإعادة بناء دولة المواطنة وقبول الأخر . لتخرج هذه الملايين إلى سوح التظاهر والاحتجاج ، مع من يخرج كل يوم جمعة منذ ما يزيد على السنتين ، تتسمر بسوح التحرير والتظاهر في بغداد وباقي المحافظات ، وهي تهتف للسلام للحرية للتعايش وللحب وللديمقراطية وقبول الأخر ، وتطالب بالتصدي للفساد والكشف عن الفاسدين والمفسدين ، ولجم ثقافة الطائفية والمحاصصة والتمييز ، وفي سبيل إعادة بناء دولة المواطنة. بهذه المناسبة لابد لنا أن ندعوا إلى إيقاف التصعيد والمناكدة والتخوين والإلغاء ، ومعالجة المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان العراق ، من خلال الحوار .. الحوار وحده ولا بديل عنه ، لتجنيب شعبنا ويلات الحرب وتبعاتها . الجميع سيخسر !.. ولا يوجد رابح لو حدث النزاع المسلح ، وخصوصا الفقراء منهم ، وتجنب لغة التصعيد والتجييش والتعبئة من جميع الأطراف ، وعلى مبدأ العراق يتسع للجميع . عاش السلام العالمي أمل البشرية الوضاء . لتتوقف الحرب العبثية المدمرة في العراق وسوريا وليبيا واليمن ، وفي مناطق أخرى من المعمورة . ليحل نظام عادل وإنساني ، ديمقراطي تقدمي في هذه الدول ، أنظمة تصون كرامة الناس وتحافظ على حياتهم وتؤمن مستقبلهم ، وتوفر لهم الحد الأدنى من العيش الكريم . لنعمل كقوى ديمقراطية وتقدمية ووطنية ، وهي دعوة كل الخيرين في عراقنا ، بالعمل على إعادة بناء دولة المواطنة ، الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية ، التي تحقق المساوات بين الجميع ، وهي وحدها القادرة على إيقاف الحرب الطائفية والعنصرية والمحاصصة البغيضة ، وتسعى لإرساء دعائم الأمن والسلام في ربوع العراق ، والتصدي للفساد والفاسدين وللميليشيات الطائفية المنفلتة من عقالها ، والتصدي للجريمة المنظمة ولتجار المخدرات والاتجار بالبشر ، ليعم النماء والرخاء ، وتسود ثقافة التعايش والمحبة والتسامح ، بين أطياف وأديان ومكونات هذه الشعوب . لتتوحد قوى شعبنا الخيرة والديمقراطية لهزيمة القوى الفاشية والإرهابية ، وللتصدي لفلسفة التصحر الفكري ، ولثقافة الظلام والتخلف والعنصرية ، المعادية لحركة الحياة . عاشت قوى شعبنا الديمقراطية ، الساعية لتعميق ثقافة إنسانية الحياة ، وليعم السلام والحرية والديمقراطية والعدالة والتقدم . 21/9/2017 م ٠ تعليق
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا واصل الأهل ...
-
تأملات مغرم مجنون بغانية فاتنة !...
-
مواجع في أخر الليل !..
-
الكاظمي نقض العهد والوعد !...
-
مشاهد غريبة يشهدها عراق الإسلام السياسي ؟..
-
لا ديمقراطية برؤيا الدولة الدينية .
-
نحو المزيد من التضامن لدحر الإرهاب .
-
الشيوعيين ودورهم الريادي .
-
الدولة الدينية والديمقراطية العلمانية .
-
نفحات مشرقة من حياة الرصافي .
-
الدكتورة الشهيدة رهام يعقوب في ذمة الخلود .
-
النفاق السياسي والكذب والتظليل ما يميز النظام الحاكم كتل وأح
...
-
الأصولية الدينية والسياسة الغربية !..
-
ستنتصر قوى الخير والتقدم والديمقراطية .
-
الحوار بين محمد عبده وفرح أنطون .
-
لا جدوى من انتخايات دون إصلاحات جذرية .
-
الديمقراطية ونظامنا السياسي وغياب الدولة والدستور .
-
هل هناك من يسمع لما نقوله ؟
-
لا تجني من الشوك العنب !... معدل .
-
وجعلنا من الماء كل شيء حي ؟..
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|