أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مرضٌ اسمُه التطرُّف!














المزيد.....


مرضٌ اسمُه التطرُّف!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7024 - 2021 / 9 / 19 - 13:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التطرّف مرضٌ خبيث يصيبُ المرءَ فيتوهّمُ أن الفضيلةَ تسكنُ بيتَه دون بيوت العالمين، وأن الحقَّ معقودٌ بناصيته دون سواه. مرضٌ قد يضربُ أيَّ عضو في الجسد؛ فنجده في كل دين ومذهب وطائفة ونادي رياضي ومدرسة أدبية أو فنية. مريضُ التطرف مأسورٌ بـ "المظهر"، بعيدٌ عن "الجوهر". مُقولبٌ مُعلّبٌ جاهزُ التحضير. كريمٌ في توزيع الاتهامات على مَن حوله. هذا ملحدٌ وهذا كافرٌ وهذا داعر .... يحمل في يده صَكًّا يُلوّح به في وجوهنا، شاهرًا إصبعَ النذير، والشررُ يتطاير من عينيه. نسأله: (ما المكتوبُ في هذا الصكّ يا عمّ؟) فيقول: (تفويضٌ من السماء بالتفتيش داخل ضمائر الناس؛ ومعاقبتهم!)
من أعراض ذلك المرض أن المريض يسبُّ ويهينُ ويلعنُ أبناء العقائد الأخرى. ينسى أن الإيمان قرينُ الأخلاق، وأن المؤمن لا يكون لعّانًا. ومن أعراضه كراهية القراءة والتعلّم. حاولْ أن تقنعه أن جميع الرسالات والفلسفات تحثُّ على العدل والرحمة ومكارم الأخلاق، ولن يصدقك، مهما قدمت له من كتب تثبت ذلك. في صلواتنا الخمس نرددُ عشرات المرات صفاتِ الله تعالى: "الرحمن الرحيم"؛ علَّ طيفًا من رحمته يمَسَّ قلوبَنا، فنرحم لكي نُرحَمَ. ويقول الإمامُ علي بن أبي طالب: "احصدِ الشرَّ من صدر غيرك، باقتلاعه من صدرك." ويقول المسيحيُّ في صلواته: "نُصلّي من أجل إخواننا أصحاب الديانات الأخرى، ليحيوا عمقَ إيمانهم، حسبَ قصد الله. نصلّي من أجل كل مَن يمارس العنف باسم الدين، ليكتشفَ عظمة وثراء حبّ الله." وتدعو الزرادشتية إلى الإيمان بإله واحد متعالٍ هو "الخالق" الذي لا يُعزَى إليه شكلٌ أو لون أو مظهر، أحدٌ صمَدٌ، لا تحيط به العقول، ولا يحدُّه مكان. العادلُ، الغفورُ، الرحيمُ، الواحدُ، الأحد. ويقول زرادشت في تعاليمه إن الاعتقاد بالخالق، لا يتمُّ إلا بـ"العقل الصالح"، والخلاصَ يأتي بتطوير أنبل منازع الإنسان. ويحذِّرُ أتباعَه من "روح الشر" التي تبعدُ الإنسانَ عن الرحمن الرحيم. وتقولُ البوذيةُ إن السعادةَ لا تتمُّ إلا بالتخلص من الأنانية حتى نصل إلى حالة "نيرڤانا"، أي الصفاء الروحيّ. ومن أجل ذلك يتحتمُ على الإنسان إتّباعُ السُّبل النبيلة الأربعة: ’التفكيرُ السليم‘ الخالي من منازع الهوى، ’الفعلُ السليم‘ يسلكه الإنسانُ لأجل حياة مستقيمة تتكئُ على العلم والحق، ’الكلامُ السليم‘ بقول الصدق دون زور أو كذب، ’العيشُ السليم‘ القائمُ على هجر الملذّات الرخيصة. نيرڤانا هي حالة التيقُّظ أو الاستنارة التي تُخمد نيرانَ الدوافع المسببة للآلام وهي: الشهوةُ، الحقدُ، الجهلُ. وهي بدايةُ طريق الخلاص. وتتلخص قواعدُ البوذية في الكفّ عن آثام خمسة: القتلُ، أخذُ ما ليس لك، الكلامُ السيء، السلوكاتُ الحِسيّة المُشينة، تعاطي المخدّرات. وباتباع تلك التعاليم يمكن القضاءُ على شرور الإنسان الثلاثة: الشهوانية، الكراهية، الوهم.
وفي حضارتنا المصرية القديمة، يقولُ أجدادُنا العظماء في كتاب "الخروج إلى النهار"، الشهير بـ"كتاب الموتى": إن من شروط الانتقال إلى أبدية العالم الآخر، إقرار المتوفى بعدة اعترافات تؤكد أنه: لم يكذب، لم يسرق، لم يقتل، لم يتسبب في دموع إنسان، لم يعذِّب حيوانًا أو نباتًا، وأنه كان عينًا للكفيف ويدًا للمشلول وساقًا للكسيح وأبًا لليتيم. ويشهد على صدق اعترافه ميزانٌ يوضع في إحدى كفتيه قلبُ الميت، الذي يمثّل ضميرَه، وفي الأخرى توضع ريشةُ "ماعت" التي تمثل الحقَّ والعدلَ والجمال.
ولما سُئل دالاي لاما، زعيم التِبِت الروحي، عن أفضل العقائد قال: "هي تلك التي تجعلك: أكثرَ رحمةً، أكثرَ حساسيةً، أكثرَ محبةً، أكثر إنسانيةً، أكثر مسؤوليةً، أكثرَ جمالاً. العقيدةُ التي تفعل معك كل هذا تكون هي الأفضل."
وهكذا تتوجّه الأديانُ والفلسفات كافةً نحو هدف واحد: الجمال. وتنادي بمبدأ واحد هو: "الجوهر"، أما "المظهر/الصورة"، فشأن مرضى التطرّف السطحيين. ولكلّ إنسان أن يختار، بملء إرادته، الطريقَ التي يسلكها للوصول إلى هذا الجمال، الذي هو الله، الرحمن الرحيم.
قضيتُنا في الوطن هي "المواطَنة". العقيدةُ شأنُ الله وحده، أما المواطَنة فشأني وشأنك وشأنُ كلّ مصريٍّ لكي نبنيَ الوطن. هنا نُذكِّرُ مريضَ التطرّف بجَدّ الرسول عليه الصلاة والسلام، "عبد المطلب بن عبد مناف"، حين ذهب لاسترداد إبله من "أبرهة الأشرم" هادم الكعبة، الذي قال له: "حسبتُك أتيتَ تتشفّع للكعبة”. فردّ عليه عبد المطلب: "أنا ربُّ الإبل، أما البيتُ فله ربٌّ يحميه." شأننا هو الوطن، وللدين ربٌّ يحميه. فإن سألتَ عن عقيدة سواك، فسيردُّ عليك المجتمع كلُّه بنفس ما قاله الرئيسُ/ "عبد الفتاح السيسي”: "إنت مالك؟!” ذاك أن: "الدينُ لله، والوطنُ للمواطنين”.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 200 جنيه … تتلصَّصُ على المجتمع!
- كيف تصيرُ مشهورًا وجماهيريًّا؟
- أمّي ... التي تموتُ كلَّ عام!
- سألتُ نجيب محفوظ: هل تعرفُ اسمَ طاعنك؟
- الرئيس السيسي … فارسُ التنوير الجسور
- أعلنها الرئيسُ: مسألة وعي!
- السيسي … قائدٌ يُنجِزُ … ثم يُعلن
- سمير الاسكندراني … وأبي!
- هاتزعل منّي يا ريس!
- فريال … فارسةُ مصرَ الذهبية
- العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي
- العيّل بيجي … من رزقنا!
- صحوةُ الضمير الإنساني
- فنُّ التعليم … عبقريةُ مُعلّمة
- في الوحدةِ يصنعُ الإنسانُ كُرةً … أو يُطلقُ رصاصة
- درس علا غبور… في مناهج التعليم المصري
- نستحقُّ حياة كريمة… ولا يليقُ بنا أن نقلق!
- أنا سوّدت عيشة أهلي ... يا عمو حسين يعقوب!
- نفرتيتي تقولُ: -مِن مصرَ دعوتُ حابي-!
- هكذا كلّمنا الرئيسُ ... قبل سبع سنوات


المزيد.....




- بالودان يواصل استفزاز المسلمين ويحرق نسخة أخرى من المصحف أما ...
- -ليس المسلمون فقط-.. نجيب ساويرس يثير تفاعلا عن رفضه مخططات ...
- الإفتاء بين الإرشاد الديني والتوظيف السياسي
- صحيفة إسرائيلية: ممثل يهودي يشبه أفعال إسرائيل بجرائم النازي ...
- “الأرنب والثعلب”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 Toyor ...
- “فرحي أولادك طوال 24 ساعة” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة ...
- بزشكيان: منظمة التعاون الاقتصادي تساهم في تعزيز التنسيق بين ...
- قائد الثورة الاسلامية يوافق على عفو و تخفيف عقوبة اكثر من 3 ...
- قائد الثورة الاسلامية يوافق على عفو وتخفيف عقوبة أكثر من 3 آ ...
- الإخوان في سوريا.. بين محاولات التسلل وحتمية الإقصاء


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مرضٌ اسمُه التطرُّف!