|
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه / موضوعة : نائب الامام
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7024 - 2021 / 9 / 19 - 00:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه الجزء الرابع موضوعة نائب الامام
9 - صنعت العائلة العباسية عالمها الثقافي الخاص ، وسورته بسور المقدس ، ودفعته الى الاجيال اللاحقة لتتمثله على انه هويتها وأصالتها . وفي كل جيل ، كان الفقيه السني هو الحارس الأمين لعالم العائلة العباسية الثقافي الذي يتمحور حول نظرية : الخلافة ( تكون الخلافة فيكون كل شئ ، ومن دونها لا تقوم للدين قائمة ، وهي نظرية رشيد رضا في المنار ، والتي نقضها بقوة : علي عبد الرازق في كتابه الاسلام واصول الحكم .) و بعد سقوط الخلافة عام 1258 م - استمر الفقيه ممثلاً للمسلمين امام السلطة القائمة ، وامام الخارج ، الذي بدأ يغزو عالم المسلمين المترامي . مقابل هذا الحضور الكثيف للفقيه السني في عالم الخلافة الثقافي ، استمر عالم الإمامة الفاطمي يعيد انتاج عزلته بعيداً عن المحيط السني ، داخل جماعات بشرية ظلت متمسكة بقوة بالمعتقدات التي كانت حصيلة للنشاط التدريسي في حلقات الأزهر الفاطمي او نتيجة للنشاط الدعوي للدعاة الفاطميين ، وظلت ثقافة الإمامة ومنهجها التأويلي : محروساً هو الآخر من فقيه الإمامة . بعض الجماعات الشيعية التي اسست دولاً كالفاطميين ، انقرضت بسقوط دولتها ( ومن استطاع النجاة من بطش صلاح الدين الأيوبي ، اتجه صوب بلادالشام : الى السلمية ومضياف وبعض قرى طرطوس ) وكالقرامطة ، وقلاع الموت التي أسسها حسن الصباح ( الحشاشين ) ، وظل التنوع الثري لما أنتجه المنهج التأويلي ( بغض النظر عن تهمة التكفير المتبادلة بين الطوائف الاسلامية ) يجدد ذاته عبر جماعات : الدروز ، والبابية - البهائية ، والنصيرية - العلوية ، فيما استمر الشيعة الزيدية والاثني عشرية ينظرون بحنين جارف لعصر الثورات الشيعية في عهد الأمويين : كالتوابين وثورة المختار الثقفي وثورة زيد بن علي بن الحسين ، ويستذكرون استباحة المدينة من قبل جيش الخليفة يزيد بن معاوية لثلاثة ايام ، ورمي مكة بالمنجنيق من قبل جيش الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان .. توقفت الزيدية عند امامة زيد بن علي بن الحسين ، فيما استمرت الإمامة لدى فرع الشيعة الآخر حتى الامام جعفر الصادق ، الذي تفرعت الشيعة بعد وفاته الى فرعين خطيرين هما : الإسماعيلية والدولة الفاطمية ، أما الفرع الآخر فسيستمر فيه خط الإمامة حتى غيبة الامام الثاني عشر ، اذ بعدها بدأ فقهاء هذه الطائفة يفكرون بموضوعة الغيبة ، وينتظرون خروج الامام الثاني عشر ، ففي عودته الى الحياة ، يكمن خلاصهم الأبدي من نظرة العالم السني الدونية اليهم ، وهي النظرة التي سيشمل بها الفقيه السني لاحقاً : ما سيجلبه الغرب معه ، وهو يحتل مصر عام 1798 ، من منهج تجريبي ، ومختبرات ، ومن قوانين صناعية وتجارية وإدارية وقانونية في ادارة الشأن العام ( في الجزء الثالث من كتابه : عجائب الآثار في التراجم والأخبار ، يورد عبد الرحمن الجبرتي وصفاً للحملة الفرنسية وما احدثته من ردود فعل خاصة لدى شيوخ الأزهر ) . ان رفض شيوخ الازهر لمناهج الغرب : ينطلق مما جلبته الحملة الفرنسية معها من سؤال الحرية ( المعتزلي ) المرفوض والمرذل من قبل الفقيه السني ، وستزيد فرنسا عليها : ما ستمنحه للمرأة من حرية عريضة ، تجاوزت حريتها السياسية في الاختيار اثناء الانتخابات ، وتجاوزت مساواتها مع الرجل امام القانون في الشهادة والإرث : الى حرية نابعة من الاعتراف بحقها في امتلاك جسدها وحرية التصرف به ( تجد في بعض فقرات الجزء الثالث من كتاب : عبد الرحمن الجبرتي ، تعبيراً عن ضيقه وهو يرى المرأة الفرنسية تخرج سافرة الى عملها ) والنظرة الدونية التي ينظر بها الفقيه السني : ليس الى الشيعة وحدهم ، بل الى جميع اديان العالم ، والى جميع المعتقدات والفلسفات الشرقية والغربية : هي امتداد لطريقة تكون ونشوء علومه الدينية كعلم اصول الفقه وعلم اصول الكلام : اللذين قاما على منطق الدفاع والهجوم : الدفاع المطلق عن احكام ورؤية القرآن ، وهجاء ماحق لما عند الآخر ( الزرادشتي او المانوي او الغنوصي او العرفاني او المتشكك في النبوة ) من احكام ، ونظرة الى الكون وموقف من الحياة . وقد برع المعتزلة في هذه المحاججة أولاً ثم استعارتها جميع المذاهب من المعتزلة ومنهم الشيعة الأمامية الذين كان الهم الكبير لفقهائهم : يتمثل بالعمل على الانعزال عن المحيط السني المعادي ، والتخلص من نظرته الدونية ، ( السنة بمذاهبهم الاربعة ، يؤمنون بانهم يحملون التأويل الصحيح للدين ، وانهم الطائفة الناجية التي وردت في الحديث : " ستنقسم أمتي الى 73 فرقة واحدة منها الناجية " ، وانهم سيحتكرون العيش في نعيم الجنة لوحدهم ، أو سيحتكرها لهم الله ، ومن هنا تنطلق نظرتهم المتعالية على باقي المذاهب والأديان ) فطور قسم من فقهاء الشيعة - بعد غيبة الامام الثاني عشر 329هـ - أطروحة : نائب الامام ، برعاية من الدولة البويهية أولاً ثم الصفوية : اذ قام الشيخ المفيد مع تلميذيه : المرتضى والطوسي في بغداد البويهيين : بتوسيع صلاحيات الفقيه الشيعي ، وهي مباديء استند اليها عبر التاريخ ، الفقه الشيعي بأكمله ...
10 -
اخطر مفهوم اسلامي جاء به النشاط الفكري المندرج تحت عنوان الاصول ، هو مفهوم : نائب الامام ، الذي تم تعريف مضمونه على يد الأصوليين من الشيعة الاثني عشرية : بانه وظيفة شاملة للفقيه : دينية وحقوقية وسياسية ومالية ، منحها الفقيه الأصولي لنفسه ، بناءً على افتراض غيبة الامام الثاني عشر ( يلقي الأستاذ احمد الكاتب ضوءً ساطعاً على حقيقة وجود الامام الثاني عشر في كتابه : الامام المهدي حقيقة تاريخية ، ام فرضية فلسفية " ويحبذ للاستزادة مراجعة كتابه الآخر : تطور الفكر السياسي الشيعي من : الشورى الى نظرية الفقيه ) . خطورة هذه المفهوم تنبع من شموليته ، فهو يسمح للفقيه الشيعي بان يحل محل الامام الغائب ، ويأخذ منه كل الصلاحيات التي منحها الله للأئمة ، حسب الاعتقاد الشيعي - ويدير الشأن العام لامة عزلت نفسها عن محيطها السني . فيما ظل الفقيه السني يتغنى بكونه يقود الفرقة الاكبر من المسلمين الى النجاة في الآخرة ، ويستنكف او يحتقر الحوار مع الشيعة ، فشجع موقف الفقيه السني هذا : فقهاء الشيعة على النشاط الفكري ، واكتشاف المقولات والمفاهيم التي تساعدهم على العزلة والتحرر من المحيط السني الذي يحتقرهم ويكفرهم ، حتى تكاملت لديهم منظومة فكرية خاصة بهم ، تفترق عن المنظومة الفكرية للسنة ، وتساعدهم على اعادة انتاج بنية الطائفة الشيعية سنوياً : عبر طقوس دينية مضافة الى ما لدى عامة المسلمين من طقوس ، تدور حول مظلومية أئمتهم من قبل خلفاء السنة . بحيث اصبح من المستحيل اللقاء والتفاهم بين رموز الطائفتين : اذ ان المظلومية تعني استرجاع حقوق تاريخية ، لا يتم استرجاعها الا بتهديم البنية الفكرية والوجودية لمذاهب السنة . وهكذا تكون الدعوة الى التقريب بين المذاهب مجرد عبث ، وتنم عن ذهنية سطحية وساذجة . وقد تعمق هذا الشرخ بين السنة والشيعة : فقهياً وثقافياً ، خاصة بعد انحياز الأشعري الى موقف المعاداة للمعتزلة ، وتعزيزه من فكرة الجبر ، وعجز الانسان عن الاختيار والفعل ...
11 -
مفهوم : نائب الامام ( الذي سيتطور الى مفهوم : ولاية الفقيه ويبلغ مداه على يد آية الله الخميني وهو يقود ثورة 1979 ، ويؤسس دولة الفقيه ) يعبر عن علاقة سرية تتم بين نائب الامام الحي ، وبين الامام الثاني عشر الغائب . لكن لا احد من هؤلاء النواب الذين كانوا على اتصال مباشر بالإمام الغائب اثناء غيبته الصغرى التي دامت 70 عاماً ( ويسمون بالسفراء الاربعة ) ولا من نواب الغيبة الكبرى المستمرة منذ 329 هـ ولحد الآن : وصف لنا كيف تتم الاتصالات بينهما ، هل تبدأ بسؤال الامام من قبل نائبه عن مسائل : تمثل ظواهر جديدة في الحياة ، لا يمكن العثور على معالجات لها في التراث الشيعي الاثني عشري ، أم ان الامام الغائب هو الذي يبادر بالإجابة على ما في ذهن نائبه من مسائل كونه يعلم الغيب . وما لغة التواصل بينهما ، هل هي لغة الإشارة الصامتة ، ام لغة الحروف الصائتة ، ام اللغة العرفانية التي تتم بقذف المعرفة في قلب نائب الامام على شكل نور ؟ وهناك نظريات اخرى رواها النبي محمد عن عملية إرسال المعرفة اليه بوساطة جبرائيل ، لم تتم بسهولة ومن غير معاناة يتعرض اليها النبي لحظة اتصال الوحي به ، فهل ان نائب الامام يتعرض لمثل تلك الآلام لحظة اتصال الامام به ، او اتصاله هو بالإمام ؟ اضطر الامام الثاني عشر الى الغيبة ، نتيجة مطاردة عيون الخلافة العباسية له ، لأن الإمامة في وعي العباسيين لها : تجسيد لبرنامج سياسي معارض لبرنامج العباسيين السياسي وعدو له ، وان الإمامة في هذا البرنامج العلوي ( نسبة الى الامام علي ) تريد ان تؤسس نفسها على انقاض الخلافة . التناقض بينهما ، بين الإمامة والخلافة : عدائي ، لا صلح فيه ولا تنازلات ولا حلول وسط . ان سيرورة الحكم في الاسلام التي تجسدت في التاريخ : على شكل حكم عائلي وراثي ، تقوده احدى عوائل قريش ، بينت لنا مدى حرص الحكم العائلي على صفاء النسب : السمة الارأس من بين سمات حكم العوائل في التاريخ ، ولنا في تفاصيل حادثة إلحاق زياد ابن ابيه بعائلة ابي سفيان الاموية : خير دليل على ذاك الحرص ، بما قام به معاوية بن ابي سفيان من اختراع حوادث وأفعال تثبت اخوة زياد ابن ابيه له . ادعاء صفاء النسب يعزز من شرعية حكم العوائل قديماً وحديثاً ( انه يشبه فكرة شعب الله المختار ) لدرجة رسوخ الاعتقاد لدى سلالات العوائل التي حكمت فارس وبيزنطة وبلاد النهرين ومصر والصين وروما كالسومريين وقدماء المصريين والصينيين بأن اصولهم السلالية تعود الى الآلهة ، وفي عصرنا الحديث شاعت نظريات الاصل السماوي والدماء الزرق لحكام اوربا . ولم يشذ عن هذه الاعتقادات الا الحكم الديمقراطي في اثينا في القرن الخامس قبل الميلاد ، والا الحكم الجمهوري في روما قبل ان يتحول الى نظام إمبراطوري : وكأي من هذه العوائل كان اعتقاد العائلة العلوية بالأصل الآلهي لشرعيتهم في الحكم قوياً جداً لدى شيعتهم . لكن ما يقلل من قوة حجة العلويين بالاصل السماوي لشرعيتهم : هو عدم عودة الامام المهدي الى الحياة ، رغم خروج اكثر من واحد ممن ادعى : بأنه هو المهدي المنتظر ، ورغم زوال اسباب اللجوء الى الغيبة المتمثلة بالاضطهاد العباسي . خطورة مفهوم نائب الامام تكمن في كونه إطاراً تنظيمياً لعلاقة شاملة : اجتماعية ودينية وسياسية وثقافية بين الفقيه الشيعي وبين مقلديه من افراد الطائفة ، وهي علاقة تستعيد علاقة النبي بالمسلمين ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التجنيد الإجباري
-
طالبان : ارهابنا الذي صدرناه / القسم الثالث
-
طالبان : الارهاب الذي صدرناه ، الجزء الثاني
-
طالبان : الأرهاب الذي صدرناه : الجزء الأول
-
الزعيم والقطيع
-
عاشوراء وميلان كونديرا والبصل
-
لبنان / بيروت
-
انا اقف الى جانب ايران
-
لو كان الفقر رجلاً لقتلته
-
عن شبهة : الحوار الاستراتيجي
-
تونس : البرلمانية ليست هي الديمقراطية
-
حول الاتفاقية العراقية اللبنانية
-
التفجيرات ثقافة اسلامية أصيلة وغير مجلوبة
-
حكومة الكاظمي : صفر حقيقة
-
عن حلم مقتدى الصدر
-
الجزء الرابع من مقال : موقفي ككوزموبوليتيني من حرب حماس والل
...
-
موقفي ككوزموبوليتي من حرب اليمين الفلسطيني والاسرائيلي / الج
...
-
الجزء الثاني من مقال : موقفي ككوزموبوليتي من حرب الليكود وحم
...
-
موقفي ككوزموبوليتي من حرب : الليكود وحماس ( 1 )
-
6 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
المزيد.....
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|