أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر المندلاوي - شياطين الله ......1














المزيد.....

شياطين الله ......1


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 10:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ أن كان الإنسان، ولا يزال، يجند قواه المعرفية لإدراك حقائق الأشياء وبلوغ ماهياتها. أصاب حينا وإنزلق إلى الخطأ في أحايين كثيرة، فكان أن أضاع (في مواضع غير قليلة) صواب معرفته في لجة بحر أخطائه. توهم شيوع أمر ما، معرفة بكنهه، والتسليم به من الجموع المتعاقبة، بيانا لحقيقته وإدراكا لمفهومه. ومن أشيع ما يتوهم الناس معرفتهم به، هو الشيطان. فالتسليم في أمره وفعاله، أزاح المعرفة به عنهم، لينقسموا طوائف عدة ومذاهب شتى في النظر إلى أصله وفصيله إن كان كائنا، وإلى مباني مفردة الشيطان ومعانيها لدى أولئك الذين ينكرون كائنيته. وقد كان من شأن هذا التباين في النظر أن يقود إلى يقين بإستحالة وجود معرفة موحدة بالشيطان، لا أن يقود إلى إستحالة معرفته، كما يبدو للناظر للوهلة الأولى.
إن عدم تبلور معرفة موحدة في قضايا من هذا النوع، لا يدل على إستحالة المعرفة، وإنما يشير إلى تفاوت درجات النظر إلى الموضوع، تبعا لتفاوت مستويات المعاش للأفراد والجماعات.
إن الحقيقة الشيطانية ليست واحدة، ومعرفتها لن تكون واحدة، وأية محاولة قسرية لإيهام الذات بالقدرة على إنتاج معرفة موحدة في هذا الشأن، تؤدي بنا، كما أدت بغيرنا، إلى أن نلوذ بالخرافات والأساطير، كونها الملاذ الآمن لخيباتنا المتكررة في الإنتاج المعرفي.

الشيطان.. مفردة ومعاني
مع إختلاف الناس في البيئة واللغة والدين، حملت مفردة الشيطان تأريخانية الإختلاف بجدارة لا تليق إلا بشيطان. فهي ، في المصادر الإسلامية والمعاجم العربية، من شطن بمعنى بعد، والشيطان وفق هذا القول هو كل بعيد عن الخير أو الرحمة، وليس بغريب أن يكون الشيطان بمعنى المخالف لقصد الله ووجهته، وحينئذ يكون من شطن بمعنى خالف. وأيا كان، شطن بمعنى بعد أو خالف، فإن المعنيين لا يفترقان بلحاظ أن الله هو الخير المطلق، والشيطان الشر الذي يبتعد عنه ويخالف أمره في شؤون خلقه. وبالمقابل فإن المعنى ينصرف عن مألوفه كما في أعلاه، إلى الهالك أو مخلوق من النار، وذلك على قول من يرى بأن الشيطان من أشاط بمعنى أحرق وفرق ووزع وسفك. أما الشيطان الأول (إبليس) فجاءت تسميته من الإبلاس بمعنى الإياس من الخير. وبهذا يكون الشيطان إسم جنس عام، بينما إبليس إسم علم خاص بالشيطان الأول الذي أغوى آدم. ويذكر أن تسمية الشيطان تجاوزت المعنى الديني إلى غيره، فالشيطان سمة للإبل وتوصيف للعطش وإلهام للشعر وإسم لبعض الحيات.
وفي الأدبيات المسيحية، إستنادا إلى اللغات الأصلية للكتاب المقدس، فإن كلمة الشيطان تعني مقاوم أو الخصم أو العدو، بينما كلمة إبليس تعني مفتر أو مكايد أو المتمرد.
إن هذا التنوع في المعنى يقترن كما هو ملاحظ، بالصفات المتنوعة المنسوبة إلى الشيطان، وهي على كل حال، صفات بشرية لا تتجاوز قدرة الإنسان على الإتصاف بها، إن لم نقل إن الإنسان من حيث هو إنسان، تجاوز الكثير من هذه الصفات إلى ما هو أشد وأنكى. وربما كان هذا ما قصده رسول الله محمد (ص) عندما قال: يا أبا ذر، هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن؟ قال: قلت: يا رسول الله، هل للإنس من شياطين؟ قال: نعم، شر من شياطين الجن. (الطبري)
إن الوظيفة الفعلية لتباين المعنى إنما تكمن في توصيف تباين الشر الذي يختص به الإنسان. فهذه المعاني، في تباينها وتنوعها، لا تتجاوز الشر الإنساني إلى الشر اللاإنساني، فهي، على سبيل المثال، لا تختص بالكوارث الطبيعية، إذ لا يمكن للشيطان، على إختلاف معانيه، أن يختص بأي شر لا يقع في مقدور بني البشر. فهو (الشيطان) محكوم، بهذا المعنى، بقدرة الإنسان على إتيان الشر، وحيثما تلاشى شر الإنسان، تلا شى الشيطان.
إن شيطنة الشيطان هي هي الإرادة والأفعال الشريرة للإنسان، والشيطان نفسه ليس بأكثر من تجسيد للأفعال الشريرة الصادرة عن تلك الإرادة الشريرة، المحكومة بدورها، بالمعطيات الواقعية للحياة الإجتماعية في ظرف تأريخي ملموس. ولهذا فإن صواب القول يكمن في التصريح بأن الشيطان يتبع خطوات الإنسان في شر أفعاله. وحيث أنه كذلك، فإن معاني كلمة شيطان تنطوي عل محالية إنصرافها إلى ما يتجاوز الأفعال الشريرة للإنسان، في قيمتها النسبية، أي كونها أفعال شريرة بمقتضى المصالح والقواعد الإجتماعية المعينة. فالزنى مثلا، يعد من عمل الشيطان فقط عندما يسعى الإنسان لإشباع رغبته في اللذة الجنسية على خلاف ما تقتضيه المصالح والقيم الإجتماعية السائدة، وعندها فقط يتجسد الإنسان في صورة شيطان زان، يتوهمه الأدب الديني شيطانا تجسد في هيئة جسم بشري لإشباع رغبته الجنسية مع بنات الناس. (تكوين 6)
إن الأفعال المنسوبة إلى الشيطان وفق المعاني التي ذكرناها، هي أفعال صادرة عن الإنسان، أو لنقل هو الشر الذي يصدر عن الإنسان وينسب إلى الشيطان، إما عن جهل بالأسباب الموجبة للشر، أو في محاولة واعية لتمويه تلك الأسباب، خدمة لمصالح غير مشروعة. وعلى تدرج هذه المعاني يمكننا تأكيد القول الشائع بأن الشيطان لا يمكنه أن يكون واحدا، فهو الشياطين كلهم مع لحاظ إختلاف شدة شيطنة كل شيطان بما يتوافق ودرجة الشر الصادر عن الإنسان، وعديد هذه الشياطين هو ذاته عديد البشر الغارق في الشر.... يتبع



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وما الفائدة من وجوده إذاً ؟
- آليات إعادة إنتاج الأزمات
- مصادر الموارد السياسية في العراق...3
- مصادر الموارد السياسية في العراق...2
- مصادر الموارد السياسية في العراق ...1
- الإسلام السياسي في العراق – 4
- الإسلام السياسي في العراق – 3
- الإسلام السياسي في العراق - 2
- الإسلام السياسي في العراق
- التوافق الوطني والإقصاء الطائفي
- الفيدرالية والمسألة القومية في العراق
- حكومة الجعفري...تحصيص بلا بصيص
- العصبية الطائفية والقومية
- قائمة إتحاد الشعب ضحية ظروف جائرة وسياسات خاطئة
- الإنتخابات البرلمانية والمشاريع المتعارضة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر المندلاوي - شياطين الله ......1