|
مجتمعات ممارسة الحوكمة المسافة بين التكنوقراط والمجتمع المدني
حجاج نايل
الحوار المتمدن-العدد: 7021 - 2021 / 9 / 16 - 11:58
المحور:
المجتمع المدني
في إطار سعي المجتمعات الإنسانية لإيجاد حلول ناجعة للازمات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية الناجمة عن تعقيدات واليات المجتمعات النامية الفقيرة محدودة الإمكانيات والموارد وفق المؤشرات والتقارير الدولية وحتى في تلك المجتمعات الرأسمالية الغنية ذات المؤشرات التنموية الأعلى التي يتفاقم فيها أحيان الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي نتيجة بعض السياسات الاقتصادية الاحتكارية والربحية في سياقات التنافس الاقتصادي العالمي تلجأ المؤسسات والهيئات الإصلاحية العاملة وفق قواعد النظم السياسية الحاكمة وشرعيتها ونظامها القانوني بوصفها جزءا لا يتجزأ من مؤسسات النظام العام بفعل تبعيتها لمؤسسات الدولة كالمنظمات شبة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المجتمعية بما في ذلك الهيئات والمؤسسات الدولية الساعية الي الحد من تداعيات الازمات والانفجارات الاجتماعية والسكانية والفقر والهجرة غير الشرعية والتدهور العام علي كافة المستويات الي ابتكار أنماط من الاليات غير الحكومية للبحث عن حلول فاعلة للتصدي لبعض الاحتياجات المجتمعية والتي قد تعجز الدولة أحيانا علي القيام بها بفعل طبيعتها غير الحكومية مثل خلق مجتمعات ممارسة الحوكمة وفي هذا السياق ظهرت في تسعينات القرن الماضي ما يعرف بمجتمعات الممارسة او مجتمعات ممارسة الحوكمة او فرق الخبراء في مجالات محددة او جماعة الممارسة كلها تسميات وترجمات مختلفة للمصطلح باللغة الإنجليزية: Community of practice ولثلاثين عاما وضعت عشرات التعريفات والشروح لمصطلح مجتمعات الممارسة لكن جميعها انطلقت من مصدرها الرئيسي لمبتكري الفكرة إتيان شارل وينغر Charles Wenger، مواليد 1952م) وهو خبير في مجال التربية اشتهر في وضع نظريات المعرفة الوضعية ومجتمعات الممارسة مع جان لافي. ويبدو من خلال البحث ان شارل وينغر لعب دورا أساسيا في تطوير وبلورة مفهوم مجتمع الممارسة بالرغم من اول صدور للمصطلح كان بواسطة جان لافي ويري كل من شارل وينغر وجان لافي بأن مجتمعات الممارسة هي مجموعة ن الأشخاص الذين يتشاركون نفس الهموم أو التعاطف في مجال يعملون به ويتعلمون عن طريق التفاعل فيما بينهم بشكل عادي ودائم “كما يرون أيضا انها جماعة من الأفراد الذين يتشاركون الاهتمام بتفس الصنعة أو المهنة والتي تنطوي علي مفهوم البناء الاجتماعي للمعرفة والممارسة المتبادلة من خلال تعاون مجموعة من الافراد الذين يتشاركون نفس الشغف والتخصص والمهارات و المصالح والاهتمامات للقيام بأفضل الممارسات وخلق وابتكار منتجات معرفية تهدف الي التطور والتقدم والانجاز في مجال الاهتمام المشترك بين افراد مجتمعات الممارسة وليس هذا وفقط بل والسعي الي تطبيقها او في الحد الأدنى نشرها ووضعها بين يدي صانع القرار ومن هنا يمكن اجمالا حصر الخصائص التي يتميز بها مجتمعات الممارسة والتي تميزها عن أي كيانات شبيهة كاللجان الاستشارية مثلا او اعمال الاستشارات بوجه عام من انها ترتكز علي ثلاث خصائص رئيسية الاولي هي المجال او التخصص او العلم او التجربة المشتركة التي تشكل قاسما مشتركا بين افراد مجتمعات الممارسة كالتعليم او الصحة او الزيادة السكانية او تغير المناخ والمجال هو الذي يميز مجتمع ممارسة عن الاخر و ما يقوم أعضاء مجتمعات الممارسة بالتشارك والتعلم والتفاعل حوله والانتهاء بتقديم كل منتج معرفي يخص هذا المجال والخاصية الثانية وهي المجتمع وهذه الخاصية تحديدا تعبر عن الحيز المكاني والجغرافي والسكاني لمجتمعات الممارسة حيث لابد وان يكون هناك مجموعة من الشخوص والافراد الذين ينتمون الي مجتمعات إنسانية ونطاقات جغرافية محددة يسعون الي التواصل والتفاعل مع المجالات المحددة التي تعني بها هذه المجتمعات والخاصية الثالثة هي الممارسة فمع توافر المجال المشترك أي الموضوع ومجموعة من الافراد الذين يمثلون المجتمع يبقي استكمالا لفكرة التي أسس لها كل من شارل وينغر وجان لافي ان تقوم هذه المجتمعات بممارسة فعلية لاستلهام هذه المعارف والخبرات من خلال التركيز علي تطوير المعرفة الجماعية ومشاركتها مع قطاعات المجتمع المختلفة بواسطة اللقاءات المباشرة او الافتراضية ولتأكيد تمايز جماعات الممارسة عن أي تشكيلات إصلاحية داخل المجتمعات الإنسانية ورد في موسوعة الويكيبيديا عدد من العوامل التي تميز هذه المجتمعات سأضع بعضا منها هنا :- علاقات متبادلة متواصلة إن كانت متناغمة أو صراعية وطرق انخراط مشتركة لفعل الأشياء معا وتدفق سريع للمعلومات ونشر الابتكار وغياب مقدمات تمهيدية، وكأن الأحاديث والتفاعلات مجرد استمرار لعملية مستمرة والإعداد السريع جدا حول المشكلة التي ستناقش والقدرة على تقييم مدى ملاءمة الإجراءات والمنتجات وتقاليد محلية، قصص مشتركة، نكت داخلية، وضحك بمعرفة استعمال المصطلحات والاختصارات بسهولة وأنماط معينة معترف بها والخطابات المشتركة التي تعكس وجهة نظر معينة حول العالم
نماذج لمجتمعات الممارسة حول العالم • بمبادرة من مكتب التربية الدولي، عقدت حلقة دراسية في جنيف خلال الفترة من 6 الي 8 يوليو 2005، جمعت 31 اختصاصيا في مجال المناهج التعليمية من كل انحاء العالم وبعد ثلاثة أيام من التفاعلات الصريحة والبناءة اتفق الجميع على تأسيس شبكة عالمية لمطوري المناهج التعليمية كمجتمع ممارسات بغية في تحسين الإصلاحات التي تطرأ على المناهج الدراسية في كل انحاء العالم • مجتمعات الممارسة لتنمية رأس المال الاجتماعي بالمدارس الابتدائية بمصر والتعرف عمى الأبعاد الفلسفية لمجتمعات الممارسة ورأس المال الاجتماعي، وعلاقتهم ببعض،)بوصف المعلمين المشتركين في مجتمعات الممارسة لا يفكرون فقط في الأساليب والممارسات المستخدمة في فصولهم الدراسية بل أيضا يفكرون في نظرتهم للمناهج الدراسية وما يقومون به من ممارسات شاملة بالمدرسة ومجتمعات الممارسة تساعد علي تأكيد التعاون بين المعلمين من خلال طرح الأفكار وتبادل افضل الممارسات التدريسية وبث روح التشجيع فيما بينهم كذلك بناء رأس مال اجتماعي قوي بين المعلمين. • Communities of Practice:Full implementation of knowledge management in the safety industry for educational institution إدارة الأمن والسلامة مكتب التعليم وسط الرياض الرياض 2015 أهداف التجربة: يتمثل الهدف العام للتجربة في:- إيجاد حالة عملية لمجتمع الممارسة يعمل على الوصول بأقصى درجة ممكنة للخبرة والوعي، لتحقيق التطبيق الكامل لإدارة المعرفة في صناعة السلامة للمنشأة التعليمية. 1.تغيير الفكرة العامة عن مبادئ وأسس السلام والحماية في المجتمعات التعليمية. 2.رفع مستوى الوعي حول أولويات السلامة والحماية ووضعها في نطاق تركيز المجتمعات التعليمية. 3.تحقيق إدارة فعالة للمخاطر في المنشأة التعليمية من خلال الخبرات والمهارات التي يتم نشرها وإيجادها وادماجها في مجتمعات الممارسة. 4.تضمين وتمكين إدارة المعرفة في المنشآت التعليمية من خلال مجتمعات الممارسة. 5.حصر نقاط الضعف والقوة في المنشأة من خلال تفعيل نموذج قياس الأداء المؤسسي للوصول على أعلى مستويات من الحماية والسلام التعليمي. 6.تغيير الثقافة والمفاهيم السائدة حول الأمن والسلامة ونشر ثقافة وعي صناعة السلامة في المنشئات التعليمي
تفعيل مجتمعات الممارسة فى ظل جائحة كورونا/ مصر عقدت وزارة التربية والتعليم الفني، اليوم اجتماعًا مع ممثلي إدارات التدريب بالمحافظات لمناقشة السلوكيات المهنية التي تتطلبها المرحلة الحالية لمديري المدارس وتفعيل مجتمعات الممارسة في ظل جائحة كورونا التي أدت إلى تغيير السلوكيات المهنية المتعارف عليها لدى الكوادر التعليمية بالمدارس لتأسيس مجتمعات التعلم من خلال تطوير السلوكيات المهنية، بحضور الدكتور رضا حجازي نائب الوزير لشئون المعلمين. لبنان
خاتمة يبقي من الأهمية بمكان البحث عن إجابات لمجموعة من الأسئلة المتعلقة بمستقبل مجتمعات الممارسة في الدول العربية فمع انتشار هذه المجتمعات في عدد من الدول العربية يبقي الرهان علي تأثير الظروف الموضوعية والذاتية لتفعيل هذه المجتمعات وتأثيرها علي صانعي القرار في هذه الدول والحقيقة ومن وجهة نظري انها مجتمعات اقرب الي مفهوم التكنوقراط في مجالات محددة غير متأثرين بالمناخ السياسي العام لهذه الدول ومن ثم يمكن لهم القيام بأدوارهم في مجالات التنمية والتنمية المستدامة بأهدافها السبعة عشر في أي ظروف اجتماعية وسياسية لكن ولكي تستمع وتطبق السلطات السياسية والإدارية والمجتمعية بوجه عام المنتجات المعرفية لمجتمعات الممارسة عليها ان تلتزم الحيادية والموضوعية والاحتراف في تناول القضايا والموضوعات والبحث عن حلول خارج الصندوق متجاوزة لأسوار واغلال وقيود تعقيدات المصالح السياسية والتي تكون أحيانا السبب الرئيسي في حجب التنمية والتقدم في هذه البلدان
#حجاج_نايل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماعة الاخوان المسلمين حدود الاوطان بين العقيدة والتخوم الار
...
-
رسالة الي شيخ الازهر / ذنب القاتل والمقتول في رقبتك
-
بين التنمية المستدامة والتنمية المستدانة
-
سلسلة مقالات الجماعة جماعة الاخوان المسلمين مؤامرة التأسيس و
...
-
رد علي الصديق سعيد شعيب / ثورة يناير بين فشل السلطة وسلطة ال
...
-
حجاج نايل يكتب الترحم علي جسد النخبة المصرية
-
سلسلة مقالات الاخوان 2 من 8 السقوط الكبير /// فروع الخارج مت
...
-
سلسلة مقالات حول جماعة الاخوان المسلمين (1 من 8) جماعة الاخو
...
-
في المسألة الناصرية 3 من 3 ---- إرث الحقبة الناصرية
-
في المسألة الناصرية - سلسلة مقالات حول المسألة الناصرية 1 من
...
-
في المسألة الناصرية 2 من 3 ---- سلفية العقل الجمعي الناصري
-
مجتمع الميم وإنكسار ألوان القزح
-
انتيفا الاخوان المسلمين بين مؤامرة ترامب وشفافية النظم المست
...
-
العدالة في مصر الصعود الي الهاوية (3 ) دين ابوهم أسمه اية ؟؟
...
-
ميتافيزيقا المسوحات واعتذار واجب للزغبي وابوهلالة بين التشاء
...
-
فيما وراء النظرية السياسية
-
صفقة القرن قمة جبل الجليد
-
25 يناير المتاهة والحصاد المر اسئلة التاريخ
-
العدالة في مصر الصعود الي الهاوية (2) السجن السياسي في مصر ب
...
-
الازمة الليبية والتدخل التركي رؤية عبثية مغايرة
المزيد.....
-
عضو بالكنيست الإسرائيلي: مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت
...
-
إسرائيل تدرس الاستئناف على قرار المحكمة الجنائية الدولية الص
...
-
وزير الخارجية الأردني: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت رسالة لو
...
-
هيومن رايتس ووتش: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية تفند التصو
...
-
الاتحاد الأوروبي والأردن يُعلنان موقفهما من مذكرتي الاعتقال
...
-
العفو الدولية:لا احد فوق القانون الدولي سواء كان مسؤولا منتخ
...
-
المفوضية الاممية لحقوق الانسان: نحترم استقلالية المحكمة الجن
...
-
المفوضية الاممية لحقوق الانسان: ندعم عمل الجنائية الدولية من
...
-
مفوضية حقوق الانسان: على الدول الاعضاء ان تحترم وتنفذ قرارات
...
-
أول تعليق من -إدارة ترامب- على مذكرة اعتقال نتانياهو
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|