|
عندما تعلو أخلاقهم على حريتهم
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 7021 - 2021 / 9 / 16 - 11:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا أحد يجادل في حق الأسير الفلسطيني ان يبحث عن حريته بكل الطرق والوسائل... وعملية تحرير الأسرى لأنفسهم من سجون ومعتقلات الإحتلال،جرت في اكثر من سجن ومعتقل كانت بدايتها في سجن غزة المركزي 18/5/1987 وعلى يد خلية من أفراد ا ل ج ها د ا لإ س لا م ي،وإن فشل معظمها...ولكنها جسدت إرادة وتصميم من قبل أسرى شعبنا على نيل حريتهم،وتلك المحاولات والعمليات التي جرت شكلت "بروفا " لعملية "نفق الحرية" التي قادها ستة من أبطالنا الأسرى. هذه العملية يمكن تسميتها بالعبور المستحيل لكونها جرت في أكثر سجون الإحتلال أمناً وتحصيناً..وضربت المؤسستين العسكرية والأمنية الإسرائيلية في عصبها الرئيسي،وكذلك هذه العملية طول المدة التي استغرقتها في الحفر من شهر كانون أول عام2020،وحتى 6/9/2021،تعكس مدى الدقة في التخطيط والتحضير لهذه العملية،وامتلاك وسائل التمويه والخداع والتضليل والإخفاء لأدوات الحفر،في ظل سجن تجري فيه عمليات "عد" للأسرى بواقع 4 مرات يومياً،وفحص ليلي مكثف يسلط الضوء على أسرة الأسرى للتأكد من وجودهم،وكذلك عمليات " الدق" الأمني،بفحص الزنازين ب"الدق" على أرضياتها وجوانبها،وفحص الحمام بشكل دقيق،ولا ننسى عمليات التفتيش الفجائي...نعم هي عملية اختراق اختزنت معاني البطولة والإصرار والعزيمة،وكذلك هي عكست حالة ضعف وتراجع في مؤسسة الإحتلال الأمنية وعدم نجاح في تحويل سجن "الخزنة" الى مصير نهائي للأسرى من أبناء شعبنا من الأحكام العالية واخراجهم من دائرة الصراع. وهذه العملية بحجمها ونوعيتها جعلت بعض أصحاب النفوس المريضة والدونيين والمنهارين يشككون في وقوعها،وبأنها ضرب من الخيال،والبعض قاده مرضه النفسي وربما حقده الى القول بأن هذه العملية مفبركة،او أنها تمت بالتواطؤ مع أجهزة الإحتلال.،لكي تصرف الأنظار عن ما يحصل في قطاع غزة. تلك العملية التي حاول المحتل أن يخفي ويغطي فشله في منع وقوعها،بأنها جرت بالتعاون مع سجانين أو ان الظروف خدمت الأسرى،مثل نوم المجندة على برج المراقبة لحظة تحرير الأسرى،وعدم انتباه حارس آخر الى الكاميرات ومتابعتها ...الخ.وان عملية بهذا الحجم تمت بمساعدة الخارج،وبان هناك سيارة كانت تنظر الأسرى خارج السجن. العملية كما وصفها الأبطال المنفذين تمت تحت أنف الإحتلال،وجرى تسريع التنفيذ لشك احد السجانين ....وتخطى الأسرى كل وسائل الأمن والتحصين والتكنولوجيا والعناصر البشرية التي تدير تلك الأجهزة ..واربعة منهم استطاعوا تنفس الحرية والتجول في وطنهم لمدة خمسة أيام..وأن ياكلوا من صبره وتينه و"بوملته" وأن يخالطوا أطفال شعبنا،ويُجقبل القادري احدهم،ولكن ظل هاجسهم الأكبر بأن لا يلحقوا الأذى والضرر بأبناء شعبهم،ولذلك كان لديهم قرار بعدم الدخول الى بيوت أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني- 48- خوفاً عليهم لا خوفاً منهم،رغم أن من نال حريته بهذه الطريقة البطولية،حقه على أبناء شعبه أن يطلب مساعدتهم،ولكنهم جعلوا أخلاقهم وإنسانيتهم فوق حريتهم،وتلك هي اخلاق المناضلين الأحرار،رغم القناعة التامة بان الكثير من أبناء شعبنا كانوا سيحضنونهم لو توجهوا اليهم. الإحتلال وأجهزة مخابراته،بعد ان ألقوا القبض على الأسيرين محمود العارضة ويعقوب القادري،وظفوا كل أجهزتهم الأمنية والإعلامية،لكي يثبتوا روايتهم عن هذين البطلين،فهي وصفتهم بالجوعى الذين "يتسولون" الطعام قبل القاء القبض عليهم،ومن بعد القاء القبض عليهم وعلى الأسيرين زكريا الزبيدي ومحمد العارضة،أرادت في نقل أخبارها وما ضخته من اخبار عبر وسائل اعلامها،ضرب الحالة المعنوية عند أبناء شعبنا،بأن دولتهم قادرة على الوصول الى هؤلاء الأسرى واعادة اعتقالهم،وبأن مثل هذا الخيار لن يجدي نفعاً وبان كلفته باهظة الثمن،وليس فقط يلحق الضرر بهؤلاء الأسرى،بل بكل أسرهم وعائلاتهم ومحيطهم الإجتماعي وأبناء الحركة الأسيرة. المحتل باجهزة مخابراته ووسائل اعلامه،شن حرباً نفسية على شعبنا الفلسطيني،وحاول أن يثبت روايته عبر الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي ،وفق استراتيجية ممنهجة،يشاركه فيها من هم مؤمنين بقدراتها الخارقة،من أصحاب نهج الذل والإستكانه،وكذلك من المراهقين وصبية الفيسبوك ،وأيضاً سعى الى بث ونشر الفتنة بين أبناء شعبنا،بالقول بأن هناك من هم متعاونين معه من أرشدوا ودلوا على اماكن وجود أسرانا،وحتى وإن بدت المعلومة التي نقلها الأسير القادري دقيقة،بأن هناك من وشى بهم،فهي لا تشكل بأي شكل من الأشكال حجة وادانة لشعبنا في الداخل الفلسطيني،هذا الشعب الذي كان صوته يصدح عالياً ويهتف لأسرانا الأبطال أثناء نقلهم ووصولهم للمحكمة المركزية في الناصرة،شعبنا عظيم وناصرة توفيق زياد،لم تكن في يوم من الأيام،سوى متوحدة وتلاحمة مع شعبنا في نضالاته وتضحياته،وشاهدنا ذلك في معركة " سيف القدس"،وفي كل الإحتلالات يكون هناك متعاونين مع المحتل من ي خ ون و ن وطنهم،ومن يغرر بهم او من ينحازون لمصالحهم ،وكل إحتلال يعمل من أجل تجنيد أعوان ومرتزقة له من اجل خدمة اهدافه ومصالحه،حدث ذلك ايام الإحتلال الفرنسي للجزائر والألماني لفرنسا والأمريكي لفيتنام و الإ س ر ا ئ ي ل ي لجنوب لبنان،وحصل عندنا،تجربة روابط القرى وغيرها. والمأساة الأخرى في قضية الأسرى المحررين المعاد اعتقالهم والأسيرين اللذان ما زال طليقين،الكم الكبير من الأخبار الكاذبة والإشاعات التي نشرت وينشرها صبية ومراهقين وجهلة،تتعلق بالأسرى انفسهم،كما جرى في قضية الأسير الزبيدي وصحته..ونحن لا نجادل بأن أسرانا تعرضوا الى تعذيب عنيف ووحشي وصفه اسرانا لمحاميهم،ولكن لا يجوز بث الأخبار الكاذبة والمفبركة ،ليس فقط من الناس البسطاء،بل من هم يرغبون في تسليط الضوء عليهم من اعلاميي التهريج والتشويق وأصحاب من يسمون انفسهم ب" السبق" الصحفي "أبو العُريف". الرواية التي رواها أسرانا الأبطال محمود ومحمد العارضة ويعقوب قادري وزكريا الزبيدي عن الأيام الخمسة التي هزت الكيان، يجب أن تكون درسا من دورس "التربية الوطنية" لكل أطفال فلسطين، كي لا ينسى البعض أن "نفق الحرية" لشعب فلسطين مفتوح دوما الى ان يصل الى ذلك الضوء في نهايته. والرسالة التي كثفتها وعبرت عنها عملية "نفق الحرية"،ليست فقط للمحتل وأجهزة امنه ومخابراته،لكي تقول له بأن إرادة الأسير الفلسطينية،قادرة أن تتفوق على كل اجهزة امنه وتخترقها في أكثرها تحصيناً وامناً،بل هناك رسالة أخرى،وهي الأقوى لصناع القرار والسلطتين في رام الله وغزة وقادة الأحزاب والفصائل الفلسطينية على مختلف مشاربها السياسية بأن عملية تحرير أسرانا لأنفسهم من سجن "الخزنة" بهذه الطريقة،تلك الرسالة التي عبر عنها الأسير صالح ابو مخ من باقة الغربية بعد ان قضى 35 عاماً في سجون الإحتلال،انا لست بالأسير المحرر ولم يحررني أحد ولا يزايد علي أحد،انهيت مدة حكمي وخرجت من السجن... الرسالة تقول هناك أسرى مر على وجودهم في سجون الإحتلال اكثر من 30 عاماً وهم يقولون طال الإنتظار وطالت الوعود وطال الإستثمار في قضيتنا،أين أنتم ؟؟؟؟؟ .
فلسطين – القدس المحتلة 16/9/2021 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حملة مشبوهة على أهلنا وشعبنا في الداخل- 48-
-
رغم اعادة الإعتقال... عملية -نفق الحرية- ترسم معادلات جديدة
-
نجاح الأسرى الستة في تحرير أنفسهم...هل سيشعل عود الثقاب نحو
...
-
مبادرة -طحن- الماء
-
أبعاد ومخاطر تسوية الأملاك في مدينة القدس
-
تحليل سياسي هل يصبح بقاء السلطة الفلسطينية .جزء من منظومة أم
...
-
أمريكا وسياسة الفوضى الخلاقة...أفغانستان ولبنان نموذجاً
-
توسيع السيد لمعادلات الردع،هل يسقط مشاريع تركيع لبنان وسوريا
...
-
تبييض الإستيطان والمستوطنات
-
محاكمات النظام السعودي للمواطنين الأردنيين والفلسطينيين
-
المطلوب رفع الغطاء عن المطبعين
-
قضية الشيخ جراح تقترب من الإنتصار
-
تسريب العقارات ....سلوان بحاجة لخطة - رمزور-
-
أمريكا ترحل وتدير المنطقة عبر الوكلاء
-
عندما -تتبلطج- اثيوبيا على مصر والسودان
-
اقتحامات الأقصى و-تطويع- العقل العربي والفلسطيني
-
في الذكرى السنوية الرابعة لهبة البوابات الألكترونية
-
سقوط قانون- المواطنة- - بند منع لم الشمل- لا يغير من واقع ال
...
-
دائماً سلوان وجعنا وألمنا
-
حظر الحسابات والقمع الممنهج لن يحجب الحقيقة المغتالة
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|