|
النقاب أهو معركتنا الجديدة ؟؟؟؟.
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 7021 - 2021 / 9 / 16 - 00:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
النقاب .. أهو معركتنا الجديدة ؟؟. ------------------------------------------ إن المتأمل للشارع المصرى ، سيكتشف بلا عناء ، ازديادا فى أعداد النساء المسلمات المنتقبات ، فى الشوارع ، فى الأسواق ، فى المواصلات العامة ، فى المؤسسات الحكومية ، بل ونجدهن فى النوادى الرياضية ، وأماكن الترفيه المختلفة . والتساؤل الذى يتبادر إلى الذهن ، ما سر ازدياد أعداد المنتقبات فى مصر ؟ . وفى هذه الآونة الأخيرة بالذات ؟ . هل هو شعور بعض النساء ، بأن الحجاب لم يعد كافياً ، ليفى بشروط الحشمة الاسلامية ، فلجأن إلى النقاب لأنه يخفى الجسم كله ، من الرأس وحتى القدمين ؟. هل ارتديت النساء المسلمات النقاب ، من أجل المزيد من التقرب إلى الله وإرضائه ؟.هل هناك علاقة بين إرضاء الله ،وارتداء النقاب؟. لقد بدأ النقاب يكسب أرضاً على حساب المرأة ، فكثير من المنقبات كن محجبات فى وقت من الأوقات ، فهل هو التطاحن والصراع ، على أيهما أكثر احتشاماً ، وأكثر صوناً لعفاف المرأة ؟ . لقد اخترق النقاب طبقات اجتماعية ، تتنوع وتتدرج بين الفقر والغنى ، وإن كان النقاب قد انتشر أكثر ، فى الطبقات الدنيا ، وأيضاً لاقى قبولاً بين الأعمار المختلفة ، عند الفتيات فى مقتبل العمر، وكذلك النساء المسنات. إن النقاب مثله ، مثل كثير من القضايا فى الدين الإسلامى ، وجدناه مسألة خلافية من الناحية الدينية . فالبعض يأتى بالحجج التى تؤيده ، والبعض ينفى ذلك. والتساؤل هنا ، لماذا يتعصب ويتشنج ، الطرفان بالإصرار على تبنى أحكام قطعية مطلقة ، يكون من شأنها نفى الآخر، وتهميشه ، وإدانته ، بالرغم من أن القضية هنا ، لا تتحمل كل هذا التعصب والتشنج . ولماذا كل القضايا الخلافية فى الاسلام ، لا تجد الا المرأة ، كبش فداء ؟؟. لقد آثار النقاب كثيرا من اللغط فى داخل مصر، وخارجها ، ولا يزال. وبعيداً عن هذا اللغط ، أود هنا أن أشير إلى عدة نقاط وهى : هل ارتداء النقاب يشكل نوعاً من الراحة ، راحة الجسم ، وحرية الحركة وخاصة فى أيام الصيف ، شديدة الحرارة والرطوبة ، التى قد تصبح حقا خانقة ، ومزعجة ؟؟. ما هى علاقة المرأة المنتقبة بمجتمعها ؟، وما هى مساحة حريتها عندما تتماس وتتلامس وتحتك بالأفراد ، الذين يعيشون فى هذا المجتمع ؟. ما تأثير ارتداء النقاب ، على المكتسبات والحقوق ، التى ناضلت المرأة من أجل الحصول عليها ؟ . إن للملبس وظائف عديدة ، من بينها الشعور براحة الجسد ، وحريته وسهولة حركته . فهل يؤدى النقاب هذا الدور بنجاح ؟. إن النقاب الذى ترتديه المرأة ، لا يؤدى دوره ، ولا يتناسب مع مناخ الصيف ذو الرطوبة والحرارة القاسية ، والتى تزعج النساء اللائى لا يرتدين النقاب ، فما بالنا بالمرأة التى تتدثر بالنقاب من أعلى الرأس إلى أطراف القدمين ؟؟. إن حرية المرأة التى ترتدى النقاب ، ليست منعزلة عن طبيعة المجتمع التى تعيش فيه . إن ارتدائها لهذا الزى، سوف يجعلها عرضة للاصطدام بما هو مجتمعى . فالأمر لا يخص المرأة المنتقبة ، ولا يخص حريتها فى أن ترتدى النقاب وحسب ، بل هو يمس المجتمع كله ، فى تعاملاته معها ، كى يحمى مواطنيه ومنهم المرأة المنتقبة ذاتها . ومن هنا تنشأ المصادمات التى تسبب الكثير من المشكلات . وعلى سبيل المثال ، فمن حق بعض الجهات الأمنية فى المؤسسات الحكومية ، وغيرها ، التحقق من شخصية المنتقبة ، ومن حق رجل المرور أن يطالب المرأة المنتقبة والتى تقود سيارة ، بأن تكشف عن وجهها لكى يتحقق من شخصيتها . إلا أن هذه الممارسات قد تغضب النساء المنتقبات ، فيفسرنها على أنها جور على الحرية الشخصية. إن ارتداء المرأة للنقاب ، سيجعلها تخسر كثيراً من الحقوق التى نالتها المرأة ، وكافحت وناضلت من أجل الحصول عليها . إن طبيعة ملبسها يشكل عائقاً ، يحول بينها وبين العمل فى كثير من الوظائف ، فى مجالات الطب والهندسة والشرطة ، والفنون والإعلام المرئى وغيرها من الأعمال ، التى تقوم بها النساء فى بلاد أكثر تقدماً من بلادنا ، كالالتحاق بالجيش وارتياد الفضاء . فمن غير المعقول مثلا ، أن تجرى طبيبة ما ، إحدى العمليات الجراحية وهى ترتدى النقاب . وبذلك تكون المرأة المنتقبة ، قد تسببت فى تقليص أدوار المرأة التى اكتسبتها ، وحاربت من أجلها عبر السنوات الماضية . ومن هنا تصبح المرأة المنتقبة ضد نفسها ، وضد مصلحة النساء الأخريات ، وضد مصلحة المجتمع ككل . إن وجه الإنسان ، هو جوهر صورته وعنوان شخصيته ، والتواصل الناجح بين الناس ، يتطلب أن يرى كل من المتحاورين وجه الآخر ، فتعبيرات الرضا والسخط والغضب والفرح والاعتراض والموافقة ، كلها تظهر من خلال ملامح الوجه وإيماءاته وتعبيراته المختلفة . وفى حالة المرأة المنتقبة كل هذه التعبيرات تصبح بلا فائدة ، لأنها اختزلت شخصيتها فى مجرد صوت . ومع أن الصوت بدرجاته ونوعية نبرته ، له أهميته فى عملية التواصل ، إلا أن عملية التواصل سيصيبها نوع من القصور والفشل . فأنت لا تستطيع أن تتواصل بشكل ناجح مع إنسانة ، تخفى نفسها وراء ستار من القماش ، لا يستطيع الإنسان أن يتواصل مع شخص يتكلم معه ، من وراء حاجز أو جدار يخفيه. أيضاً ، فإن المرأة المنتقبة عند تغطيتها لوجهها ، تعلن بشكل مباشر أن وجهها ، وجسمها ، عورة ، ويجب أن تختفى عن الأنظار . وهذا فى حد ذاته إساءة من المرأة لنفسها ، وإدانة فى نفس الوقت ، لكل الرجال . حيث أنها قد حولتهم جميعاً – دون أن تدرى – إلى كائنات جنسية. والحقيقة أن وجه المرأة ، أو جسم المرأة ، ليس عورة . والرجال ليسوا كائنات مهوسة بالجنس ، يفكرون فيه فى كل وقت. يكاد يصبح النقاب ، وتغطية النساء ، معركتنا الجديدة . معركة المصير والهوية ، والعنوان الكامل الأمثل لمعنى الفضيلة . هل ارتداء المرأة المسلمة للنقاب ، هو الذى سينشر الأخلاق والفضيلة والشرف ؟. هل ارتداء النقاب سيحارب ويمنع الفساد ويقضى على الفقر والبطالة ؟. إن الأخلاق والفضيلة والشرف ، أمور ليست لها علاقة بزى الإنسان وملبسه ، سواء كان يخفى الوجه أو يظهره . إن الأخلاق أوالفضيلة ، تنبع من داخل الإنسان ، من قناعاته بالقيم الإنسانية العامة ، كالعدل والحرية والمساواة . إن شرف الإنسان يكمن فى عمله الدؤوب ، وجهده المتواصل ، فى شتى مناحى المعرفة و العلم والفكر والإبداع ، ليصنع عالماً أكثر تقدماً وتحضراً ورقياً. إن معركة النقاب حامية الوطيس ، التى تدور رحاها فى الداخل ، والخارج ليست إلا تعبيراً عن البطالة الفكرية ، والتصحر العقلى ، والفراغ النفسى . إنها تدل على أننا نحن المسلمون ، نخوض معارك دونكشوتية ، لا طائل من ورائها ، غير إضاعة الجهد والوقت والعمر ، فى أمور لا تقدمنا خطوة واحدة نحو المستقبل ، بل تجعلنا نتقهقر إلى الماضى البعيد. إن المعركة الحقيقية ، التى يجب أن نسعى إليها جميعا ، هى تحقيق العدالة ، والقضاء على الفقر والتسول والبطالة والجهل والمرض . إنها المعركة التى تطلق حرية الرأى والفكر و الإبداع ، وتدين مصادرة الكلمة ومنطق تكميم الأفواه ، وخنق الكلمات فى الحناجر ، وقص أجنحة الحرية واغتيال العقل على مذبح الخرافات. إنها المعركة التى نأخذ فيها بأسباب العلم والتقدم فى شتى مناحى الحياة ، لكى ننتج ما نأكله ، ولا نصبح عالة على عالم يسارع الخطى نحو المستقبل ، ونحن نجلس فى مقاعد المتفرجين الخاملين ، لا نملك الا أن نشتم العالم المتقدم ، ونخوض فى معارك تؤدى الى المزيد من تغييب العقول ، والوصايا على أجساد النساء ، باسم الفضيلة . متى نفيق من هذه الغيبوبة التى طالت ، وأحكمت قبضتها على أرواحنا وعقولنا وأجسادنا ؟؟. متى نعيد للعقل فاعليته ومكانته واحترامه، لنثبت لأنفسنا ، وللعالم من حولنا ، أننا بشر نستحق الحياة ؟؟. ----------------------------------------------------
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اختلاف الفقهاء ليس رحمة ولكن تخبط
-
تنويعات على لحن الصمت العربى
-
الفكر الوهًابى الارهابى يجتاح مدارسنا
-
- أمى - وأنا فى مجتمع ذكورى
-
لهذه الأسباب يكرهون ويقهرون
-
الكبت الجنسى وفشل مؤسسة الزواج
-
الزى الاسلامى وخطر السرطان
-
الزواج السياحى ....... نساء للبيع
-
ارهاب التيارات الاسلامية يخدر العقول
-
كيف تصنع ارهابيا ناجحا ؟
-
اطعام فقراء مصر من فضلات القمامة
-
افتراءات رجل ذكورى يدمن الجمود والتعصب
-
أقراص فياجرا أم صواريخ كاتيوشا !
-
غيبوبة لكل مواطن
-
أمركة العالم .. أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟
-
مجمع الفقه الإسلامى و - زواج الفريند -
-
عقول ذكورية فى أثواب نسائية
-
- مختل - عقليا .. - محتل عقليا - نقطة واحدة فرق لكنها بحجم
...
-
تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|