أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ازهر عبدالله طوالبه - أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!














المزيد.....

أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 7019 - 2021 / 9 / 14 - 16:52
المحور: المجتمع المدني
    


قصّة #الطفلة_لين، ما هي إلّا ‏مأساة مِن آلاف المآسي في بلدٍ ليسَ فيه للإنسانِ أيّ قيمة.

يكذبونَ عليكَ حينما يقولونَ لكَ، بأنَّكَ ولدتَ كمواطنٍ في هذه البِلاد . لا تُصدِّقهُم ؛ فولادتكَ في هذه البلاد، ما هي إلّا أنَّكَ قَد قُذفتَ مِن رحمِ أُمّكَ، ولولا أنّكَ حُملتَ في رحمِ أمّكَ، وانتفَخ بطن أُمّكَ، لما صدَّقتَ بأنَّك قد جئتَ إلى هذه البلاد، حقّا.
فهذه ‏بلادٌ تُدارُ مِن موتى في قُبورِهِم، وليسَ مِن حقّ أيّ إنسانٍ أن يعيشَ فيها إلَّا هيكَلًا.
فالحياةُ فيها هي لعنةٌ بكُلِّ ما تحملهُ الكلمةُ مِن معنى، وأنتَ لا تولَد فيها إلّا مِن أجل أن تموت.

في هذه البلاد، ما إن تنتَهي مِن قضيّة قتل، إلّا وترى نفسكَ قد ارتطمتَ بواحدةٍ جديدة . فإنَّ أكثَر ما أصبحَت تتميَّز بهِ -هذه البلاد- في العقدينِ الأخيرين، هو احتلالها لصدارةِ جرائم القتلِ وسفكّ الدّماء، وتسخيفِ حياة الإنسان . حيث أنَّكَ تتصبَّح على جريمة قَتل، وتتمسّى على جريمةٍ أُخرى . فإن لَم تكُ هذه الجرائم بالشّوارعِ، أي أن يكونَ العقلّ المُدبِّر والمُنفِّذ لها ؛ زُعران وقاطعي طُرُق، تَجِدها قَد تمَّت على يدِ إنسانٍ فاقِد الضّمير، يتدثَّر بلحافِ أبّيَض، ويتستَّر على ملامحِ وجههِ الإجراميّة بكِمامةٍ تنّبعٌ منها الدّناءة، وتفوحُ منها روائح الخسّةِ والنّذالة.

وللأسف، فإنّنا قَد بدأنا نُلاحِظ بأنّهُ ثمّةَ تراجُع في جرائم القتلِ التي يُنفّذها أرباب البلطَجة والزّعرَنة، وأنَّهُ ثمّةَ تقدُّم، ملحوظ وملموس لدى الجميع، في جرائمِ القتلِ التي تجّثوا على أعناق القِطاع الطبيّ . حيث تأخُذ هذه الجرائم، اسم "أخطاء طبيّة" اسمًا تجّميليًّا لها، بل اسمًا يُشرعِنها، ويجّعلها أكثر قبولًا في أوساطِ المُجتمَع .

وإنَّ مِن كُثرةِ التُّجار الذينَ يتدثّرونَ بالمريول الأبّيَض، ويلفّونَ على أعناقهم "سمّاعاتهم الكاذِبة" كما لو أنَّها عُقد مِن ألماس، ويطوِّقونَ مباضِعَهم بأصابِعهم المُرتَجِفة . ومِن كُثًرة الذينَ يُتاجرونَ بأرواحِ البشَر في هذه البِلاد، الذينَ يعشقونَ الجُلوسَ على كراسي الطبّ الوثيرة، التي يبّتاعونها على حسابِ أرواح النّاس المُنهَكة والمُتعَبة ؛ عجِزنا عَن مُلاحَقة الجرائم التي يرتَكبونها هُنا وهُناك ؛ وما عُدنا قادرينَ على أن نتضامنَ معها كُلّها ؛ وذلكَ لإدراكنا بأنَّ ما هذا التّضامُن إلّا اعتراف بأنَّنا ضُعفاء، وبأنَّ ثمّةَ خللٌ في المنظومتينِ "الاجتماعية" و "السياسيّة"، ليسَ بوسّعِنا أن نتحمَّل تكاليفَ إصلاح هذا الخَلل ؛ لأنَّنا نُجيد التّباكي على الضّحايا، ولا نُجيد التحرُّك مِن أجلِ أن نُعالِج هذه المُشكلَة التي انتَشرَت كالنّارِ بالهشيم، والتي لا نُلقي لها بالًا، ونسير على جوانبها، كما لو أنّها مسألَة وقِت فقَط، وستلُفّلَف القصّة، برُمَّتها.

نحنُ لسّنا بناقمينَ على البلاد بذاتها ؛ فهي بُنيَت بعرقِ أجدادنا وآباءنا، ولكنّنا ناقمينَ على مَن يُديرونَ مؤسساتها ؛ لأنَّهُم لا يُحسِنونَ إدارتها، ويتلاعبونَ بها كما لو أنّها غُرفة نومٍ لهُم ولأزواجِهم . فلا يأتي أحَد لإدارة هذه المؤسسات إلّا وكانَ مِن ضمنِ الطُّغمَة الفاسِدة، التي لا ترعى مواطنًا، ولا تزّرَع أرضًا، ولا تُطوِّر قِطاعًا، ولا تستَحدِث مجَالًا، ولا تستَعين بأصحاب الكفاءات مِن أبناءِ البَلد، ولا تستَقدِم إلّا مَن لديها مصالِح معهُم، ويُملى عليها مِن سفارات مَن استقدمتّهُم . إذ أنّها أخلَصت في تنفيذِ أجندات هذه السّفارات.

نحنُ ناقمونَ مِن تفرُّخ العشراتِ مِن أصلابِ هؤلاء، وتولّيهم لزمامِ الأمور في هذه البلاد، القابعةُ على شفاهِ حُفرٍ مُنهارَة.. نحنُ ناقمونَ مِن كُلّ مَن يُتاجِر علينا بالشِّعارات، ويُخرِج مِن فوّهتهِ أعذَب وأنقى الكلِمات، لكنَّهُ، عند التطبيقِ على أرضِ الواقِع، تراهُ ككوبٍ مِن الماء عثرَ عليهِ طِفل تمكَّن منهُ الظمأ، وحينما أرادَ أن يشّرَب مِن بئر القرية، اكتَشف بأنَّ الكووبَ مثّقوب...نحنُ تعِبنا ممَّن لا يحترمونَ الإنسان لذاتِه، لأنَّه إنسان..تعِبنا ممَّن هُم بلا أخلاق وقيَم، ويبّرعونَ في نسجِ الكلام، ويتفنّونَ باعتلائهم للمنابِر، وتزعُّمهم لكُلّ شاردةٍ و واردة مِن أحوالنا. هؤلاء أنهكونا، وأتّعبونا، وزرعوا بنا الإحباط، وعمَّا قريب سيقّتلوننا جميعًا..

الحياةُ هُنا أشّبَه بالغابة . فلا دولَة، ولا وزارة صحّة، ولا مسؤولينَ يتحمّلوا وزرَ أخطائهم.

لقَد أصبحَت هذه البلادُ مُرعِبة، بكُلِّ ما فيها، وأصبحنا نخاف على مَن نُحِب حينما نضظرُّ لإدخالهِ المُستشفى.
ما عادَت هذه البلادُ آمِنة، وما عادَت تُلقي لأرواحنا أيّ اعتبار، وأصبحَت تركل حياتنا، كما لو أنَّها - أي حياتنا- كُرَة تُركَل إلى وادٍ سحيق.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا والخارطة الإقليمية الجديدة
- العرَب، والقيمة المعنويّة لهُم
- مِن خلالِ نحتهِ بالصّخر، يسعى كُلّ فلسطينيٍّ حُر إلى التحرُّ ...
- -الفساد والإفساد الدّيني -
- -لنَنجوا معًا ممّا نحنُ فيه مِن التّديّن الظّاهري-
- :اللجنة الملكيّة، وتقبُّل الإختلاف في البلاد-
- النظام السوري وتشظّي الوحدة العربية
- -حول ملابسات الفهم الدّيني فيما يتعلَّق بحُريّة التعبير -
- صراع الثانوية العامة ما بين الشّعب و وزارة التربية
- البلاد تضيع واللجان تُشكَّل..
- لقَد هزمَنا تظاهرنا بالقوّة
- تحرّكات حماس .. إلى أين ستقودها ؟!
- أزمة الثقة في بعض أعضاء لجنة الإصلاح
- في فيينا ثمة مطابخ سياسيّة في بدايةِ تجّهيزها. فولوّا وجوهكم ...
- القضية الفلسطينية واستغلالها من قبل البعض
- وهم الوساطة العربية في الصراع مع إسرائيل
- عليكُم بقتلِ التشكيكِ والتخوين ..
- معركة الإعلام وتأثيرها الذي يفوق تأثير أي معركة أُخرى
- حقائق كُشفت بعد الأزمة التي مرّ بها - وما زالَ يمُرّ بها- ال ...
- أباطِرة الاقتصاد وإدارة الدولة


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ازهر عبدالله طوالبه - أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!