عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7017 - 2021 / 9 / 12 - 22:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
آن لنا أن نتوقف عن البكاء على الهوية، ذلك البكاء الذي تنخرط فيه جهات عديدة متعارضة، عروبيون يتباكون على ضياع ((الهوية القومية))، وإسلامويون، يقيمون المآتم على موت ((الهوية الدينية))، وشوفينيون يندبون ليل نهار فقدان ((الهوية الوطنية))، وأمميون مبتئسون لتصدع ((الهوية الطبقية)).
فهل تقتصر هوية الفرد على أنتماء واحد وحيد نابذ لتعدد الأنتماءات؟
هل يمكن أن يكتفي الأنسان بالأنتماء الى عقيدة دينية نافية للعقائد الأخرى ومتناحرة معها، أوقومية عابرة للدين ولكن متقوقعة في الثقافة أو العرق تعلي ذاتها عن غيرها من الثقافات والأعراق، أو وطنية تلتزم الحيز الجيوسياسي وتقطع وشائج مكونات الكيان الوطني بامتداداتها العقائدية والإثنية خارج ذلك الحيز؟
وهل يلغي الأنتماء الطبقي ـ لو أفترضنا بقاء تلك الخطوط الفاصلة والواضحة بين الطبقات ـ هل يلغي أي أنتماء آخر سواه؟
وقبل هذا وذاك، هل ثمة هويات ثابته سرمدية لا تتغير مهما كان محتواها، هويات عابرة للزمان والمكان؟
الهوية أطار شامل يجمع أنتماءات إثنية وثقافية وعقائدية متعددة لا يلغي بعضها البعض ويساهم تفاعلها مع بعضها في عملية تجددها وتطورها، واغتنائها بعناصر أكثر أنفتاحا وتسامحا، وعلى الضد من ذلك كلما تقلصت الأنتماءات داخل الهوية، وأقتصرت على عنصر واحد أو عنصرين، تحولت الى هوية منغلقة محدودة الرؤية أساسها التعصب والعنصرية.
أساس مشاكل مجتمعات الشرق الأوسط بالغة التأزم، يكمن في الوعي السائد الذي يقلص هوية الفرد الى أنتماء أثني أو عقيدي واحد وحيد، لا يتغير، ويقف بالضد من الأنتماءات الأخرى، ويسعى الى تطهير الحيز الجيوسياسي من الأنتماءات الأخرى، أو الى قمع تلك الأنتماءات وإخضاعها.
الهوية متعددة الأنتماءات هي هوية أنسان المستقبل، هوية غير ثابتة، يتبدل سلم تراتبيتها باستمرار، تضمر بعض عناصرها، وتنمو أخرى مع تطور الفرد والجماعة، وتطور محيطهما، وتطور المجتمع البشري في شتى أرجاء المعمورة.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟