أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالمنعم الاعسم - الزعيق لا يصنع سياسة














المزيد.....

الزعيق لا يصنع سياسة


عبدالمنعم الاعسم

الحوار المتمدن-العدد: 1646 - 2006 / 8 / 18 - 10:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يتأخر الوعي فيفسح المجال الى الضجيج، او يندلع الضجيج فيرسل الوعي الى المحرقة، لا فرق. وحين يسقط المشهد في وحل الضجيج، كما هو حالنا، فان الخسارة الفادحة تتمثل في ان بعض دعاة الوعي واصحاب مشروع المعرفة والتغيير يتخاذلون امام هذا المشهد، ويقبلون ان يكونوا فارزة صوتية في تظاهرات الضوضاء، ومن لم يرصد هذا المستنقع حتى الان يستطيع ان يرصده في تلك البرامج الصوتية الفضائية المحسوبة، عسفا، على تبادل الاراء، فيما هي تستهدف إخصاء الاراء بواسطة متناقشين لا يتحدثون من افئدتهم بل من حبالهم الصوتية، وهذا ما شاهدته منذ حين في حوار ظل فيه الكاتب الفلسطيني، الذي كنت احترمه يوما، رشاد ابو شاور طوال ساعة كاملة وهو يصرخ جاحض العيون منتفخ الاوداج مضطرب العبارات، مخبوصا، منفوشا، ملوحا بيدين في كل الاتجاهات، وكأنه في ساحة وغى، او في ميدان حرب، او على فوهة هيروشيما، او فوق ارض داحس والغبراء.

الشيء الذي لا يعرفه، او لايريد ان يعرفه، فرسان هذه الظاهرة هو ان السياسة (وأيّ من العلوم الاخرى) لا تُصنع في الضجيج، وان بضاعة الزعيق سرعان ما تفسد عندما تهدأ الامور ويعود الوعي الى مساره، والرؤوس الى مكانها، وفي علوم السياسة ثمة نصيحة ذهبية بتحاشي وضع السياسات في جو من الانفعال والضوضاء والصخب، ذلك لأن العقل الذي يخطط تلك السياسات لن يعمل بكامل فضائله.

ويبدو، في ما يتعلق بالعراق، ان ثقافة الضجيج والتهييج ليست اصيلة، فقد اكد عالم الاثار العالمي (وول ديورانت) ان التنقيبات الاثرية في وادي الرافدين عثرت على الواح بلغة ترشد الى الملل والسأم من مدن تعج بالضوضاء والصخب، لكنْ، وقبل ذلك، في العهود البدائية كان الانسان يحتاج الى تقليد اصوات الحيوانات في تعاملاتها يوم لم تتطور فيه اللغة بعد، ويوم كان الانسان البدائي لا يسمع غير اصوات زمجرة الريح وصفير العواصف ودوي الرعد وخرير الماء وحفيف الاشجار.

وفي العصور الوسيطة سادت نظرية طبية تعتبر الضجيج غذاء ضروريا للعقل البشري، باعتبار ان الصوت الصادر عنه، بلغة علم الفيزياء، هو المجال الذي يملك صفة الانتظام والتموسق والانسجام، غير ان العلم الحديث ميّز ما بين الاصوات والزعيق، والاخير، حسب هذا العلم، حزمة اصوات نشاز متشابكة وغير منتظمة في ذات الوقت، وقد ادرك الانسان المعاصر، بتجربته، بان الضوضاء والزعيق مصدران لاثارة الاعصاب واضطراب السلوك والشعور بالضجر والشقاء، وليس من دون مغزى ان يستخدم رجال التحقيق في الجرائم المعقدة(ليس في بلداننا طبعا) الضجيج والصخب والزعيق لتحطيم “صمود” الجناة واجبارهم على الاعتراف.

اقول، يحيطنا الضجيج، للاسف، من كل صوب، الامر الذي يهدد وعينا ورباطة جأشنا، وهي مخافة لها ما يبررها في عمق التاريخ، إذ اقلق البشر الزاعقون، بضوضائهم وصخبهم، الالهة (انليل) فارسلت عليهم كارثة الطوفان والقحط والفناء، كما جاء في قصيدة بابلية..كفانا الله شر الزعيق والزاعقين.

ــــــــــــــــــــــــ

..وكلام مفيد

ــــــــــــــــــــــــ

“الذين يجعلون الرذيلة مفضلة خير من الذين يلوثون الفضيلة”.

حكمة فرنسية قديمة



#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار العالمي.. مأزق خيار رد الفعل
- دموع السنيورة
- المندائيون والسلام الاهلي
- الخطاب الطائفي..من اين؟ الى اين؟
- حذار..انها وليمة مسمومة
- مرثية الى عمال فرن الكاظمية
- ثلاث جولات دردشة مع شوفيني
- ما لم يقال في مقتل الزرقاوي
- رسالة تصلح كتحذير
- محكمة وكوابيس
- البصرة..بصيرة اخرى
- تشبيخ - بين الارهاب وضحاياه
- الذين قتلوا سيدة الخميس
- كمال سبتي.. هل صار ماضياً؟
- نحن..وما يجري في المنطقة
- انتصرت كربلاء .. وانتصرت الرمادي
- تعذيب المعتقلين ولعبة ال -لكن
- عادلون مع مَن لم يعدل
- تعليق - الارهاب بين ثيابنا
- جملة مفيدة - حيرنا، والله، الحائري


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالمنعم الاعسم - الزعيق لا يصنع سياسة