شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 7016 - 2021 / 9 / 11 - 11:21
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 711 ، أوت 2021
https://revcom.us/a/711/raymond-lotta-the-industrialization-of-sexual-exploitation-en.html
هذه الورقة البحثيّة حثّ عليها تحليل بوب أفاكيان للتغيّرات العالميّة الإقتصاديّة – الإجتماعيّة الكبرى و لنضالات الإجتماعيّة طوال الخمسين سنة الماضية المؤثرة في التبدّلات في الهيكلة الطبقيّة و التطوّرات الإيديولوجيّة – السياسيّة ، لا سيما صعود الفاشيّة . و وجهة نظرى و نقطة إنطلاقيّ هي قسم من التحليل الأوسع لبوب أفاكيان :
" أفرز إفلاس الكثير من الزراعات التقليديّة على نطاق صغير في بلدان العالم الثالث و النموّ الدراماتيكي لسكّان المدن هناك ( و كذلك في الولايات المتّحدة و بعض الدول الإمبرياليّة الأخرى ) عددا هائلا من الذين لا يقدرون على إيجاد شغل ضمن " الاقتصاد الرسميّ " – و قد شجّع هذا أيضا نموّ الاقتصاد غير القانوني و العصابات ( لا سيما في بلدان العالم الثالث ، الكرتالات ) المعتمد على هذا الإقتصاد اللاقانوني خاصة تجارة المخدّرات و التجارة في البشر خاصة النساء و البنات ضحايا بخبث للدعارة ، " صناعة الجنس " و عبوديّة الجنس التامّة . " ( التشديد مضاف )
و تتفحّص هذه الورقة البحثيّة أبعاد و تستكشف الديناميكيّة المفتاح و العوامل التاريخيّة المحرّكة للنموّ العالمي الدعارة و المتاجرة بالنساء في البغاء .
1- مقدّمة ملاحظة توضيحيّة :
إنّ الإستغلال التجاري لجنس النساء ( و الأطفال الصغار بناتا و أولادا ) قد بلغ حجما كبيرا . و ما يحال عليه بصيغة تلطيف في الكلام على أنّه " صناعة الجنس العالميّة " أو " تجارة الجنس العالميّة " قد تطوّرت إلى قسم مربح بصفة هائلة للإقتصاديّات الوطنيّة الفرديّة و للإقتصاد الإمبريالي العالمي ككلّ . و تشمل " صناعة الجنس " بيوت الدعارة و بغاء الشوارع و حرس الدعارة ، و نوادي التعرّى و صالونات التدليك ؛ و البرنوغرافيا و الدعارة العسكريّة و مواقع أنترنت عالميّة ل " السياحة الجنسيّة ".
في هذا الاقتصاد الإمبريالي العالمي المتصاعد الإندماج و اللامساواة ، يجرى التغرير بالنساء المفقّرات من بلدان العالم الثالث و تجرى المتاجرة بهنّ في البلدان الإمبريالية الثريّة ؛ و يجرى بيعهنّ أو إختطافهنّ ليقع إستغلالهنّ من طرف العسكريّين و العصابات ؛ و نتيجة للسير الإضطهادي و المشوّه للتطوّر الى تهيمن عليه الإمبرياليّة يضطرّون إلى الدعارة كإستراتيجيا للبقاء على قيد الحياة .
و يقع حجب مدى و فظاعة هذا الإستغلال الجنسيّ بعاملين كبيرين ، عامل ماديّ و آخر إيديولوجي – ثقافي.
و في المقام الأوّل هناك وسائل تزويد محلّلة و محرّمة معقّدة و متشابكة و تسويق و تعيين لقيمة ماليّة للإستغلال الجنسيّ : آليّات الدفع عبر الأنترنت والعملة الأجنبيّة تتدفّق على حكومات جنوب الكوكب من بلدان ما بعد البحار من " عمّال الجنس" و شركات الاتصالات التي توفّر " ترفيها " برنوغرافيّا و صناعة عالميّة ل " نزل تمضية أوقات الفراغ " المرتبطة بتوسّع " سياحة الجنس " و شركات الطيران التي تنقل هؤلاء السائحين و البنوك التي تموّل هذه القطاعات . و تخدم " حمولات " المهرّبين في الوقت نفسه سلاسل التزويد العالميّة بالعمل الرخيص و الإستغلال الجنسي التجاري .
و في الآن ذاته ، و هذا هو العامل الثانيّ لحجب هذا الإستغلال ، صارت الإهانة الجنسيّة و التبعيّة العنيفة للنساء أمرا عاديّا بصفة متصاعدة كمعطى من الحياة الإقتصاديّة و الثقافيّة المعاصرة كالموضة و البرنوغرافيا المدرّة للأرباح و ك " تربية جنسيّة " و كشغل . و في مجال الخطاب الفكريّ – السياسي ، كان الإخضاع الجنسيّ مبرّرا بشكل مسموم كتعبير عن " إختيار " و " مقاولة عمل " شخصيّين من قبل النساء . و الإغتصاب و القمع الجنسيّين و الإهانة الجنسيّة يقع لفّهم و حجبهم على أنّهم صنف شغليّ من " عمل الجنس " .
و تنطلق هذه الورقة البحثيّة من فهم أنّ " العمل الجنسي " سواء إعتبره الآخرون أو إعتبرته ممارساته " توافقيّا " أم " غير توافقيّ "- هو في جوهره الإهانة المسوّقة و الإخضاع الجنسيّ للهيمنة الذكوريّة على النساء . و تبيّن الورقة البحثيّة لماذا في الواقع و في مسار التحليل يعالج بإقتضاب لماذا نعدّ مفهوم " عمل الجنس " مفهوما مضلّلا بعمق و بفحش و مفهوما ضارا .
2- معطيات حيويّة عن تجارة الإستغلال الجنسيّ العالميّة :
+ حسب التقديرات الراهنة، هناك 40 مليون عارة عبر العالم، 75 بالمائة منهنّ تتراوح أعمارهنّ بين 13 و 25 سنة. و قد أمست المتاجرة في الجنس أساسيّة في تزويد تجارة الإستغلال الجنسي الوطنية و العالميّة بالنساء . و تحيل تجارة الجنس العالميّة على إستعباد بشر عنوة و عن طريق الغشّ و الخداع - و نقلهم عبر الحدود من بلد إلى بلد أو أكثر من بلد.
و يحيل " تصنيع البغاء " على ظرف انّ هذا الإستغلال أصبح على نطاق واسع و منظّم و مركّز ( في آن معا عبر المؤسّسات القانونيّة و الإجراميّة ) وهو عُرضة ل " الإنتشار الواسع النطاق عبر العالم " كانت العولمة الإمبريالية الفاسدة ب " سلعنتها لكلّ شيء " - سلعنة الناس و الأشياء و الطبيعة و الأفكار - محفّزا للمتاجرة العالميّة بالبشر ... الذين يُسعّرون و ينقلون برّا و بحرا و جوّا و يُباعون .
بإمكان المرء أن يتكلّم بكلّ من لغة الاقتصاد السياسي العلمي و بإستعارة مثيرة للرعب عن " سلسلة تزويد " بالنساء و الأطفال قصد إستغلالهم و إستعبادهم جنسيّا .
+ مع مفتتح القرن 21 ، كانت تجارة الإستغلال الجنسيّ تعدّ ما بين 12 إلى 14 بالمائة من الدخل القومي للفليبين و ماليزيا و تيلندا و أندونيسيا . ففى تيلندا ، مع بدايات القرن 21 ، حوالي 800 ألف من " عمّال الجنس " سنّهم دون 16 سنة .
+ مع 2010 ، وُجد ما يقدّر بأربعة إلى ستّة ملايين عاهرة في الصين بعد أن كان العدد سنة 1985 حوالي 25 ألفا . فالإطاحة بالإشتراكية و إعادة تركيز الرأسماليّة في الصين سنة 1976 و ما بتع ذلك من إعادة هيكلة رأسماليّة للريف الصيني أدّيا إلى إستقطاب إقتصادي و إجتماعي في المناطق الريفيّة الصينيّة بأعباء ثقيلة جدّا وُضعت على كاهل النساء . و ساهم هذا الزلزال في أوسع هجرة تاريخيّة من الأرياف نحو المدن عرفتها الصين . و كان البغاء في الصين متركّزا بثقله في المناطق الساحليّة السريعة النموّ؛ و النساء النازحات من المناطق الريفيّة يمثّلن مصدر تزويد كبير للإستغلال الجنسيّ .
+ زهاء 70 بالمائة من ضحايا المتاجرة بالجنس عبر العالم من آسيا . و البلدان الرياديّة في ذلك هي الهند و الصين و باكستان و تيلندا و بنغلاداش .
+ أفرز إنهيار 1990- 1991 و إنهيار إقتصاديّات الكتلة السوفياتيّة ( الإمبرياليّة الإشتراكية ) السابقة مصدرا جديدا ضخما من النساء اليائسات الباحثات عن الشغل و اللاتى أصبحن فريسة للمتاجرين بالجنس عبر العالم . و بين 1991 و 1998 ، 500 ألف امرأة أوكرانيّة وقعت المتاجرة بهنّ للإستغلال الجنسيّ في البلدان الغربيّة .
+ في فرنسا مع بدايات القرن الواحد و العشرين ، ما يقدّر ب 60 إلى 70 بالمائة من العاهرات من المهاجرات – و الكثير منهنّ من أفريقيا و أوروبا الشرقيّة . و نيجيريا و غانا هما البلدان الأفريقيّان اللذان منهما تتمّ المتاجرة بأعداد كبيرة من الضحايا نحو أوروبا لإستغلالهنّ جنسيّا . و قد يقع بيعهنّ لعدّة مرّات بالمزاد و " في مخيّمات تدريب " تخرجن منها محطّمات جسديّا و نفسيّا و تصبحن من السبايا : عبيد ملكيّة طرف ثالث يتحكّم فيهنّ القوّاد.
+ في 2016 ، العدد الجمليّ المتبيّن أنّهن ّضحايا العبوديّة العصريّة / المتاجرة بالبشر كانت تقدّر بأكثر من مليون إنسان منهنّ جوالي 70 بالمائة من النساء و البنات تعملن عنوة و 15 مليون تُجبرن على الزواج . و ضمن صنف العمل عنوة ما يربو عن 5 ملايين إنسان ، 99 بالمائة منهم نساء و أطفال ، تقع المتاجرة بالقوّة بهم نحو الإستغلال الجنسيّ ، منهم أكثر من مليون من الأطفال .
( ملاحظة : الظروف الخاصة التي تواجه المتحوّلين جنسيّا و الذين لا يمتثلون لتقاليد الجندر في البلدان الإمبريالية و في بلدان العالم الثالث في علاقة بوقوعهم ضحايا المتاجرة الجنسيّة و العنف الجسديّ - الجنسيّ سيقع معالجتها في عمل خاص مستقبلا . )
+ المتاجرة بالبشر مقاسة بالدخل هي ثانى أكبر نشاط إجرامي عالمي ( في الترتيب ، تلى المتاجرة غير القانونيّة في المخدّرات ).
+ المتاجرة في الجنس مدرّة لأرباح طائلة . الإستغلال الجنسي عنوة كان يولّد 99 بليون من الأرباح سنويّا مع بداية العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين . و قدّر أكاديمي مستشار للأمم المتّحدة بشأن العبوديّة المعاصرة في حوار صحفيّ أجراه سنة 2019 مع المجلّة البريطانيّة " الأُبسرفر " أنّ " عائدات الإسثمار في المتاجرة في الجنس " ( بحث مسعور بمقاييس مسعورة ) هو حوالي ألف بالمائة مقارنة مع " عائدات أدنى لإستغلال " المتاجرة بالعمّال في البناء و الفلاحة أو المناجم . مثل هذه الربحيّة مرتبطة ب " واقع أنّ الضحيّة يمكن أن تُباع إلى 20 مرّة في اليوم مدرّة عشرات الآلاف إن لم تكن مئات الآلاف من الدولارات من الأرباح بفضل ضحيّة واحدة " .
+ في 2019 ، ما يقدّر ب 9 آلاف فضاء دعارة غير قانوني كانوا يعملون في الولايات المتّحدة. و " صناعة " البليارات العديدة من الدولارات ، " صناعة " صالونات التدليك غير القانونيّة نمت بسرعة في الولايات المتّحدة ز وهي مصدر كبير ل " طلب " المتاجرة بالنساء و البنات في كلّ من داخل الولايات المتّحدة و عالميّا . و عدد الضحايا المتاجر بهنّ إلى الولايات المتّحدة لسن معروفات بصورة موثوق بها . بعض التقديرات تقترح أنّ 50 ألف من النساء و الأطفال من آسيا و أمريكا اللاتينيّة و شرق أوروبا يُجلبون إلى الولايات المتّحدة سنويّا و يُجبرون على العمل كخادمات بالمنازل او كعاهرات. و معظم ضحايا المتاجرة الذين ورد ذكرهم في تقارير من الصين و من كوريا الجنوبيّة . و البنات الصغيرات في السنّ من الولايات المتّحدة اللواتى عادة ما يهربن من الأولياء و الأقرباء المؤذين يقعون في شباك شبكات المتاجرة في الجنس .
3- نظرة أوليّة في العوامل الإقتصاديّة – الإجتماعيّة المحرّكة لتهميش نساء العالم الثالث و يأسهنّ :
إنّ الإخضاع الجنسيّ للنساء مظهر تاريخي و هيكلي من مظاهر المجتمع الإستغلالي المنقسم طبقيّا و البطرياركي / الذكوري. و الأشكال الخاصة لهذا الإخضاع للنساء و تمظهراته الملموسة في عمل منقسم جندريّا متجذّرة في نمط الإنتاج المهيمن المتفاعل مع التقاليد و الثقافة و القانون و الأسرة البطرياركيّة .
لا يمكن " لصناعة الجنس العالميّة " المعاصرة أن تُفهم ببساطة أو أساسا كمواصلة ل " الممارسة الساحقة في القدم " للبغاء صلب المجتمع البطرياركي المعاصر . و بصورة أخصّ ، هذا الشكل من إخضاع النساء و إهانتهنّ قد كان متشكّلا بعمق و مكبّرا بصفة كبيرة و مندمجا عالميّا بموجب سير الإمبرياليّة في المدّة الأخيرة كنظام إستغلالي عالمي فيه التقسيم بين البلدان المضطهِدَة الثريّة و البلدان المضطهَدَة الفقرة مظهر محدّد للمراكمة الإمبرياليّة – إجتماعيّة – ثقافيّة مرتبطة بالنظام بنهبها للموارد الطبيعيّة للعالم الثالث و إكتساح أسواقها و إستغلال العمل فيها أقصى الإستغلال – و بعوامل إجتماعيّة – ثقافيّة متّصلة بالنظام الرأسمالي الإمبريالي العالمي.
أ- الإستيلاء على الأراضي و الفقر في الأرياف و النساء :
كان لتقويض و تحطيم الإقتصاديّات المعاشيّة التقليديّة في العالم الثالث – أين يفلح الناس و يشتغلون لتلبية حاجيات العائلة و الحاجيات المحلّية للبقاء على قيد الحياة – كان لها تـأثيرا ضخما على النساء : كمقدّمات للرعاية و كمقيمات بالأرض المحلّية وجدن أنفسهنّ مجبرات على مغادرة ديارهنّ و النزوح من الريف إلى المدينة و من المدن الصغرى إلى المدن الكبرى و من مدن إلى أخرى بفرص عمل محدودة ؛ و وجدن أنفسهنّ يلتحقن أيضا طوعا بموجات الهجرة العالميّة ... تحت ضغط الظروف اليائسة أو نتيجة المتاجرة بهنّ .لذلك تعدّ خسارة الفلاّحين و المزارعين لأراضيهن عاملا هاما .
في العقد الممتدّ بين 2003-2013 ، أزيد من 81 مليون فدّان من الرض جنوب الكوكب – تقريبا ما يساوى حجم البرتغال – جرى بيعه إلى المستثمرين الأجانب ، و ذلك من قبل كلّ من شركات و مؤسّسات الدولة .
و الكثير من هذه الأرض المسلوبة ( المحدّدة كإقتناء طويل الأمد ) تحوّل إلى مركّبات ذات بعد صناعي تنتج المحاصيل للتجارة مثل زيت النخيل و السوجا و محاصيل غذائيّة مربحة أخرى – عادة قصد التصدير . و بعض هذه " الأراضي المستولى عليها " تزرع للحصول على وقود بيولوجي ( مثلا القصب السكّريّ ) أو تزرع أشجارا لخدمة " تعويض " الكربون المربح ( هذه لعبة مخادعة يُسمح بها للمؤسّسات الإمبرياليّة و البلدان الإمبريالية كي تستمرّ في إنتاج و حرق الوقود الأحفوريّ " التعويض " المفترض مدمّر للأشجار جنوب الكوكب لأنّها ستبتلع الكربون ). و بعض هذا الإستيلاء على الأراضي هدفه ببساطة إستثمار مضاربة أي شراءات تنتظر ارتفاع أسعار الأرض لتعيد بيعها .
و نلاحظ أنّ ثلثي عمليّات الإستيلاء على الأراضي هذه جدّت في بلدان تشهد إنعدام ضمان جدّي للغذاء.
و بالنسبة إلى النصف الثاني من القرن العشرين ، لعبت إستثمارات الحكومات في العالم الثالث في السدود و الطرقات و توسيع الصناعة و إستخراج المعادن المنجميّة - بدعم تمويلي تحفيزي من البنك العالمي و صندوق النقد الدوليّ وهي مؤسّسات ماليّة تهيمن عليها الإمبرياليّة - لعبت دورا قياديّا في دفع الفلاّحين خارج أراضيهم . و الطاغوت الحديث أكثر للإستيلاء على الأراضي يمثّل موجة ثانية من الترحيل الجماهيري للفلاّحين نحو المدن باسم " التطوّر " في جنوب الكوكب.
و ينتشر إنتزاع ملكيّة الأرض مع إفتقاد العديد من المزارعين المعتمدين على الزراعة المعاشيّة ( زراعة مواد غذائيّة لأجل الإستهلاك العائلي أو منتوجات للبيع لرعاية الأسرة ) قانونيّا لملكيّة ( شهادة ملكيّة ) الأرض التي يفلحونها ؛ فيقع طرد الفلاّحين و المزارعين بالقوّة بدعم من الدولة . و دُفعت النساء خارج النشاطات التقليديّة للصيد البحريّ و التجميع البرّي . و في الوقت نفسه ، يقدّم صندوق النقد الدولي و البنك العالمي قروضا للبلدان المضطهًدًة مصحوبة عموما بشروط من مثل إعادة توجيه الفلاحة بعيدا عن الفلاحة الملائمة للحاجيات المحلّية للغذاء – للبقاء على قيد الحياة بإتّجاه خاصة محاصيل للتصدير و العناية بالأزهار إلخ .
و كان لكلّ هذا تأثير مفاقمة التهميش الإقصادي للنساء الريفيّات . و هذه القوى الممزّقة للإقتصاد و المتفاعلة مع العلاقات السابقة الوجود لتبعيّة النساء و الأشكال الجديدة من الميز الجندريّ ، وضعت أعباءا و ضغوطات جديدة على النساء . ..
و الفقر في الرياف و التغيير الذى تقوده الفلاحة التجاريّة و إفلاس فلاحة قطع الأرض الصغيرة ( و المزيد عن هذا في القسم الرابع ) ؛ و ضغوطات بيئيّة على الرض و المياه و الموارد الطبيعيّة ؛ و النزاعات العسكريّة قد بدّلت بعمق العمل التقليدي و أنماط الأسر و غذّت هجرة الإنسانيّة من أرياف جنوب الكوكب .
ب – البغاء و الاقتصاد المديني غير الرسميّ :
البغاء بأشكاله القانونيّة و غير القانونيّة و كعمل بالإكراه أو " تطوّعا " عنصر مكوّن تام من الاقتصاد غير الرسمي العالمي للعمل غير المنظّم و غير النظامي وهو الشكل المهيمن للتشغيل و البقاء على قيد الحياة في البلدان المضطهَدَة لجنوب العالم.
و يوجد البغاء في مدن الصفيح و في مستقرّات غير رسميّة إلى جانب مركّبات صناعيّة و مزارع فلاحيّة و حول توسيع المواقع السياحيّة ( مع مرشدين سياحيّين و باعة مخدّرات و باعة الشوارع و غيرهم ) . و شركات المناجم و قطع الأشجار الأجنبيّة معروفة بإقامتها لمناطق بغاء " خدمة " للعمّال . و كانت مناطق إقتصاديّة خاصة ( صناعات تصديريّة ) تخدم رأس المال الأجنبي مراكزا كبرى للبغاء . و هناك الآن حوالي 4 آلاف موقع .
في بومباي ، ثاني أكبر مدينة هنديّة ، النساء النازحات من الأرياف تبيع خدمات جنسيّة ى بيوت الدعارة و في الشوارع. إلاّ أنّ الطرق الأكثر شيوعا لل" تبادل " موجودة في أسواق العمل بالأجر اليومي غير الرسميّة التي توفّر نشاطات للحصل على مداخيل أخرى ، مثل البناء و العمل بالمنازل . وصراع العاهرات للحصول على الغذاء و تغذية أسرهنّ في المدن و للحصول على سكن و ماء يجدّ في جوّ من قمع الشرطة و التدمير الذى لا يتوقّف للمستقرّات المحلّلة .
ت – الهجرة و المتاجرة و البغاء :
دفع إجتثاث الإقتصاديّات التقليديّة المعاشيّة في العالم الثالث و " تأثير " الشغل المربح و الدخل المستقرّ في مناطق خاصة من العالم ، لا سيما أوروبا الغربيّة و أمريكا الشماليّة ، دفع المفقّرين من الكادحين إلى موجات من الهجرة و إلى تهريب البشر . و التهريب ليس نفسه المتاجرة فهو يعنى الإيقاع في الشرك و الإستعباد و إن كان التهريب يتقاطع مع المتاجرة .
أضحت الهجرة و عبور الحدود أساسيّة لإستراتيجيّات البقاء على قيد الحياة بالنسبة للنساء المنقولات من الإقتصاديّات التقليديّة بفعل الفلاحة الموجّهة للتجارة و بفعل الأزمة المناخيّة و النزاعات المناطقيّة و المحلّية و منتهى الفقر . و هذه الموجات من الهجرة " ترفع " من عدد الضحايا الذين يمثّلون تزويدا ب " عبيد جنس ممكنين "ليستغلّوا بأسعار بخسة.
( في أوج " أزمة المهاجرين " الأوروبيّة لسنوات 2015 – 2017 ، نقل المهرّبون 95 بالمائة من المهاجرين " غير الرسميّين " إلى أوروبا و نظّموا عبورهم اليائس للحدود من أجل الأمن و الحياة ).
و يولّد عمل ما وراء البحار للعمّال المهاجرين في العالم الثالث كذلك " حوالات ماليّة " - قسم من الأموال المكتسبة – ترسل إلى الأسر في الأوطان الأصليّة . و هذه الحوالات الماليّة تساعد في إبقاء إقتصاديّات جنوب العالم طافية . مقال " الطفيليّة الإمبرياليّة و التغيّرات في التشكيلة الإجتماعيّة – الطبقيّة في الولايات المتّحدة " يفصّل القول في الدور الخارج الذى تنهض به الحوالات الماليّة للعمّال المهاجرين في الاقتصاد الإمبريالي العالمي اليوم – فهي تفوق الإستثمار الأجنبي السنويّ في الإقتصاديّات المضطهَدَة .
و الطلب و البحث الشديدين عن العمل الرخيص في و من البلدان المضطهَدَة للعالم الثالث هما القوّة المحرّكة للمتاجرة المعاصرة اليوم بالبشر . و هذا الطلب للعمل الرخيص كان حافزا كبيرا لعمليّات العصابات الإجراميّة التي تنجز و " تنظّم " هذه المتاجرة . و بالفعل ، لا وجود لإقتصاد " سلاسل التزويد " الإمبريالية العالميّة دون تدفّق المال كعائدات لعمليّات المتاجرة بالعمل : في البناء و التصنيع و " الإستشفاء " و الفلاحة و الصيد البحريّ . النشاطات الإقتصاديّة " القانونيّة " منها و " غير القانونيّة " متصاعدة التشابك في الإقتصاد الإمبريالي العالمي .
هناك حلقة مفرغة في مجال الإستغلال الجنسيّ : امرأة تُنتدب في تيلندا للعمل ما وراء البحار كمعينة منزليّة تاليا تتمّ المتاجرة بها إلى بلدان أخرى و تجبر على " العمل الجنسيّ " ... فتصبح من عبيد الجنس . و حتّى و إن كان معظم " كسب " الدعارة يخصّص للقوّاد أو المتاجر ، فهي تكون قادرة على إرسال بعض الأموال لأسرتها في وطنها ، إلى قرية ريفيّة . بإختصار، المال يقع دمجه في إقتصاد تيلندا و يساعد في تدعيم هذا الاقتصاد أجل ب " قطاع بيوت دعارته " الكبرى ( المزيد عن هذا في القسم التاسع ) .
هكذا هي الحركة الخبيثة للتطوّر التابع الذى تهيمن عليه الإمبرياليّة .
4- دفع عدسات النظر إلى الوراء : نزع الملكيّات و الطرد و " فائض سكّان في العالم الثالث :
لنموّ " صناعة الجنس " و عولمتها " جانب تزويد " محوريّ . فخزّان ضخم من الإنسانيّ من المرحّلين و اليائسين و بالأخصّ من العالم الثالث ( لكن ليس حصرا ) لا تستوعبه هياكل إقتصاديّات النظام الإمبريالي العالمي الرسميّة . و تحيل " رسميّة " على تحديد الأجر و ساعات العمل و درجة معيّنة من التنظيم الرسميّ لظروف العمل . و بالأحرى مجموعات عريضة من الإنسانيّة المضطهَدَة محكوم عليها بأنماط عيش متزعزعة للبقاء على قيد الحياة . و لنتعمّق أكثر في الموضوع .
أ- فصل الفلاّحين المنتجين عن وسائل الإنتاج :
طوال الخمسين سنة الأخيرة ، كانت تجرى عمليّة معاصرة اليوم لفصل ( عنيف عادة ) للشغّالين عن وسائل الإنتاج ... مدمّرة حياة مئات الملايين من المقيمين في أرياف العالم الثالث .
و إرتبطت هذه السيرورة من نزع الملكيّات بسيرورة تاريخيّة غير مسبوقة من التمدين الخطير جدّا و الفوضيّ في العالم الثالث . و ظهور " مدن ضخمة للغاية " بأحياء صفيح كبرى و ما يحيط بها من المستقرّات المستحلّة التي يسكنها المهاجرون من الأرياف .
ما الذى يعنيه " فصل الشغّالين عن وسائل الإنتاج " ؟
- الشغّالون المعنيّون هم بصفة كبيرة فلاّحون أو مزارعون يفلحون قطعة أرض صغيرة يملكونها أو يكترونها – أ يستعملون قطع أرض المجموعة أو ما يسمّى بالملكيّة " المعهودة " .
- وسائل الإنتاج الرئيسيّة التي يقع فصل الفلاّحين – المزارعين عنها ( و تنتزع منهم إنتزاعا ) هي الأرض إلى جانب الدوات المرتبطة بفلاحة الأرض ، و المياه .
كيقف يجرى فصل الشغّالين عن وسائل الإنتاج ؟ تشمل سيرورة الفصل مزيجا معقّدا من العوامل :
- بداية من خمسينات و ستّينات القرن الماضيّ ، في العالم الثالث ، تمّ إدخال على نطاق واسع فلاحة أكثر مكننة و تقدّما تكنولوجيّا بما في ذلك أنواع بذور هجينة جديدة مرتبطة بقنوات كبرى وطنيّة و عالميّة للسوق ما قوّض عمل المنتجين الصغار .
- المنافسة مع الفلاحة التجاريّة الإمبرياليّة العالميّة .
-الإنتزاع الكبير لأراضي الفلاّحين عبر تطوّر البنية التحتيّة الإمبرياليّة و المموّلة من الدولة ( مثل بناء السدود و الطرقات و خدمات التخزين للإنتاج الفلاحي على نطاق واسع إلخ ) ؛
- " الإستيلاء على الأرض " من قبل مجموعات المستثمرين الخواص و الحكومات الأجنبيّة و النخب الحاكمة التي تحوّل الفلاحة المحلّية إلى إنتاج مزارع صناعيّة تنتج زيت النخيل و إلى عمليّات إستخراج منجميّة ؛
- خسارة حقوق في المياه ؛
- الضغط و السياسات التي يفرضها " التطوّر "العالمي و مؤسّسات القروض كالبنك العالمي التي تدقّق النظر طويلا في السواق المفتوحة للصادرات من البلدان الإمبرياليّة ما يؤدّى إلى وضع حيث مثلا تبيع الولايات المتّحدة الحبوب بأسعار أقلّ من قيمها الحقيقيّة فتتسبّب في إفلاس إنتاج الذرة المكسيكيّة المحلّية ...و القروض التي تتطلّب شرط التخفيضات في الدعم المالي للمزارعين الصغار من قبل الحكومات ؛ و
- خوصصة / خصخصة البذور و الأسمدة من خلال " حقّ الملكيّة الفكريّة " الذى يرط المزارعين و الفلاّحين بالفلاحة الموجّهة إلى التجارة الإمبريالية .
و قد إقتضى نزع ملكيّة الفلاّحين و المزارعين المشتغلين في قطع أرض صغيرة إجراءات " قانونيّة " و غير قانونيّة لوضع اليد على الأرض ... كما إقتضى ضغطا إقتصاديّا و قوّة وحشيّة . و يعبّأ الملاّكون الكبار و الحكومات المحلّية و المناطقيّة و الحكومات الوطنيّة في العالم الثالث جيوشا و عصابات و مجموعات نهب محلّية ؛ و يخلقون سندات شكليّة للملكيّة التي توفّر تغطية قانونيّة للشراء أو الإنتزاع القسريّ للأرض التي يحوزها أو يفلحها الفلاّحون المحلّيون و لأجيال و القبائل و السكّان الأصليّون ، لكن دون سند ملكيّة خاص شكليّ . و في الوقت نفسه ، تفرز المنافسة في صفوف الفلاّحين – المزارعين بعض المكاسب في الميزات الإنتاجيّة و في حجم الأراضي الممسوكة و القدرة على إستئجار الفلاّحين .
و إليكم إحصائيّات كاشفة للواقع : في أواخر 1983 ، معظم شغّاليّ العالم كانوا بعدُ يشتغلون في الفلاحة ( بصفة طاغية في جنوب الكوكب ) . غير انّه مع بداية العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين فقط 25 بالمائة من الشاغّلين في العالم لا زالوا يشتغلون في الفلاحة .
هناك الواقع القائم للمرحّلين من جنوب العالم : لا وجود لمواطن شغل خارج الفلاحة في أيّ مكان على نطاق يسمح بإستيعاب المفصولين عن الأرض .
ب- ما يجرى اليوم لا يشبه ما حصل أثناء الثورة الصناعيّة للقرن الثامن عشر و القرن التاسع عشر .
و هذه السيرورة من فصل الشغّلين عن وسائل الإنتاج لم تكن تكرارا بسيطا للتجربة الدافعة للفلاّحين خارج الأرض كما حدث طوال عدّة قرون في أوروبا ، و السير المتفجّر لتطوّر الثورة الصناعيّة هناك و مركزها أنجلترا ، في أواخر القرنين الثامن عشر و التاسع عشر . وقتها ، سيرورة تصنيع رأسماليّة شديدة - العمل كانت جارية . و كان الإنتاج الرأسمالي يحفّز نموّ بروليتاريا فلاحيّة و صناعيّة جديدة منحدرة من الأرياف . و الإنتاج الصناعي الكبير مثل معامل القطن في أنجلترا بكافة الظروف الشنيعة المصاحبة لها كانت تستوعب البروليتاريّين الجدد بأعداد كبيرة .
لكن في ظلّ ظروف الهيمنة الإمبرياليّة اليوم ، التطوّر الإقتصادي في البلدان المضطهَدَة لجنوب العالم في آن معا تابع لحاجيات الإمبرياليّة و تطوّر مشوَّه و عرضة لخطورة عالية ( مرتبط) بتقلّبات الاقتصاد الإمبريالي العالمي . ليست هذه البلدان " تسير على خطى " الثورة الصناعية السابقة التي كانت في حدّ ذاتها غير منفصلة عن التجارة العالمية للعبيد و الغزو الإستعماري و نتائجه لا تزال ملموسة في البلدان المضطهَدَة .
في الاقتصاد الرأسمالي – العالمي اليوم ، الفلاّحون المنزوعو ملكيّة الأرض و المجتثّثون من العالم الثالث ليسوا بأعدادهم الضخمة بصدد الإندماج في أنظمة الإنتاج الصناعيّة الكبرى . فالمرحّلون عن الفلاحة – سواء أجبروا على ذلك أم " إختاروا" ذلك للحياة في ظلّ الظروف الإضطهادية – ليسوا بضخامة أعدادهم يجدون مواطن شغل عاديّة في الصناعة و في الخدمات . فيصبحون فائضا في السكّان . و " فائض " ليس بمعنى فائض سكّأن " يعزى إلى نسب ولادة عالية أو نقص مطلق في الموارد – و إنّما " فائض الإنسانيّة " نسبة للطلب الرأسمالي للشغل لخدمة الإنتاج القائم على الربح .
و بشكل له دلالته ، طوال الأربعين سنة الأخيرة ، وُجد توسّع كبير للإنتاج الصناعي في العالم الثالث . و هذا متّصل وثيق الصلة بالإستثمار الأجنبيّ و تصدير الإنتاج من البلدان الرأسماليّة – الإمبرياليّة . و هذا مظهر محدّد للإقتصاد الإمبريالي – العالمي المعاصرو أساسي لربحيّة الرأسمال الإمبريالي . لكن القدرة التصنيعيّة في العالم الثالث متركّزة إلى درجة كبيرة في لفيف من البلدان . و الإستثمار الإمبريالي و تصديره إلى جانب توسيع القدرة التصنيعيّة – الصناعيّة المحلّية ، لم يولّد تشغيلا بحجم العدد الكبير من السكّان المتمدّنين حديثا في العالم الثالث .
و إليكم النزعة التاريخيّة : من خلال معظم جنوب الكوكب ، على النطاق الواسع ، حركة النازحين من الريف إلى المدينة لم تكن حركة كبيرة نحو الصناعة و الخدمات في الإقتصاد الرسميّ بساعات عمل و أجور قارة و العمل ضمن قانون معيّن. (1)
تقريبا 70 بالمائة من التشغيل في المناطق ذات الدخل المتدنّى و المتوسّط من العالم يتمّ في الإقتصاد غير الرسميّ في مواطن شغل غير قانونيّة و غير مضمونة ( عادة وقتيّة )، و الكثير منها تشغيل ذاتي أو عمل مستأجر يومي – بلا تحديد للساعات و الأجر أو سلامة و لا حماية صحّية أو تعديلات رسميّة أخرى . و تشمل مواطن الشغل باعة الشوارع و عمّال البناء و مواطن شغل خدمات مختلفة ( إصلاح الهواتف الجوّالة ) ، و الخدمات في المنازل و جامعي الثياب المستعملة وباعتها و يتداخل هذا أيضا مع النشاطات غير القانونيّة للتجارة في السلع المزّفة . ففي الهند ، 80 بالمائة من التشغيل خارج الفلاحة غير رسميّ – و في أفريقيا ، 85 بالمائة من التشغيل في غير الفلاحة غير رسميّ.
أكثر من 90 بالمائة من قوّة العمل غير الرسميّة في العالم موجودة في جنوب الكوكب .
ت – الإزاحة و الطرد :
في كتاب " الطرد : وحشيّة الإقتصاد العالمي و تعقيداته " ، تطوّر سسكيا ساسان تحليلا لمرحلة إنتقاليّة على الصعيد العالمي من التطوّر الرأسمالي – الإمبريالي " مدمجا " أعدادا كبيرة من الفقراء و المجتثّين عن النشاط الاقتصادي ... إلى عالم متسارع في نهاية القرن العشرين و يتواصل الأمر إلى القرن الواحد و العرشين ، المتميّز ب " الطرد " الجماعي للناس من الأراضي و من الشغل و من الديار .
و ترى ساسان رابطا ديناميكيّا عالميّا :
" الناس المرحّلون [ في العالم الثالث ] الذين لن يعودوا أبدا إلى ديارهم – و الديار منطقة حربيّة أو مزرعة أو أرض عليها عمليّة منجميّة أو أرض صارت ميّتة ...[و ] و يحدث شيء مشابه في شمال العالم أين ما كان إلى فترة حديثة سجنا كردّ كعقاب على جريمة مقترفة ( عمليّا تمّت أم لا ) هو الآن التحوّل إلى عمليّة تخزين الناس [ سجن جماعي ]... و الولايات المتّحدة في الطليعة لوحدها في ذلك . "
و تواصل لتلاحظ و هذا مفيد بوجه خاص لبؤرة تركيز هذه الورقة البحثيّة ، أنّ :
" الطرد من الديار و الأرض و مواطن الشغل كان له كذلك تأثير توفير مجال عملي متّسع للشبكات الإجراميّة و للمتاجرة بالبشر ، و أيضا لتوفير كبير للأرض و الموارد المائيّة تحت الأرض لمشترين أجانب ، سواء كانوا مؤسّسات أم حكومات. ( خطاب ساسان في فضاء مكتبة " كتب ثوريّة " عن " الطرد " يمكن مشاهدته على الأنترنت على الرابط التالي :
https://vimeo.com/manage/videos/108811541 ).
ث- كوكب مدن صفيح :
هذا عنوان كتاب مايك دافيس الذى قدّم تحليلا حيويّا لفهم الظواهر موضوع النقاش . فهو يبدأ الفصل الختامي بمقطع مثير مقتبس من رواية " تكساكو " لباتريك شاموازو : " بروليتاريا دون مصانع و معامل و عمل و دون رؤساء ، في وحل مواطن شغل عرضيّة و غارقة في البقاء على قيد الحياة و الحياة تشبه سلوك طريق عبر الصيام " . و " مواطن الشغل العرضيّة " هي " الاقتصاد غير الرسمي" . و تكساكو إسم مستقرّ مستحلّ في المدينة عاصمة جزيرة المرتنيك بالكراييب .
و لا يمكن التشديد على وحشيّة و سرعة و العذاب الناجم عن ما يحدث . فنسبة سكّأن العالم الذين يعيشون في المدن إرتفع من 34 بالمائة سنة 1960 إلى 47 بالمائة في 2000 إلى 57 بالمائة في 2020. أكثر من 75 بالمائة من سكّان مدن العالم يعيشون في مدن جنوب الكوكب . و مع 2015 ، 40 بالمائة من التوسّع المديني للعالم جدّ في مدن الصفيح في أفريقيا جنوب الصحراء ، و أكثر من 60 بالمائة من السكّان يعيشون في مدن الصفيح . في 2019، أكثر من مليار إنسان أو تقريبا 1 إلى 7 على الكوكب يعيشون في مدن الصفيح و ما يسمّى ب " مستقرّات غير رسميّة [ مستحلّة ] تحيط بالمناطق المدينيّ – بصرف صحّي قليل و مياه ملوّثة و خدمات صحّية قليلة – بكل طاغيّ في وحول المدن الضخمة لجنوب الكوكب .
و هجرة المرحّلين هذه من المناطق الريفيّة إلى المناطق المدينيّة ...تتواصل ادة من بلد إلى آخر من بلدان العالم الثالث ... و إلى البلدان الإمبرياليّة – و لهذا صلة وثيقة ب " عولمة البغاء ".
ج- ارتفاع حرارة الكوكب :
الاقتصاد و المجتمع و السياسة و الثورة من أجل عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير مرتبطين وثيق الإرتباط بالأزمة البيئيّة للكوكب . فلإرتفاع حرارة الكوكب إنعكاسات متفاوتة على الفلاحة في العالم الثالث – جفاف و تصحّر . إنّه يفاقم من الضغوطات البيئيّة في المدن و مدن الصفيح و المستقرّات المستحلّة لجنوب الكوكب . و يتداخل مع ديناميكيّة الطرد و الهجرة الجماعيّة و ظهور " فائض إنسانيّة ".
5- و نواصل الإستماع إلى روايات آية و مارى عن نزولهما إلى جهنّم ...و الكابوس الذى يواجهه لاجئو روهنجيّة :
+ آية لم يتجاوز عمرها الأربع عشر ربيعا عندما إقتربت امرأة من أسرتها في مينمار . و أعلمتهم بأنّ آية بوسعها العمل في بنكوك . و بما أنّ أسرتها كانت تعيش منتهى الفقر ، سمح الأولياء لآية و أختها بالسفر إلى تيلندا لإستغلال فرصة العمل. و عند وصولهما إلى تيلندا قدّمتا مباشرة إلى مجموعة رجال باعاهما إلى صاحب بيت دعارة .
و لمدّة ثلاث سنوات لم يسمع أولياء آية أي خبر عنها ... إلى أن تمّ العثور عليها خلال مداهمة شرطة لبيت الدعارة . كانت سجينة في الطابق الخامس من بيت الدعارة إلى جانب مائة امرأة أخرى ؛ و كان يُطلب منها العمل من الصباح إلى الساعة 14 ظهرا و تُجبر على تقديم خدمات ل 12 إلى 20 رجل يوميّا . و كانت كالبنات الأخريات تلبس قميصا يحمل رقما و تظلّ تشاهد برامج التلفزة إلى أن تقع مناداتها برقمها . و كان جدار من البلّور يفصل النساء و البنات عن الرجال إلى أن يدفع الرجل 6 دولارات مقابل تمضية نصف ساعة مع البنت التي يختارها . و ما تحصل عليه النساء و البنات مقابل " عملهنّ " هو دولار واحد يوميّا .
- ماري كانت طالبة معهد عالى واعدة في ولاية آدو بنيجيريا . و كانت تحلم بالإلتحاق بالجامعة . كان سنّها 16 عندما حادثت امرأة أمّها و عرضت عليها أخذ المراهقة لتعمل بإيطاليا . و دفعتها السرة للقبول بالعرض آملة أن يساعد ذلك في التخفيف من فقرهم . و إنتهت ماري إلى المتاجرة بها في البغاء . و أمضت سنوات ثلاث مجبرة على بيع جسدها و عانت الضرب و التهديدات بالمسدّسات كما أجبرت على مشاهدة الإخضاع و الإذلال الوحشيّين ( يقع بعنف إدخال جزر في فروج النساء ) لبنات حتّى اصغر سنّا كتحذير لما قد يحدث لهنّ متى أبدين مقاومة .
و في النهاية ، جرى ترحيل ماري إلى نيجيريا بعد مداهمة شرطة . غلاّ أنّ أسرة ماري نبذتها . و قد حدث هذا قبل عشرين سنة من الآن . و اليوم ، زاد الوضع سوءا . تستغلّ العصابات فوضى أزمة الهجرة – " بيع " المزيد من النساء و البنات الأصغر فالأصغر سنّا لتحوّل إلى عبيد جنس . و إعتبرت ماري أنّ البنات الصغيرات في السنّ الآن أكثر معرفة بما يتورّطون فيه ممّا كانت عليه هي نفسها " لكنّهنّ لا تعرفن العذاب الهائل الذى سيعانونه حين تخرجن من الشرك مثلما فعلت".
- شابة لاجئة من روهنغايا كانت ضمن مئات الآلاف الذين وقع قمعهم و شيطنتهم و طردهم من البلاد ففرّت من مينمار و عبرت إلى الجارة ماليزيا . و في مخيّم داخل ماليزيا ، بيعت هي و بنات أخريات في البداية لتتزوّجن غصبا و بعد فترة زمنيّة ، باعهنّ " أزواجهنّ" إلى رجال آخرين . و إنتهى البعض منهنّ إلى التحوّل إلى خادمات بالمنازل أ عاملات مستعبدات. و المتاجرون بهنّ يعدونهنّ بأجور أفضل بما يضلّل بعض المراهقات و النساء الشابات ليجدن أنفسهنّ في البغاء الغصبيّ . و تضغط على نساء روهنغايا أخريات عصابات لتدخلنهنّ في العمل في صناعة الأغذية بتيلندا . و هذه الصناعة مرتهنة كثيرا بالعمل العبودي الرخيص و ظروف العمل تهدّد الحياة إضافة إلى سوء المعاملة الجنسيّة . و تخدم هذه الصناعة قطاع بيع الأغذية بالمفردة في الولايات المتّحدة .
و يمضى لاجئون آخرون إلى بنغلاداش التي هي اليوم الوجهة الأساسيّة لروهنغايا –بحوالي ملين يعيشون هناك منهم مئات الآلاف الذين هربوا إليها في العقود السابقة . وضعيّتهم كفاقدين لوضع قانونيّ و عدم قرتهم على العثور على شغل قانونيّ يجعل النساء منهم و البنات ضحايا خاصة للمتاجرة بالجنس . و يمضى البعض الآخر إلى واحدة من ما يسمّى ب" قرى البغاء " في البنغلاداش – أين يلتحقون بالنساء و المراهقات البنغلاداشيّات و قد يكون سنّ قسم منهنّ 13 سنة .
البغاء قانونيّ في بنغلاداش . و يجعل التيّار الثابت للنساء و الأطفال المتاجر بهنّ في صناعة البغاء البنات يائسات جدّا جدّا بحيث لا تستطعن الإستمرار على قيد الحياة – تقطع عروقهنّ ، تنتحرن ( بمعدّل واحدة في الشهر ) في أوسع قرى بغاء البلاد. و تُمنع النساء من دفن الميّتات في المقابر لذلك بنت العاهرات مقابرا خاصة للتعاطى مع الوضع ...و تقمن بعمليّات دفن بديلة .
6- ملاحظات حول تبريرات " العمل الجنسيّ " و النزول إلى جهنّم :
بوضوح يجب فهم و تأكيد أنّنا ضد " عمل الجنس " و ضد تبريراته المتعدّدة و منها تلك المتأتّية من تيّارات نسويّة معيّنة و سياسات الهويّة و " اليقظة " ليس ببساطة " عملا " من نوع خاص . ليس مجرّد شكل فاحش آخر من أشكال " التجارة " المتاجرة بالبغاء ليست تنويعات من " الهجرة من أجل العمل " . ليست كذلك عندما نشاهد ما يُفعل عمليّا بأجساد النساء و من ذلك إجبارهنّ على البغاء عبر الإغتصاب و الإغتصاب الجماعي من قبل القوّاد و المتاجرين بكلّ ما ينطوى عليه ذلك من تداعيات مصاحبة جسديّة و نفسيّة ، كلّ هذا يجب أخذه بعين النظر . و المتاجرة بالنساء في البغاء " تجربة إستعمال جنس المرأة من قبل عديد الرجال يوميّا مع ترافق ذلك بعدم القدرة على رفض أيّة ممارسة أو ايّ رجل بينما هنّ تحت مراقبة مشرفين و دون أجر ." و هناك ضمن مقترحى نظرة " عمل الجنس " أنّه أجل يمكن أن يكون مهينا ... لكن كذلك هي كافة أصناف الشغل في ظلّ الرأسماليّة . في الردّ على هذا ، نشر موقع جريدة " الثورة " على الأنترنت revcom.us مقالا يشرح نقطة هامة :
" إنّه لصحيح تماما أنّ هناك عديد مواطن الشغل في هذا العالم مهينة حتما و مستغِلّة إستغلالا فاحشا . و هذا جزء من لماذا نحتاج إلى ثورة إلاّ أنّه من الجنون التام و غير ضروري تبديد حياة العديد من الناس على هذا النحو ... و من الناحية الأخرى، حين يشترى الرجل مرأة أو بنتا صغيرة السنّ في البغاء أو البرنوغرافيا ... ما يشتريه هو إستعبادها الجنسيّ و إهانتها الجنسيّة... إنّه يدفع مالا مقابل تجربة القدرة على عدم إحترام المرأة و تعنيفها و ضربها و شتمها و إهانتها " ([ التشديد مضاف ] .
و خطّ تعليل آخر يتبعه المدافعون عن " عمل الجنس " هو أنّ المبادلة التي من خلالها تبادل المراة جسدها مع الرجال خدمة للمتعة الجنسية لهؤلاء – سوا كعاهرة شوارع أم مصاحبة " عالية النهاية " أم مؤدّية برنوغرافيا... عمليّا شكل من " عمل " أنثوي .. و " خيار " في عالم تجارة معولم و مروّج للذات . وفق هذه النظرة ، العامل المحرّك هو أنّ المرأة تتّخذإختيارا واعيا و هذا إنّما هو خداع و خداع للنفس .
فمثلما بيّن تحليلنا هذا ، فإنّ جملة من القوى الإقتصاديّة و الإجتماعيّة تحدّد و تقيّد مروحة " الخيارات " المتروكة للنساء ، لا سيما للنساء المفقّرات و المقتلعات من ديارهنّ على الكوكب . و ظروف هذه الإختيارات يعيّنها سير المراكمة الإمبريالية و المصنع الاجتماعي للبطرياركيّة / النظام الأبوي . و كما شرح ذلك بوب أفاكيان في مقاله " بصدد الخيارات ... و التغييرات الراديكاليّة " " يقوم الناس بالإختيارات إلاّ أنّ هذا لا يعنى أنّهم إختاروا أن تكون لديهم هذه الخيارات " .
وبحث يدحض تبريرات قائمة على أنّ " عمل الجنس " " إختيار " يسجّل النقطة الهامة بأنّ البغاء " ينشأ نتيجة علاقة إجتماعيّة و ليس بإرادة شخصيّة ...[ أي ] ، دون مشترى الجنس الذكر من ناحية و المرأة العاهرة من ناحية ثانية ، لن يُوجد بغاء ".
إنّ الإعتراف بطبيعة البغاء الإضطهاديّة من حيث الجوهر و التوحّد مع المطالبة بتجريم البغاء ليس مع ذلك نهاية القضيّة ...
فالإستغلال الجنسيّ للنساء و إضطهادهنّ يجب و يمكن و فقط يمكن أن ينتهي بواسطة الثورة الشيوعيّة للإطاحة بهذا النظام و لإجتثاث كافة أصناف الإستغلال و الإضطهاد . و نضع ذلك بصيغة مختلفة فنقول إن ّ الإنجاز الواعي و الجماعي لهذه الثورة و التقدّم بها لإجراء قطيعة راديكاليّة مع علاقات الملكيّة التقليديّة و كلّ الأفكار و القيم التقليديّة هو " عمل " ، عمل تحريري ، تحريري بدرجة كبيرة جدّا .
7- المتاجرة بالجنس كمكوّن حيويّ للإقتصاد القانوني العالم ، شهد إنفجارا في تطوّره في العشرين سنة الأخيرة :
نعود إلى النقطة الحيويّة للتحليل : يسّرت العولمة الإمبرياليّة نوعا من " الهندسة العالميّة لا تتشابك فحسب مع شبكات التزويد القانونيّة و اللاقانونيّة للعمل العالم و إنّما أيضا تمحى الإختلافات بينها . حول عدد من الصناعات القانونيّة ، تحوم الإقتصاديّات غير القانونيّة و تتخلّلها بما في ذلك الصيد البحريّ و إستخراج الكوبلد و الذهب من المناجم و تجارة الخشب . في مجال الماليّة ، البنوك " القانونيّة " تنزف دما من أجل الحصول على العمليّات البنكيّة المقامة في " الظلّ " و عمليّات غسل الأموال .
الاقتصاد غير القانوني يُقدّرب 2.2 تريليون دولار .
و مثلما وضعت ذلك دراس عنوانها : " الاقتصاد القانوني العالمي : مسارات الجريمة المنظّمة العالميّة " : " لقد سمح النظام البنكي العالمي الكثيف الذى تطوّر في بداية الألفيّة الجديدة للأرباح القانونيّة و غير القانونيّة بأن تجتمع و توجد مخزونا ببليار دولار من الشركات التي لا يمكن المساس بها بينما يتمّ تعزيز قوّة و تأثير الفاعلين الذين يستعملونها " . و أدوات التقنية الرقميّة و التجارة الرقميّة خدموا في الحال دعم و حجب النشاطات الصغيرة غير القانونيّة و الإقتصاديّات غير القانونيّة على نطاق المخدّرات و الأسلحة و المتاجرة بالبشر . و يمكن إجراء الدفوعات للمتاجرين دون أثر للمبادلة . و قد تفاقم كلّ هذا مع إنتشار وباء كوفيد-19 :
" و خلقت عقود من العولمة و التجارة الليبراليّة فروقات كبيرة في الثروة و السلطة . قبل وباء فيروس كورونا ، فُرص العمل في الإقتصاد القانوني كانت بعدُ تتقلّص و تتراجع . و نتيجة الجائحة ، صار الوضع أسوأ حتّى ، خاصة بالنسبة لألولئك العاملين في الإقتصاد غير الرسميّ ... و تُوجد هذه الظروف مجلا للإقتصاديّأت غير القانونيّة كي تتوسّع و توفّر خدمات و تشغّل ( عادة قسريّا ) عدد متزايد من الناس .
و كما ناقشنا سالفا ، نزعات التمدين الفوضويّ للتطوّر الاقتصادي للعالم الثالث في ظلّ الهيمنة الإمبرياليّة تتداخل مع عدم قدرة الاقتصاد الرسميّ على توفير مواطن شغل . في مدن الصفيح و المستقرّات المدينيّة غير الرسميّة ، الدولة غير قادرة على توفير الحكم و الخدمات و الأمن . و الطلب على الماء و فحم الحطب لتدفأة المنازل و لإستخدامه كوقود لطبخ الغذاء و غيرها من المتطلّبات الأساسيّة ، لا يمكن تلبيتها في جوّ الاقتصاد غير المنظّم . في هذا الفراغ ، عادة ما تقفز المجموعات الإجراميذة و العصابات المحلّية – و بصورة متصاعدة تضمّ غليها أسواقا غير منظّمة . و أحيانا خلال وباء كوفيد-19 كانت العصابات تفرض الحجر الصحّي على الأماكن الت تسيطر عليها .
و ينمو الاقتصاد غير القانوني و السرّي و يمثّل ذلك " المجال البديل " للتشغيل و يولّد دخلا ... و البغاء مكوّن كبير لهذا " البديل " الاقتصادي المزدهر . و تضاعف العصابات و المجموعات الإجراميّة وهي تجلب إلى صفوفها الشباب و المهمّشين إلى اقصى حدّ من نشاطاتها و تفرّعها – ملتقية مع المتاجرين بالبشر ومع مهرّبي المهاجرين و" صناعة الجنس العالميّة ".
8- الجنس و الخادمات و سيرورة التصدير ... و تصاعد نشاط " سياحة الجنس " :
أ- حركة النساء في العالم الثالث إلى داخل الاقتصاد الرسمي و إلى خارجه :
كتاب " الجنس و الخادمات و سيرورة التصدير : مخاطر و أسباب شبكات الإنتاج العالمي المجندر " يستكشف كيف جُلبت طوال بضعة العقود الأخيرة ، أعداد كبيرة من النساء في العالم الثالث إلى القطاعات الثلاثة المسمّاة في العنوان ...و تحرّكت ضمنها .
لقد حفّز تصدير الإنتاج إلى البلدان الإمبريالية نموّ مناطق سيرورات التصدير المعتمدة فى الربح و المنافسة على النساء كعاملات يتمّ إستغلالهنّ إستغلالا أقصى . و مع ذلك ، " السباق نحو القمّة " بحث الإمبرياليّة المحموم أبدا عن العمل الأرخص أجرا – أفرز تبدّلات مستمرّة و تنافسية و إعادة موقعة الإنتاج . فالموجة الأولى من التصدير إلى البلدان الإمبرياليّة للثياب و غيرها من السلع الإستهلاكيّة المصنوعة في تيوان و كوريا الجنوبيّة و سنغافورا إلخ فسحت المجال إلى موجة ثانية متمحورة حول مناطق أخرى مثل البنغلاداش و الصين – و أدّى ذلك إلى إغلاق أبواب الكثير من هذه المصانع .
و التشغيل في مصانع عقود فرعيّة للتصدير إلى البلدان الإمبرياليّة على الفور عرف إنهاكا و ضعفا . و فاقم هذا من تعرّض العاملات و عائلاتهنّ إلى الخطار و الأذى . و في الوقت نفسه ، فرضت المؤسّسات الماليّة الإمبرياليّة التقشّف و التعديل الهيكلي بداية من ثمانينات القرن العشرين وهو متواصل بأشكال متباينة إلى يومنا هذا – و من نتائج ذلك إقتطاعات و خوصصة / خصخصة للخدمات الأساسيّة – يمارس ضغطا أكبر على النساء في تدبّر وسائل رعاية الأسر. و بعض هذه النساء الواتى كنّ من العاملات في المصانع يعُدن إلى أسرهنّ أو تتوجّهن إلى قطاعات عمل غير قانونيّة بما في ذلك العمل كخادمات بالمنازل و البغاء . – أو الهجرة للإلتحاق بهذه القطاعات في الخارج. لكن حالما تصبحن عاهرات ، تجد عديد النساء أنفسهنّ واقعات في أحابيل .. و مضطرّات إلى البقاء فيها نظرا لوصمة العار و الديون المراكمة من قبل" المانحين" ( عادة المتاجرين بهنّ ) و المنظّمات الإجراميّة التي تمنعهنّ من الفرار من هذه الوضعيّة .
ب- عن حال دونغوان في الصين :
تقع مدينة دونغوان في قلب دلتا نهر بيرل بمنطقة صناعيّة تصديريّة كبرى على الساحل الجنوبي للصين قبالة هونكونغ . في العقد الأوّل من هذا القرن ، أضحت دونغوان مشهورة بأنّها " أمستردام الشرق " بحوالي 300 ألف عاهرة بالمدينة . و لئن كان البغاء رسميّا غير قانوني فحسب بعض التقديرات يُعدّ البغاء 10 بالمائة من مداخيل المدينة و مواطن شغلها .
و كان فعل الهجرة الداخليّة حيويّا . إذ إلتحقت مئات آلاف النساء من الريف الصينيّ الفقير بالساحل من أجل شغل أفضل أجورا في المعامل الهشّة الرخيصة العمل في المدن السريعة النموّ كدونغوان . و زهاء 90 بالمائة من عاهرات دونغوان إرتأين في ألصل العمل في هذه المعامل غير أنّه غمّا لم تستطعن الحصول على الشغل أو وجدن أنّ هذا الشغل ليس كماقيل لهنّ أنّه سيكون .
و صار البغاء فرصة عمل و الأمر الإجباري في هكذا ظروف . كانت " عاملات الجنس " هذه مطلوبة من العمّال الذكور المهاجرين الذين جاؤوا هم أيضا من داخل البلاد ، على انّ عددهم أكبر من عدد النساء ؛ و كانت هذه العاهرات مطلوبات من رجال الأعمال الذين قدموا إلى هذه المدينة الساحليّة للقيام بأعمال تجاريّة .
و مع تباطئ نسق إنفجار التصدير الصينيّ بإعتبار الإنتكاسة العالميّة لسنوات 2007-2009 و مع تحوّل الصين إلى تصنيع أكثر تقدّما يتطلّب أقلّ شدة في العمل – و بفرص شغل للنساء – إرتأت أعداد أكبر من النساء العمل كعاهرات . وملاّكو بيوت الدعارة و المتاجرون بالعاهرات وجدوا معينا متناميا من النساء اليائسات لخداعهنّ و تضليلهنّ . و شنّت الحكومة عمليّات مداهمة بيد أنّ الصناعة الصينيّة لم تضمحلّ و لم تفعل سوى تغيير مناهج عملها ... و ظلّت دونغوان " مدينة الخطيئة " الصينيّة بلغة مبتهجة ترد على لسان مرشدي " السياحة الجنسيّة .
ت - سياحة الجنس العالميّة و الدور المُشكّل لجيش الولايات المتّحدة الإباديّ :
عنوان الكتاب ملائم و مستفزّ ، " الفرج الصناعي : الاقتصاد السياسي للتجارة العالمية في الجنس " ، و من التحليل القيّم إلى أقصى الحدود لشيلا جفرايز ، إليكم الآتى :
" لقد كانت الدعارة العسكريّة أهمّ العوامل في عولمة و تصنيع البغاء في أواخر القرن العشرين . و قد فهمت الجيوش الكبرى المصنّعة للقرن العشرين أنّ الدعارة ضرورة لإستعدادها العسكريّ ... الدعارة العسكريّة على نطاق مماثل لذلك المستخدم من قبل اليابانيّين [ الإستعباد الجنسيّ للنساء في ثلاثينات و أربعينات القرن العشرين ] كانت جزءا من إستراحة جيش الولايات المتّحدة و إعادة تركيز الأنظمة عقب الحرب العالميّة الثانية عبر الجنوب الشرقي لآسيا . و قد شكّلوا أساس صناعات جنس ضخمة و متاجرة بالنساء التى تطوّرت فى كوريا و تيلندا و الفليبين ، و صارت قطاعات بهذه الأهمّية فى إقتصاديّاتها . فى نطاقها المجرّد ، الدعارة العسكريّة يمكن إعتبارها منطلق مظهر حيويّ من عولمة الدعارة ، و الإستغلال الجنسيّ لبروليتاريا جنس من النساء و الأطفال من البلدان الفقيرة من قبل أعضاء من الممر الغربيّة الغنيّة ... و بعد أن تسبّبت الدعارة العسكريّة فى تصنيع الدعارة فى بلد ، تصبح النساء و البنات المحلّيات المادة الأولى لصناعة الجنس العالميّة، ليست بغاء داخل صناعات السياحة الجنسيّة المحلّية في البلد الأم فحسب بل تتمّ المتاجرة بهنّ فى الدعارة عبر العالم . "
في سلسلة مقالات عن جرائم أمريكا تعثرون على قسم " الحرب الأمريكيّة في الفيتنام و الإخضاع الجنسيّ للنساء " يوثّق إقامة " إقتصاد بيوت دعارة ضخم " جنوب الفيتنام . و في العشرة سنوات ( 1965-1975) من الحرب الإباديّة الأمريكيّة، أصبح حوالي 400 إلى 500 ألف امرأة و بنات فيتناميّة عاهرات .و أضحى الإستغلال الجنسيّ خدمة لجنود الولايات المتّحدة أكثر تنظيما و " تصنيعا " وهو يمتدّ إلى تيلندا . و يتعزّز بإتّفاق بين الولايات المتّحدة و تيلندا هندسه سكرتير الدفاع روبار ماك ماناما سنة 1967. مقابل المساعدة الإقتصاديّة ، وافقت حكومة تيلندا على أن توفّر للجنود الأمريكيّين ب " الراحة و الإستجمام " الجنسيّين بإذن مؤقّت . و هكذا ل" السياحة الجنسيّة " في تيلندا كلّ من الطابع الرسميّ و الدفع الخارجي . كلّ هذا في عمل عقد قتلوا فيه مليوني فيتنامي !
و ظلّت المتاجرة الجنسيّة خلال الحرب " تقليدا " لدي جيش الولايات المتّحدة : مثلا ، في " المنطقة الخضراء " للولايات المتّحدة في بغداد ، تقع المتاجرة لنساء من بلاّروسيا و الصين و إيران من قبل متعاقدين ملحقين لتعملن كعاهرات .
و في الوقت نفسه ، كانت للدعارة العسكريّة على نطاق جماهيري " أثار جعلتها تتضاعف ". هناك رابط أكيد جدّا بين " الإنفجار " في الدعارة العسكريّة أثناء حرب الفيتنام و القواعد العسكريّة للولايات المتّحدة شرقي و جنوبي آسيا ، و التطوّر التالى ل " السياحة الجنسيّة " في تلك المنطقة . و مثلما كتب جفرايس :
" تطوّر صناعة سياحة الجنس في آسيا من سبعينات القرن العشرين فصاعدا كانت مدعومة بالملموس بالعمل القاعدي الذى أرسته الدعارة العسكريّة للولايات المتّحدة . لقد بدأت في ذات الأماكن التي تطوّرت فيها الدعارة خدمة لجيش الولايات المتّحدة في الراحةو الإستجمام ، مثل تيلندا و الفليبين و كوريا و تطوّر إلى درجة أضحى معها يوفّر قسما ملموسا من الدخل القومي الخام في تلك البلدان ... و بالفعل ، طوّرت حكومات البلدان الفقيرة عمدا سياحة الجنس كوسيلة لكسب التبادل الأجنبيّ ...
و لم تتطوّر سياحة الدعارة في بلدان و أماكن في آسيا آوت الدعارة العسكريّة . إنّها جزء بصدد التطوّر من صناعة الدعارة في جميع المناطق أين الرجال كأفراد أو كمجموعات تسافر من أجل المتعة و التجارة و الأحداث الرياضيّة أو التجمّعات السياسيّة . قد يكونوا سائحين يزورون المكان بوجه خاص بُغية تعاطى البغاء مع النساء أو لإستخدام منتدى عام للترفيه و القُمار ( كازينو ) بما انّ إستخدام البغاء على صلة متكاملة مع هذا النشاط ، أو زيارة رجال الأعمال أو مناصرين متحمّسين للرياضات الرجاليّة الذين يستخدمون بغاء النساء كجزء عاديّ من تجربة السفر . و هناك وجهات سياحة الدعارة في الغالم الغنيّ أيضا على غرار أمستردام بهولندا و ولاية نيفادا بالولايات المتّحدة . كما هناك بلدان فقيرة وظّفت سياحة الدعارة كأداة لتطوير إقتصاديّاتها و وضع النساء المحلّيات بسوق الإستغلال دون أن تعرف قبلا تجارب دعارة عسكريّة عميقة و الجماييك مثال على ذلك [ التشديد مضاف ] .
وبالفعل في أواخر 1970، حصُلت الجماييك على قروض من صندوق النقد الدولي مقابل قبولها ب" سياسة الإصلاحات ". و كانت هذه " الإصلاحات " تقتضى أن يوجّه إقتصاد الجماييك نحو تلبية حاجيات السوق الإمبرياليّة العالميّة . و جاء هذا أوّلا بدفع للتصنيع للتصدير. و سرعان ما إنهارت تلك المبادرة القصيرة العمر أمام المنافسة من مناطق إنتاج أرخص حتّى. و ما تلى ذلك هو تشجيع السياحة - " سلعنة الجنّة فى الكراييب و جنوب شرق آسيا - بعرض جسد أنثويّ " طريف " و " مطيع " .
نيكول دنيس - بان من مواليد الجماييك ( تحدّثت في ندوة بمكتبة " كتب ثوريّة " ) إلتقطت بعض النتائج الإنسانيّة في روايتها " هنا تأتى الشمس " . و في تعليق على الرواية و الخيارات التي أقدمت عليها شخصيّات روايتها ، أشارت إلى أنّ :
" حركة صعود السلّم الاجتماعي في الجماييك عسيرة جدّا و لذلك يغادر الكثير من أعضاء الطبقة العاملة البلاد . لكن الذين يبقون عليهم أن يجدوا طُرقا للبقاء على قيد الحياة . في روايتى ، يجب على مارغو أن تعرّض أجرها الضعيف جدّا بالعمل كموظّفة بنزل يتمّ فيه تعاطى البغاء . في بلد مثل الجماييك أين السياحة هي دخلنا الأوّل و الوحيد ، سكّاننا المحرومون من الحقوق يضطرّون لإستغلال ذلك. و الواقع هو أنّ النزل لا تستخدم أرباحها لتحسين أوضاعنا و مجتمعنا ."
و لنأخذ هذا إلى مستوى أعلى من التجريد . أمست أعداد متنامية من حكومات العالم الثالث تنظر إلى السياحة العالميّة المدعومة من المستثمرين الإمبرياليّين و المؤسّسات العالميّة ، كشكل من النموّ الاقتصادي، ك " نشاط تطوّر إستراتيجي ".
عديد النساء الشابات المطرودات من قطاعات تتطلّب بعض المهارات ، إلى جانب الأطفال الذين يواجهون ظروفا يائسة ، يبحثون عن الشغل في القطاع غير الرسميّ للسياحة . و في عديد البلدان المضطهَدَة ، " قطاع السياسة غير الرسميّ غير منفصل عن التجارة بجنس النساء و الأطفال ". الرأسمال الغربيّ – سلاسل النزل و الخطوط الجوّية و شركات الشحن البحريّ و القائمة طويلة – يدرّ أرباحا ضخمة من هذه " الصناعة العالميّة " الكبرى الموجودة و المزدهرة على حساب إخضاع النساء و إهانتهنّ .
إنّ " تجارة الجنس " مظهر من مظاهر البلدان الإمبرياليّة كذلك . و " سلسلة التزويد " ( " المواد الأوّلية " العالميّة ) بالبغاء المقنّن و شبه المقنّن في تلك البلدان يعنى مركزيّا العاهرات الأجنبيّات . ففي هولندا أين ل" صناعة الجنس " " جاذبيّة سياحيّة " في العاصمة أمستردام ، ما يقدّر ب 60 إلى 70 بالمائة من العاهرات في البلاد في بدايات القرن الواحد و العشرين كنّ من المهاجرات .
ث – تجارة البغاء :
إذا تمّ التطبيع مع البغاء في العالم الثالث ، بالطرق التي وقع تحليلها أعلاه ، خاصمة مع " سياحة الجنس " ، فإنّ ذلك سيتّخذ أبعادا جديدة و حتّى أكثر تطبيعا في مجال عقد إتّفاقيّات و تجارة الترفيه في البلدان الإمبرياليّة . و من طوكيو إلى شنغاي و من لندن إلى مدن في الولايات المتّحدة ، مثل أطلنتا ( ما يحطّ بثقله على ما هو متعارف عليه تجاريّا ) ، نمت " تجارة البغاء " نموّا هائلا و أصبحت أكثر محوريّة بالنسبة ل " شبكة التجارة " العالمية .
و يتضمّن هذا القسم من" صناعة الجنس " دعارة سافرة ونوادى تعرّى و صالونات التدليك و مراكز" السياحة الجنسيّة ". و يسير كنمط خاص و حصريّ للذكور الذين يرقصون بحثا عن هكذا تجارة . و يجسّد هذا الإمتيازات الذكوريّة و يعزّزها على كلّ مستويات التراتبيّة المندمجة . في مقال 2010 في جريدة " الأكونومست " المذكور في دراسة إستطلاعيّة ، أشارت النساء المنفّذات للدراسة إلى أنّ العادات المقزّزة و العوائق الكبرى أمام بلوغهنّ " الشبكات الإجتماعيّة غير الرسميّة " الضروريّة للتقدّم في مسارات عملهنّ .
9- الثقافة الطفيليّة و إعادة تأكيد العنف المخوّل للذكور و البغاء المعولم :
لقد ركّز التحليل في هذه الورقة البحثيّة أساسا على " جانب شبكات التزويد " ل " صناعة الجنس " العالميّة . لكن ماذا عن جانب " الطلب " ، الطلب ( المتزايد ) لإذلال النساء و إهانتهنّ جنسيّا و حصولها ذلك بشتّى الأشكال . ما الذى كان يؤثّر في هذا و يشكّله ؟ إنّها مسألة تستحقّ بحثا أتمّ و خلاصة بحدّ ذاتها أعمق . و ما يلى بعض الأفكار الأوّليّة و الخطوط العريضة لمزيد البحث .
مسألة إستفزازيّة تطرحها أكاديميّة أستراليّة مختصّة في موضوع " صناعة الجنس " . كتبت تقول :
" روتينيّا يُذكر الفقر و التفكّك الاجتماعي و اليأس الأنثويّ لتفسير البغاء ، فضلا عن المتاجرة التي تنظّم تجارة الجنس ... لكن إلى جانب هذه التطوّرات العالميّة ، ما الذى تسبّب في ألعداد النامية من الرجال الذين يتعاطون مع البغاء بنسق أكبر طوال الخمسين سنة الماضية ، إذا رأينا صناعة الجنس العالميّة على أنّها إزدهرت خلال هذه الفترة ؟ بكلمات أخرى ، ما الذى سرّع في الطلب على البغاء في صفوف الرجال ... ما الذى تسبّب في موضة ظهرت في صفوف الرجال قوامها التفكير في أنّ شراء الجنس أمر معقول و حتّى مرغوب فيه ؟ " . ( التشديد مضاف )
و مثلما تشير هذه الأكاديميّة بصفة صحيحة ، لسنا نتعامل مع بعض " الجوهريّين " البيولوجيّين الرجال الذين يحرّكهم الجنس ، أو مع بعض " طلب البغاء الكامن " لدي الرجال . وهي تلمس شيئا عندما تلاحظ أنّ " المتاجرة المبتذلة بجنس النساء و الأطفال ضمن إطار حياة الرجال اليوميّة كمستهلكين أمر واقع في القرن الواحد و العشرين الذى لم تستطع الحركات الجندريّة المناهضة للعبوديّة لا في القرن التاسع عشر و لا في القرن العشرين منعه " . و إستعمالها لمفردة " المبتذلة " هو مسعى طبعا لتسليط الضوء على جعل الأمر أمرا عاديّا ، و لتسليط الضوء على التطبيع مع الإستغلال الجنسيّ و العنف الموجّه ضد النساء .
لقد وفّر بوب أفاكيان أدوات تحليل بواسطتها نستكشف هذا و نفهمه . إنّه مهندس النوع الوحيد من الثوة ، الثورة التي تقودها الشيوعيّة الجديدة و بوساطتها يمكن أن نغيّر هذا تغييرا راديكاليّا . و تعتبر الشيوعيّة الجديدة تحرير النساء مسألة مركزيّة و محكّا للثورة في القرن الواحد و العشرين لتحرير الإنسانيّة من كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال .
نعيش في عالم تتصادم فه " قوّتان فات أوانهما " : الاقتصاد و الثقافة و الطبقة الحاكمة للنظام الإمبريالي الذى فات أوانه؛ و الأصوليّة الرجعيّة ، ما يعكس النظرة التاريخيّة للطبقة التي فات أوانها ضمن الإنسانيّة المستعمَرَة و المضطهَدَة . و تلتقى البرنوغرافيا مع الحجاب في تجريد النساء من إنسانيّتهنّ بشكل معاصر و آخر قروسطيّ .
نعيش في عالم منتهى الطفيليّة و الإمتيازات في البلدان الأوطان الإمبرياليّة – إستهلاك مبذّر و سام و مخدّر بما فيه " تسلية جنسيّة " بارزة ؛ عالم " سياحة جنسيّة " ك " صناعة نامية " في بلدان العالم الثالث .
و بطرق متنوّعة جدّا ، كما شدّد على ذلك بوب أفاكيان ، القوى الإقتصاديّة و التغيّرات و الصراعات الإجتماعيّة – الثقافيّة العميقة وضعوا الأسرة البطرياركيّة و العلاقات البطرياركيّة عامة تحت ضغط هائل . فالعلاقات و الأدوار الإجتماعيّة التقليديّة تزعزعت في كلّ من البلدان الإمبرياليّة و البلدان المضطهَدّة. و باتت الفلاّحات عاملات مأجورات مستغلاّت إلى أقصى الحدود في صناعة النسيج و المصانع الألكترونيّة في مناطق التصنيع – التصدير في العالم الثالث . و في الولايات المتّحدة ن النساء اللواتى كنّ في الأجيال السابقة زوجات و معتنيات بالمنازل لوقت كامل تتخرّج اليوم من الجامعات و بأعداد تفوق أعداد الرجال . و تغيّرت الأسرة : صار هناك دخل مزدوج و هناك أسر تتراّسها نساء إلى جانب التحدّيات الثقافيّة للتقاليد الجندريّة .
لكن هذه التغيّرات الإقتصاديّة و الإجتماعيّة تظلّ محصورة و مقيّدة ( و درع ) صلب الاقتصاد السائد و العلاقات الإجتماعيّة و الإيديولوجيّة السائدة للتنظيم البطرياركي للمجتمع . و ينسحب هذا بطرق مختلفة على أنّها مترابطة بعمق على كلّ البلدان الإمبرياليّة و البلدان المضطهَدَة – و ليس أقلّ بسبب سيرورات العولمة الإمبرياليّة و تعبيراتها الثقافيّة .
و على ضوء ما تقدّم ، غليكم بضعة نقاط إضافيّة للتفكير فيها من أجل بحث لاحق :
- " الإنتقام الذكوريّ " ردّا على تقويض و إهتراء الأشكال التقليديّة و المستقرّة سابقا من التحكّم البطرياركي في النساء – و الشعور ب " فقدان مكانة الذكر " في المنزل و في الشغل و في المجتمع بصورة أعمّ . العنف ضد النساء بما فيه الإغتصاب و الإغتصاب الجماعي ينهض بدور كامل في إعادة تأكيد الإمتياز و الحقّ و المكانة الذكوريّين ... و ك " عقاب " لمن يهدّدهم.
- الإنتاج الواسع للبرنوغرافيا و نشرها و إستهلاكها على نطاق واسع على الصعيد العالمي ... و الدور الضخم للمتاجرة بالجنس في هذه الصناعة العالميّة ... و البرنوغرافيا في " تربية " و إيلاف الأطفال إجتماعيّا و تعويد الأطفال الصغار و الرجال عامة على ما هو مقبول و بالفعل مثمّن – تعزيز منتهى سلعنة النساء و تشييئهنّ .
لقد عقد بوب أفاكيان مقارنة حارقة بين البرنوغرافيا و " بطاقات البريد المصوّرة لعمليّا القتل بوقا " – البطاقات البريديّة لقتل السود بوقا في بدايات القرن العشرين التي كانت تباع ك " ذكرى " للعقاب و قطع الأعضاء الساديّين. مثل تلك البطاقات البريديّة ، تقترف البرنوغرافياو تبرّر و تتمتّع بممارسة العنف ضد أناس حقيقيّين.
و هناك الآن كنزا دفينا من الدراسات التي تبيّن أنّ الرجال الشبّان في أمريكا يستقون معظم فهمهم للجنس من البرنوغرافيا. و بالفعل يبيّن البحث الحديث أنّ أكثر من 50 بالمائة من المراهقين الذكور يرون البرنوغرافيا على أنّها صورة " حقيقيّة " للجنس ( و نسبة ليست أقلّ من المراهقات يُضغط عليهنّ ثقافيّا لتبنّى الإستنتاج عينه ).
و واقع بارز آخر : كانت أمريكا رائدة في النموّ العالمي للبرنوغرافيا و في جعلها " سائدة " عالميّا هي وإستعاراتها المهيمنة: كره النساء و العنف الجنسيّ و العنصريّة و الغزو الجنسيّ الإستعماري الجديد . و تدرّ صناعة البرنوغرافيا العالميّة حوالي 90 بليون دولار ، و تعدّ الولايات المتّحدة حوالي 60 بالمائة من مجمل المداخيل .
- دور الأنترنت في توسيع و تكبير التجارة العالميّة في النساء و الأطفال : بالنسبة إلى " السياحة الجنسيّة " و مراكز الجنس في الولايات المتّحدة و أوروبا الغربيّة ، و " تجارة البغاء " و الوكالات المحلّية لحرس البغاء و " المواعدة المدفوعة الأجر " إلخ . و قد حفّزت الإتّصالات عبر الإنترنت مطلب تجارة الجنس و هي تحقّق مداخيلا بفضلها . و في الواقع ، الأنترنت هي الوسيلة الرئيسيّة التي تقدّم من خلالها البرنوغرافيا للرجال خاصة في البلدان الإمبريالية . و ليس أقلّ أنّ تكنولوجيا الأنترنت تيسّر البغاء و المتاجرة بالجنس ... و تضع لها قناعا .
الأمر فظيع ...فظيع ...
لنكسر القيود و لنطلق العنان لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة !
---------------------
(1) عادة ما يجرى ذكر تايوان و كوريا الجنوبيّة ك " معجزات نموّ " و موجة أولى من " البلدان المصنّعة حديثا " و على بلدان العالم الثالث أن تحذو حذوها . لكن هذه حالات خاصة . فالتطوّر الاقتصادي الصناعي لتيوان و كوريا الجنوبيّة عقب نهاية الحرب العالميّة الثانية سنة 1945 غير منفصل عن دورهما الإستراتيجي كدول " جبهة " في مواجهة الحرب الباردة في آسيا خدمة للولايات المتّحدة و خاصة ضد الصين الثوريّة بقيادة ماو . و ما يجب التشديد عليه هو أنّ تايوان و كوريا الجنوبيّة ك " دول عميلة " كانت مستعمرات جديدة ذات إمتيازات تمكّنها من الحصول بوجه خاص على المساعدة و القروض و الإستثمارات الأجنبيّة و على ولوج سوق الولايات المتّحدة – و أصبحتا مواقعا مفضّلة للإستثمار – إعادة موقعة الصناعة أجرتها الشركات العالميّة للولايات المتّحدة و اليابان . و هذا التطوّر العالي السرعة الاقتصادي – الصناعي كان يعتمد على القمع الوحشيّ لسكّان هذه الدول العميلة .
هوامش المقال :
Endnotes and Citations
* Taiwan and South Korea are often cited as “miracles of development” and a first wave of “newly industrializing countries” that other Third World countries could emulate. But these are special cases. The economic-industrial development of Taiwan and South Korea after the end of World War 2 in 1945 is inseparable from their strategic role as “frontline” states in the U.S. Cold War confrontation in Asia, especially -dir-ected against revolutionary China led by Mao. Taiwan and South Korea were built up as privileged neocolonial “client states” with special access to foreign assistance, loans, investments, and to the U.S. market. They became favored sites of industrial investment-relocation by U.S. and Japanese transnational firms. And this high-speed economic-industrial development pivoted on savage repression carried out by these client states against their populations.26
1. “NEW YEAR S STATEMENT BY BOB AVAKIAN: A New Year, The Urgent Need For A Radically New World—For The Emancipation Of All Humanity, January 2021,” https://www.revcom.us, Emphasis added.
2. This 40-42 million estimate appears in the comprehensive studies of global prostitution produced by the Paris-based Scelles Foundation Catherine Goldmann, Current Assessment of the State of Prostitution, 2013 (Paris: Scelles Foundation), p. 5.
3. An early theorization of global prostitution as subject to forces of “industrialization” is found in Kathleen Barry, The Prostitution of Sexuality (New York: NYU Press, 1996).
4. International Labor Organization,“ Sex Industry Assuming Massive Proportions in Southeast Asia,” Press Release, August 19, 1998.
5. Patricia D. Levan, “Curtailing Thailand s Child Prostitution Through an International Conscience,” American University International Law Review, Vol. 9, No. 3 (1994), pp. 869-70. In 2007, some 40 percent of Thailand s prostitutes were estimated to be under 18—see Ecpat, Global Monitoring Status of Action against Commercial Sexual Exploitation of Children, Country report of Thailand, 2011, p, 13.
6. HIV and AIDS Data Hub for Asia-Pacific, China: Sex Work and HIV/AIDS 2010, Table 1, p. 2.
7. International Labor Organization, Global Estimates of Modern Slavery: Forced Labor and Forced Marriage (Geneva: 2017).
8. International Organization for Migration, Information Campaign Against Trafficking in Women from Ukraine-Research Report (Geneva: 1998).
9. PICUM, Safeguarding the Human Rights and Dignity of Undocumented Migrant Sex Workers (Brussels: 2019), p. 9.
10. Global Estimates of Modern Slavery, pp. 9-11 more data and analysis is found in UN Office on Drugs and Crime, “Executive Summary,” Global Report on Trafficking in Persons, 2020 (New York: 2020),
11. Channing May, Transnational Crime and the Developing World (Washington, D.C.: Global Financial Integrity, 2017), Table X1.
12. International Labor Organization, Profits and Poverty: The Economics of Forced Labor (Geneva: 2014), Table 2.1, p. 13.
13.Cited in Corinne Redfern, “The Living Hell of Young Girls Enslaved in Bangladesh’s Brothels,” Guardian, July 6, 2019 see also, Siddharth Kara, Modern Slavery: A Global Perspective (New York: Columbia University Press, 2017).
14. Polaris Project, “Hidden in Plain Sight: How Corporate Secrecy Facilitates Human Trafficking in Illegal Massage Parlors,” April 2018, p. 1.
15. Cesar Chelala, “Child Trafficking: A Global Scourge,” The Globalist, July 16, 2019.
16. Cara Kelly, “13 Sex traffficking statistics that explain the enormity of the global sex trade,” USA Today, July 30, 2019.
17. Kate Geary, Our Land Our Lives: Time Out on the Global Land Rush, (Oxford, UK: Oxfam International, 2013). The small-farmer advocacy organization GRAIN.org maintains a data base of global landgrabbing. See also, Saskia Sassen, Expulsions: Complexity and Brutality in the World Economy (Cambridge: Belnap Press, 2014), chapter 2, “The New Global Market for Land.” Analysis of land dispossession, resistance, and conflict is found in The Journal of Peasant Studies, including the special issue “The New Enclosures: Critical Perspectives on Corporate Land Deals” (Vol. 39, Issue 3-4, 2012) with articles on landgrabbing in Africa and the special issue "Rural Land Dispossession in China and India” (Vol. 47, No. 6, 2020). On Thailand, Cambodia, and Mynanmar, see Local Act Thailand, “Land Grabbing and Impacts to Small-Scale Farmers in Southeast Asia Sub-Region,” (April 2015).
18. Geary, Our Land Our Lives.
19. See, for instance, Michael Levien, Gender and Land Dispossession: A Comparative Analysis, (New York: UN Women, 2017).
20. UNCTAD, Enhancing the Contribution of Export-Processing Zones to the Sustainable Development Goals (New York: United Nations Publications, 2015), Preface.
21. For a street-level, investigative study, see Svati P. Shah, Street Corner Secrets: Sex, Work and Migration in the City of Mumbai (Durham: Duke University Press, 2014).
22. United Nations Office on Drugs and Crime, “Migrant Smuggling FAQs,” 2018.
23. Raymond Lotta, “Imperialist Parasitism and Class-Social Recomposition in the U.S. From the 1970s to Today: An Exploration of Trends and Changes,” Revcom.us, March 22, 2021.
24. Aaron Benanav, “Automation and the Future of Work-2,” New Left Review 120, Nov.-Dec. 2019, p. 119.
25. Important analysis of the differences from the Industrial Revolution is found in: C. Scherrer, “Superfluous Workers: Why SDG 8 [Sustainable Development Goals] Will Remain Elusive,” in M. Kaltenborn, et al. (eds), Sustainable Development Goals and Human Rights, Volume 5, (Springer: 2020) and D. Rodrik, “Premature Industrialization,” Journal of Economic Growth, Vol. 21, No. 1 (2016). The early capitalist-industrializing countries led by England also had a historically significant "safety-valve": mass immigration (after 1815) to North America and elsewhere to absorb surplus workers and moderate economic and social tensions and conflicts.
26. See, George Aseniero, “South Korean and Taiwanese Development: The Transnational Context,” Review (Fernand Braudel Center), Vol. 17, No. 3 (Summer 1994) Martin Hart-Landsburg, Korea: Division, Reunification, and U.S. Foreign Policy (New York: Monthly Review Press, 1998).
27. International Labor Organization, “More than 60 percent of the world’s employed are in the informal economy," Press Release, April 30, 2018.
28. Sassen, Expulsions, pp. 16, 89 see also “Conclusion.”
29. Mike Davis, Planet of Slums (New York: Verso, 2006).
30. Data on cities: United Nations Department of Economic and Social Affairs, 2018 Revision of World Urbanization Prospect (New York, 2018) United Nations Statistics Division, “Sustainable Cities and Communities," (New York: United Nations Department of Economic and Social Affairs) UN Population Division, “World Urbanization Prospects,” 2018 Revision David Satterthwaite, “An Urbanizing World,” International Institute for Environment and Development (London), April 9, 2020.
31. Aye s story is told in Kathryn Farr, Sex Trafficking: The Global Market in Women and Children (New York: Worth Publishers, 2005).
32. Mary s story from Adaobi Tricia Nwaubani, Kieran Guilbert, “Migrant Crisis Fuels Sex Trafficking of Nigerian Girls To Europe,” Thomson Reuters Foundation, May 31, 2016.
33. See Chris Buckley and Ellen Barry, “Rohingya Women Flee Violence Only To Be Sold Into Marriage,” The New York Times, August 2, 2015. The experiences of trafficked girls in Bangladesh s “brothel villages” is movingly told in Redfern, “The Living Hell of Young Girls Enslaved in Bangladesh’s Brothels” see also, Tania Rashid, “Inside the Bangladeshi Brothels Where Rohingya Girls Are Suffering,” PBS NewsHour Report, April 26, 2018.
34. Sheila Jeffreys, “Prostitution, Trafficking, and Feminism: An on the Debate,” Women’s Studies International Forum, 32 (2009), p. 319.
35. Sunsara Taylor, “Questions About Feminist Porn, the Nature of Truth, Sex Work, and Socialism Encountered on a Liberal Arts College Campus,” Revcom.us, February 21, 2014.
36. The original passage on “Choices..And Radical Changes,” is found in Bob Avakian, “More on Choices...And Radical Changes,” https://www.revcom.us, January 28, 2013.
37. “Discourse Surrounding Prostitutional Propaganda Online: An Analysis,” in Sexual Exploitation: New Challenges, New Answers, 5th Global Report (Paris: Scelles Foundation, 2019), p. 5. The term sexual exploitation applies to the spectrum of activities ranging from the “self-employed” and remunerated “sex worker” to a kidnapped child trafficked across borders to become a sex slave in a brothel.
38. Pamela Coke-Hamilton, “Illicit Trade Endangers the Environment, the Law, and the Sustainable Development Goals,” (Geneva: UNCTAD, July 18. 2019).
39. Global Initiative Against Transnational Crime, The Global Illicit Economy: Trajectories of Transnational Organized Crime (Geneva: March 2021), p. 31.
40. Global Illicit Economy, p. 36.
41. Jean Pyle, “Sex, Maids, and Export Processing: Risks and Reasons For Gendered Global Production Networks,” International Journal of Politics, Culture, and Society, Vol. 15, No. 1 (2001).
42. Palash Ghosh, “Prostitution Thriving in China: The Dark Underbelly of Economic Prosperity,” International Business Times, May 7, 2013.
43. Sheila Jeffreys, The Industrial Vagina: The Political Economy of the Global Sex Trade (London: Routledge, 2008), pp. 107, 119. Jeffreys (pp. 118-19) discusses the prostitution system set up for the American military in the Philippines following World War 2 and the imposition of U.S. bases. The U.S. military institutionalized medical checks around the major U.S. naval and air force bases in order to facilitate prostitution (and “prostitution towns” that developed around the bases).
44. “American Crime, #8: America s War in Vietnam and the Sexual Subjugation of Women,” https://www.revcom.us, March 4, 2021.
45. On the 1967 U.S.-Thai agreement, see Emily Nyen Chang, "Engagement Abroad: Enlisted Men, U.S. Military Policy and the Sex Industry," Notre Dame Journal of Law, Ethics & Public Policy, Vol. 15, No. 2 (2001), pp. 40-41.
46. Debra McNutt, “Privatizing Women,” Counterpunch, July 11, 2007.
47. Jeffreys, The Industrial Vagina, pp. 130-32, emphasis added.
48. Island Outpostings, “Interview: Nicole Dennis-Benn s Debut Novel is a Love Letter to Jamaica.”
49. Anna Tokar, et al., “‘I don’t want anyone to know’: Experiences of obtaining access to HIV testing by Eastern European, non-European -union- sex workers in Amsterdam, the Netherlands,” PloS One, 15(7), July 7, 2020.
50. See, for instance, Sheila Jeffreys, “The Sex Industry and Business Practice: An Obstacle to Women s Equality,” Women s Studies International Forum, Vol. 3, No. 3 (May 2010). Jeffreys cites studies showing that 40 percent of strip-club spending in major U.S. markets is for business purposes.
51. Caroline Norma, “Globalization and Prostitution,” Entry in Global Encyclopedia of Public Administration, Public Policy, and Governance (Springer International Publishing, 2018) emphasis added.
52. Norma, “Globalization and Prostitution.”
53. See Bob Avakian, “From Bringing Forward Another Way: Bob Avakian on The Two “Historically Outmodeds,” revcom.us, December 4, 2015. 54. See Bob Avakian, New Year s Statement 2021 and Raymond Lotta, Imperialist Parasistism and Class-Social Recomposition, Section 6. Available at https://www.revcom.us.
55. “More Postcards of the Hanging—The Horrors Perpetrated Against Women Under This System,” From Sampler Edition: Break ALL the Chains! Bob Avakian on the Emancipation of Women and the Communist Revolution, pp. 7-9. Available at https://www.revcom.us.
56. Maggie Jones, “What Teenagers are Learning From Online Porn,” The New York Times, February 7, 2018 Peggy Orenstein, "If You Ignore Porn, You Aren t Teaching Sex Education," The New York Times, June 24, 2021 Sandra Laville, "Most boys think online pornography is realistic, finds study," The Guardian, June 14, 2016.
57. NBC News, “Things are Looking Up in America s Porn Industry,” January 20, 2015 Felix Richter, “60 Percent of Porn Websites are Hosted in the U.S.,” Statista, August 21, 2013.
-------------------------------------------------------------------------------------
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟