أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - الشخصنة كمرض نفسي واجتماعي















المزيد.....

الشخصنة كمرض نفسي واجتماعي


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7014 - 2021 / 9 / 9 - 02:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بالنسبة للشخصنة وتفسير الآراء على محمل شخصي ، فالسبب أحيانا هو (كثرة التدليل وسوء التربية الأسرية)

فالإنسان الذي يتمتع بالمرونة هو بالأصل لديه كمّ تجارب كبير من الاعتماد على الذات، خلافا للرفاهية التي يتمتع بها الإنسان المُدلل والتي أفقدته التجارب والخبرة والمرونة في تناول الرأي المختلف..

للقصة بُعد طبقي

فالأثرياء الذين اعتمدوا على ذواتهم ونهضوا يشكلون غالبية الطبقتين (الوسطى والعليا) وهذا تفسير لاكتساب هؤلاء المرونة الكافية ليكونوا من النخبة المثقفة، ودخولهم قطاعات الإدارة والأعمال..والسر في أنهم نجحوا في التفريق بين (القناعة الشخصية والقرار) فوصلوا لمرحلة شعورية لا يتصورون عقاب الرأي المختلف..لأنه طبيعي عندهم..

أما الفقراء الذين اعتمدوا على ذواتهم فيُشكّلون ثلاثة فرق:

الأولى: من اعتمد على نفسه فقط (ليبقى) أو ليتحصل على متطلباته الأساسية من طعام وشراب وكساء وخلافه، وهذا الفريق نظرا لانه لم ينجح في الانتقال لطبقة أعلى أو مستوى معيشي أرفع يصنع بينه وبين النخبة المثقفة ورجال الدين (حاجزا نفسيا) فلا يثق في منتجاتهم الفكرية غالبا..بينما يدين بالولاء أكثر للحكومة والأعيان لفضلهم على نجاحه في البقاء والعيش بكرامة..

الثانية: من اعتمدوا على ذواتهم (وفشلوا) وهؤلاء الذين انحدروا اجتماعيا واتجهوا للبلطجة والمخدرات والسرقة وخلافه، ولأن تجارب هذا الفريق كبيرة (لفشله المتكرر) لا تكون بينه وبين هؤلاء حواجز نفسية (النخبة ورجال الدين والحكومة والأعيان) فيتأثر بهم ويستجيب لكل من يقترب منهم، وهذا تفسير لكيف يكون هذا الفريق هو الذراع القوي للأطياف الأربعة في صراعها على السلطة، وكيف يشكلون مراكز القوى للسيطرة على الجماهير فمن ناحية الأطياف الأربعة يمكنه التفاهم معهم، ومن ناحية الجماهير لديه الخبرة والقدرة لإقناعهم والسيطرة عليهم بطريقة العصا والجزرة..

الثالثة: من اعتمدوا على ذواتهم (ونجحوا) في الانتقال لطبقة أعلى، وهؤلاء لديهم مرونة كبيرة للتعامل مع الحكومة والأعيان ورجال الدين والمثقفين، لكنهم في الغالب يفضلون الأطياف الثلاثة الأخيرة ولا ينحازون للثقافة بوصفها أكثر تكلفة واحتمالية للصدام مع المجتمع والدولة، بالتالي خسارة أرباحهم ومكتسباتهم، وهذا تفسير لكيف تشكل هذه الفرقة (الذراع المالي) لرجال الدين وكيف أنهم (الوسيط المشهور) لتحالف (الدين والسلطة)

يوجد شبح يهدد هذا الفريق بالذات..فالماضي لديه يشكل ألما كبيرا ونقمة على الذات والمجتمع ككل، فلا يتخيل لحظة أن يعود كما كان، وسيفضل أي خيارا يبعده عن ذلك الشبح، وأقرب فئة تضمن له القبول والبقاء في وضعه الجديد هم رجال الدين وكثرة تردده على المعابد، وسيقترب أيضا من المسئولين وبلاط الحكام لتأمين نفسه في حال الضعف والخطأ، ومن يتذكر فيلم "مرجان أحمد مرجان" سيرى أن المؤلف رسم شخصية هذا الثري بطريقة تقنعك أنه لم يولَد ثريا بل خبيرا وعالما بالطبقات الدنيا وأساليبها..وشخصيا أعتبر هذا الفريق الاجتماعي أكثر الفئات رشوة وفسادا وجهلا وعدم أهلية..دون تعميم بالطبع

أما بالنسبة للشخصنة فكل الفرق الثلاثة لديها موقف عقلي وشعوري من الثقافة، بالتالي هم يفكرون بطريقة مختلفة عن الطبقات الأعلى والنخبة المثقفة، وسيمثل الرأي المختلف لديهم (هجوما وتهديدا) بالخصوص إذا حمل سمات دينية أو نقدية للوضع الثقافي السائد..باستثناء الفريق الثاني الذي على غير المشاع عنه أنه عدو للمثقفين..بالعكس ، هو يتفاعل معهم شعوريا فقط (كتجارب ومصلحة) لكنه لا يفهم ولا يقتنع بما يقولوه، بالتالي سيظل بعيدا عنهم فكريا لكنه قريب منهم اجتماعيا وعلى استعداد لتلبية حاجات المثقف من باب المصالح..

شخصيا عندما أجد هجوما وشخصنة أرفع سلاحي فورا وهو الحظر والبلوك:

أولا: لأن تلك الفئات المهاجمة غالبا ينتمون للفريقين الأول والثاني الفقير، وهو الأكثر عنفا في المجتمع، يليه الفريق (المدلل) الأقل عنفا والمنتمي للطبقتين الوسطى والعليا وهو الذي يشخصن بناء على رفاهيته الأسرية وفقدانه للتجارب..فإذا كانت لديّ القدرة على التعامل مع المدلل وتدجينه فحتما سأفشل في احتواء العنف عند غالبيتهم..والحل الوحيد هو الابتعاد والعزل تماما عن تلك الفئة الخطيرة..

ثانيا: الشخصنة مرض اجتماعي ونفسي وليست اتجاها ثقافيا ليكون قابلا للعلاج والحوار، فهناك من الطبقات الفقيرة والتي فشلت حتى في الاعتماد على ذاتها لكنها تمتلك مرونة وتسامح نفسي وديني، وبرغم أنهم أقلية واستثناء لكن وجودهم يثبت أن الشخصنة مرض لا شفاء منه سوى بالتجارب المؤلمة، ما بالك وأن المهاجمين هم قطيع رجل دين أو زعيم سياسي مثلا حينها ستكون الشخصنة تجمع ما بين (المصلحة والمرض النفسي) بطريقة مركبة يستحيل التعامل معها إلا بالخضوع والانصياع التام لرغبات المهاجمين..

ثالثا: نجاح المهاجمين يتوقف على ردة فعلك، فلو شعروا بضعفك وجُبنك يمارسوا هوايتهم في (التنمر والتمييز والتشفي) ووصولهم لتلك الحالة الشعورية يعني (نشوة الانتصار) والتي سيعقبها حتما (معاقبتك) على التجرؤ عليهم ومخالفتهم، فحتى الانصياع والخضوع للشخصنة والهجوم ليس حلا لإرضائهم ، فما يُكنّوه من مشاعر عنف وانتقام لن تتوقف على إعلانك الهزيمة بل سيحاولون إرضاء تلك المشاعر والتلذذ بآلامك وتعذيبك كما يفعل الأشرار في أفلام الأكشن بالضبط..ولا تستغرب من المشهد فالدواعش كانوا ينتشون روحيا بصراخ ضحاياهم مع العلم أن تلك الفئة المُجرِمة مثّلت أقصى مشاهد العنف التي وصل إليها المتطرف دينيا والتي انطبق فيها مع صور المشركين في خيال المؤلفين..

رابعا: وهو سبب فني يعود بالأصل لطبيعة التواصل الاجتماعي وتأثير الصورة، فالعنف اللفظي والمعارك غير الأخلاقية التي تدور على صفحات الإنترنت تؤثر سلبيا على المشاهد، فلو كانت الصفحة علمية تصنع نفورا نفسيا بشكل عاجل لدى المثقفين وذوي الطباع الهادئة فيفقدون رغبتهم في المتابعة أو يغادرون لعدم مشاهدة ذلك الانحطاط، والأمر الآخر وهو أن فتح التعليقات والسماح لهؤلاء المهاجمين بالكتابة يهدد موقعك وصفحتك بالتبليغات كون الخورازميات الجديدة للفيس بوك – مثلا – تظهر تفاعل أصدقائك مع الغرباء، بالتالي صفحتك تظهر عند زعماء الجروبات واللجان الألكترونية لتفاعل أصدقائهم معك فينتبهون لك ويجدون فيك صيدا ثمينا أو فرصة للتسلية..

أخيرا فالشخصنة سلوك أخلاقي مقزز يساوي التنمر والتحرش والطائفية، ومحوره قائم على استضعاف الضحية، وبالتالي ظهورك قويا أمامهم يفقدهم أهدافهم أولا ثم لذة الانتصار ثانيا ثم ينزع منهم أهم أدواتهم على الإطلاق وهي (الكراهية) فالكتابة بشكل متكرر عن الحب والسلام والتسامح بالتوازي مع النقد الجاد والموضوعي كفيلان بالقضاء على تلك الفئة أو محاصرتها ودفعها للتفكك الاجتماعي وعدم التعاون والانشقاق ومخاطبة ذوي الحس السليم المتبقي فيهم، مع التحذير الدائم والمتكرر من خطورة توليهم المسئولية أو ظهورهم المجتمعي، فالجرائم الطائفية والحروب الأهلية في الشرق الأوسط لم تشتعل سوى بهؤلاء وكانوا دائما هم كلمة السر في تدمير الدول والمجتمعات وإشاعة الفوضى فيها والغباء بكل أشكاله..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تخاريف صحيح مسلم
- اليد القابضة في نسف (حديث الرويبضة)
- طالبان من المدرسة الدينية للحُكم
- أصول ما يسمى علوم القرآن
- التقية الوهابية..محمد حسان نموذج
- في البحث عن المتعة ومذاهب اللذة
- في العنف الزوجي ومصادره
- في فهم الشخصية الإنسانية
- في فلسفة الجمال
- في فلسفة الصراع
- في البحث عن الله
- أمريكا والحرب بالقرن الأفريقي
- البُعد الطبقي في الاغتصاب الجنسي
- الحب والمرأة عند الفلاسفة القدماء
- رحلة في الفكر الإسلامي وخطايا التاريخ
- بذاءة المثقفين..أشرف الخمايسي نموذج
- شكرا لك..تلك الكلمة الساحرة
- ثورات المحمول الفنية..تيك توك نموذج
- الاغتصاب الزوجي..جريمة إنسانية
- صورة أخرى للشخصية الانطوائية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - الشخصنة كمرض نفسي واجتماعي