|
طالبان .... إرهاب وتطرف ديني أم حركة تحرر وطني ....؟؟؟
زياد عبد الفتاح الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 7008 - 2021 / 9 / 3 - 20:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية نشوء حركة طالبان كانت في منتصف العقد الاخير من القرن الماضي (عام 1994) وذلك بعد مضي مايقرب من خمس سنوات على انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان عام 1989 .. وقد نشأت هذه الحركة بعد بضعة سنوات من تأسيس تنظيم القاعدة أواخر الثمانينات عشية الانسحاب السوفييتي من افغانستان ... ومن الواضح بكل تأكيد أن كل من حركة طالبان وتنظيم القاعدة وكل ماتفرع عن القاعدة لاحقاً من تنظيمات وتحديداً ما يُعرف بالدولة الاسلامية ولدت في حقيقة الامر من رحم التنظيمات السلفية الجهادية المُتطرفة وتحديداً حركة المُجاهدين الافغان الي نشطت ضد الوجود السوفياتي في أفغانستان خلال الثمانينات , والتي تلقت دعمأ وتسليحاً قوياً من الاستخبارات الامريكية والبريطانية وتمويلاً سخياً من السعودية فيما قدمت الباكستان لهم العديد من معسكرات التدريب .... وقد كان الظهور الاول لحركة طالبان بين طلاب المعاهد الدينية المُتطرفة في الباكستان والتي كانت تُمول من دول ومنظمات اسلامية مشبوهة سواء في الباكستان أو من خارج الباكستان . وهنالك بالتأكيد العديد من القواسم المشتركة في مفاهيم الفكر الديني المُتطرف بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان.. فكلاهما على سبيل المثال يتبنى الفهم المُتطرف والمغلوط لما جاء في القرآن الكريم وسنة رسول الله .. وكلاهما يتبع اساليب ارهابية من التخلف تجاه المرأة تشمل الضرب المُبرح ومنعها من العمل وإجبارها على ارتداء النقاب والسير وراء الرجل ومنعها من الذهاب الى المدارس بعد سن العاشرة وعدم التحدث في المناطق العامة وغيرها من التعاليم الوحشية المُتخلفة التي تتعارض مع تعاليم الاسلام ... كما يُمارس كلاهما أساليب قمعية وهمجية في مواجهة كل من يُعارض هذا الفكر التكفيري والتي قد تصل الى درجة القتل والاعدامات الميدانية.. وهذا يشمل أيضاً المُتهمين بارتكاب الزنا من النساء اللواتي يتم رجمهم بالحجارة بل رحمة حتى الموت وقطع أيدي من يتهمون بالسرقة ... وكل تلك الاجراءات الهمجية والوحشية تتم مُمارستها حتى دون أي شكل من اشكال المُحاكمة والعدالة أو وجود الادلة القاطعة . ودون الاطالة في الحديث عن القواسم الفكرية والممارسات الوحشية المُشتركة بين طالبان والقاعدة يُمكننا القول أن الفارق الاكثر أهمية بين طالبان والقاعدة يتمثل بشكلٍ رئيسي في مدى الامتداد والتوسع الجغرافي ... وهنا نجد أن حركة طالبان تتواجد وتنشط غالباً في إطار قبلي ينحصر إقليمياً في أفغانستان والمناطق الاقليمية المُجاورة وتحديداً في الباكستان التي تتواجد فيها جماعة طالبان باكستان ضمن قبائل البشتون الذين يمتد وجودهم الى بعض المناطق الباكستانية المجاورة لافغانستان .... بينما في المُقابل يمتد وجود تنظيم القاعدة والدولة الاسلامية الى مساحات جغرافية واسعة من العالم ولا سيما في قارتي آسيا وأفريقيا .. ويمتد نشاطهما الى محيط إجتماعي وعرقي واسع يشمل العرب والتركمان والاكراد والشيشان والداغستان وكذلك العديد من مناطق التركستان في أواسط آسيا ولا سيما مناطق الايغور وقرغيستان وأوزباكستان وطاجيكستان وكازاخستان ...الخ بالاضافة الى العديد من الدول العربية والاسلامية في آسيا وافريقيا كسوريا ولبنان وإيران والعراق واليمن مصر والسودان ودول المغرب العربي , وكذلك الصومال وتشاد وموريتانيا وغيرها من الدول التي يتواجد فيها مسلمون كنيجيريا والنيجر ومالي وموريتانيا والسنغال وموزمبيق ....الخ أما من حيث الدعم ومصادر التمويل فتعتمد كل من القاعدة والدولة الاسلامية وتنظيم طالبان على الدعم والتمويل من مصادر مُتعددة .. فطالبان تعتمد غالباً على مصادر تمويل محلية وقبلية في أفغانستان وباكستان بالاضافة الى مصادر أخرى هامة كزراعة الحشيش والافيون على مساحات واسعة .. هذا عدا عن إغتنامها العديد من الاسلحة والمعدات العسكرية خلال المعارك التي خاضتها في أفغانستان سواء ضد قوات التحالف الغربي أو ضد الجيش الافغاني ... أما بالنسبة للقاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية(داعش) فموضوع الدعم والتمويل يشوبه الكثير من التعقيد والغموض والتشابك .. ولكن من المؤكد ان بعض الدول الخليجية والاقليمية وتحديداً قطر وتركيا ساهمت ولم تزل من وراء الستار بتمويل ودعم الدولة الاسلامية وغيرها من الجماعات الارهابية ولا سيما في سوريا والعراق بعلم وتوجيه من تحالف الغرب .. أما السعودية فقد ساهمت قبل الجميع وعلى نحوٍ مُبكر (منذ منتصف الثمانينات) في التمويل السخي لانشاء تنظيم القاعدة خلال السنوات الاولى لنشوء التنظيم في أفغانستان من قبل عبدالله عزام والسعودي الثري اسامة بن لادن وذلك لمواجهة إمتداد الخطر السوفييتي والشيوعي ... ومن جهة أخرى فإن مقاتلي داعش أو الدولة الاسلامية استولوا في السنوات الاخيرة على الكثير من المعدات العسكرية من الولايات المُتحدة وقوات التحالف أثناء سيطرتهم على مناطق عديدة من العراق وسوريا .. هذا عدا عن تجارة بيع النفط المسروق والمحاصيل الزراعية من خلال سيطرتهم على العديد من آبار النفط والاراضي الزراعية في سوريا والعراق . وبالعودة الى موضوعنا الرئيسي فمن المعروف ان تنظيم القاعدة وجميع التنظيمات المنشقة او المُتفرعة منه هي بلا مُنازع تنظيمات إرهابية وتكفيرية باعتراف جميع دول العالم والامم المُتحدة وجميع المنظمات الحقوقية الدولية ..... بينما يختلف الامر بعض الشيء فيما يتعلق بحركة طالبان التي تنشط في إطار جغرافي وقبلي محدود .. حيث لم يتم تصنيفها بعد كحركة ارهابية على نطاق دولي واسع رغم اتهامها من قبل جهات دولية وحقوقية عديدة بالتطرف والارهاب بالقياس الى سلوكها المُشابه الى حدٍ كبير لسوك القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية .... ولكن مع عودة طالبان للسيطرة مُؤخراً على معظم الاراضي الافغانية في ظل الانسحاب الامريكي وتحالف الغرب المُفاجئ من أفغانستان , وطموحها للحصول على قبول المجتمع الدولي لها في حكم افغانستان , فقد حاولت طالبان جاهدة الظهور بمظهر التىظيم المعتدل الغير مُتطرف لطمأنة المجتمع الدولي .. كما حاولت إعلامياً إظهار عدائها وانتقادها لكلا تنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية , بالرغم من أن سلوكها الميداني في كابل وفي العديد من الولايات الافغانية يدل على طبيعة التطرف الديني والعدواني للحركة تجاه العديد من شرائح المجتمع الافغاني ولا سيما تجاه النساء الذي شاهدناه خلال الايام الاولى لسيطرتها على كابل والتدفق الهائل لعشرات الالوف من الافغان نحو مطار كابل للهرب خوفاً من بطش طالبان ... هذا بالاضافة الى أن السيطرة العسكرية لطالبان على أفغانستان لم تطال العديد من الولايات التي يتواجد فيها تنظيم القاعدة ولا حتى ولاية خراسان التي تُعتبر المعقل الرئيسي لمسلحي الدولة الاسلامية في أفغانستان .. بينما سارعت طالبان بالهجوم الواسع الذي مُني بالفشل على معاقل تحالف المعارضة الافغانية في ولاية بانجشير بزعامة أحمد مسعود الذي ينتمي لاحد قبائل الطاجيك . ورغم أن مسؤولي حركة طالبان أكدوا إلتزامهم بمنع أي تنظيم سواء من القاعدة أو الدولة الاسلامية من تهديد ليس فقط دول الجوار ولكن أيضاً وبالاخص دول تحالف الغرب .. حيث ظهر هذا التعهد والالتزام بوضوح في اتفاقية الدوحة بين الولايات المُتحدة وحركة طالبان والتي لم يتجاوز فيها دور الحكومة الافغانية موقف المُتفرج .... ولكن رغم هذا التعهد من حركة طالبان فقد أعلن تنظيم الدولة الاسلامية أو داعش مسؤليته عن التفجير الكبير قرب مطار كابل والذي ذهب ضحيته مئات القتلى والجرحى وأودى بحياة ثلاثة عشر جندياً أمريكياً . أذا يُمكننا القول في نهاية الامر أن حركة طالبان لن تُعادي ولم ولن تفصل أو تعزل نفسها بوضوح ليس فقط عن تنظيم القاعدة الارهابي بل أيضاً عن تنظيم الدولة الاسلامية أو داعش المُنشق عن القاعدة ... ومن هنا فإن حركة طالبان كانت وستبقى حركة إرهابية ولا يُمكن إعتبارها بأي شكل من الاشكال حركة تحرر وطني فيما تمارس البطش والارهاب والتطرف الديني على النساء ومجمل المجتمع الافغاني .. وهذا ما أكدته بوضوح الجحافل الهائلة من الافغان التي توجهت بمئات الالوف من النساء والرجال والاطفال الى مطار كابل هرباً من بطش وإجرام طالبان والقاعدة والدولة الاسلامية .
وفي الختام يُمكننا القول أن الولايات المتحدة وبريطانيا ومُجمل تحالف الغرب قد عرض المُجتمع الافغاني وجميع الدول المحيطة بأفغانستان للخطر بهذا الخروج الفوضوي والمُفاجئ وبالتالي ترك أفغانستان ومُجمل المنطقة في وسط آسيا لمصيرها المجهول ... وهذا ما يُثير قلق العديد من الدول المجاورة وفي مُقدمتها روسيا والصين وهم الاعداء التقليديين للولايات المُتحدة ومنظومة الغرب .. وحتى الهند وإيران (ربما باستثناء باكستان) تشعران بالقلق من الوضع الخطير الناجم عن هذا الانسحاب .
#زياد_عبد_الفتاح_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات حول لبنان وفلسطين والمنطقة العربية ....!!!!
-
من يقف وراء حرب التجويع والافقار والابادة في لبنان ....!!!!
-
كيف نُقيم مصداقية الاعلام العربي ودوره الوطني ..... ؟؟؟
-
لماذا يختلط على البعض فهم الحركة الاخوانية في المنطقة ....؟؟
...
-
العراق ولبنان بين الطائفية السياسية وفصائل الاسلام السياسي ا
...
-
هل من بارقة أمل لوقف الانهيار والتراجع بكل أشكاله في العالم
...
-
هل من بارقة أمل لوقف الانهيار والتراجع في لبنان والعالم العر
...
-
هل من بارقة أمل لوقف الانهيار والتراجع في لبنان والعالم العر
...
-
الاحتجاجات الغاضبة تنفجر من جديد في مُختلف المناطق اللبنانية
...
-
لبنان ... الفوضى والعنف المُمنهج ومهزلة تشكيل الحكومة ....!!
...
-
ماذا لو نجح ترامب بولاية أخرى ....؟؟؟
-
عام 2020 والحرب السورية .. وتوقعات العام الجديد ....!!!!
-
حركات التحرر الوطني والمقاومة في العالم العربي .. التاريخ وا
...
-
أسئلة مُحيرة حول الوضع اللبناني ....!!!!
-
الرئيس المُقبل للولايات المُتحدة .. بين السيئ للغاية والاقل
...
-
حزب الله .. الحماية لبنانية أولاً ....!!!!
-
العالم العربي والعالم الثالث في ظل التآمر والازمات العالمية
...
-
حركات التحرر الوطني والمقاومة في العالم العربي .. التاريخ وا
...
-
المبادرة الفرنسية وعقدة التيار الوطني وحزب الله في تشكيل الح
...
-
هل يُمكن للبنانيين أن يثقوا بماكرون ....؟؟؟؟
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|