التفكير في التفكير

خالد محمد الزنتاني
كاتب
(Khaled M. Zentani)

الحوار المتمدن-العدد: 7008 - 2021 / 9 / 3 - 02:12
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

كلنا مصابين بمرض (الكبرياء الفكري) لا أحد مستثنى بمن فيهم كاتب هذه السطور، فطبيعة العقل البشري هو التمركز بصورة طبيعية حول نفسه ونحن كبشر نريد أن نكون دائما في موقف إيجابي ونستمتع بالنفاق لأنفسنا يتملكنا إعتقاد بأننا لا نخطيء في التفكير ويعزز هذا الإعتقاد أن جزء كبير من معرفتنا التي نمتلكها ماهي إلا موروثات إكتسبناها من البيئة وليست نتاج لأي مجهود عقلي.
يصور عالم الإجتماع العراقي الكبير (علي وردي) هذا الواقع بالقول : أن تقول للظالم أن يكون عادلا كقولك للمجنون أن يكون عاقلا، فالمجنون يعتقد أنه العاقل الوحيد بين الناس!" .. هذا يذكرني بعبارة لوالدي رحمه الله كان يقول فيها : أحيانا يفاجأك شخص أُمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة بعبارة أو كلمة لن تجدها حتى في محاضرة علمية يلقيها أستاذ متخصص!
الفرق بين الظالم والأُمي في المثال السابق يحدده التواضع الفكري فإمتلاك الفرد للشجاعة وإعادة التفكير في قناعاته ليس بالأمر الهين أبداً ويحتاج حتما إلى سنوات من الصراع النفسي والتدريب المتواصل للتغلب على الهوى والإبتعاد عن مجاملة النفس ووضع كل أفكاره الخاصة موضع نقد وتشكيك حتى يتخلى عن الشعور الزائف الذي يمنحه الثقة بنوعية التفكير، هكذا يحصل نوع من التناسق بين الأفكار والأفعال حتى نصل إلى التفكير في التفكير أو ما يعرف إصطلاحا بـ (التفكير النقدي).
من جهة ثانية .. الوصول إلى هذا المستوى من التفكير يجب ألا يسبب سقوطك في فخ الإعتداد المبالغ فيه بحيث تتعالى عن الغير بل يجب أن تكون متعاطفا مع أفكارهم فعدم توافق أفكارك مع أفكار الأخرين لا يعني الدخول في عداوة بل يجب أن يكون إعلان بالدخول في زخم جديد وتعددية محمودة وهذا ما يسمى بفن الإختلاف.
العيش في مجتمع ملتزم بثوابت حصرية له تأثير خاص يضعك في حالة إذعان لكل قيم ومعتقدات هذا المجتمع مهما كان شكلها وهنا تصبح أمام خيارين : إما الرضوخ الكامل لأفكار المجتمع السلبية والإيجابية ومن ثم الولوج إلى ثقافة القطيع وإما الإتجاه إلى التفكير النقدي لفرز الصالح من الطالح لكن الشيء المهم هنا هو الإصرار على عدم الوقوع ضحية للمغالطة القائلة (بما أن الغالبية يعتقدون ذلك فهذا دليل قاطع بأنهم على حق)! وتذكر دائما أن الأفكار لا تتضح إلا تحت مجهر النقد الذاتي ولا شيء غيره.

#خالد_محمد_الزنتاني (هاشتاغ)       Khaled_M._Zentani#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات