أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - لغز الموت!














المزيد.....

لغز الموت!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 07:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الموت.. هذا اللغز المحيِّر للألباب، متى يُوفَّق الإنسان في حلِّه؟!

الموت، أوَّلاً، ليس بالحادث المحتمل، أو الممكن الحدوث، فهو الحتمية بعينها، وهو شكل الزوال في الكائنات الحيَّة. وحتميته هي ذاتها حتمية الزوال الذي هو نهاية كل شيء نشأ وينشأ، وما من شيء في الوجود إلا وله تاريخ، أي ماضٍ وحاضر ومستقبل.

العِلْم، ومهما تطوَّر، لن يتوصل، أبدا، إلى "منع الموت"، فكل ما يستطيعه، حاضرا ومستقبلا، لا يتعدى تأخير الموت، أي إطالة عمر الكائن الحي.

وإذا كان من شيء يخشاه الإنسان خشية لا نظير لها، ولا مبرر لها في الوقت عينه، فإنَّ الموت هو هذا الشيء!

الإنسان في خشيته يكون واقعيا إذا ما خشي كل شيء يمكن أنْ يؤلمه جسديا أو نفسيا مثل المرض؛ ولكنَّه يكون غير واقعي إذا ما خشي الموت؛ لأنَّه المصيبة الوحيدة التي لا تؤلم مَنْ حلَّت به لا جسديا ولا نفسيا، فالموت والوعي لا يجتمعان.

هل في الموت وعي أو إحساس؟ ليس من جواب عن هذا السؤال يُجْمِع عليه البشر. قد تتوصَّل الأبحاث العلمية إلى ما يؤكد أنْ ليس من وعي أو إحساس في الموت، أي لدى الميِّت؛ ولكن الصعوبة الكبرى تكمن في إقناع البشر بذلك؛ أمَّا السبب فهو أنَّ ما مِنْ ميِّت قد عاد إلينا ليخبرنا عن "تجربته في الموت"!

وهذا يكفي لبقاء الأحياء من البشر في خشية وخوف من الموت!

ولا شكَّ في أنَّ "عذاب القبر"، بحسب معتقدات دينية، يغذِّي الخوف من الموت لدى البشر، الذين في تديُّنهم يسعون في التغلُّب، قدر الإمكان، على شعورهم بالخوف من الموت.

وثمة مَنْ يميل إلى فهم الموت على أنَّه حالة تشبه "الغيبوبة (المؤقتة) عن الوعي"، مستنتجين من تجربة الإنسان الذي استردَّ وعيه أنَّ الوعي أو الإحساس لا وجود له في الموت، وأنَّ الخوف من الموت هو، بالتالي، خوف غير واقعي وغير مبرَّر.

نحن جميعا ننظر إلى الموت على أنَّه حادث يأخذ الإنسان، أو الكائن الحي، بغتة، فالموت لا يحدث في سنوات أو شهور أو أسابيع أو أيام أو ساعات أو دقائق. إنَّه حادث لا يستغرق حدوثه سوى "لحظة"، أي يستغرق من الوقت ما يعدل مقدار لحظ العين.

غير أنَّ ذلك لا يعدل الحقيقة كاملة؛ وإنَّما جزء منها، فالموت، أوَّلا، هو جزء لا يتجزأ من الحياة، فالموت يبدأ في الإنسان مع ولادته، وينمو فيه مع نموِّه؛ ثمَّ أنَّ شيئا من الحياة يستمر مدَّة من الزمن بعد الموت؛ والدليل على ذلك هو عودة الحياة إلى الإنسان بعد دقائق من موته.

وأحسب أنَّ الإسلام قد أحرز تفوُّقا لا مثيل له في التغلُّب على شعور الإنسان (الذي أسلم) بالخوف من الموت في أثناء القتال على وجه الخصوص إذ جعل هذا الإنسان يؤمن إيمانا لا يتزعزع بأنَّ الموت هو شيء يعلمه ويريده ويقرره الله وحده، وبأنَّ الإنسان لا يقدر، بالتالي، أنْ يفعل أي شيء من أجل اجتناب الموت، الذي يدرك البشر ولو كانوا في أبراج مشيَّدة.

هذا الإيمان جعل المقاتل المسلم يركب الأهوال في الحروب، فلا خوف لديه من الموت؛ لأنَّ اقتحام الأهوال ليس سببا للموت في معتقده، فإذا كان الله يريد له البقاء على قيد الحياة فلن يموت ولو ألقى بنفسه في النار، وإذا كان يريد له الموت فسيموت ولو كان في برج مشيَّد.

يُقال إنَّ الخوف من الفشل يُقْعِد الإنسان ويحول بينه وبين المحاولة، فنراه يحجم عن القيام بأي عمل مهم خشية أنْ يفشل. وللخوف من الموت تأثير ضار مشابه، فهو يمنع الإنسان من أنْ يعيش حياته في طريقة إيجابية، وكما يمكنه وينبغي له أنْ يعيشها.

إنَّ البشر في حاجة إلى تلقِّي تربية جديدة، تجعلهم يفهمون الموت فهما يجعلهم أبناء الحياة!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزيران الذي انتهى في تموز!
- نصر يريدون إهداءه إلى إسرائيل!
- الاحتلال -الفارغ-!
- هذا القرار يجب أن يسقط!
- -أنا- و-الآخر-!
- دبلوماسية لإطالة زمن الحرب!
- لم يحضروا وإنَّما احتضروا!
- يريدون جعل السياسة امتدادا للحرب!
- -القدرية- في حياتنا اليومية
- لبنان يُقْتَل.. والعرب يموتون!
- موت -الكتابة-!
- الآن بدأت -حرب جرائم الحرب-!
- سلاح يدعى -المطالب الانتقالية-!
- قانا.. عاصمة -الشرق الأوسط الجديد-!
- لدينا -نقاط-.. ولكن أين -الحروف-؟!
- بعض من أوجه -قوة المثال-!
- شعار رايس مترجَما بالعربية!
- إنَّهم لا يجرؤون على الانتصار!
- الجواب عند دمشق!
- -الشرق الأوسط الجديد-.. تنجيم أم سياسة؟!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - لغز الموت!