أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله محمد ابو شحاتة - تبرير الفروقات الطبقية بأسطورة الجدارة














المزيد.....

تبرير الفروقات الطبقية بأسطورة الجدارة


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 7002 - 2021 / 8 / 28 - 20:44
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لقد برعت الأساطير منذ القدم في تبرير اللامساواة الاجتماعية والتفاوت الغير مبرر في الثروة، فمن التبريرات الميتافيزيقية التي استخدمتها الهندوسية، إلى التبريرات المبنية على أسطورة الشرف والنُبل المتوارث في العصور الوسطى، وأخيراً أسطورة الجدارة التي ظهرت مع صعود الليبرالية الكلاسيكية وما نزال نعيش فيها إلى الآن.
ولا تقل في رأيي حجة الجدارة من حيث السخافة عن حجة الدم النبيل أو حجة القضاء الإلهي، فأن تخبرني أني معدم ولكون تلك هي إرادة البرهمان لا تختلف كثيراً من حيث السخافة عن إخبارك لي بأني معدم لكوني لا أملك من الجدارة ما لدى فئة الواحد في المئة أو حتى فئة العشرة في المئة.
والواقع أن حجة الجدارة تظل حتى مفتقده للمعنى والتحديد، فما هي الجدارة ؟ كيف تُقاس ؟ وكيف تتحق في الفرد ؟ جميعها أسأله لا توجد لها أي إجابات واضحه.
فلو أخذنا الجدارة بمفهومها الواسع كالإسهام في بقاء وتطور الحضارة، فلن يختلف اثنان على جدارة عقول فلسفية كهيجل و نيتشة و ماركس وساتر وراسل...إلخ ولن يختلف اثنان كذلك على جدارة عقول علمية كنيقولا تسلا أو الكساندر فلمنج أو البرت اينشتاين، ولن يختلف اثنان كذلك على جدارة عقول أدبية كجوته وأوريل أو أوسكار وايلد ، ولكن وبالرغم من جدارة العقول سالفة الذكر وغيرهم الكثيرين إلا أن أياً منهم لم ينتمي بأي شكل لشريحة الواحد في المئة أو حتى العشر في المئة ما عدا استثناءات قليلة، فالغالبية العظمى من الاختراعات والابتكارات العلمية التي أحدثت طفرات كبيرة في الاقتصاد والإنتاج لم تأتي بالطبع من فئة الواحد في المئة أو حتى من الفئة العشرية الأولى. وحتى التنظير الاقتصادي البحت لم يصدر على ما يبدو عن أياً من تلك الفئات، فعلماء الاقتصاد لم يكونوا في الغالب سوى موظفين لدى تلك الفئات، وأقصى ما يمكنهم تمنيه أن تُغدق عليهم بعض التمويلات لإتمام دراسات تخدم مصالح الممولين.
وبالرغم من أن عوائد الإبداع العلمي والأدبي والفني قد ارتفعت في النصف الثاني من القرن العشرين والربع الجاري من القرن الحالي عما كانت عليه في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، إلا أنه رغم يظل من غير المحتمل أن تضعك ضمن شرائح الواحد بالمئة أو حتى العشر بالمئة. ومن هنا يأتي سؤال ماهية الجدارة المقصودة لطرح نفسه بإلحاح، فإن كانت أكثر الإسهامات نفعاً لا تعطيك ذات الاستحقاقات المزعومة لفئات الواحد بالمئة والعشرة بالمئة الأعلى، فعن أي جدارة أو استحقاق نتحدث ؟

كيف تقاس الجدارة ؟

ما هو المقياس الذي يمكننا من خلاله قياس الجدارة ؟ فلو أردنا قياس فوارق الثروة بين العشرة بالمئة الأعلى دخلاً والخمسون بالمئة الأقل دخلاً لأمكننا ذلك بكل سهولة، فالعشرة بالمئة الأعلى عادة ما تحوذ نسبة تقدر بين 60- 70 % من الثروة في غالبية بلاد العالم، بينما تحوذ فئة الخمسون بالمئة الأقل ثروة تقدر بين 5- 10% ولكن كيف يمكننا بشكل مقابل قياس فارق الجدارة بين الطرفين حتى نعلم إن كان فارق الجدارة متناسب مع فارق الثروة أم لا ؟
لو أخذنا الملياردير المكسيكي كارلوس سليم كمثال بثروته التي تبلغ حوالي ٧٦ مليار دولار فإنها ستعادل ثروة الملايين من المكسيكيين المنتمين للشريحة الأكثر فقراً مجتمعين، فتلك الفئات لا تبلغ ثروتها على أقصى تقدير سوى بضع مئات أو آلاف وأحياناً حتى تكون صفراً أو تكون بالسالب، أي أن مديونيتهم تفوق ما يحوذوه من ثروة. فإذا تعاملنا هنا مع أسطورة الجدارة كما لو كانت حقيقة، فيجب أن تكون جدارة كارلوس سليم والمجهودات التي يبذلها تعادل مجهودات وجدارة ملايين المكسيكيين مجتمعين، وهو أمر غير ممكن إلا إذا افترضنا أن كارلوس سليم هو أحد أبطال مارفيل الخارقين. بالطبع نعلم جميعاً أن الجدارة وحدها لا تفسر شيء، وأنك بحاجة على الأغلب للثروة الموروثة و ضربات الحظ وربما الأحتكار كما في حالة كارلوس سليم لكي تحقق ثروة معتبرة.

كيف تتولد الجدارة ؟

إذا سلمنا للجدارة بكونها عاملاً فعالاً، فيجب أن نسأل أنفسنا كيف تتولد في الفرد؟ بصرف النظر عن العوامل البيولوجية فإن الجدارة تتحدد في الغالب بواسطة متطلبات أساسية، كتغذية صحية و ببيئة جيدة وتعليم متميز...إلخ وجميعها تتطلب قدراً لا بأس به من الثروة، أما الفقر المدقع والبيئة والتعليم السيئين لن يقوموا في الغالب إلا بإعادة إنتاج ذات البؤس والفقر والفشل. فغياب الحد الأدنى من متطلبات المعيشة بالإضافة إلى عمليات الوصم والتوقعات الإجتماعية المسبقة اتجاه فئات أو طبقات أو أعراق بعينها جميعها تمثل عوامل انتقائية غير مباشرة تعمل بمثابة التوقعات المحققة لذاتها. وهذا يظهر بوضوح في التحيزات الواضحة في هيكلية فئات الواحد بالمئة والعشرة بالمئة الأعلى ثروة؛ فلو أخذنا قائمة فروبس للشخصيات الأغنى في العالم كمثال، فسنجد أنه من وقت بداية صدورها وإلى الآن، توجد فيها سيطرة كاملة لجنسيات بعينها دون أخرى بجانب غياب تام لمجموعات عرقية معينه وغياب شبه تام للعنصر النسائي، مما يضع علامات استفهام عديدة أمام حجة الجدارة المزعومة.

وفي النهاية أود أن أنوه أني لا أقصي تماماً عامل الجدارة، ولكني في الواقع أعارض الاتجاه الخيالي الذي يريد أن يصور بشكل ساذج أن الجدارة هي الأساس الذي يمكنه تبرير كافة الفروقات الطبقية التي لا يتقبلها العقل.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطيات الغربية، هل تؤمنون بالديمقراطية ؟
- خرافات الحجج الكونية لإثبات الإله.
- كتب تنظف عقلك من الهراء
- نقد للاعتراضات الأكثر عمومية وشيوعاً للماركسية
- هل لحرية الإرادة وجود في العلوم الإنسانية ؟
- المرجعية الأخلاقية للاديني.
- هل تتوافق تعاليم يسوع وأفعاله !؟ ( نظرة نقدية )
- ثماني سنوات على مقتل حسن شحاته
- التنميط الثقافي ووسائل التواصل الاجتماعي.
- ازدواجية النسوية في العالم العربي
- معالجة التأثيرات الثقافية بين الميتافيزيقيا والعلم
- النظرة الطوباوية للفتوح الإسلامية ووقائع الصراعات الداخلية ! ...
- الملكية الرأسمالية المقدسة.
- الخلط بين الداء والدواء.
- ضد الجلادين
- ماركوس أوريليوس، مُعالجاً للمجتمعات العربية
- الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية
- التطور السيسيولوجي للإله الابراهيمي
- آفة المجتمعات المنحطة
- الانحطاط والتقدمية كصراع باطني


المزيد.....




- نا ب? ?اگواستني حزب و ??کخراو?کاني کوردستاني ئ?ران ل? ئ?ردوگ ...
- الاحتجاجات ضد الكهرباء تتصاعد والشيوعي يحذر من قمع التظاهرات ...
- ماذا لو انتصر اليسار في فرنسا ؟؟
- مباشر: وقفة احتجاجية أمام البرلمان للتنديد بالإبادة الجماعية ...
- عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري تحتج ب ...
- لبناء التحالفات شروط ومبادئ
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 561
- الفصائل الفلسطينية تحيي ذكرى مرور 40 يوم على استشهاد الرئيس ...
- غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي ...
- بعد قانون مثير للجدل.. شاهد لحظة اقتحام متظاهرين غاضبين للبر ...


المزيد.....

- ليون تروتسكى فى المسألة اليهودية والوطن القومى / سعيد العليمى
- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله محمد ابو شحاتة - تبرير الفروقات الطبقية بأسطورة الجدارة