أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فلاح اسماعيل حاجم - نظرة قانونية: بعض خصائص الاجهزة المستقلة في الدولة الفيدرالية















المزيد.....

نظرة قانونية: بعض خصائص الاجهزة المستقلة في الدولة الفيدرالية


فلاح اسماعيل حاجم

الحوار المتمدن-العدد: 1644 - 2006 / 8 / 16 - 11:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ان واحدة من المسائل التي ستحتل مكان الصدارة في جدول اعمال مجلس النواب لنصف الفصل التشريعي القادم، كما تشير اغلب المؤشرات، هي اعداد ومناقشة، وربما اقرار، التشريع الذي من شأنه رسم الاطر العامة لشكل دولتنا القادم. واذا كانت الفيدرالية تشكل واحدة من ادوات اللعبة السياسية ، والانتخابية تحديدا، فان ثمن (اللعب) بمصير دولتنا دون قواعد صارمة سيكون باهضا جدا. من هنا تبدو مهمة التنقيب والبحث والدراسة والتحليل في التراث الانساني مهمة مقدسة وبالغة الاهمية. ان المادة المطروحة هي حلقة من سلسلة مقالات نشر اغلبها في الصحافة العراقية، وربما ستتبعها دراسات اخرى في الشأن الفيدرالي. وهي اضافة متواضعة لما يطرح حاليا في الصحافة العراقية حول هذا الموضوع.
الى جانب اجهزة الدولة المعروفة مثل الجهاز التشريعي والتنفيذي واجهزة القضاء، تمتلك الدولة الفيدرالية اجهزة اخرى يماثل اغلبها اجهزة الدولة البسيطة، مع انها (الاجهزة) تتمتع بهذا القدر او ذاك من الخصوصيات التي تعكس الطابع الفيدرالي للدولة. بالاضافة الى ذلك فانه ليس من العسير العثور على اجهزة للدولة الفيدرالية لا نعثرعلى مثيلاتها في اقاليم الدولة وولاياتها ومحافظاتها .....(اطراف الدولة الفيدرالية)، وربما تجلت خصوصية الدولة الفيدرالية ايضا في حجم الصلاحيات التي من الممكن ان تمنحها تشريعات الدولة حصريا لاجهزتها المركزية دون غيرها من اجهزة السلطة في الاقاليم.
ان من بين اجهزة الدولة الفيدرالية المركزية، والتي يمكننا العثور على مثيلات لها في اقاليم الدولة, هي ما بات يعرف في ادبيات القانون الدستوري بالاجهزة الرقابية, مثل المحاكم الدستورية واجهزة الرقابة الدستورية الاخرى ولجان الرقابة العامة ومفوضيات حقوق الانسان المختلفة ولجان النزاهة... وغيرها الكثير، اي كل الاجهزة التي لا يشكل توفرها لدى الاطراف الفيدرالية اساءة لوحدانية سلطة الدولة ومبدأ السيادة فيها. ويمكن تكوين تلك الاجهزة وفق مبدأ الازدواجية المعروف في الدوّل الفيدرالية. فقد اتاحت التشريعات في تلك الدوّل لسلطات الاقاليم امكانية تشكيل اجهزة خاصة للرقابة الدستورية يكون من بين اهم اختصاصاتها التأكد من دستورية التشريعات الصادرة عن اجهزة السلطة المحلية (بكافة مستوياتها)٬ بالاضافة الى النظر في القضايا الخاصة بتعسف سلطات الاقاليم بالحقوق الدستورية لمواطنيها. فيما اعتبرت تشريعات الدول التي تخلو اقليمها من الدساتير (الهند مثالا) مهمة الرقابة على تشريعاتها من الاختصاصات الحصرية للقضاء الدستوري الفيدرالي. بالمقابل فأن ولايتين من الولايات الهندية الستة والعشرين يمتلكان مفوضا خاصا بحقوق الانسان، في الوقت الذي تفتقر فيه الهند لهذا الجهاز المهم على المستوى الفيدرالي.
ان واحدا من الاجهزة التي تمتلك استقلالية تامة والتي يتميز نشاطها باهمية استثنائية في كلا شكلي الدولة البسيط والفيدرالي هي اجهزة الرقابة المالية. فهذا الجهاز وان امتلك فروعا في اقاليم الدولة، فان تلك الفروع تعتبر جزءا عضويا من الجهاز المركزي, فيما تؤلف ميزانيتها احد اجزاء الميزانية الفيدرالية. وليس غريبا على الانظمة الدستورية وجود المحاسب العام (يطلق عليه المراقب العام في الكثير من الدوّل) حيث من الممكن ان يكون عمل الأخير جزءا مكملا لتنفيذ اختصاصات دائرة الرقابة المالية، حتى ان بعض الدول ارتأت ايكال مهمة الجهازين لموظف فيدرالي واحد (نيجيريا مثالا). يعتبر الادعاء العام واحدا من الاجهزة التي لا يمكن ان تكون اختصاصاتها مشتركة بين المركز والاطراف، ولا من الاختصاصات الحصرية لاقاليم الدولة. واذا كان هذا الجهاز البالغ الاهمية لا يدخل ضمن تركيبة المنظومة القضائية للدولة، وانما يؤلف منظومته الخاصة (روسيا والبرازيل) فأن اجهزته في اقاليم الدولة وولاياتها يتم تعيينها من قبل السلطات المركزية، على ان ذلك لا يمنع تشاور الاخيرة مع السلطات المحلية لاجراء تلك التعيينات. وهنا اجد مناسبا الاشارة الى ان درجة استقلالية الادعاء العام (كما هو الحال بالنسبة للسلطة القضائية) لا يحددها شكل الدولة، الفيدرالي او البسيط، ، وانما النظام السياسي في تلك الدولة، اذ عادة ما تكون اجهزة الادعاء العام في الدولة الشمولية مرتبطة بالجهاز التنفيذي للدولة، وربما تابعة بالكامل لاجهزته القمعية ايضا، وهذا ما تجلى بأوضح صوّره خلال فترة الحكم الشمولي الصدامي في العراق.
اضافة الى اجهزة الدولة الفيدرالية الثابتة والتي تجسد وحدانيتها سيادة الدولة، مثل الجيش وحرس الحدود والمخابرات بكافة صنوفها والسجون وقوات الطوارئ واماكن الحجز الاحترازي والتوقيف والشرطة (الاخيرة مع ان مرجعيتها العليا الوزارة الفيدرالية) ألأ انها عادة ما تقوم بتنفيذ واجباتها تحت امرة السلطات المحلية. اضافة لكل تلك الاجهزة كثيرا ما تلجأ الدولة الفيدرالية الى اعتماد آليات مؤقتة تكون مهمتها ، في اغلب الاحيان، التنسيق بين الاجهزة المركزية للدولة واجهزة اقاليمها، او لحسم القضايا الناشئة بين اجهزة الاقاليم فيما بينها. وربما كانت الاجتماعات الدورية لرؤساء وزراء كل من الهند والمانيا وكندا مثالا لتلك الاليات، حيث يكون لقرارات اللجان المنبثقة عن تلك الاجتماعات اهمية استثنائية في حل الكثير من القضايا التي عادة ما تفرزها طبيعة العلاقة بين السلطات المركزية وسلطات الاقاليم. وتبدو الاجتماعات الدورية بين رئيس الدولة الروسية او رئيس وزرائها مع رؤساء الاقاليم ومسئوليها تقليدا معروفا في الحياة السياسية لروسيا الفيدرالية. وكثيرا ما تمخضت هذه الاجتماعات عن تشكيل لجان ومؤسسات وتشكيل المنظمانت المناطقية (اتفاقية الفولغا الكبرى او العقد السيبيري ...الخ)، وعقد اتفاقيات بين السلطات المركزية وسلطات الاقاليم يكون من بين اهم اهدافها تنفيذ البرامج التطويرية لتلك المناطق. ولم تقتصر تلك الانشطة على اجهزة السلطة العليا على المستويين المركزي (الفيدرالي) والمحلي وانما تتعداها الى العمل المشترك والتنسيق بين مختلف مؤسسسات الدولة.
وتبدو تأثيرات الطبيعة الفيدرالية للدولة اكثر وضوحا خلال النظر الى هيكلية الاجهزة في اقاليم الدولة وولاياتها، وحتى اجهزتها المحلية الدنيا (الاجهزة البلدية مثلا). ذلك ان واحدة من الاشكاليات التي ينبغي على المشرع في الدولة الفيدرالية مراعاتها هي تحديد حجم الصلاحيات الممنوحة لاجهزة السلطة في الاقاليم (الاطراف الفيدرالية) بالشكل الذي يحول دون بروز ما يمكن تسميته بتضارب الاختصاصات. وربما كان الخلاف على تحديد حجم تلك الصلاحيات واحدا من اسباب النزاعات (وحتى المسلحة منها) بين السلطات المركزية وسلطات الاقاليم. بالاضافة الى ذلك فان تحديد مسئوليات اجهزة السلطة المحلية في الدولة الفيدرالية تثير هي الاخرى الكثير من المعضلات امام المشرعين والمنفذين على المستويين الفيدرالي والمحلي، فيما يكتسب القضاء ،وهو فيدرالي (مركزي) في اغلب الاحيان، اهمية قصوى في هذه المعادلة، فالتشريع الفيدرالي يبدو مجتزءا ومنقوصا اذا لم يؤمن ضمانات للحلقة الاهم والاضعف في منظومة العلاقات الاكثر تعقيدا، ألأ وهو مواطن الدولة الفيدرالية اي كان مكان اقامته. فالتأريخ السياسي للكثير من الدوّل الفيدرالية يشير الى ان واحدا من اسباب تصدع البناء الفيدرالي للدولة وانهيار بناءها هو تعسف سلطاتها بحق مواطنيها وانتهاكها لحقوقهم. من هنا يبدو مبدأ التدخل الفيدرالي والذي تتميّز به الدولة الفيدرالية عن سواها، ضمانة مشروعة للدفاع عن الحقوق والحريات الاساسية لمواطني الدولة. ويبرز مبدأ التدخل الفيدرالي كواحد من اشكال الاكراه التي تعتمدها السلطات المركزية للدولة ليس تجاه السلطات العليا في الولايات والاقاليم فقط، وانما تجاه الاجهزة الادنى (مثل البلديات) اذا تطلب الامر ايضا. ومن هنا ايضا الدور بالغ الاهمية الذي من الممكن ان تلعبه اجهزة الدولة المستقلة، مثل مفوضيات حقوق الانسان، على اختلاف مسمياتها، واجهزة الرقابة المختلفة، والمفتش العام....الخ، كمؤسسات تتضاعف مهماتها الرقابية في الدولة الاكثر تعقيدا، اي الفيدرالية.
انني ارى ان ثمة مبادئ ينبغي على مشرعي دولتنا وقادتها وضعها نصب اعينهم عند مناقشة واقرار التشريعات الخاصة بالبناء الفيدرالي المرتقب للدولة العراقية، وربما كان من بين اكثر تلك المبادئ اهمية، هو النظر الى الفيدرالية باعتبارها الشكل الذي يفترض ان يؤمن تعايشا سلميا لمكونات الشعب العراقي المختلفة، ويضمن الحقوق والحريات الاساسية لتلك المكونات. بخلاف ذلك سيحمل الشكل الجديد بذور انهياره، وربما انهيار دولتنا بالكامل، وهذا ما لا نود حتى مجرد التفكير به.



#فلاح_اسماعيل_حاجم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة قانونية: بعض خصائص الرئاسة والحكومة في الدولة الفيدرالي ...
- الكوبونات الأنتخابية
- نظرة قانونية:بعض خصائص النظام القضائي في الدولة الفيدرالية
- بعض السمات الجوهرية لعلمانية الدولة
- ديباجة الدستور الدائم لجمهورية العراق
- نظرة قانونية: الوضعية القانونية لعضو البرلمان
- نظرة قانونية: هيئة رئاسة البرلمان
- اعلان حالة الطوارئ في العراق - بين الضرورة القصوى ومتطلبات ح ...
- الرجل المناسب في البرلمان المناسب
- نظرة قانونية: الاحزاب العراقية واشكالية التنسيق بين النشاط ا ...
- مبدأ المساواة ومهمة تفعيل دور المرأة في الحياة السياسية
- نظرة قانونية: المعالجة القانونية لتشكيل الحكومة
- نظرة قانونية: الفيدرالية ومبدأ تدخل المركز بشؤون الاطراف
- نظرة قانونية:الدستور العراقي واشكالية تنظيم العلاقة بين المر ...
- نظرة قانونية: جرائم الدكتاتور بين التشريع المحلي وقواعد القا ...
- نظرة قانونية: قراءة سريعة في مسودة الدستور الدائم لجمهورية ا ...
- نعم...لابد من مشاركة عراقيي الخارج في الاستفتاء والانتخابات
- نظرة قانونية: مبادئ الدستور
- نظــرة قــانونيــة: الدســتور الــدائـم واشــكاليــة العلاقـ ...
- نـظـرة قـانـونيــة: الاســتفـتاء و مـحاولــة تـبـريــر الأخـ ...


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فلاح اسماعيل حاجم - نظرة قانونية: بعض خصائص الاجهزة المستقلة في الدولة الفيدرالية