أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - سمير الاسكندراني … وأبي!














المزيد.....

سمير الاسكندراني … وأبي!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6999 - 2021 / 8 / 25 - 12:37
المحور: حقوق الانسان
    




من مفارقات القدر العجيبة، أن يرحل "أبي الروحي" الفنان الجميل "سمير الاسكندراني" في نفس يوم ذكرى رحيل أبي الحقيقي؛ فيتحوّلُ وجعُ اليومِ إلى وجعين، وأفقدُ أبي في اليوم ذاته، مرتين. في 13 أغسطس من كلّ عام أتذكّرُ يومَ رحيل أبي المتصوّف الجميل الذي علّمني أن حبَّ الله رهينٌ بحبّ جميع خلق الله. وأن الرحمةَ دلالةُ القوة والبأس، وأن الانتصارَ لحقّ المظلوم آيةٌ من آياتِ الله العليا. وفي اليوم ذاته من العام الماضي فقدتُ وفقدت مصرُ "سمير الاسكندراني" الذي كان بمثابة أبي الروحيّ، تعلّمتُ منه أن الإنسانَ كلما نضج فكريًّا وروحيًّا صار أكثر رهافةً وقدرة على الحبِّ والتسامح والعلوّ. الفنان المتصوف الجميل، وصاحب إحدى أعظم الحناجر في هذا الكون. "ثعلب المخابرات المصرية" الذي شدا في حبِّ مصر بخمس لغات: العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، اليونانية، مازجًا النغمَ الشرقي بالغربي في ضفيرة أنيقة، بحنجرة عزَّ نظيرُها؛ فكان المطربَ والكورالَ والمؤلف الموسيقي والموزّع، في آن. كان جبلا هائلا من المواهب والعبقريات. وإلى جوار تلك المنح الإلهية، كان فارسًا وطنيًّا يعشقُ مصرَ ويفتديها بالعزيز الأكرم. لهذا رثته المخابراتُ المصرية المحترمة في جريدة "الأهرام" بكلمات خالدة: “...الفنان سمير الاسكندراني الذي قدّم لوطنه خدماتٍ جليلةً جعلت منه نموذجًا فريدًا في الجمع بين الفنّ الهادف الذي عرفه به المصريون، وبين البطولة والتضحية من أجل الوطن.”
كانت وصيتُه أن يُصلَّى عليه في محراب "مسجد وضريح السيدة نفيسة" رضي الُله عنها. فقد كان لنفيسة العلم، كريمة الدارين، حفيدة الرسول، عاشقةِ مصرَ والمصريين، مكانٌ ومكانة في قلبه، مثلما في قلوب جموع المصريين. قُبيل الصلاة عليه، وقفتُ أمام نعشه أقرأ الفاتحة وبعضًا من كلماتٍ تطمئنُ بها القلوب، أنهيتُها بسورة "الفجر": "يا أيتُها النفسُ المطمئنة ارجعي إلى ربِّكِ راضيةً مرضية، فادخلي في عبادي وادخُلي جنتي"، ثم غلبني البكاءُ؛ فانزويتُ في ركنٍ قصيّ؛ لئلا يرى الناسُ دموعي. فإذا بصوته يشدو: “يا غُصنَ نقَا مُكلّلاً بالذهبِ، أفديكَ من الردَى بأمّي وأبي." جفلتُ، ونظرتُ إلى نعشِه فإذا الجثمانُ الطيّبُ مُسجًّى في كفنه الناصع. جاء صوتُه الشجيُّ من هاتفي. لأن أغنياتِه هي نغماتُ رنيني الدائم منذ سنواتٍ. أتذّكره الآن جالسًا جواري على منصّة صالوني الثقافي في "مكتبة مصر الجديدة"، لحظةَ تكريمه، وإعلاني اسمَ النجم المثقف "سمير الاسكندراني" الأبَ الروحي للصالون. فإذا بهاتفه يرنُّ بنغمة موسيقية عادية! اندهشتُ وقلتُ له مستنكرةً: (إيه النغمة دي يا أستاذ سمير؟! اسمع نغمتي أنا بقى؟) فإذا بهاتفي يرنُّ بإحدى أغنياته. فضحكَ وقال بصوته العميق الآسر: (يا بختي!) هكذا كان عذبًا ورقيقًا ومتواضعًا، ومُحبًّا للجميع. لحظةَ إعلاني خبرَ رحيله للصحف والقنوات، اشتعلت صفحاتي وهاتفي بعشرات الآلاف من الرسائل والتعليقات في مظاهرة حُبٍّ ممن عشقوه مطربًا فريدًا، وبطلا قوميًّا عرّض نفسه للتهلكة وتحدّى جهاز الموساد الصهيوني من أجل مصر، وهو بعدُ طالبٌ في كلية الفنون الجميلة. حاولتْ إسرائيلُ تجنيدَه جاسوسًا على مصر مقابل ثروة ضخمة من المال والمغانم، فداسها بحذائه وأخبر الرئيسَ جمال عبد الناصر. وصدر قرارُ جهاز المخابرات المصرية بأن يتجاوب مع الموساد ويجاريه؛ لكي نُحبِط أعمال الصهاينة. وبالفعل، استطاع "سمير الاسكندراني" بذكائه وثقافته ووطنيته أن يصفع الموسادَ صفعةً تاريخية لا تُنسى. فكرّمه الرئيسُ جمال، في ستينيات القرن الماضي، ومنحه لقب: “ثعلب المخابرات المصرية". وصنع بهذا نموذجًا للفنان البطل؛ الذي لم يكتفِ بالتعبير عن حبه لمصر بالغناء بصوته الذهب، بل أقرنَ الشدوَ الألماسيَّ، بالفعل الوطني الخطِر، وهو شابٌّ في مقتبل العمر لم يُكمل العشرين.
أناشدُ الرئيسَ العظيم "عبد الفتاح السيسي" بتكريم اسمه بوسام وطنيّ يليقُ بتاريخه المخابراتي الرفيع، وإطلاق اسم "سمير الاسكندراني" على أحد شوارع القاهرة، وعلى أحد مدرجات "كلية الفنون الجميلة" التي تخرّج فيها ودرَّس، على غرار ما فعل من تكريم لفنان مصر الكوميديان المحبوب الراحل "سمير غانم".
وأجدّد شكري لللواءَ المحترم، والصديق المثقف: "قدري الزهيري" الذي رافقَ أبي العظيم "سمير الاسكندراني" على مدار أعوام مرضه الأخيرة يومًا بيوم طوال رحلة علاجه الشاقّة، فذلّل له الصعابَ وهوّن عليه الألم والمشقّة، وكان له نعمَ الصديق والأخ الكريم. وأقولُ لأبي وأبي: انعما بالفردوس وناما ملء جفونكما عن شواردها، فأنتما خالدان بما صنعتما، ورحم الله جميع موتى العالمين. "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبون الوطن”.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هاتزعل منّي يا ريس!
- فريال … فارسةُ مصرَ الذهبية
- العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي
- العيّل بيجي … من رزقنا!
- صحوةُ الضمير الإنساني
- فنُّ التعليم … عبقريةُ مُعلّمة
- في الوحدةِ يصنعُ الإنسانُ كُرةً … أو يُطلقُ رصاصة
- درس علا غبور… في مناهج التعليم المصري
- نستحقُّ حياة كريمة… ولا يليقُ بنا أن نقلق!
- أنا سوّدت عيشة أهلي ... يا عمو حسين يعقوب!
- نفرتيتي تقولُ: -مِن مصرَ دعوتُ حابي-!
- هكذا كلّمنا الرئيسُ ... قبل سبع سنوات
- 30 يونيو حياةٌ … والقراءةُ حياة
- مدينة نور … مستقبلُ مصرَ الأخضر
- هديةُ الِله للمصريين بعد 30 يونيو
- ثورةُ فستان
- الطيّبُ … الذي يُنسى!
- العقلُ والمادة … وعقابُ المرايا
- التقليدُ والابتكار … القطارُ والطيارةُ الورق
- سبعُ سنواتٍ من تحقيق الأحلام العصيّة


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - سمير الاسكندراني … وأبي!