|
ارهاب التيارات الاسلامية يخدر العقول
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 6998 - 2021 / 8 / 24 - 09:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
------------------------------------------- قرأت فى إحدى المجلات العربية ، خبراً استوقفنى كثيراً ، وأفزعنى أيضاً . يقول الخبر أن إحصائية حديثة ، أوضحت أن المجتمعات العربية تنفق سنوياً ، خمسة مليار دولارا على السحر ، وأعمال الجن والشعوذة ، والعلاج بالخرافات ، والغيبيات ، وأحجبة ، ووصفات ما يطلقون على أنفسهم " أولياء الله " .. أو الشيوخ " ، المكشوف عنهم الحجاب " ، أو الذين أوتوا قدرات خاصة ، غير عادية ، لشفاء الأمراض ، وعلاج الأزمات التى يقف أمامها الطب عاجزاً. أفزعنى الرقم ، خمسة مليار دولارا سنوياً ، على الدجل والسحر والشعوذة ، فى مجتمعات مازالت مشكلة الفقر تهدد مصير الملايين فيها ، وافتقاد الاحتياجات الإنسانية الأولية ، يمثل " انتهاكاً " لحقوق الإنسان الأساسية. وفى مجتمعات يكثر فيها الحديث ، عن محدودية الموارد ، وضرورة ترشيد الإنفاق سواء للأفراد أو للحكومات ، وضرورة التعجيل فى إجراءات للإصلاح السياسي والاجتماعى ، والثقافى ، ومحاربة الارهاب الدينى ، وأهمية انتشار العقلية العلمية ، مقابل العقلية الخرافية . هذه كلها إجراءات إصلاحية ، لابد أن تبدأ فى رأيى ، بالعقل العربى . كيف تفكر الملايين فى المجتمعات العربية الإسلامية ، وحولها من تحديات محلية ، وإقليمية ، ودولية ، تزداد تشابكا ، وتعقيدا ؟؟. من هنا ، أقول أن خمسة مليار دولارا ، تنفق سنوياً على السحر والدجل والشعوذة ، حقاً رقم مفزع . ولكن الذى يفزع أكثر ، هو دلالة هذا الرقم . الخطر الحقيقى ، هو فى كشفه للعقلية العربية الاسلامية ، وفضحه لطريقة التفكير الموروثة ، وعدم رغبتها فى التغير . لا أعتقد أن المجتمعات التى تنفق خمسة مليار دولارا سنوياً ، على السحر والدجل والشعوذة ، مؤهلة لأن تواجه التحديات وتنتصر عليها ، ولديها المقومات الفكرية ، للأخذ بمقومات الإصلاح السياسيى ، والاقتصادى ، والاجتماعى ، والثقافى ، والدينى ، والأخلاقى. لست أريد الخوض فى تصور المشروعات التنموية البديلة ، والتى كان يمكن لها أن تعود بالنفع والفائدة ، باستخدام الخمسة مليار دولارأ سنوياً. لكننى أريد التركيز ، على قضية مثارة مؤخرا ، وهى أن على مجتمعاتنا العربية الإسلامية ، واجب تصحيح صورة الإسلام " المغلوطة " ، و " المشوهة " ، عن جهل أو عن عمد . وتم الاتفاق على إرسال قوافل ، أو وفود من المؤسسات الدينية الرسمية ، على أعلى مستوى لتجوب وتلف العالم ، وتعطى المحاضرات والندوات ، عن وجه الإسلام الصحيح ، وتكذيب الإشاعات التى تحاك ضد المسلمين ، وإحباط المؤامرة التى تخطط للنيل من الإسلام ، ومن صورة المسلمين. وكذلك عقد المؤتمرات الإسلامية العالمية ، لفضح كيف يتعمد الغرب وحلفاؤه ، تشوية وتجريح صورة المسلمين ، ومحاولاته الدؤوبة لإظهارهم متخلفين. أعتقد أن مجتمعات تنفق خمسة مليار دولارا سنوياً ، على السحر والدجل والشعوذة ، هى التى تشوه صورتها بتصرفاتها ، التى هى من افرازات نمط التفكير السائد ، وحصاد الثقافة السائدة . المجتمعات التى تؤمن بالسحر والدجل والشعوذة ، فى علاج الأمراض ، وشفاء الأرواح ، والقدرات الخارقة للشيوخ ، ليست فى حاجة لمن يشوه صورتها ، ويخطط لها مؤامرة ، ويدبر لها الإشاعات . تصرفات مجتمعاتنا تتحدث عن نفسها ، وليس هناك " دخان بدون نار " ، على رأى المثل الشعبى الشهير. نحن نتآمر ضد أنفسنا ، ونشوه صورة أنفسنا بأنفسنا ، وفى الوقت نفسه ، نضع العيب على الغرب ، والفكر التآمرى الخارجى. إن أى إصلاح مأمول ، مصيره التعثر والفشل ، أو التحقق بشكل سطحى مؤقت ، لا يلبث أن يمسح ويمحى ، إذا لم تتغير العقلية العربية الدينية ، ولتى كانت إحدى كوارثها ، إهدار خمسة مليار دولارا سنوياً ، على ترسيخ العقلية الخرافية ، وثقافة الغيبيات ، وتحكم الشيوخ الدجالين. إن هذا الرقم المفزع ، لهو من حصاد الإعلام الدينى المسطح ، والسماح للخطاب الدينى للمتطرفين إسلامياً ، وترك الأرض ممهدة لاختراق التيارات الإسلامية ذات الوجه الدموى ، وفكر الجهاد المبنى على القتل والانتهازية ، وعنصرية عقيدة ليس لأحد الفضل فى اختيارها ، وعدم اليقظة الكاملة والمستمرة ، لهذه التيارات والجماعات الإسلامية ، بحيث انتشروا فى الجامعات ، والنقابات ، والجمعيات ، ووسائل الإعلام المختلفة ، والمصالح الحكومية ، والمدراس ، والمواصلات العامة ، والأنشطة الثقافية والرياضية ، وأيضاً اخترقوا عدداً من الموسسات الدينية الرسمية ، التى تأثرت بما يفتونه من فتاوى رجعية ، وتفسيرات تحرض على كراهية الآخر ، واتخاذ العنف طريقاً ، وترويج " الإسلام هو الحل " ، والتحريض على تكفير الناس. إن الفكر الإرهابى التكفيرى الدموى ، الذى يرتدى عباءة الدين ، أحدث تغييباً وتخديراً " للعقل العربى " ، وهذا هو المطلوب لإتمام السيطرة والحكم . إذا كنا ننفق نحن جنس العرب ، خمسة مليارا دولار سنوياً ، على الخزعبلات والخرافات ، وتأليه الدجالين ، ( وأعتقد أن هذا الرقم سيزداد ) فنحن بالتأكيد لسنا فى حاجة إلى مجرد إصلاح ، ولكن إلى إنقاذ عاجل ، وإسعاف سريع. من كتاب " الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى " عام 2002
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تصنع ارهابيا ناجحا ؟
-
اطعام فقراء مصر من فضلات القمامة
-
افتراءات رجل ذكورى يدمن الجمود والتعصب
-
أقراص فياجرا أم صواريخ كاتيوشا !
-
غيبوبة لكل مواطن
-
أمركة العالم .. أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟
-
مجمع الفقه الإسلامى و - زواج الفريند -
-
عقول ذكورية فى أثواب نسائية
-
- مختل - عقليا .. - محتل عقليا - نقطة واحدة فرق لكنها بحجم
...
-
تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-
المزيد.....
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
-
قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|