|
الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني
طارق الهوا
الحوار المتمدن-العدد: 6996 - 2021 / 8 / 22 - 09:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هناك استعماران إلهيان سيؤذيان الحضارة الانسانية التي لم يصنعها الإله، بل الكائن البشري بعقله وقوانينه وإنسانيته، التي وعاها بعدما بدأ يدرك خطورة سيطرة الاسطورة المقدسة وتفاسيرها الأشد قدسية وتزمتاً، التي يستخدمها أصحابها كوقود يدفع الانسان العادي للموت ليسود الإنسان الأقوى ويزداد سطوة وسلطة بإسم الله. الاستعمار الأول هو اليهودي الاستيطاني لأرض وعدهم الله بها وأمرهم بإبدادة شعبها بعدد لا يُحصى من "الآيات" التي وردت في كتبهم (وفي القرآن أيضا)، واليهود يهددون كل مَن يعترض على هذا الاستعمار الإلهي بعداء السامية، ويدمرونه سياسياً أو إنسانياً أو اقتصادياً. كلٌ حسب ما يستحق من تدمير، لكن مصيبة هذا الاستعمار تنحسر فقط في أرض كنعان التاريخية، وتنصب ويلاتها على الشعوب التي تقيم فيها، على الرغم من أنها شغلت معظم الدول في هذه الورطة الإلهية. الاستعمار الثاني هو الاسلامي الإلهي الاستيطاني الذي يرى الكوكب بكامله لله ورسوله، وما انطبق على يهود شبه الجزيرة العربية ينطبق على كل الشعوب. "وما ينطق عن الهوى إن هو وحي يوحى". "حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال بينا نحن في المسجد إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انطلقوا إلى يهود فخرجنا معه حتى جئناهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداهم فقال يا معشر يهود أسلموا تسلموا فقالوا قد بلّغت يا أبا القاسم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أريد أسلموا تسلموا فقالوا قد بلّغت يا أبا القاسم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أريد فقال لهم الثالثة فقال اعلموا أنما الأرض لله ورسوله وأني أريد أن أجليكم من هذه الأرض فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه وإلا فعلموا أن الأرض لله ورسوله". بهذه الطريقة بدأ الاستعمار الإلهي الإسلامي الاستيطاني بالجوار ثم توسع بعدما استقوى بتجييش شباب شبه الجزيرة العربية الذين كانوا يحترفون السرقة والقتل والإغارة وقطع الطريق على القوافل كمصدر فخر ورزق في بيئة فقيرة وحضارة معدومة، ثم وجدوا في دعوة محمد الإلهية وظيفة ومنفعة وغنائم وسبايا في الدينا، وحوريات في الآخرة تتجدد بكوريتهن لتنعش رؤية الدم الكامنة فيهم. ثم انتشرت هذه الموجة الاستعمارية الإلهية من جزيرة العرب طمعاً في بنات الأصفر وحضارة وأراضي وأموال رجالهن، ومنها إلى باقي ارجاء المعمورة آنذاك تحت فعل "فَتَحَ" لأن اشتقاقات استعمّر واستعمار من جذر الفعل "عمّر" لم تكن معروفة آنذاك. ثم أن "فَتَحَ" تبيح تخريب ونهب ما هو قائم وليس تطويره. واضح أن الاستعمار الاستيطاني الإلهي الإسلامي أخطر على هويات وثقافات الشعوب كلها من الاستعمار الاستيطاني الإلهي اليهودي الذي ينحسر فقط في أرض كنعان التاريخية وليس الكوكب بكامله، لأن الأول يريد تطبيق تاريخ الخلافة الاسلامية على مستقبل دول الكوكب. توقف الاستعمار الاستيطاني الإلهي الاسلامي عن استعمال القوة و"الفتح" بعد تضعضع الخلافة العثمانية أمام وعي أوروبا بخطرها، الذي انتهى باتفاق فيينا ثم طرد المسلمين من شبه الجزيرة الأيبيرية. بدأت مرحلة استعمار أراضي الرجل المريض من الحضارة الغربية لاحقاً، وبمجرد انسحاب الغرب من الأراضي التي استعمرها لكنه لم يسحق هويتها أو حضارتها أو أديانها أو لغاتها، بسبب مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي أوجدته الحضارة الغربية نفسها كمبدأ من مبادىء "حقوق الانسان" وطبقته أولا على نفسها، بدأ الاستعمار الإلهي الاستيطاني الاسلامي يلملم شتاته ويستعمل سلاح الانفجار السكاني والتجييش الديني لصف الصفوف مرة أخرى تمهيداً ل"فتح" العالم. سياسة الانفجار السكاني واضحة جداً عند الاستعمار الاستيطاني الإلهي الاسلامي، لأن شعوب العالم المتقدم كلهم يتجهون لتحديد النسل حفاظاً على موارد الكوكب ورفاههم ورفاه أجيالهم القادمة، بينما يزداد عدد المسلمين رغم فقر معظم دولهم ولا بأس من طلب المساعدات من العالم الغربي. "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم". و" تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة". رواه الشافعي عن ابن عمر". التجييش الديني يتمثل في استدعاء أفكار وأحاديث مصنوعة أو صحيحة لم تعد تناسب عصرنا أو العصور التالية. حدثنا محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى. صحيح مسلم .. كتاب التوبة.. باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله. لماذا اليهود والنصارى وليس أي شعوب اخرى؟ وأين نزاهة الله في وضعه ذنوب على من لم يقترفوها؟ ظلم لا يُعترض عليه وصلاحيته في الدنيا والقبر والآخرة. بعقلية تكفير الآخر والحض على كراهيته يخاطب أئمة المساجد المسلمين في العالم الغربي والصين ودول آسيا كلها. القنبلتان الحديثتان اللتان أضافهما الاستعمار الاستيطاني الإلهي الاسلامي هما الإرهاب تحت اسم الجهاد، والهجرة حتى إلى دول لا تُعتبر تقليدياً أرض هجرة مثل نيوزيلند واليابان ليتم الانتشار في كل العالم. هدف الارهاب زرع وفرض النزعة الانفصالية الإلهية الاسلامية في أي مجتمع يحل المسلمون فيه لاجئين أو مهاجرين، تمهيداً ل"فتح" الدول، وبدأت دول أوروبا تفيق من سباتها الشتوي المتعمد وغباء حريتها اللامحدودة وايمانها المفرط بالتعددية التي وصلت إلى موموسة (من مومس) مؤسسات الدول والاحزاب ودور العلم ومؤسسات البحث وجعلها هدفاً سهلاً سيقع تحت سيطرة الغرباء تماماً إن آجلا أو عاجلا، وسنّت بعض القوانين التي تحارب النزعة الإلهية الانفصالية، ويبقى وضع قوانين تشل الخلايا السرطانية التي تفشت فعلا. تسونامي الهجرة ساهم الغرب نفسه في تضخيمه بشكل أصبح يهدد حضارته وسقوطها بشكل واضح. للموضوع صلة....
#طارق_الهوا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صحوة الموت الاسلامية
-
حقوق الإنسان الجديدة
-
إرهابي؟ إذن قدِّم طلب هجرة للغرب
-
بايدن رئيس ولايات متعددة الجنسيات
-
ما الذي يشغل الإمام الأكبر؟
-
انتخابات مرسي وانتخابات حسين/جو
-
الديمقراطية بعين واحدة
-
احترام معتقدات الآخرين
-
شيزوفرانيا التمسك بالشرع والتمحك بالديمقراطية
-
عصر الربوتات الإنسانية
-
لو ربح أوباما ولاية ثالثة
-
ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟ (2)
-
ما البديل إذا ذهبت الحضارة الغربية؟
-
الغرب يحتضر على مشنقة الحرية
-
أين لجنة حوار الاديان؟
-
تجارة الكبتاغون حلال والخمور حرام
-
القيادة من الخلف تحاول اسقاط ترامب (2)
-
القيادة من الخلف تحاول إسقاط ترامب
-
محاميو الشيطان يقاضون الحضارة الغربية
-
حقوق الانسان وعقوبات الله
المزيد.....
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|