أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - عن الخوف والقلق وما بينهما














المزيد.....

عن الخوف والقلق وما بينهما


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6996 - 2021 / 8 / 22 - 01:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٦٥ - الفرق بين الخوف والقلق

أنا خائف، إذا .. أنا أكون. أنا قلق، إذا … أنا موجود.

إن الأمر يتعلق الآن بالتمييز بين القلق الخوف وما هي الأسباب التي تساعد على ظهور هذا أو ذاك من الأحاسيس، وذلك لإظهار خصوصية القلق موضوع إهتمامنا المباشر. يعتبر كل من الخوف والقلق ترتيبات وتراكيب عاطفية، والتي تدل ضمنيًا على الحالة المزاجية، النغمة أو الجو أو الرنين العام للفرد في موقف معين، وبفضل ذلك نحن متناغمون كلية أو إلى حد ما أو غير متناغمين وغير منسجمين مطلقا مع هذا الموقف أو ذاك. ذلك أن هذه الحالة الشعورية، أو الوجدانية لا تخبرنا بأشياء عديدة عن أنفسنا فحسب، بل تخبرنا كذلك بأشياء عن الكينونة وبكل ما يحيط بنا من كائنات. القلق والخوف كمفاتيح، تفتح الدازاين على كينونته كـ "كائن مقذوف" أو مرمي به être-jeté. هذا ما يشترك فيه الخوف والقلق أولياً. الخوف، على وجه الخصوص، هو عاطفة تظهر في مواجهة شيئ في هذا العالم يبدو أنه هائل ومرعب، ويمثل تهديدًا مباشرا أو محتملاً، له طابع الأذى والخطورة. هذا الشيء الهائل هو تهديد يتجه نحوي، إنه خارج عني، ويقترب مني ويهددني مباشرة. لذلك، يجعلنا الخوف نكتشف عدم الاستقرار الأساسي وهشاشة وعدم الأمان لوجودنا، ويجب فهمه على أنه عنصر ضروري لوجود الدازاين، فهو مؤسس وجوديًا. ومع ذلك، لا ينبغي أن نفكر في أن القلق هو مجرد متغير بسيط أو تعديل معين للخوف. القلق ظاهرة منفصلة، تؤسس لإمكانية الخوف، وهو أمر أساسي وجوهري أكثر من الخوف، الذي ليس سوى ظاهرة مشتقة هدفها التخفيف من شراسة القلق ونتائجه المدمرة. القلق وحده العاطفة القادرة على إدراك حركة الهروب التي تشكل ظاهرة الاضمحلال والتفسخ والتي تحدثنا عنها سابقا، وعلى هذا النحو، أصبح من الممكن الإحاطة بالدازاين وفهمه فهمًا كاملًا ومتكاملًا في صميميته. هذا هو السبب في أن الأمر يتعلق بالتركيز على خصوصية القلق، والسمات المحددة لهذه التجربة المشحونة أنطولوجيا. لا يوجد أصل مشترك للخوف والقلق، لكن القلق له الأسبقية، مما يشير علاوة على ذلك، إلى أن بعض الوجودات existentiaux قد تستفيد من أسبقية وأولية معينة.
القلق إذا أصلي ومتجذر في وجودنا، لأنه ناجم عن "وحشة" أصلية، وغربة عميقة عن أنفسنا. القلق ليس فقدان الألفة مع العالم، لأن الألفة ليست سابقة على العالم، بل مشتقة من ظاهرة الوحشة الأصلية إزاء واقعة الكينونة في العالم. وقبل كل ألفة مصطنعة ومزيفة، نتلقفها أثناء سقوطنا وإنتماؤنا إلى ما سماه نيتشة بالقطيع، أو المجتمع عامة، هناك الوحشة الأنطولوجية لكوننا ملقى بنا سلفا في العالم، وكوننا قد سُلًمنا إلى العالم دون أن نعلم ودون أي إختيار. والقلق أكثر أصلية من الخوف، لكون الخوف خوف إزاء كائن من وداخل العالم، أما القلق فهو إزاء العالم ذاته، وليس مجرد تيه أو حيرة أو ضلال عن الطريق، إنه شعور بالإصطدام الجذري بكينونتنا في العالم وبالعالم في علاقته مع كينونتنا. وها الإضطراب العميق تجاه العالم، هذه الوحشة الجذرية وهذه الغربة التراجيدية تجعل الدازاين يفقد بيته وموطنه ويصبح غريبا عن نفسه، متشردا بلا مأوى heimatlos - homeless أو آستيغوس باليونانية άστεγος
وهناك مصدر آخر لقلق الدازاين، ذلك أن الدازاين حسب هايدغر، مسكون بنهايته. فالموت يعني أن الإنسان سيخسر العالم ويختفي من العالم، ولكن بما أنه لا يمكننا تجربة موتنا الفردي، تجربتنا الوحيدة ستكون "عدم تجربة" اختفائنا وإندثارنا الفردي. الموت إذا له هذه الخصوصية وهو أنه التجربة الوحيدة التي لا يستطيع الدازاين أن يعيشها. لا يمكن أن يكون موتنا تجربة فردية لنا. من ناحية أخرى، يمكن أن يكون تجربة للآخرين، بنفس الطريقة التي يمكن أن يكون بها موت الآخر تجربة لنا. هذا هو "العطاء الموضوعي" الوحيد الذي يمكنني الحصول عليه من الموت، أي وعيي بموتي القادم.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشنجات الحبل المتأرجح
- الكلمات المفترسة
- هايدغر والسقوط في تفاهة العالم
- بين الأسود والأبيض
- بين فكي القلق
- صلاة لهُبل
- مقدمة لمفهوم القلق عند هايدغر
- بين الفلسفة والعلم
- الرسم بالحروف المنتحرة
- كييركجارد ومفهوم القلق
- مرة هي قهوة الصباح
- كييركجارد .. القسيس الكئيب
- الكلمات فقدت سطورها
- الشرخ في ذات الله
- السفر مع أليس
- الكلمات الغائبة
- عن الفن والدولار والرأسمالية
- تمتمة الشفاه المعقمة
- الله والقلق
- فلتحترق الملائكة


المزيد.....




- هل ينام الأطفال بعمق أكبر في الشتاء؟
- روسيا تواصل تقدمها العسكري في أوكرانيا وتسيطر على ست مناطق ج ...
- روائح واخزة تنبعث من أماكن الغارات الإسرائيلية على الضاحية ا ...
- الخارجية الإيرانية: مزاعم ضلوع طهران في محاولات اغتيال ترامب ...
- مستشار أوكراني سابق: زيارة زيلينسكي إلى هنغاريا كارثية
- حريق ضخم يلتهم السيارات في شارع الحمرا ببيروت (فيديو)
- سيناريوهان متناقضان ينتظران إيران في عهد ترامب الجديد
- كيف أعادت غزة ترامب إلى البيت الأبيض؟
- اشتعال عشرات السيارات في حريق ضخم بشارع الحمراء ببيروت
- إيران: اتهامنا بالتورط بمحاولة اغتيال ترامب -عار عن الصحة-


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - عن الخوف والقلق وما بينهما