أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدن - محنة التنوير














المزيد.....


محنة التنوير


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6994 - 2021 / 8 / 20 - 18:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل سنوات تحاور اثنان من أهم وجوه أوروبا الفكرية والإبداعية، باتا اليوم في ذمة الله. الأول قامة أدبية كبرى تتوجت مسيرته بنيل جائزة نوبل للآداب، والثاني قامة سوسيولوجية مهمة، هما الألماني جونتر جراس والفرنسي بيير بورديو.

وعلى اختلاف حقلي اهتمامهما، جمع بينهما الموقف النقدي الواضح والصريح مما بات يعرف ب«الليبرالية الجديدة»، التي تفرّعت إلى نسخ ونماذج مختلفة في المجتمعات الأوروبية، بعضها وصل حد الشوفينية والعنصرية.

التاريخ يشهد على ما بين فرنسا وألمانيا من حروب. البلدان تقاتلا وسفك أحدهما دماء الآخر، حتى القطرة الأخيرة تقريباً، على نحو ما يعبر جراس، وما زال ممكناً، حتى اليوم، رؤية جراح حربيهما العالميتين والحروب الأخرى العائدة إلى القرن التاسع عشر، رغم كل المحاولات التي بذلها ويبذلها البلدان لتخطي آثار ذلك.

الرجلان اللذان يقفان على أرضية فكرية واحدة، لا يحاولان، في هذه المحاورة أن يعودا إلى التاريخ، وإنما يحاولان تحليل، كل من موقعه ومن مجال عطائه، أزمة أوروبا الراهنة، وإن عادا إلى التاريخ فمن باب استخلاص الدرس والعبرة، ورد ظواهر اليوم إلى مسبباتها، بما في ذلك جذورها التاريخية.

أزمة أوروبا، كما يريان، تكمن في التراجع عن تراث التنوير، الذي بات محاصراً بشركات ووسائط إعلامية متعددة الجنسيات تملك قوة هائلة وتسيطر على كل زاوية إلا من بضعة جيوب محاصرة. وحتى في عالم النشر، تتزايد صعوبة إنتاج كتب نقدية ملحة يوماً بعد يوم، وهذه الجيوب المحاصرة هي نفسها التي اتفق جان زيجلر وروجييه دوبريه، في محاورة شبيهة بينهما، على وصفها بالجزر الصغيرة في محيط استهلاكي هائل الموج.

التنوير يواجه محنة في كل مكان اليوم. الحال في بلداننا العربية والإسلامية شاهد على ذلك، ورغم أن تراثنا التنويري يعد نزراً صغيراً بالقياس للتنوير الأوروبي، إلا أن جهود رواد شجعان على جبهتي الفكر والثقافة من دعاة التجديد الديني والفكري، حققت منجزات على أهمية تاريخية كبرى. لكن الكثير من هذه المنجزات تلاشى، والمخاطر تتهدد ما بقي لها من آثار، أمام الموجات الأصولية والمذهبية وما إليها منفلتة العقال في لحظتنا التاريخية الراهنة.

محنة التنوير الأوروبي على ما يشير جراس وبورديو تشمل، في ما تشمل، تحييد الدولة عن سلطتها في تنظيم المجال الاجتماعي ومسؤوليتها عن المهمشين والمستبعدين من عملية الإنتاج أو الذين لم ينخرطوا فيها بعد. وإذا كنا نعاني في عالمينا العربي والإسلامي من ظلامية مرعبة رأينا تجلياتها في تنظيمات مريعة مثل «داعش» و«القاعدة» والحواضن التي منها خرجت، فإن الرجلين يحذران أوروبا مما يصفانه ب«ظلامية حداثية»، قد تكون الليبرالية الجديدة عنواناً مموهاً لها.

لا يعيد الرجلان اكتشاف العجلة حين يدعوان إلى إصلاح حركة التنوير بمناهج التنوير ذاتها. ومع اختلاف الظروف فإن هذا يصح علينا أيضاً.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا وناقتها في أفغانستان
- على خطى ابن رشد
- في ذكرى سمير أمين
- محنة الطبقة الوسطى في العالم العربي
- التاريخ منطلقًا من الهامش
- وهم الدعم الغربي للتحوّل الديمقراطي
- صراع الهُويّات
- (النهضة) تتفكك
- المعذّبون في الأرض
- انحسار الفضاء العمومي
- ما أحزن قاسم أمين
- كلام الكتب وكلام الحياة
- مصطلح مطلي بالصابون
- دعوة أم (بزنس)؟!
- ما أُنفق على (الجهاد)
- بين الحلم والشعار
- ميكيس ثيودوراكيس نابذ العدوان
- صور بالأبيض والأسود في كابول
- الجوع أشد فتكًا
- في ذكرى أحمد الذوادي


المزيد.....




- الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة ...
- سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم ...
- كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
- طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21 ...
- ” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ ...
- 21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا ...
- 24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل ...
- قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدن - محنة التنوير