عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6992 - 2021 / 8 / 18 - 22:38
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
دائماً ما نشكو من ان مجتمعاتنا تقبع في ذيل القوائم التي ترصد الإقبال على القراءة بين المجتمعات المختلفة. والحقيقة ان ما ينبغي ان يثير قلقنا وشكوانا هي أمور آخرى مثل:
ــ ماذا نقرأ؟
ــ ما غايتنا من القراءة؟
ــ أي منهج نتعامل به مع ما نقرأ؟
المشكلة الرئيسية ليست في أعداد الكتب التي نقرأها، بل في عقل القاريء في قدرته على التعامل مع الكتاب بمنهج نقدي تحليلي، وفي غايته من القراءة، كون أغلب القراء لا يختارون الكتب سعيا الى المعرفة والمراجعة، وانما لترسيخ وتأكيد تصوراتهم وأوهامهم، والتخلص من بذور الشك والقلق الفطرية لديهم.
يقرأون لطمأنه أنفسهم بأنهم على صواب وان معتقداتهم وسلوكهم وقيمهم صحيحة ولا غبار عليها، وان الآخرين على ضلال. وربما يعبر عن هذه الحقيقة ضعف حركة الترجمة، والغرق في كتب التراث، التي لا تضيف الى معارفنا شيئاً وتكتفي بأعادة انتاج ذات الأفكار والتصورات التي تشربناها في محيطنا الأُسَري والاجتماعي، وتجعلنا أكثر انغلاقا، وربما أكثر تشددا واستعدادا لقبول الفكر والنشاط المتطرف.
ذهنية القاريء وحيويته الفكرية ومنهجيته في القراءة، هي ما يحدد له إمكانية استخلاص المعرفة أو المتعة مما يقرأ، سواء كانت مادة القراءة راقية وعميقة أو تافهة وسطحية. حين لا يتجاوز القارئ دور المتلقي تكون حصيلته المعرفية مما يقرأ، وحتى متعته، بسيطة وربما تافهة وسطحية. أما حين يقوم بدور المتفاعل، ويضع نفسه ندا للكاتب الذي يقرأ له ولكن دون رفض مسبق لما يعرف عنه من توجهات وأفكار، ودون تسليم كامل بطروحات الكاتب الذي يشاركه ذات التوجهات والميول، فسيزداد متعة وغنى، وترتقي معارفه، حتى حين تكون المادة سطحية، لانها توفر له معرفة جوانب ربما يجهلها عن تفكير البشر وكيفية تشكل وعيهم والعوامل المؤثرة فيه.
أي يبقى ما يحدد استفادتنا من القراءة مرهون بعدة أسئلة:
ــ ماذا نقرأ، كيف نقرأ، وما هدفنا من القراءة؟
ــ هل نستهدف من قرائتنا البحث عن ما يؤكد أفكارنا ومعتقداتنا ويسند مواقفنا؟ أم نريد أيضا أعادة فحص تلك المعتقدات والأفكار والمواقف للتأكد من صحتها؟
إذا كان خيارنا هو الأول فأن نتيجة قراءتنا لن تكون أكثر من المراوحة في مستوى الوعي الذي نحن عليه ذاته، ولن نكسب شيئا ذي بال من القراءة كنشاط للتطور والإرتقاء. أما إذا كان خيارنا هو الثاني فنكون قد ضمنا استفادة حقيقية من ذلك النشاط باتجاه الرقي وربما طمأنة الضمير.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟